الإنسان والبيئة

الإنسان والبيئة

حصان البحر فن استخدام البدائل

وصف أحد علماء البيولوجيا البحرية (حصان البحر) بأنه حيوان خليط, فثلثه حصان (اكتشف عالم آخر, منذ سنوات قليلة, وأن هذه (السمكة) تصدر أصواتا ذات ترددات قريبة الشبه إلى حد كبير من الترددات المميزة لصهيل الحصان!), وثلثه كانجارو مع بعض الشبه بالقرود, كما أن له من صفات الحرباء استقلال العينين, كل منهما عن الأخرى, في الحركة والعمل, بالإضافة إلى القدرة على التشبُّه بألوان الوسط المحيط, للتخفّي.

غير أن أكثر ما يثير التعجُّب في حصان البحر هو أسلوبه الفريد في التكاثر.

إن الزوجين يتناجيان لبعض الوقت, ثم لا تلبث الأنثى أن تنقل بيضها إلى الذكر, الذي يحتفظ به في كيس جرابي, شبيه بذلك الذي يحمل فيه الكانجارو وليده. وفي هذا الكيس, يختلط البيض بالأمشاج الذكرية, ويقوم الذكر على رعاية البيض الملقح لمدة سبعة أسابيع, في المتوسط, حتى يفقس, ويعطي صغارا يبلغ عددها ثلاثمائة, في المتوسط.

وفي الأحوال الاعتيادية, يبدو حصان البحر نشيطا خفيف الحركة, لا تكف عيناه عن الدوران في محجريهما, تعكسان حرصه على البقاء في حالة دائمة من الانتباه والحذر, وتترقبان فريسة غافلة تقترب منه, ولا تلبث أن تدخل مجال قوة سحب الفم الأنبوبي للحصان البحري, وفي جزء من ثانية تغيب في جوفه.

وإن المرء ليعجب, كيف تمكن مثل هذا المخلوق, الذي يظهر للعين بلا حول ولا قوة, من الاحتفاظ بموقعه في مسيرة الحياة في بحر لا يرحم?!

لعل السر يكمن, أولا, في هيئته التي - ربما - لا تشجِّع (المفترسين الكبار) على مهاجمته, فماذا به غير جسم أعجف, خال - تقريباً - من لحم طري, يكسوه غطاء قرني تعافه النفس. ولعلّ السر في أن حصان البحر لم ينقرض, حتى الآن, يكمن - ثانيا - في أنه, عبر عصور طويلة من التحول والتبدّل والتطور, عوّض بطء سباحته بسرعة حركته الذاتية, مستعينا في ذلك بزعنفة ظهرية لا تكف عن الحركة السريعة, حتى أن العين المجردة لا تكاد تراها. ومن الحركات الشهيرة التي يجيدها, ويكاد أن ينفرد بها حصان البحر, (التطوُّح), أو الإنثناء يمينا ثم يسارا بسرعة كبيرة, متمحوراً على ذيله, حتى أن السمكة تبدو كما لو كانت بندولاً سريعاً في حركته الترددية.

وفي معظم الأوقات, يستقر حصان البحر (رأسيا) مربوطاً بذيله السوطي إلى فرع نباتي مائي, أو أي جسم ثابت أو شبه ثابت بالماء, إلاّ أنه يحلو له - من حين لآخر - أن ينطلق (مقلعا), في اتجاه هدف ما, ثم لا يلبث أن يعود لحالة (الرسو). وعندما (يقلع) الحصان, فإنه يعمد إلى الإقلال من عدد مرات فتح وإغلاق الغطاء الخيشومي, وبالتالي تقل كمية المياه التي تمر فوق الخياشيم, فتتلاشى المقاومة الناشئة من احتكاك المياه بها, مما يجعل حركة (الإقلاع) أسهل, وتبلغ من السلاسة والانسيابية إلى حد أن الحصان يبدو وكأنه محمول في مصعد غير مرئي! وقد أظهر التصوير البطيء لحصان البحر أن زعنفته الظهرية الصغيرة الشفافة هي وسيلته الرئيسية للحركة الرأسية. إن هذه الزعنفة - في حركتها السريعة - تبدو للعين المجردة وكأنها غير موجودة.

