المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

الكويت

فيلم تسجيلي كويتي ضد القسوة والاستبداد..

يعتبر مهرجان الإسماعيلية ظاهرة ثقافية فنية إبداعية سينمائية, لها خصوصيتها بسبب تميزها واستثنائيتها, إذ لا يكاد يوجد مهرجان من طرازه في العالم العربي, ومنطقة الشرق الأوسط عموماً, حيث يختصّ مهرجان الإسماعيلية بعرض الأفلام التسجيلية والروائية القصيرة وأفلام التحريك والكمبيوترغرافيك.. وهو ما يجعله مناسبة سنوية للقاء حشد من السينمائيين المهمومين بالفن السينمائي والعرض البصري, بعيداً عن إغواء الأفلام الروائية الطويلة, وألق نجوم السينما من ممثلين وممثلات, واحتكاراتهم..

يدرك المتابع أن السينما بدأت أصلاً تسجيلية, قبل أن تسرقها الأفلام الروائية. ويعترف الكثيرون أن الرؤية التسجيلية في السينما هي التي تجعلها فناً على علاقة بالواقع, همومه وقضاياه, وعلاقته بالناس, أحلامهم ومطامحهم, إذ إن الفيلم التسجيلي هو الأكثر قدرة على محاورة الواقع, والنظر إليه بعين ثاقبة إبداعية وفنية.. وإعادة إنتاج الواقع بطريقة تمكّن المشاهد من النفاذ إلى رؤية الخاص فيه, والمسكوت عنه, في سبيل وعيه, والقدرة على اتخاذ موقف منه..

في المسابقة الرسمية

تمثَّلت المشاركة العربية في هذه الدورة من المهرجان, بعدد من الأفلام المنتجة في عدد من البلاد العربية, وتوزَّعت المشاركة على قسمي المهرجان, فيما بين المسابقة الرسمية والبانوراما.. ففي المسابقة الرسمية كانت المشاركة بأفلام: (ألوان من الحب) لأحمد غانم, و(الحاسة السابعة) لأحمد مكي, و(يعيشون بيننا) لمحمود سليمان, و(أرض السماء) لسمير عوف, و(أطياف) لزينب سمير عوف, من مصر, إضافة إلى فيلم من إنتاج مصري كندي مشترك بعنوان (سريدا, امرأة من فلسطين) لتهاني راشد.. كما شاركت سورية من خلال فيلم المخرجة المونتيرة أنطوانيت عازارية (أبيض), ودولة الإمارات العربية المتحدة بفيلم (الزمن الباقي) لصالح كرامة, ودولة قطر بفيلم (غير خدوني) للمخرج المصري تامر السعيد..

في البانوراما..

تأتي البانوراما مكمّلة لعروض المسابقة, إذ لوحظ أن الدول التي تغيَّبت عن المسابقة حضرت في إطار البانوراما, والمثال الأبرز هو فلسطين, التي تغيبت هذه المرة عن المسابقة, بينما تشارك في البانوراما من خلال فيلم (لعله خير) للمخرج رائد الحلو, والعراق من خلال فيلم (نزيه الدليمي) لإنعام كشاشي.. فيما تشارك دولة الكويت بفيلم (مهرجون) لناصر كرماني, والأردن بفيلم (القدس ثمن باهظ للبقاء) لحازم بيطار, و(السلاح صاحي) لأصيل منصور, ولبنان (نجِّنا من الشرير) لفادي طنّوس, والمملكة العربية السعودية بفيلم (أنا والآخر) لهيفاء منصور, وتشارك الإمارات بفيلم (سيدي الرئيس القائد) للمخرج اللبناني الشاب جاد أبي خليل..

وثمة العديد من الأفلام الأجنبية, المشاركة في البانوراما, القادمة من روسيا وتركيا وفنزويلا والمكسيك, ومن إسبانيا وبلجيكا وصربيا مونتينغرو, وبريطانيا وفرنسا والسويد ولاتفيا وسويسرا, والبوسنة والهرسك وبلغاريا والهند..

