ألفريدا ييلنك...شاعرة نوبل 2004: اعتدتُ أن يسيء الجميع فهمي! حسين عيد

ألفريدا ييلنك...شاعرة نوبل 2004: اعتدتُ أن يسيء الجميع فهمي!

في هذا العام انتزع الشعر جائزة نوبل, إذ فازت بجائزة الآداب الشاعرة النمساوية المتمردة ألفريدا ييلنك التي لا تمارس كتابة الشعر فقط, ولكنها تمتلك إنتاجًا غزيرًا من مختلف الأشكال الأدبية مثل المسرح والرواية والسيرة الذاتية.

ربما نستعرض في البداية بعضًا من أقوال الشاعرة لعلها تعطينا إضاءات خاطفة عن موقفها من الناس والفن والحياة. تقول:

(تعبر الجنسية غير الحية عن نفسها من خلال اختلاس النظر من ثقب الباب!)

(يفترض أن كل ما للمرأة تقريبا هو ما وراء الحمل وتنشئة الأطفال!)

( أفضل ألا ترى روايتي كسيرة ذاتية, وإن كان من الطبيعي أن تحتوي على الكثير من عناصرها!)

(تعتمد كتابتي, أسلوبي, على النقد, وليس على خطط مثالية للإصلاح!)

(فكر كيف عومل أساتذة الموسيقي العظماء السابقون في أزمانهم, وكيف يعامل فنانون معاصرون!)

(يمكنك أن ترى آليات العمل بشكل أفضل وأنت من بعيد!)

الكاتبة الفريدا ييلنك نمساوية الأصل, من مواليد 20 أكتوبر 1946. درست تاريخ الفن والمسرح بين عامي 1964و1967, وأنهت دراستها في مدرسة الموسيقي والكونسورفاتوار بفيينا بحصولها على دبلوم في عام 1971. لكن اهتمامها بالأدب كان قد بدأ منذ منتصف الستينيات, حتى أصبحت عضوا في جماعة منتجي الأدب النمساوية في عام 1970 واستمرت عضوا بها حتى عام 1973, ثم أصبحت عضوا في جماعة جرازر للتأليف واستمرت بها حتى عام 1991. وكانت قد اندرجت في إحدى الجماعات اليسارية في الفترة من 1974 حتى 1991. كما توزع نشاطها أيضا بين عدد من المجلات, وترجمت عددا من الأعمال الأدبية من اللغتين الإنجليزية والفرنسية. تم تكريمها عام 1973, حين أصبحت رئيسا لكتَّاب الدراما النمساويين.

حصلت على عديد من الجوائز, لعل أهمها: جائزة هاينريش بول عام 8916, جائزة جورج بوخنر عام 1998, وجائزة هنريش هاينه عام 2002.

مارست إبداع الكثير من الأنواع الأدبية, ولها إنتاج غزير من مختلف تلك الأشكال, بدءا من الشعر والروايات التي منها: (نحن أطفال محرضون) (1970), (عاشق بالداخل) (1975), (مدرسة البيانو) (1983), (أطفال الموتى) (1992), (ثلاثية الموت) (1992). كما كتبت للمسرح وعرض لها العديد من المسرحيات. ولها أيضا كثير من الكتب النثرية.

فاز فيلم (مدرسة البيانو) للمخرج مايكل هانك, المأخوذ عن رواية بالعنوان نفسه للكاتبة النمساوية الفريدا ييلنك, بجائزة مهرجان كان السينمائي الدولي الكبرى عام 2001, وبجائزتي أحسن ممثلة إيزابيل هيوبرت, وأحسن ممثل بينوت ماجيميل. وحول هذا الفيلم والرواية أجرت ماري رفيير هذا الحوار (المأخوذ عن موقع مهرجان كان على النت, وقام بترجمته إلى الإنجليزية روبرت جراي).