ومن الحقائق التاريخية التي قد لا يعرفها كثيرون, أن حصان البحر كان (بطلا) لأول شريط سينمائي متحرك, ففي التسعينيات من القرن 19, تمكن مصور فوتوغرافي, اسمه (ماريي) من تصوير أسماك حصان البحر وهي تتحرك في أحواض العرض, بمعرض الأسماك (الأكواريوم) الملحق بمحطة أبحاث علم الحيوان, بمدينة نابولي الإيطالية. وقد استخدم ماريي آلة تصوير صممها بنفسه, ووصل بسرعتها إلى (واحد على ألفين) من الثانية, فأعانته على رصد الحركة السريعة للزعنفة الظهرية للحصان البحري. وهكذا, كانت اللقطات القصيرة التي حققها ماريي أول شريط وثائقي يتناول موضوعاً من الطبيعة, بل إن ماريي - بهذا الشريط - كان سابقاً للإخوة لوميير في إنتاج أول شرائط السينما بخمسة أعوام كاملة.

كما أنك لا تجد حصان البحر, في الأحوال الاعتيادية إلاّ منتصب القامة, فإن انتابه فزع أو شعر بما يهدد أمنه, اندفع يثني جسمه حتى يتخذ وضعا أفقيا, ليسبح كسمكة عادية, متصوراً بذلك أنه سيبتعد عن مصدر الخطر, والحقيقة أن أي مطارد متواضع يمكنه اللحاق بالحصان ومداهمته, فسرعة سباحته في وضعه الأفقي لا تزيد على عشرة سنتيمترات في الثانية, وهي سرعة أكثر تواضعاً, مهما تواضعت سرعة العدو المطارد!

ولو اكتفى حصان البحر بهذه السرعة لكان الآن في عداد الكائنات (التاريخية), وانتقل إلى قائمة الحيوانات المنقرضة. إنها سرعة قد تساعده, وبالكاد, للفرار والوصول إلى الموئل الطبيعي, الذي يزدحم بتجمعات كثيفة من النباتات البحرية, ذات درجات الألوان المشتقة من الأخضر والزيتوني والبني.

هنا, يتاح لحصان البحر استخدام البدائل, وتفعيل قدراته الخاصة على التنكر والتخفي مضللاً مطارديه. إنه يتحول إلى عود من عشب, بين أعشاب البحر, معلّقا بها من ذيله, مستجيبا لحركتها التموجية, متخذا لونها, فتخطئه عين العدو, وهذا هو مطلبه.

تدهورت أحوال البيئة فعادت الملاريا!

لقد كنا - نحن البشر - موشكين على (مسح) الملاريا من قاموس الأمراض في العالم, بعد صراع طويل مع هذا المرض الفتّاك, حتى أن منظمة الصحة العالمية أعلنت, في العام 1955, أن المبيدات الحشرية القاتلة للبعوض, والأدوية المضادة لميكروب (بلازموديوم), المسبب للملاريا, قد نجحت في وقف زحف المرض في أماكن عدة من العالم, ولن يمضي وقت طويل حتى تقطع دابره تماما...!

فماذا حدث?

خاب ظن المنظمة العالمية المسئولة عن صحة البشر على سطح الأرض, وعاد طفيل الملاريا يعيث في الأرض فسادا, ويصيب 270 مليوناً من سكانها كل عام, يصل عدد الحالات الحادة فيهم إلى مائة مليون, ويموت منهم - سنويا - مليونان, حسب أخف التقديرات. وثمة تخوفات من أن يزداد توحش المرض, ويرتفع عدد ضحاياه, في السنوات القليلة المقبلة, نتيجة لتوافد أعداد ضخمة من الآدميين إلى المناطق الموبوءة بالملاريا, هربا من الجفاف في مواطنهم وسعيا إلى تملك الأراضي في تلك المناطق, أو طلبا للنجاة من الحروب المحلية أو الاضطهاد السياسي, ومن جهة أخرى, فقد أحالت الفيضانات, التي تضرب مواقع عدة من العالم, مساحات كبيرة من الأراضي إلى مستنقعات, ترتفع فيها أسراب البعوض.

أما من جهة المرض ذاته فإنه يعود إلينا في حال من (الانتعاش) و(التوحّش), يجعله قادرا على مقاومة العقاقير التي كانت تقضي عليه من قبل, فالتقارير الطبية ونتائج الأبحاث تشير إلى أن سلالات من البلازموديوم قد طوّرت قدراتها المناعية ضد الأدوية.

إن ذلك يجعل عالما, وهو الدكتور (لويس ميللر), رئيس قسم أبحاث الملاريا في المعهد القومي للصحة العامة. بولاية ماريلاند الأمريكية, يرى أن الحال الآن أسوأ مما كانت عليه في الخمسينيات من القرن العشرين!