(مهرجون).. ناصر كرماني

شاركت دولة الكويت في الدورة الثامنة من مهرجان الإسماعيلية, في إطار البانوراما, من خلال فيلم (مهرجون) للمخرج ناصر كرماني, والفيلم روائي قصير (مدته 36 دقيقة), حيث إن لائحة المهرجان تعتبر كل فيلم روائي مدته أقل من 60 دقيقة فيلما روائيًا قصيرًا.. ولقد قام بأداء الأدوار في فيلم (مهرجون) كل من الفنانين: (فيصل العميري, ناصر كرماني, لؤي مقدم, رجاء عبد الله, صلاح بو البنات)..

يقوم الفيلم على مستويين حكائيين, أو خطين روائيين: أولهما يدور حول فرقة مسرحية تقوم ببروفاتها وتحضيراتها للعرض المسرحي الذي تزمع القيام به, فيما يدور المحور الحكائي الثاني حول أحد أفراد الفرقة المسرحية, هو الممثل الذي يقوم بدور المهرج في العرض المسرحي..

يعتمد المخرج ناصر كرماني (وهو من كتب سيناريو الفيلم أيضاً) على منهج غرائبي في البناء الفيلمي, إذ يتداخل المستويان الحكائيان بحيث يتبادلان الدلالة, فيغدو ما هو تمثيلي مسرحي, في الفيلم, وكأنه الحدث الواقعي, كما تغدو الحياة اليومية للمهرج, في واقعها, وكأنها فصل من مسرحية مأساوية.. وبتداخل هذين المستويين ثمة تأكيد من الفيلم ومخرجه على أن الحياة ذاتها هي لعبة مسرحية بكل شئونها وشجونها.. وأن العرض المسرحي هو مقطع مقتبس من الحياة ذاتها, بما تمتلكه من تناقضات مؤسية!..

كما يعمد المخرج كرماني من خلال المشهدية البصرية, والألوان, والموسيقى, إلى إبراز دلالات القسوة والمأساوية التي تشكل القاسم المشترك في الفيلم, بين ما هو مسرحي وما هو حياتي. فالعرض المسرحي (في الفيلم) الدالّ على الديكتاتورية والطغم الاستبدادية في العالم, يحاول فضح مدى البشاعة والقبح فيها, ليس فقط من خلال تصرفات الديكتاتور الهمجية, بل أيضاً من خلال الشاشة السينمائية التي تحتل خلفية خشبة المسرح, إذ تُعرض عليها صور مجرمين عانت الإنسانية فظائعهم, أمثال (أرئيل شارون, صدام حسين, أدولف هتلر, جوزيف ستالين, موسوليني)..

فيما يعاني المهرج, على مستوى وقائع الحياة اليومية, خيبة في العمل, من خلال التناقض بين الواقع الذي يعيشه والطموح الذي يجيش في جوانحه.. كما يعاني خيبة أشدّ مرارة في الحب, من خلال الصدود التي تبديه تجاهه زميلته في الفرقة المسرحية.. في دلالة على تزاوج وتكامل المأساة بين ما هو فردي خاص, وما هو شعبي عام.. في لعبة فنية حاذقة..

في قسوته وسوداويته, فضلاً عن غرائبيته, ينجح المخرج ناصر كرماني في فيلمه (المهرجون) بالتعبير عن جانب من هذا العالم الصلد, عالم الاستبداد والوحشة وانكسار الأحلام.. وربما من اللافت أن يعمد المخرج كرماني إلى استخدام اللغة الإنجليزية في الحوار, الأمر الذي زاد من غربة الفيلم, وغرائبيته, حتى كاد أن يكون نصاً كافكاوياً.. بل وحرمه من الكثير من خصوصيته البيئية الكويتية, على الرغم من الإشارات إلى أن هذا يحصل في الشرق..

بشار إبراهيم

بغداد

المشهد التشكيلي بلا قيود

ربما يبدو رصد أوجه المشهدالثقافي العراقي في مرحلة حاسمة في حياة الثقافة العراقية, وسائر أوجه الحياة الأخرى, اقترابا من مساحة القلق من الغد, وفي الوقت ذاته الأمل في الغد, أن يتاح للثقافة العراقية, وقد تحررت من الدكتاتورية أن تبني نموذجها المستقل والمعاصر والمبدع.