  • هذه هي المرة الأولي, التي يعد لك فيها فيلم عن عمل روائي للشاشة. ماذا جعلك تقررين أن تدعي المخرج ما يكل هانك, كي يمضي رأسا في تنفيذ مشروعه?

- ترددت لمدة طويلة في أن أعطي تصريحا من أجل إعداد هذا الفيلم, لأن نثري يعمل بشكل متكيف جدا مع ظروف اللغة. هكذا ابتكرت فيه الصور, وأرسلت عبر اللغة. ولايمكن أن أتخيل أن صور الفيلم يمكن أن تضيف شيئا أساسيا. لكنني عرفت دائما أنني يجب أن أعمل فقط مع مخرج مثل هانك, يمكنه أن يضع شيئا بجانب آخر وفق معيار صور متناسب مع النص.

  • يعتبر مايكل هانك نمساويا مثلك, وباستمرار اكتشفت الظلام مثله أيضا, ذلك الجانب الموحش من القلب البشري. هل توجد هناك صلة قوية في هذا ?

- يعتبر هذا كليشيها آخر. لكن من الحقيقى أننا لسنا فردين بشكل خاص من النوع (الخفيف) - بشكل فني, أعني أنني مثل هانك بقدر ما أعرف عمله, إننى أفضل أن أكون قادرة على نقد المجتمع من منطلق سلبي. وعلى وجه الدقة, لأنه حتى الكليشيهات الإيجابية في بلدنا تعتبر خانقة جدا, فقد سعيت إلى أن آخذ من المجتمع أكثر الأشياء افتخارا بنفسها, موسيقاه وأجناسها الموسيقية, وأقدم جانبها السلبي: نكران الذات بواسطة مئات من طاقات انفعالية لمدرسي الموسيقى.

أم استبدادية

  • لقد نشأت في كنف أم استبدادية من الطبقة الوسطى, حلمت بأن تكوني مدرسة موسيقي, بعد أن مات أبوك في مؤسسة خاصة بالطب النفسي. إلى أي مدي تعتبر روايتك سيرة ذاتية?

- أفضل ألا أجيب عن هذا السؤال, كما أفضل أيضا ألا ترى روايتي كسيرة ذاتية, على الرغم من أنه من الطبيعي أن تحتوي على عديد من عناصر السيرة الذاتية. إن ما يثير اهتمامي في القصة هو صداها, وهو في هذه الحالة أولئك الذين يحملون على ظهورهم أن يحلوا امرأة من النساء من شرط الثقافة العالية التي تعشقها النمسا بإفراط. تعبر الجنسية غير الحية عن نفسها من خلال اختلاس النظر من ثقب, حيث لا تستطيع المرأة أن تشارك في حياة أو في رغبة. حتى الحق في أن تراقب مذكرًا: تعتبر المرأة دائما هي الشخص الذي يُراقَب, ولاتكون أبدا الشخص الذي يراقب. وحتى يعبر فرد, من هذا المنطلق, من خلال التحليل النفسي, فإننا نعاملها كأنثى تلائم أن يكون للذكر حق أن يراقبها, وهي تدفع الثمن من حياتها.

  • كيف تفسرين جنون أريكا (مدرسة الموسيقي, وبطلة الرواية والفيلم)?

- إنها بالتأكيد ليست مجنونة, ليست كذلك على الإطلاق, كذلك فإنها على علاقة بالاضطراب العصبي, لكن ليس الجنون. وتماما كما حاولت أن أفسر, أن كل هذه الدموية - بكل مافي الكلمة من حس صادق - عاقبة حقيقية, لأن تلك المرأة غير مسموح لها بأن تعيش إذا طالبت بأن تحصل فقط على الأندر من الحالات: ذلك حق ليس لها وشهرة فنية. الحق في أن تختار رجلا, وأن تملي عليه أيضا كيف يعذبها, يعتبر ذلك, هيمنة في خضوع, وهذا غير مسموح به لها, لأنه يفترض حقا أن كل ما للمرأة تقريبا هو ما وراء الحمل وتربية الأطفال.