وبالرغم من أن الملاريا مرض قديم, فإن مصدره ظل مجهولا حتى نهاية القرن التاسع عشر, وبالتحديد في العام 1880, حين تعرّف الطبيب الفرنسي (تشارلس لافيران) على ميكروب الملاريا, وكان يفحص عينة من دم أحد مرضاه. ثم جاءت الأبحاث التالية لتؤكد العلاقة المعقدة بين البعوضة والميكروب المسبب للمرض, الذي يصيب الإنسان فيدمر قواه, وقد يغتاله. وتمكن الباحثون من رصد وتعريف عدة أنواع من ميكروب الملاريا, كان أكثرها شيوعا (بلازموديوم فيفاكس), وأشدها فتكا بالإنسان هو (بلازموديوم فالسيبارام).

ويعرف معظم سكان الأرض أعراض الإصابة بالملاريا, التي تبدأ بآلام في الجسم, وحمّى مصحوبة بقيء, وهي أعراض يمكن لليافعين تحمّلها, أما الأطفال فإنهم قد لا يتحملونها, فيموتون خلال الساعات الأولى من تعرضهم للمرض. وتتزايد احتمالات الوفاة بين الأطفال إذا كانت إصابتهم بإحدى السلالات الشرسة من الطفيل الذي يدمر أعدادا كبيرة من خلايا الدم, فيسد الأوعية الدموية, ويمنع وصول الدم المحمّل بالأوكسجين إلى المخ.

وينتقل الطفيل إلى دم الإنسان بواسطة أنثى بعوضة الأنوفيليس, أثناء قيامها بامتصاص دم الضحية, فيتساقط منها ما يشبه الشريط الدقيق يحمل الطفيل إلى مجرى الدم, حيث يبدأ رحلة من التشكّل والتحّور, ويشيع الفوضى والفساد أينما حلّ, فعند وصول البلازموديوم إلى الكبد, يتزايد عدده بشكل واضح, وتتبدل صورته إلى جزيئات حلقية, تهاجم خلايا الدم الحمراء وتنفذ إلى داخلها, حيث تلتهم مادة الهيموجلوبين, بينما لا تكف عن التكاثر. ولا تلبث الخلية الدموية, وقد أصبحت مجرد غلاف, أن تنجرف بعد أن تضيق بحملها, فينطلق جيل جديد من البلازموديوم إلى دم المريض.

ومن فضل الله ونعمته, أن بعض الناس أوتوا القدرة على مقاومة هذا الطفيل الشرس إذا لدغتهم البعوضة الحاملة له, فهم يولدون متمتعين بقدرة كرات الدم الحمراء على التصدي للطفيل, فلا تظهر عليهم أعراض الحمى. وثمة مجموعة أخرى من البشر يكتسبون المنعة ضد الملاريا, بالتدرّج, وبعد أن يصابوا بالطفيل عدة مرات. فإذا كُتب لهم أن ينجوا منه, اكتسبت أجسامهم القدرة على مقاومته, إذا عادوا للتعرض له, وتكثر حالات (اكتساب المناعة عبر تعدد مرات الإصابة بالملاريا) في المناطق الموبوءة بالطفيل, كما في غرب كينيا... فالأطفال الذين تتكرر إصابتهم ببلازموديوم الملاريا هناك, ويفلحون في الوصول إلى مرحلة الشباب والرجولة, لا يمرضون بالملاريا بقية حياتهم.

ومنذ بدأت خبرة الإنسان بهذا المرض, كانت محاولات علاجه, قبل معرفة مسبباته بوقت طويل. وجاءت أول محاولة في القرن السابع عشر, مع اكتشاف أشجار (الكينا) في أمريكا الجنوبية, وهي الأشجار التي أعطت مستخلص (الكينين) كعقار مضاد للملاريا, وفي العشرينيات من القرن العشرين, أنتجت شركات الدواء عدة مركبات من هذه المادة, شاع استخدامها لمعالجة المصابين بالمرض. وفي العام 1943, أنتجت مختبرات أبحاث الدواء في الجيش الأمريكي عقار (الكلوروكينين) الذي كانت له نفس فعالية المادة الأصلية (الكينين), ويتميز عنها بامتداد الفعالية, وبقلة تكلفة الإنتاج, بالإضافة إلى فعاليته في الوقاية من الإصابة بالمرض, إذا تناوله الإنسان في جرعات منتظمة, قبل وفي أثناء الوجود في منطقة موبوءة. تلا ذلك ظهور عدة مركبات دوائية, مثل (ميفلوكين), و(هالوفانترين), و(فانسيدار), وكلها تمنع الطفيل من اقتحام وتدمير كرات الدم الحمراء.