لهذا كله ارتبطت حركة الثقافة بنزعة ذاتية للحفاظ على المشروع الثقافي والمضي فيه, بالرغم من كل الظروف والمتغيرات, ولهذا تلمس إصرارًا هنا وهناك على تفعيل الحياة التشكيلية بالدرجة الأولى بعد تعطل الحياة المسرحية شبه الكامل, وكذلك الحياة السينمائية بسبب صعوبة الوضع الأمني.

وتبدو مقولة (بلا قيود) أو(بلا حدود) مثلا لازمة ترافق حركة المثقفين العراقيين اليوم, فهم يشعرون بأن ما يكفي من القيود والممنوعات قد عرقلت مسيرتهم الإبداعية فيما مضى.

لهذا كان الجهد المشترك الذي قدمه ثمانية من الفنانين الفوتوغرافيين العراقيين علامة فارقة بحق.

ففي إحساس مشترك بما اكتنف البلاد من أجواء, وما خضعت له من ظروف اندفع هؤلاء الفنانون في رسم شكل واقعي للمشهد العراقي, كثّفوا رمزية المكان, وراقبوا بعين واحدة كثيرًا من الأوجه الحياتية.

ما جمع هؤلاء الفنانين هو إحساس عميق بالفضاء التعبيري الذي يتحركون فيه, الفضاء الأقرب إلى روح الأزمة منه إلى أي شيء آخر.

فمن بين هؤلاء المبدعين كانت تجربة الفنان عادل الطائي أكثر تعبيرًا عن فكرة البلاد بعد الاحتلال, فهو قد انشغل لا بالمشاهد المباشرة مما تبثه التلفزات الفضائية, بل بما حلّ بالمكان ذاته, بقايا الحطام والحريق.

عادل الطائي, خريج (البوزار) في فرنسا, والذي لم يغادر العراق منذ تخرجه في الثمانينيات, يتتبع تشظي المشهد العراقي في العديد من الأماكن, هو معنيّ بتلك الصروح التي أصابها ما أصابها من جراء الحروب الطاحنة, يبحث وسط الأنقاض عن روح نابضة, فتلوح له ظلال نخلة في عمق المشهد مازالت تعبّر عن ديمومة الحياة, ثم يلتقط أثر أقدام مازالت تدل على دبيب الأشياء من حوله.

أما الفنان عادل قاسم, فهو امتداد لتاريخه الفوتوغرافي الطويل مازال منهمكًا بالطبيعة, فهو يجدها حاضرة وبقوة في كل زمان, غير متأثرة بالعديد من الهزات والتداعيات, عادل قاسم يرافق وجه الطبيعة التقليدي, وهو أقرب إلى تلمس الحياة الواقعية, باحثًا في هذا عن ذاكرة تتدفق بتدفق المشهد الشاعري الطبيعي.

أما علي طالب فهو ينحو منحى آخر, نحو الطفولة المشرّدة, النقطة الواهنة الواقعة تحت ثقل التراجيديا العراقية, بالطبع لن نضيف جديدًا لحقائق وإحصاءات تحدّثت طويلا عن خسارات الطفولة العراقية التي فتكت بها الأمراض, وعصف بها التشرّد واليتم تحت وطأة الحروب, لكن علي طالب في لوحاته الفوتوغرافية, يمد طوق نجاة لتلك الطفولة المعذبة, فهو لا يفصل تلك الوجوه عن بيئاتها الطبيعية, ولذا لا تجده يركز على (البورتريه) بقدر التركيز على الطفل وجذوره المكانية, وهي ميزة شكلت علامة فارقة فيما أنجزه طالب.

وعند علي طالب يبدو المشهد ممتدًا لطفولة تتطلع إلى أفق ما, تتلمس أملاً في حياة, ولهذا تجده يرصدها وهي في هذا العالم المتحول الجديد.

أما الفنان لؤي الشيخلي, فقد خصص مساحة بلوَر فيها شخصية امرأة ما وسط ما كان ويكون, واعتمد تنويعات لافتة لكيان واحد, كأن يغيّر قناعه وملامحه, لكنه في كل حال يقدم صورة امرأة وسط الأزمة, وهو ما يبرز في لوحتيه: (أحلام الغيوم) و(اكتئاب) وغيرهما.

