الواقع الإنساني في الفيلم العربي الوثائقي نديم جرجورة

الواقع الإنساني في الفيلم العربي الوثائقي

يطرح الفيلم الوثائقي العربي أسئلة عدّة, متعلّقة بثنائية الشكل والمضمون, وبالعلاقة القائمة بين المخرج والشخصيات المختارة, وبالتحديات الإنتاجية المختلفة, وبالجمهور العربي, وبالتعاطي التلفزيوني الفضائي والأرضي معه. تحاول هذه المقالة أن تجيب عن بعض هذه الأسئلة, من خلال أفلام وثائقية عربية قليلة أنتجت في العامين الأخيرين, وشكّلت منعطفا متواضعا في بنية الإنتاج الوثائقي.

على الرغم من التطوّر التقني الهائل في صناعة السينما, والتحوّلات الفنية والثقافية والفكرية التي شهدها العالم منذ بداية الربع الأخير من القرن المنصرم, فلا تزال السينما العربية عاجزة عن اللحاق بركب العصر السينمائي, الذي فتح آفاقا جديدة أمام المرء للتعبير البصري. فـ(الوثائقي يعالج الواقعي لا الخيالي, والناس والأماكن والأحداث الحقيقية لا المتخيّلة), كما جاء في كتاب (فهم السينما) للناقد السينمائي لوي دي جيانتي, في حين أن السينمائي السويسري جان ـ لوك غودار رأى أن الوثائقي (لا يبحث عن الآنيّ لذاته, بل لما يفرزه من اللانهاية). مع هذا, تبدو السينما العربية وكأنها خارج أي تصنيف نظري, وأي ترجمة عملية لمعنى العلاقة الوثيقة بين الكاميرا والواقع الإنساني, بمستوياته المختلفة, في السياسي والاجتماعي والحياتي والثقافي. ذلك أن السينما العربية تفتقد الحِرَفية المهنية والإبداعية في صناعة الفيلم الوثائقي, وتُسرف في اعتماد أشكال باهتة في معاينة الواقع, وتواجه قمع سلطات سياسية واجتماعية. وعلى الرغم من الكمّ الهائل من الأفلام الوثائقية المُنتجة سنويا في دول عربية عدّة, كلبنان وفلسطين ومصر, في المرتبة الأولى, وفي عواصم الاغتراب العربي, فإن السمات الفنية المتحرّرة من التقليد والمباشرة والخطابية نادرة.

الغوص خلف الوقائع

في مقابل هذا كلّه, أنجز مخرجون عرب أفلاما وثائقية عكست تفتّحا معرفيا ووعيا جماليا ودراميا بمكوّنات الفيلم الوثائقي, وذهبت بعيدا في مواجهة التحدّيات المختلفة, وغرفت من الواقع مواد إنسانية لمعاينة التحوّل والتمزّق وأفق المستقبل, من خلال شخصيات مأخوذة من صلب المجتمع, ومواضيع منتقاة من الذاكرة الفردية والجماعية, أو من اللحظة الآنيّة لفهم آثار الماضي, وتداعيات المُقبل من الأيام. هناك مخرجون عرب حقّقوا روائع وثائقية, عالجوا فيها مواضيع إنسانية مثيرة للنقاش والاهتمام, بأساليب تجديدية حرّرت النص البصري من بهتان التبسيط والتقليد, وابتعدت كلّيا عن إطار التحقيق التلفزيوني, فأفردت حيّزا واضحا لهذا المزيج البديع من الحكاية والتصوير الواقعي واللعبة الفنية في استخدام الصُوَر والسرد الدرامي. لم تعد السينما الوثائقية العربية, بفضل تجارب تجديدية عدّة, مجرّد لقاء مباشر بين الكاميرا والشخصيات المختارة لسرد الحكاية أو المشكلة. لم تعد محصورة بهذا الإطار الضيّق من المعلومات والمعطيات الخاصة بالمادة المختارة, بموازاة مشاهد مُصَوّرة. هناك ابتعاد عن السرد العادي, أي ابتعاد عن مفهوم الريبورتاج التلفزيوني. هناك إعادة خلق للواقع, بأدوات التعبير الدرامي. هناك ارتكاز على المتخيّل, بهدف الغوص في الوقائع. هذا ما قدّمته السينما الوثائقية الغربية منذ أعوام طويلة, في حين أن السينما الوثائقية العربية عرفت اختبارات جدّية في هذا المجال, تمثّلت, في العامين الفائتين, بأفلام قليلة, تفاوتت مستوياتها الفنية والتقنية, لكنها حافظت على لغة إبداعية جميلة: (حرب أهلية) للّبناني محمد سويد, (الطوفان) للسوري عمر أميرالاي, (عاشقات السينما) للمصرية ماريان خوري, (اجتياح) للفلسطيني نزار حسن, (انس بغداد) للعراقي المقيم في سويسرا سمير, (بين جبهتين) للكندية (اللبنانية الأصل) كاتيا جرجورة, (بقايا زمن, شارع محمد علي) للمصرية نبيهة لطفي, (الفيلم المفقود) لجوانا حاجي توما وخليل جريج و(مجرّد مدينة) للسوري المقيم في النرويج هشام زوكي. إن اختيار هذه العناوين ناتج ممّا تسنّت لي مشاهدته في الفترة الأخيرة, في خلال متابعتي النتاج الوثائقي العربي, وهو لا يلغي نتاجات وثائقية عربية أخرى أنتجت في المرحلة نفسها.