وثمة طريق مواز, ولا يقل أهمية عن العلاج لمكافحة الملاريا, هو إبادة أداة التوصيل: البعوض الناقل للطفيل, لقد نجح البشر في مطاردة تلك الحشرة, في بعض المواقع, لبعض الوقت, وبصفة خاصة بعد أن تهيأت لهم مادة (د.د.ت) كمبيد رخيص الثمن, سهل الاستخدام, يمنع اقتراب البعوض من المستنقعات المرشوشة به لمدة ستة أشهر.

من هنا - ربما - جاء ذلك التصور المتفائل لمنظمة الصحة العالمية. ولكن الملاحظ أن خطط المنظمة كانت قد تجاهلت مساحات ضخمة من القارة الإفريقية مليئة بالمستنقعات - مرابي البعوض - كما أن تطبيق برامج المقاومة لم يكن محكما في مناطق أخرى من العالم. ومن جهة أخرى, وبمرور الوقت, ظهر الوجه القبيح لمبيد (د.د.ت) بأضراره البيئية الفادحة, التي جعلته يخسر تعاطف الرأي العام العالمي معه, كما أنه أخذ يفقد تأثيره القاتل للبعوضة الناقلة للملاريا. أضف إلى ذلك أن العلاج المضاد للبلازموديوم لم يعد يفلح إلا في مقاومة السلالات الشائعة. ثم تضافر ذلك كله مع تبدلات طرأت على المناخ الكوني, أشاعت فيه الاضطرابات, فحل الجفاف بمناطق عدة, وأغرق الفيضان مناطق أخرى, وتهيأت للبعوض ظروف مثالية ليعود فيتوالد, وقد اكتسب سلالاته قدرة على تحمل المبيدات المعروفة, كما أن تدني مستوى المعيشة والافتقار إلى الخدمات الصحية المناسبة في مواقع انتشار المرض, يتركان المرضى فرائس سهلة للملاريا. وثمة إحصائيات تؤكد أن أكثر من بليوني إنسان في عالمنا لا يملكون أي سلاح يواجهون به هذا الميكروب المتوحش....

وهكذا, كان على منظمة الصحة العالمية أن تتخلى عن أملها في إبادة الملاريا, وأن تكتفي بـمـطاردة المرض في مواطنه, ومحاولة التخفيف من آثاره.

كتاب دليل

عنوان الكتاب (البحر الأحمر - روعة المكان وإبداع البشر), أصدرته أكاديمية تطوير التعليم - البرنامج المصري للسياسات البيئية, في يونيو 2002. ويعد إضافة إلى قائمة الكتب التي ألّفت في العربية, عن البحر الأحمر, وهي قليلة العدد, بل وقليلة جداً, قياسا إلى أهمية هذا البحر في كل المستويات.

والكتاب موجّه بالدرجة الأولى, إلى تلاميذ المدارس, ومدرسيهم وإلى كل الذين يعملون في حقل التربية والتوعية البيئية, من العاملين بالجمعيات الأهلية, ومراكز الشباب, وفي مجالات السياحة والنفط, لجذب اهتمامهم بقضايا البيئة, وحفزهم إلى تبني مهمة حمايتها والدفاع عنها. إنه كتاب/ دليل, ليس كغيره من الكتب, إذ إنه ليس للقراءة, فقط, بل يتعدّى وظيفة تقديم المعلومات للقارئ إلى وظيفة أخرى, هي الهدف الأساسي من وراء وضعه, وهي أن يكون دليلا لتنفيذ سلسلة من الأنشطة غير المدرسية - والمصحوبة بالمتعة - بواسطة مجموعات صغيرة من الأطفال والشباب, لتنمية إحساسهم بالبيئة, وغرس الوعي البيئي في نفوسهم. ويبلغ عدد الأنشطة التي يعرض لها الكتاب 42 نشاطا متنوعا, يجري تنفيذها في حجرة الدراسة, وقاعة المكتبة, وفناء المدرسة, وخارج نطاق المبنى المدرسي, بمواقع متفرقة من البيئة البحرية. وفي الصحراء.

ويأتي هذا الكتاب حصيلة جهد كبير, بذله المشاركون في تأليفه وإعداده, وهم متباينو التخصصات, بين خبراء في التربية البيئية, وخبراء في علوم البيئة.