....جماعة الثمانية, قدمت فنًا بصريًا متلاحمًا, تلتقي ملامحه وأسلوبيته في نقطة هي هذا الواقع المعيش, ولهذا كانت لوحات الجميع متقاربة في قلقها, وفي نزعتها الواقعية, في عدم الإغراق في التجريد وعدم التركيز على الوثائقية, بل في إيجاد موازنة موضوعية للمشهد.

كما قدم طلبة كلية الفنون الجميلة أخيرًا أعمالاً من الفن البيئي, وذلك في إطار معرض مشترك, حرصوا فيه على الاستفادة من البقايا والحطام الحديدي لصنع هياكل وأشكال نحتية لفتت الأنظار.

وقد ذهب بعضهم بعيدًا في هذا المنحى كما في أعمال جعفر وعقيل الجابري وعبد كاظم وغيرهم, حيث حرصوا على التعبير عن كارثية المشهد الحربي عبر (سريالية) وغرائبية جمعت بين فن (البوب) والتجارب النحتية لروّاد الواقعية النحتية في العراق: جواد سليم ومحمد غني حكمت بشكل خاص.

وبلور هؤلاء الشباب في معرضهم الأخير رؤاهم عندما احتشدوا في مدرسة أو جماعة فنية أطلقت على نفسها (جماعة الأكاديمية الجديدة) كناية عن أكاديمية الفنون, وقد قدموا بيانًا شجبوا فيه فكرة الحرب, وأعلنوا اتفاقهم على ثقافة السلم وعلى المضي في التجريب الذي تكتنز به البيئة العراقية, وتتيح لهم أن يجسّدوا فكرة الحرب عبر أعمال أكثر تميّزًا.

طاهر عبد مسلم

دمشق

خطة للحفاظ على التراث الموسيقي العربي

استطاعت دار الأوبرا السورية منذ افتتاحها جذب جمهور واسع ومتنوع, كلّ يبحث عن متعته سواء في حفلة موسيقية للفرقة السيمفونية الوطنية أو الفرقة العربية أو بعض الفرق التي تم استحداثها مثل فرقة كورال الحجرة, تخت أساتذة المعهد, التخت الشرقي النسائي, خماسي دمشق النحاسي.

إلا أن جمهور هذه الحفلات اقتصر على محبي الموسيقى والعارفين فيها مع بعض الاستثناءات, على عكس الجمهور الذي تدافع لحضور عرض فرقة إنانا الراقص (زنوبيا ملكة تدمر), ربما كانت نوعية العرض وما فيه من موسيقى ورقص وغناء وحكاية معروفة سببا في جذب الجمهور إلا أن الحضور كان أكبر في مسرحية (دبلوماسيون) للمخرج غسان مسعود الذي قدم عرضا احترم فيه ذائقة المتفرج الفكرية والفنية, وكان قريبا منه لدرجة الالتصاق بواقعه.

مثل هذه العروض جذبت المتلقي لحضور باقي الفعاليات الموسيقية, لكن المشكلة كانت في مدى قدرة هذا المتلقي غير المختص على تذوق وفهم الموسيقى الكلاسيكية, وحتى العربية خصوصا مع وجود تطويرات وتعديلات يسعى إليها أعضاء الفرقة. لذا كان لابد من ترافق هذه الحفلات بندوات ومؤتمرات تدعمها وتفتح الأفق لخلق علاقة حقيقية وعلمية ترسخ موسيقانا العربية وتجعل الموسيقى الكلاسيكية غير عصية على الفهم.

لذا استضافت دار الأوبرا (الأسد للثقافة والفنون) مجموعة من الموسيقيين والباحثين والمؤرخين والخبراء في الموسيقى العربية, بدعوة من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم, بالتنسيق مع وزارة الثقافة في سورية, للتداول في موضوع: الحفاظ على التراث العربي الموسيقي, حيث إن الموضوع بات ملحا في ضوء التبدل الذي يشهده العالم وهو تبدل يقتضي بعث النشاط في ثقافتنا وحضارتنا ويجنب تراثنا مخاطر الموقف الاستهلاكي المكتفي بالتلقي.

المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام, وافتتح بتكريم الفنان صباح فخري, بدأ بجلسة ترأسها د.فيكتور سحاب من لبنان حول: خصوصية الموسيقى الموريتانية - في التراث الغنائي اليمني - الموسيقى والتراث. أما المحور الثاني الذي ترأسه ساهر أحمد ياسين من فلسطين فقد تناول: تأثر الموسيقى العربية بالبيئة المحلية والمحيط الجغرافي في مصر وليبيا - أثر البيئة الجغرافية والبشرية والتاريخية في الموسيقى العربية. وتضمن المحور الثالث برئاسة الأستاذ الليبي عبدالرزاق عمر بن طاهر: التنوع الموسيقي التراثي ووحدته النمطية في الجزائر ومصر - الموسيقى البربرية (الأمازيغية) في وسط المغرب, وأدار د.نبيل محمود عبدالهادي من مصر الجلسة الرابعة حول: التراث الموسيقي العربي - باروك في شمال إفريقيا - الموسيقى التراثية: الوجدان العربي وإيقاع العالم - النظرية الرياضية وتطبيق الفواصل في آلة القانون.

وفي اليوم الأخير ترأس الجلسة الخامسة د.نبيل اللو ودارت حول: العوامل المتبعة لوصول الموسيقى العربية لأجيال الشباب العربي, وعوامل دعم تواصلها مع تراثها الفني - الأغنية الصنعانية علاقتها بالموشح الخميني والإنشاد الديني - وسائل وسبل دعم الموسيقى التراثية على الصعيدين العربي والعالمي.

كما قدم د.نبيل اللو قراءة جديدة في قالب السماعي في المحور السادس الذي أداره الشيخ خلفان بن أحمد البرواني من عُمان, إضافة إلى تجارب موسيقية للمخترعين - أسباب عزوف الشباب عن الموسيقى التراثية وإمكان تواصله معها - راهن الموسيقى العربية وتحديات العصر.

حضور المؤتمر كانوا نخبة من الخبراء والباحثين والموسيقيين من مختلف العواصم العربية مثل الأمين البشيشي, محمود قطاط, نبيل شورة, فيكتور سحاب, توفيق الباشا, محمود ولد احظانا, جابر علي أحمد, مراد الصقلي, جانوز كارباني, رضا مصطفى صالح, علي إبراهيم الضو, جلال الدين فايس.

وقد أقروا مجتمعين في نهاية المؤتمر مجموعة توصيات تندرج تحت عنوان: وضع خطة شاملة لمستقبل الموسيقى العربية. متمنين تضافر الجهود بين كل الهيئات المعنية الرسمية والأهلية, ولاسيما تلك المنضوية تحت سقف جامعة الدول العربية خصوصا المنظمة والمجمع العربي للموسيقى واتحاد الإذاعات والتلفزيونات العربية من أجل الخروج بنتيجة حقيقية وانجاز فعلي.

كما تم اقتراح تنظيم مؤتمر للموسيقى العربية كل سنتين, تطرح من خلاله موضوعات ملحة مثل: علاقة الشباب العربي بالتراث الموسيقي.

كل ما سعى إليه المؤتمرون تجسد في مشاريع جاهزة على الورق تحتاج إلى التعاون والتنسيق بين المنظمة والمجمع متمنين وضعها في إطار التنفيذ وهي:

- مشروع المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (اليونيسكو), وعنوانه: تاريخ الموسيقى في حياة الإنسان = تاريخ الموسيقى العربية.

- دليل الموسيقي العربي.

- الإسهام في مؤتمر الموسيقى الدولي, تحت عنوان: اتجاهات الموسيقى العربية وتطبيقاتها المستقبلية.

إضافة إلى مشروع آخر ملح وهو إنشاء (الوعاء الرقمية للتراث الموسيقي الكامل), وهو موقع على شبكة الإنترنت يضم تسجيل التراث العربي الموسيقي الكامل والمؤلفات والمصطلحات والسير والأعلام, لوضعه في متناول المعاهد والباحثين والموسيقيين والمربين, والأمل أن يتحول ثراء ما طرح في المؤتمر إلى واقع ملموس يستثمر ما يُبذل من جهد, فلا يذهب هباء منثورًا.