السينما والشخصية

تطرح عملية تنفيذ فيلم وثائقي سؤال العلاقة المفترضة بين المخرج والأشخاص المختارين للمثول أمام كاميراه. ذلك أن أفلاما وثائقية عدّة كشفت, ضمنا, أن هناك خللا ما بين الطرفين, بإقدام المخرج على تقديم الأشخاص, أحيانا, بصُوَر مُسيئة إليهم كأفراد ناطقين بشيء من الحقائق المطلوبة. فهلّ يحقّ للمخرج الوثائقي أن (يستغلّ) هؤلاء الناس, بأن يحتال عليهم, ويلتقط تصرّفاتهم وتعابيرهم وأقوالهم, ويضعها في سياق آخر? هل يحقّ للمخرج الوثائقي ألا يُعلم الأشخاص المنوي تصويرهم, مسبقا, بنيّته وأهدافه من تحقيق فيلمه? أو على الأقلّ أن يخبرهم عن سبب اختيارهم, مثلا?

أعتقد أن الإجابة عن هذه التساؤلات لن تكون نهائية. هناك مواضيع (يتواطأ) الطرفان معا على تنفيذها, ويتفاهمان مسبقا على خطوطها العريضة. في حين أن مواضيع أخرى لا تستدعي مثل هذا التواطؤ والتفاهم المسبق. لكن, للمسألة جانبان: أخلاقي, يفرض على المخرج ألاّ يحتال على من يختارهم للظهور في فيلمه, وأن يؤسّس معهم علاقة سوية, وأن يتوصّل إلى بناء ثقة ما, بينه وبينهم. وعملي, تتطلّبه مواضيع مختارة للمعالجة: ألا تفرض شئون سياسية أو دينية أو اجتماعية أو اقتصادية, تحايلا كهذا, ومواربة لن ينجح الفيلم في نزع الأقنعة, وفي تقديم شيء من الوقائع والحقائق, من دون الاستعانة بها? هل يمكن لمخرج وثائقي أن يُصوّر, مثلا, آثار الممارسات القمعية لنظام سلطوي ديكتاتوري, لا يزال قائما, على المجتمع والناس والتاريخ, في حال أعلم السلطات القائمة, مسبقا, عن نيته وأهدافه? كيف يتصرّف المخرجون الوثائقيون إزاء موقف كهذا? ألا يجدر بهم التحايل الفني والمواربة الجمالية, وإن على حساب أناس قد يصل الأمر بالمخرج إلى حدّ تشويههم (مجازيا) أمام الكاميرا, لانتقاد الحالة العامة, ولكشف عورات السلطة القائمة?