ويتنبى الكتاب - في فلسفته وأسلوب إنشائه - ما أقرّه مؤتمر اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة, في العام 1987, من أن التربية البيئية ينبغي أن تعمل على (خلق الوعي, ونشر المعلومات, وتدريس المعارف, وتنمية العادات والمهارات, وتشجيع القيم, وتوفير المقاييس والمعايير, وتقديم الإرشادات, لحل المشكلات وصنع القرارات).

وبالرغم من أن الكتاب موضوع للتعامل مع مكونات النظم البيئية المحيطة بساحل البحر الأحمر, في مصر, فإننا نراه صالحا للتطبيق في السواحل العربية الأخرى للبحر نفسه, مع بعض التحويرات الضرورية التي تراعي خصوصيات كل بيئة. وعلى أي حال, فإن العقل العربي قادر على إضافة عشرات الكتب من هذا النوع الإرشادي, الذي يقدم العون للعاملين في واحد من أهم الشئون المتصلة بواقع حياتنا, والمحددة لملامح مستقبلنا, ونعني به التربية البيئية.

سبعة محظورات في المحميات

المحميات هي (سفينة نوح) عصرية!

هكذا ذهب أحد علماء البيئة, في تقديره لأهمية المحميات, والدور الذي تقوم به, والمنتظر منها في المستقبل, إذا لم يتدارك البشر أمور صحة بيئاتهم الطبيعية, ويعيدوا الاتزان لها, ويهتموا بإدارة مواردهم الطبيعية, والحية منها على وجه الخصوص.

إن عدد المحميات الطبيعية يتزايد في مناطق كثيرة من العالم, وفي ذلك إشارة إلى إدراك الحكومات والإدارات الرسمية لأهمية هذه المناطق, التي يتم إعلانها وقفا على الحياة البرية - نباتية أو حيوانية, أو حتى من الجماد, بحرية أو على اليابس - لحماية أنواع من الكــــائنات الحــية, أدركها أو قاربها خطر الزوال من على خريطة الحياة على وجه الأرض, وهو ما يــعرف بالانقراض.

إن دور المحميات يتعاظم.

إنها قد لا تــكون - في بعــــض الحــــالات - مؤثرة بالقدر المطلوب في إنعاش تجمع لحيوان أو نبات, ولكنها أصبحت عنوانا لقضــــية كبــــيرة, ويتردد عليها تجمعات من الأطفال والشباب, في رحلات (متحفية) لاكتساب مزيد من الوعي بقــــضايا البيئة, كما أن المحميات أصبحت مقصدا لنوع عصري من السائحين, هم (السائحون البيئيون)... أي أن الوجود في المحمية لم يعد مقصورا على العاملين بها من علماء وحرّاس, من هنا, كان اهتمامنا بلفت أنظار مواطنــينا إلى مجموعة من المحظورات لصالحنا ولصالح المحميات:

 

رجب سعد السيد







 





 





 





نوع من الانوفيليس





صورة مجهرية لطفيل البلازموديوم خارج القناة الهضمية لبعوضة الانوفيليس





 





المحظور الأول: إن منظر الشعاب المرجانية مغر, وقد يغويك لتلمسها بيديك حذار فقد تصيبك لسعات من حيوان المرجان, أو لدغة من كائن بحري مختبئ بالشعاب.





المحظور الثاني: المحمية موقع خاص, مهمته (حماية) الحياة الطبيعية, وليس مطاردتها بالأسلحة وأدوات الصيد.





المحظور الثالث: حاول أن تقاوم رغبتك في إطعام أسماك المحمية بيديك. إن بعض أنواع الأسماك يألف البشر, وقد يستجيب لكرمك, ولكنك - دون أن تدري - قد تتسبب في إفساد الاتزان الطبيعي للغذاء في المياه, فتسيء للأسماك وللنظام البيئي.





المحظور الرابع: المكان الطبيعي للمخلفات, هو الصناديق المخصصة لجمعها, فلا تفسد جمال ونقاء المحمية بالمخلفات.





المحظور الخامس: جمع (التذكارات) من الشعاب المرجانية والكائنات المتعايشة معها واحد من مصادر الإساءة للبيئة, إذ يمكن أن يدمر نظاما بيئيا قائما, كما أنه يعرّض للمساءلة القانونية.





المحظور السادس: لا تسمح لنفسك, أو لقائد سيارتك بالحيود عن الطرق الممهدة المحددة كمسارات للسيارات داخل نطاق المحمية. إن في ذلك تأمينا لك وللحياة الطبيعية بالمحمية.





المحظور السابع: استمتع بالإبحار في قاربك, بالقرب من المحمية البحرية, ولكن ابتعد بمرساتك عن القاع المغطى بالشعاب, فالمرساة تدمرها