ليلاس حتاحت

المغرب

أصيلة... مدينة الفنون
تستقبل موسمها الثقافي الدولي الـ (26)

تحت هذا الشعار الجامع (أصيلة مدينة الفنون) عاشت مدينة أصيلة (شمال المغرب) موعدها السنوي مع فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي السادس والعشرين, الذي أشرفت على تنظيمه مؤسسة (منتدى أصيلة). عاشت المدينة على إيقاعات هذا المهرجان الثقافي المتنوع من 20 يوليو إلى 31 أغسطس 2004 بين أنشطة فكرية وأدبية وفنية, منها العام الذي يتجه لعموم الجمهور, والمتخصص في قضايا تشكل مستجدات عصرنا تتوجه لجمهور متخصص أيضا. فعلى مستوى الأنشطة العامة, غمرت المدينةَ أنشطةٌ تشكيلية حظيت بالنصيب الأكبر من خلال الجداريات التي اكتسحت جدران المدينة وساحاتها العامة, ومن خلال المشاغل التي كانت بمنزلة دورة تدريبية للشباب والأطفال تهم مجالات الحفر والنحت والصباغة الزيتية..., ثم من خلال المعارض التي جلبت تجارب متنوعة من القارات الخمس ليطلع عليها الجمهور المغربي, وتتلاقح ضمنها تجارب المشاركين أنفسهم. كما غمرت المدينةَ أنشطةٌ موسيقية تأرجحت بين (الفلامينكو) الإسباني و(الفادو) البرتغالي و(كلاسيكيات) البيانو النمساوي و(الموسيقى الأندلسية) المغربية, مع نفحات من الموسيقى العربية لفرقة بن فارس من البحرين. بينما اقتصر النشاط المسرحي على الفرجة المغربية من خلال تقديم مسرحيتي (شقائق النعمان), و(للا جميلة).

ومهما تعددت أنشطة موسم أصيلة الثقافي, يبقى الطبق الأساسي للمهرجان هو أشغال (جامعة المعتمد بن عباد الصيفية) التي تشكل في العادة الوجه الحقيقي للبعد الثقافي والفكري لموسم أصيلة, وذلك من خلال الندوات واللقاءات التي تميز أشغال الجامعة, وأيضا من خلال الشخصيات الوازنة التي تنشط هذه الندوات من كتاب وفنانين ومسئولين سياسيين ومشرفين على هيئات ومراكز ذات إشعاع دولي كبير, الشيء الذي يوحي بأهمية وعمق القضايا التي تتناولها الجامعة الصيفية.

وفاء لنفس المستوى, وسيرا على نفس النهج, عاشت جامعة المعتمد بن عباد الصيفية هذه السنة دورتها التاسعة عشرة في الفترة ما بين الأول و 15 أغسطس الماضي, كنشاط خاص ومتخصص ضمن مواد الموسم الثقافي العام, وتوزعت أشغال هذه الدورة بين محاور فكرية وفنية وأدبية.

تميز المحور الفكري بثلاث ندوات أساسية تستجيب للظرفية العالمية الراهنة وأثرها على العالم العربي سواء في كليته أو في جزء من خريطته. كانت الندوة الأولى حول (أوربا الموسعة والتعاون الأوربي المتوسطي: أي مستقبل?) تقاسمتها ثلاثة محاور أساسية هي: (أوربا الموسعة: أية حدود وأية مقومات?), و(البعد الاستراتيجي لأوربا الموسعة والتعاون الأورومتوسطي), و(هل يمكن لأوربا أن تمتد جنوبا كما امتدت شرقا?), شكلت أرضية النقاش بين المشاركين. وتأتي أهمية هذه الندوة من خلال المستجد الأوربي في الأول من مايو 2004 حيث توسع الاتحاد الأوربي ليضم عشر دول إضافية من أوربا الشرقية, مما يطرح أسئلة كثيرة حول انعكاس هذا التوسع على مسيرة الاتحاد الأوربي ككل, وعلاقاته بالدول المجاورة خاصة المتوسطية التي تربطه بها روابط حضارية وتاريخية وثقافية واقتصادية, كان دور الندوة هو محاولة مقاربة هذه الأسئلة.