المخرج الكمبودي ريثي بان, مثلا, وضع, في فيلمه الوثائقي البديع والمؤلم (إس 21, آلة الموت الخاصة بالخمير الحمر) (عن الجرائم التي ارتكبها النظام السياسي القمعي لبول بوت), الجلاّدين والضحايا (أو من بقي منهم حيا, ووافق على المشاركة في فيلمه) في المناخ العام لمشروعه. حرّض الضحايا على إعادة صوغ المشهد القديم (التعذيب), وأقنع الجلاّدين بضرورة الاعتراف. لم يبح أمام الطرفين بإمكانية لقائهما وجها لوجه, بعد هذه الأعوام كلّها التي مرّت منذ وقوع الجريمة. لكن, بدا كل واحد منهما موافقا على الظهور في فيلم واحد, ومواجهة الآخر, كمحاولة لمواجهة الذات. لم يحصل الأمر نفسه في (بين جبهتين) لكاتيا جرجوره, مع التشديد على الفرق الشاسع بينهما, فنيا وجماليا: استاء مقاوم منتم إلى (حزب الله) مما فعلته المخرجة, بإتاحتها, في الفيلم نفسه, فرصة لعميل لبناني لإسرائيل كي يروي تجربته. انتقد المقاوم المخرجة, إثر مشاهدته الفيلم. غضب ولعن وعنّف, لأنه, ببساطة, لم يعرف مسبقا أنه سيظهر على قدم المساواة مع من حاربه طويلا. شخصيا, أميل إلى الإفساح في المجال أمام الطرفين للتعبير عما يختلج في صدر كل واحد منهما من مشاعر وهواجس وتجارب. لكن, هل كان يمكن لـ(بين جبهتين) أن يقدّم وجهتي النظر هاتين, لو أن كاتيا جرجوره أعلمت الطرفين, مسبقا, عما تنوي فعله? الفيلم مبني على توازنين, بصري وسردي, في تصويره تجارب شخصيات لبنانية انتمت إلى فريقي النزاع المسلّح في جنوب لبنان ((حزب الله) وإسرائيل). ولعلّ أهميته كامنة في أنه بات وثيقة بصرية خاصة بإحدى أخطر المشاكل اللبنانية الداخلية وأهمها: المصالحة الوطنية بين مقاوم وعميل.

الحروب العبثية

كما أنجز محمد سويد (حرب أهلية), منطلقا من حادثة الموت الغامض الذي تعرّض له صديقه (وصديق السينمائيين اللبنانيين) محمد دعيبس, إثر العثور على جثته في مبنى مهجور في مدينة بيروت. كشفت التحقيقات الجنائية أن دعيبس توفّي إثر إصابته بأزمة قلبية حادة ومفاجئة, لكن المخرج أراد البحث عن (وفي) تفاصيل هذا الموت, فغاص في ارتباك المجتمع اللبناني, وتوتر ناسه وانسحاقهم تحت وطأة الحرب, بعد مرور اثني عشر عاما على نهايتها الملتبسة والمزعومة. أدخل مشاهد روائية, كي يدعم فيلمه الوثائقي, فقدّم نتاجا يعتبر من أفضل ما صنع في بيروت, في الفترة الأخيرة, عن هذه المدينة المأخوذة بخرابها وفوضاها ومتاهتها. تعامل سويد مع شخصيات فيلمه بمصداقية رفيعة المستوى, إذ إن الجميع أدرك سلفا الخطوط العريضة لمشروعه, وتحدّث عن محمد دعيبس من منظاره الخاص. من جهته, أظهر نزار حسن ذكاء بديعا في استقدامه جنديا إسرائيليا عمل على جرافة في حصار مخيم جنين, عارضا أمامه ما صوّره عن الخراب الحاصل في المخيم, ومستدرجا إياه إلى حوار بديع كشف جانبا من المعاناة الفلسطينية, من دون أن يقع المخرج والجندي معا في لعبة الضحية والجلاّد, إذ إنهما ظهرا في الفيلم ندّين يتحاوران حول ما جرى, بلغة لا تخلو من العصبية والعنجهية وعدم الشعور بالذنب لدى الإسرائيلي, في مقابل تمسّك المخرج بالحق الفلسطيني في كشف الجريمة الإسرائيلية. إن فيلم (اجتياح) لنزار حسن وضع الإسرائيلي أمام جريمته المستمرة منذ العام 1948, ودفع الفلسطيني إلى مصارحة نفسه.

