لا أبكي ولا أضحك

لا أبكي ولا أضحك

(مقاطع من قصيدة)

وحيداً هو عنترةُ العبسي يقوم!
استنفرَ كي ينقذَ بنتَ العم، وما وقعتْ في أيدي الفرسِ أو الروم، لكن في أيدي فرسانِ الحيِّ وقد رفعوا علماً عربياً فوقَ سلاحٍ كافر.
يضربُ عنترُ في التيهِ فأينَ يدقُّ الرمحَ وأيةُ هاماتٍ يحصد
كيف يفرقُ والكلُّ يخونُ، وقد وقعت محبوبتُه في الأسرِ
ودمُهم مختلطٌ ينزفُ والراياتُ العربيةُ ترتطمُ وتتمزق.
تسقطُ إذ تُرفع، واللغةُ الواحدةُ مهرأةٌ تسقطُ تحتَ الأقدام، وفي هولِ دعاواهم نفدت أجنادُ المجتلبينَ الخونة
والآتون على أفراسِ الكُرْهِ لكي تتأججَ بغدادُ حريقاً،
يصطبغُ النهرُ بدمِ الأطفالِ وحبرِ الأوراق!
- اشتعلتْ بيروتُ الآن!
- وصلَ الطاعونُ إلى الجولان.
- على بابِ زويلةِ عُلِّقَ رأسُ العاشق طومان.
- الملكُ الكاملُ يدُه الميتةُ تدقُّ بختمِ الدولة، وعلى البابِ مماليكُ الحكمِ بعينٍ تترصّدُ للعرشِ وعينٍ تتلمظُ للملكةِ بينا جندُ لويس التاسع سوت ظهرَ الأرضِ بباطِنها!
- «عبلٌ» تتلوى تحتَ سياطِ الأعينِ عاريةً.
- ترقصُ في حفلِ مسيلمةِ الكذاب وحفلِ الحجاجِ وحفلِ أبي لؤلؤة الخائنِ والمنصورِ السفاحِ وكافورِ.
- تتقاذفُ بينَ جنودِ السلطانِ العثماني ومَنْ يتباهون بشاراتِ قريشٍ والمرتدين!
- سلاحُكَ يا عنترةُ انكسر،
وفَرَسُكَ مهزومُ النظرةِ مجروحٌ يرمقُ خذلانك ويحمحم.
عينك تنبئُ أنكَ حي!
لكنك في غاشيةِ الموتِ سقطتْ وأنت تفكرُ في القومِ!
- تفكرُ في عبلةَ، والشعراءُ حواليكَ تثيرُ الأطلالُ قرائحَهم فتغمغمُ في ضعفك:
- هاجت قافيةُ الدم تباكوا..
من لم يقل الشعرَ على رائحةِ الدمِ الآن
فلن ينفثَ شعراً أبداً!

***

إني أحبك..
لكن عيونك في الأسرِ تغتالني حينما تتفحصُ في
فماذا تفتشُ عنه؟
- إني ضعتُ ضيَّعني أهلي.
- ...
- اهزِمُ مَن؟
- يهْزِمُني مَنْ!
ما هم إلا أن يسيلَ الدم.
- ...
- عمري يا عبلةُ أهدرُ في حربِ الفجار.

 

أسامة أبو طالب