أما الندوة الثانية فتناولت (العرب والأمريكان وجها لوجه: قضايا وتحديات), وهي لا تقل أهمية عن الندوة السابقة من حيث كونها تتعرض بدورها لعلاقة غايةً في التشابك والتعقيد, خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي كشفت القناع/الأقنعة عن طبيعة العلاقات الأمريكية ـ العربية, ليس على مستوى الإدارة السياسية فحسب, بل على مستويات التعامل الثقافي والفكري والفني والأدبي والاقتصادي والاجتماعي, الشيء الذي فرض إعادة النظر في رؤية الأمريكيين لعلاقاتهم مع العالم العربي الإسلامي والعكس.

أما الندوة الثالثة فغاية في الأهمية والنوعية والاستثنائية أيضا, لأنها تطرح للنقاش قضية حيوية بات من الضروري مقاربتها والحسم في بعض جوانبها, ويتعلق الأمر بندوة (إفريقيا والآمال الضائعة) التي رامت مداخلات المؤرخين والسياسيين والباحثين الذين شاركوا فيها الكشف عن الأسباب التي جعلت القارة السمراء تعجز عن تحقيق الآمال المعقودة عليها, بالرغم مما تزخر به من مقومات ثقافية وحضارية وغنى إنساني وتنوع في الموارد الاقتصادية, وهو ما يجعل منها قارة استثنائية تعيش المفارقة بين ما تمتلكه, وما تحققه.

أما المحور الأدبي لأشغال الجامعة, فقد تقاسمته ـ بدوره ـ ثلاثة أنشطة أساسية توزعت بين التكريم والاحتفاء وجائزة (تشيكايا أوتامسي) الشاعر الكونغولي الذي أغرته أصيلة فلم يغب عن موسمها حتى وافته المنية, فكرّمته المدينة بتمثال له يتوسط حديقته المفضلة التي سمّتها باسمه, وبجائزة شعرية تحمل اسمه.

كان التكريم هذه السنة من نصيب الشاعر البحريني قاسم حداد نظير ما أسداه للقصيدة العربية من تميز.

عبدالمجيد شكير

الإسكندرية

حرية التعبير.. مدخل الإصلاح الحقيقي

شهدت مكتبة الإسكندرية ما بين يومي 18و20 سبتمبر2004 أعمال المؤتمر الدولي حول (حرية التعبير), الذي عقد تحت رعاية السيدة سوزان مبارك, رئيس مجلس أمناء المكتبة, وبالاشتراك مع منتدى الإصلاح العربي, والمعهد السويدي بالإسكندرية, ووزارة الثقافة النرويجية, التي حضرت وزيرتها فالجرد هوجلاند وافتتحت المؤتمر, مؤكدة على أن (حرية التعبير سمة أساسية تهتم بها الدول المتقدمة, وهي تعتمد على حرية المعلومات وحرية نشرها). المؤتمر رعاه د.إسماعيل سراج الدين, مدير مكتبة الإسكندرية, (صيحة للتعبير عن الإحساس باحتياجات شعوب العالم, ورفع مستوى وعيهم بقضاياهم وتشجيعهم للعمل على إحداث التغييرات اللازمة للنهوض ببلدانهم ومؤسساتهم ومنظماتهم المختلفة).

وقد تضمنت ورقة العمل الرئيسية العديد من المحاور, ومنها وثيقة الإسكندرية التي اهتمت بحرية التعبير باعتبارها مدخلا للإصلاح الحقيقي الذي يجمع بين خطوطه مشروعا شاملا, يعتمد في تنفيذه على الشراكة بين المؤسسات التنفيذية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص. كما ركزت الوثيقة على أهمية الحرية باعتبارها قيمة كبيرة ومطلبا أساسيا, تقوم على أسس عديدة أهمها احترام جميع الحقوق في الفكر والتعبير عن الرأي بمختلف صوره وأشكاله, وفي مقدمتها ما يتعلق بحرية التفكير والإبداع وحرية الصحافة ووسائل الإعلام السمعية والبصرية والإلكترونية; التي يجب أن يتسم العمل فيها بأكبر قدر من الشفافية.