المخرج والكاميرا

هناك علاقة سوية وجميلة بين المخرج وكاميرته والشخصيات المختارة والمادة الوثائقية, في أفلام محمد سويد وعمر أميرالاي ونزار حسن, تشبه إلى حدّ كبير ما فعله سمير في (انس بغداد(: عدد من الأدباء اليهود العراقيين (سامي ميخائيل وشمعون بلاص وسمير نقاش), (نُقلوا) إلى إسرائيل في عام النكبة, وفشلوا في التأقلم مع المجتمع الإسرائيلي الجديد, وفي التخلّص من الجانب العربي الذي اختبروه في موطن ولاداتهم. إليهم, قدّمت إيلا شوحات (المقيمة في نيويورك) صورة مختلفة عن اليهودي الرافض الخطاب اليهودي الإسرائيلي الرسمي, وما يعانيه من ضغوط لكشف حقائق معينة. أهمية الفيلم كامنة في الكلام الذي قاله الأدباء. في لغتهم النقدية وسردهم الذاكرة والتجربة والتداخل بين الحلم المنشود والواقع المزري. في حين أن الشكل المتّبع حافظ على نسق مبسّط في مزجه الصور والذكريات والكلام الآنيّ والرغبات والأحلام الموءودة والتفاصيل الإنسانية.

اختلف مضمون (عاشقات السينما) لماريان خوري. هذا فيلم عن التاريخ السينمائي المصري, من خلال رحلة قامت بها المخرجة والمنتجة المصرية في الذاكرة, بحثا عن رائدات السينما المصرية (عزيزة أمير, فاطمة رشدي, بهيجة حافظ, أمينة محمد, آسيا داغر وماري كويني), اللواتي أطلقن هذه الصناعة بفضل شغفهنّ وعشقهنّ الكبيرين للفن السابع. فـ(العشق) وحده قادر على تفسير (تلك المغامرة الكبرى التي خاضتها مجموعة من النسوة في بدايات القرن العشرين لتخطّي العتبات الأولى نحو تأسيس صناعة جديدة لفن جديد), كما جاء في تقديم هذا الفيلم الذي صوّر, في توازن جمالي رفيع المستوى, الفرق الحاصل بين مطلع القرن المنصرم ونهايته, من خلال الحماس النسائي والتحرّر الاجتماعي اللذين عرفته هؤلاء الرائدات, في مقابل التخلّف والتزمّت والفوضى وضيق الأفق في هذا الزمن, والصعوبات الجمّة التي تواجهها مخرجات سينمائيات شابات في مجتمع خاضع لسطوة التقاليد وجبروتها. هذا التاريخ السينمائي المصري, موجود أيضا في (بقايا زمن, شارع محمد علي) لنبيهة لطفي, التي استعادت النبض الاجتماعي والفني للشارع الأشهر في القاهرة, كونه مقرّ فنانات الاستعراض والملاهي الكبيرة, وموطيء انطلاق عدد من الفنانات نحو النجومية والشهرة. إنه, باختصار, شارع الفن والطرب, في أربعينيات القاهرة وخمسينياتها المنصرمة, الذي أعادت لطفي بناء مشهده القديم, من خلال عيون عرفته واختبرت تجاربه المختلفة. ذهبت المخرجة إلى (بقايا) هذا الشارع في مطلع القرن الواحد والعشرين, كي تنظر بعينيها ما نقلته الكاميرا عن زمن مضى. تحدّثت إلى أناس عملوا في صناعة الأزياء والآلات الموسيقية وفن الاستعراض والفرق الغنائية والموسيقية, شاهدوا الماضي وشهدوا للذاكرة, كما لو أنهم يرسمون لوحة للخواء الحاصل في هذا الزمن. السينما, أيضا, موضوع فيلم حقّقه الثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج: قبل أكثر من عام, ضاعت النسخة الوحيدة المرسلة إلى اليمن من فيلمهما الروائي الطويل الأول (البيت الزهر), في الطريق بين مسقط وعدن. قرّر المخرجان الذهاب إلى هناك بحثا عن (الفيلم المفقود), فصوّرا أحداثا وتفاصيل مجتمعية يمنية, وعكسا واقع السينما, صالات وعروضا وأفلاما مستوردة. في حين أن هشام زوكي قام, في (مجرّد مدينة), برحلة من نوع آخر, اتّخذت من ذاكرة الشاعر منصور راجح مسرحا لاستعادة الماضي, وقراءة الحاضر. الأفلام الثلاثة الأخيرة التقت عند مفهوم الرحلة السينمائية في الجغرافيا والتاريخ, في اللحظة الآنيّة التي أعادت الماضي إلى الحاضر من خلال الكاميرا الوثائقية التي سجّلت وأرشفت وروت الحكاية في إطار إبداعي جميل.