  • إنك لست سهلة بشكل خاص مع النساء.

- لا يعتبر هذا دوري. إننى أبحث عن أن أمثل تحديقا غير فاسد الى النساء, وبشكل خاص حيث يكن شركاء للرجال.

ضد الإباحية

  • حين طبعت الرواية في النمسا, فإن نقادا معينين صنفوها كرواية إباحية. هل آلمتك تلك الرؤية?

- تعتبر الرواية عكس الإباحية, لأن الرواية الإباحية تقدم رغبة في كل مكان وفي كل لحظة. لكن الرواية تبرهن على أن هذا لاوجود له, بل إنها تشيد معنى يحافظ على براعة النساء, لأنهن يعتبرن عادة موضوعا إباحيا على أي حال, بينما ينظر إليهن الرجال, ويمكنهم أن يخترقوا أجسامهن بتحديقهم. لكنني اعتدت على أن يساء فهمي, حتى أنني ألام من أجل ما حاولت أن أحلله في كتابتي. ولهذا يحدث غالبا, أن تهاجم الرسالة, رغم أن ذلك ليس ما تعبر عنه. وليس هناك من يهتم بهذا الأمر.

  • قلت بالنسبة لشخصياتك (إننى أضرب بقوة, حتى لايمكن لشيء أن ينمو حيث توجد شخصياتي) هل يعتبر العلاج مستحيلا?

- تنتمي كتابتي إلى تصوير تحليلي, لكن أيضا بشكل جدلي (ساخر), لأشياء الواقع المرعبة. يعتبر العلاج خاصية لكتاب آخرين, ذكورا وإناثا. تعتمد كتابتي, أسلوبي, على النقد, وليس على خطط مثالية للإصلاح.

  • ألا يوجد هناك, وراء وصف حالة مرضية اتهام لثقافة النمسا الموسيقية, التي تتداخل مع هوية قطرك?

- نعم, بشكل محدد. المثالية للثقافة الموسيقية العالية, التي ابتعد عنها القطر, وكيف يدفع ثمن ذلك. (فكر كيف عومل هؤلاء الأساتذة العظماء غالبا في أزمانهم, وكيف يعامل فنانون معاصرون!). إنه نوع من علاقة سيد - عبد. تعتبر الثقافة العليا هي السيد, تعتبر مدرسات البيانو الإناث خادمات. ليس لهن الحق في أي طاقة إبداعية, ولا حتى حياة خاصة بهن (أعتقد أنني حملت هذا إلى درجته القصوى في النص).

  • هل صنعت نفس الاختيارات الموسيقية مثل مايكل هانك ?

- لقد ناقشنا اختيار الموسيقى قبل تناولها. على أي حال, تعتبر معظم القطع محددة في النص.

  • تماما مثلما يستخدم مايكل هانك كاميرته,تستخدمين أنت ببراعة قلمك مثل مشرط. هل توجد هناك تشابهات بين عمليكما?

- هذا هو السبب في أن مايكل هانك مناسب تماما, كي ينقل هذه الرواية للشاشة, لأننا نتقم كلانا بشكل تحليلي, ودون أهواء, ربما مثل عالمين يدرسان حياة الحشرات, حيث يمكنك أن ترى آليات العمل أفضل وأنت من بعيد, عن أن تكون في وسطها.

 

حسين عيد 




الفريدا ييلنك





المخرج مايكل هانك





لقطات من فيلم مدرسة البيانو





لقطات من فيلم مدرسة البيانو





لقطات من فيلم مدرسة البيانو





لقطات من عالم بطلة الفيلم ايزابيل هيوبرت





لقطات من عالم بطلة الفيلم ايزابيل هيوبرت





لقطات من عالم بطلة الفيلم ايزابيل هيوبرت