وخص المحور الثاني موضوع (حرية التعبير والإبداع) ليكون محلا للنقاش, حيث قسم القيود المعرقلة لحرية الفكر في السنوات الأخيرة إلى القيود الرسمية التي تجسدها ممارسات الأجهزة الرقابية للدولة في مجالات متعددة, والرقابة غير الرسمية أو رقابة (الشارع) التي تقوم بها المجموعات الموازية للدولة المدنية, والمناهضة لها في الوقت نفسه, وأغلبها رقابة دينية تمارسها مجموعات (التأسلم) السياسي بألوان طيفها المختلفة, وكلها لا تخلو من التعصب والتطرف الذي يجعل من أي اختلاف بدعة وضلالة, لذا كان من الطبيعي أن تنص وثيقة الإسكندرية على تشجيع الاستمرار في تجديد الخطاب الديني, سعيا إلى تجسيد الطابع التنويري للدين.

وحثت ورقة العمل على ضرورة إلغاء بعض القيود التي تحيد بحرية الرأي والإبداع عن مسارها, مثل إلغاء العمل بقانون الطوارئ الذي يتنافى مع مبادئ الحرية الفكرية والإبداعية, وتأكيد الرفض الكامل لفكرة المواءمة التي تتذرع بالاعتبارات الوطنية وغيرها لتقييد حرية الرأي لفترة محدودة لا تنتهي, وإعادة الاعتبار إلى حق المواطن في التعبير عن موقفه بالتظاهر السلمي أو الإضراب أو الاعتصام, وكذا إلغاء السلطات الاستثنائية الممنوحة للهيئات الرقابية, ومنها حق المصادرة الذي تمارسه بعض الهيئات الدينية, ولا ينفصل عن ذلك تأكيد أن محاكمة الإبداع لا يمكن أن تكون إلا بقانون الإبداع وليس من خلال سلطة دينية أو سياسية, كما شملت الورقة الدعوة إلى تأسيس الأحزاب ومنح الفرصة كاملة للآراء المختلفة في التعبير عن نفسها.

وقد دارت محاور المؤتمر حول: الأنماط الجديدة للرقابة: المكتبات, والإعلام وحرية التعبير, حرية التعبير والتحديات المستقبلية, حرية التعبير وحقوق الطبع والنشر من المنظور العالمي, مع التركيز على منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية, العلاقة بين القوانين والتشريعات وحرية التعبير, وحرية التعبير ووسائل الاتصال الحديثة (الإنترنت ـ حقوق الملكية ـ المكتبات), وفي رحابها ناقش المؤتمر عددا من الأوراق البحثية المقدمة من نحو أربعين من القيادات الإعلامية الدولية.

كما شارك في أعمال المؤتمر أكثر من 300 شخصية عالمية من كبار المثقفين وممثلي كبريات الصحف ووكالات الأنباء العالمية والهيئات الدولية المعنية بحرية الرأي والتعبير, وفي مقدمتهم د.سليمان العسكري, رئيس تحرير (العربي) , ود.عبد السلام المسدي, وزير التعليم العالي التونسي الأسبق, ود.فؤاد شهاب, رئيس قسم العلوم الاجتماعية بجامعة البحرين, ود.علي الدين هلال, وزير الشباب السابق في مصر, ود.جابر عصفور, الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة, ود.صلاح فضل, مستشار رئيس مكتبة الإسكندرية, ود.محمد نور فرحات, والمعماري جمال بكري, ود.محمد حسام لطفي, ود.محيي الدين اللاذقاني, ود.محيي الدين عميمور ود. رمسيس عوض ود.عبد المعطي بيومي الذي أشار إلى أن الأزهر في التاريخ الحديث استطاع أن يحافظ على الثقافة العربية والإسلامية, بحيث بقيت اللغة العربية في مصر ولم تتعرض لما تعرضت له من إلغاء في بعض الدول الإسلامية أو إضعاف في بعضها الآخر كما استطاع أن يمد ثورات الإصلاح السياسي والاجتماعي برواد بارزين منهم الإمام محمد عبده.

مصطفى عبد الله





ملصق المهرجان الذي قدم التجربة الكويتية





على الرصيف, بعدسة علي طالب





منحوتة للفنان محمد جعفر





انعكاس للفنان عادل قاسم





تكريم صباح فخري بدار الأوبرا السورية





جمهور حريص على احياء الفن الاصيل





ملصقان للفعاليات الثقافية المغربية





ملصقان للفعاليات الثقافية المغربية





الدكتور سليمان العسكري والدكتور عزمي بشارة خلال احدى الجلسات





جانب من حضور مؤتمر حرية التعبير