أزمة الفيلم الوثائقي

لا شكّ في أن الفيلم الوثائقي قادر على إثارة نقاش جدّي, بمستويات مختلفة: الموضوع نوعا واختيارا, أسلوب المعالجة, العلاقة بالأشخاص المختارين (أبطالا) له وفيه, العلاقة بالجمهور وبالإنتاج. في العالم العربي, يعاني الفيلم الوثائقي أزمات عدّة: فالجمهور لا يعتبره نتاجا سينمائيا مستقلاّ بحدّ ذاته, والمحطات التلفزيونية (الفضائية والأرضية) لا تأبه به, فلا تموّله ولا تعرضه, والموزّعون السينمائيون وأصحاب الصالات التجارية لا يعرضونه في الحفلات الجماهيرية. هناك استثناءات: فـ (مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية) بدأ, منذ دورته الثالثة في العام 2002, في تأسيس علاقة سوية بين الفيلم الوثائقي والجمهور, الذي وفد إلى (مسرح المدينة) في العاصمة اللبنانية بالعشرات (هذا رقم متواضع, لكنه مهم للغاية في إطار العلاقة المنقوصة بين الطرفين), مما دفع بمنظّمه المنتج الوثائقي اللبناني محمد هاشم إلى تحويله إلى مهرجان دولي في دورة العام الفائت, باستيراد أفلام من دول مختلفة, وبرفع عددها, وبإتاحة الفرصة للسينمائيين (طلابا ومخرجين ومهتمّين, وإن بأعداد ضئيلة) لمشاهدة تنويعات بصرية مهمة ومثيرة للجدل. في حين أن (مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام الوثائقية والقصيرة) لا يزال عاجزا عن تفعيل علاقته بالجمهور, على الرغم من أهميته الثقافية والفنية في المشهد السينمائي العربي. أضف إلى ذلك كلّه, الغياب المطلق لأي دعم من قبل المحطات التلفزيونية, باستثناء التجربة الجديدة التي قامت بها (العربية), من خلال شركة (O3), المتخصّصة بإنتاج أفلام وثائقية تعرض على المحطة نفسها, ويمكن بيعها لمحطات أخرى. أما على مستوى العرض التجاري, فإن الموزّعين وأصحاب الصالات نادرا ما يختارون أفلاما روائية عربية طويلة لتوزيعها وعرضها في صالات تجارية عربية, في حين أنهم لا يأبهون أبدا بالفيلمين الروائي القصير والوثائقي, مما يخلق حالة (عداء) ونفور بين الجمهور وهذين النوعين السينمائيين.

لا شكّ في أن معظم الأفلام المشار إليها (ربما هناك أفلام أخرى أيضا لا تقلّ أهمية بصرية ونقدية ودرامية عنها) قادرة على تحقيق شعبية متواضعة, في حال عُرضت في الصالات التجارية أو على الشاشات التلفزيونية, وذلك بسبب ما فيها من جماليات فنية ومواضيع إنسانية جديرة بالمشاهدة والنقاش, لكنها تنتظر إحياء بعض المهرجانات المتخصّصة, كي يشاهدها جمهور متخصّص, في صالات غالبا ما تكون غير سينمائية.

 

نديم جرجورة







المخرجة المصرية اللبنانية الأصل نبيهة لطفي (بقايا زمن شارع محمد علي)





المخرج العراقي سمير (أنس بغداد)





مشهد من فيلم (عاشقات السينما) للمصرية ماريان خوري





المخرج الفلسطيني نزار حسن





مشهد من الفيلم الفلسطيني (اجتياح) لنزار حسن