المفكرة الثقافية: مشهدية القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية

المفكرة الثقافية: مشهدية القيروان عاصمة الثقافة الإسلامية

  • احتفالية

كان ترشيح القيروان من قبل المؤتمر العام لوزراء الثقافة للدول الأعضاء في المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (الإيسيسكو) المنعقد في الجزائر سنة 2004م تتويجاً للاهتمام الذي أبدته الدولة لإحياء مجد «القيروان» منذ سنة 1987م، خاصة أنها تعد لدى الكثيرين رابع المدن في الإسلام بعد الحرمين الشريفين وبيت المقدس، وقد أنشأت تونس منذ ذلك التاريخ مركزاً للدراسات الإسلامية في أحد قصور «رقادة» التاريخية، ومتحفاً لفنون الحضارة العربية الإسلامية يحتوي على مجموعة مهمة من نفائس المخطوطات والتحف الأثرية، بالإضافة إلى أول مركز لترميم المخطوطات في المنطقة، فضلاً عن مركز للفروسية، كما تم وضع نظام إنارة متقدم جداً يعمل وفق منظومة إلكترونية دقيقة في نوفمبر سنة 2000م يتعلق بخطة إضاءة فنية لجامع «عقبة بن نافع» مما زاده رونقاً وجلالاً وأظهر روعة المعمار الخاص به.. كان نتيجة كل هذه الجهود ترشيح «الإيسيسكو» السالف ذكره والذي أسفر عن اختيار القيروان عاصمة للثقافة الإسلامية اعترافاً بدورها الحضاري والثقافي الرائد الذي اضطلعت به القيروان في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، واختارت تونس انطلاق الاحتفالات تزامناً مع المولد النبوي الشريف.

بعد موكب الافتتاح الرسمي.. ألقى الوزير الأول محمد الغنوشي كلمة السيد رئيس الجمهورية زين العابدين بن علي بحضور لفيف من الوزراء والعلماء من كل الدول الإسلامية على رأسهم د. عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو)، وركز الخطاب على إعادة الاعتبار للإسلام الذي يتعرض لهجمة شرسة من خلال التركيز على دوره البناء في الحضارة الإنسانية من خلال نحو 70 تظاهرة فكرية وثقافية وفنية عربية ودولية.

وصلت الاحتفالية الافتتاحية ذروتها يوم مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ فقد احتفل الناس مع فطور الصباح كعادة التونسيين والقيروانيين بتناول «العصيدة» بأنواعها ثم تناول الحلوى وعلى رأسها «مقروض القيروان» ثم كانت «خرجة المولد النبوي» التي تشارك فيها كل الطرق الصوفية فضلاً عن الإنشاد والمدائح النبوية؛ وسط أجواء كرنفالية احتفالية حيث يتوافد الناس من كل صوب وحدب من كل الربوع التونسية إلى القيروان التي لها في نفوسهم قداسة ومنزلة؛ خاصة في المولد النبوي وشهر رمضان.

تواصلت الندوات والفعاليات المصاحبة للافتتاح وكانت في معظمها تتعرض لتاريخ المدينة العريق وتطور العلوم والفنون والحركة الفكرية في القيروان ومدى تأثيرها في الحضارة العربية الإسلامية. أما ذروة سنام الافتتاحية المهيبة فكان عرض «المشهدية» «القيروان الخالدة»؛ وهو عرض فني استعرض تاريخ المدينة ودورها.. كتبه علي اللواتي ووضع موسيقاه مراد الصقلي وأخرجه إلياس بكار، وقد جاء العرض كلاسيكياً من حيث كل عناصره اللهم إلا التقنيات الحديثة التي لعبت دوراً رئيسياً في خلق سينوغرافيا مذهلة لم تكن لتتيسر لولا مكان إقامة العرض وهو الساحة الخلفية الخارجية لمسجد «عقبة بن نافع» (المصلى) واستخدام السور الجانبي الذي يشبه الحصن من الخارج فضلاً عن الصومعة كشاشة عرض سينمائي وخشبة مسرح أيضاً حيث مزج المخرج كلاً من عناصر المسرح والسينما والموسيقى مع الغناء لتخرج لوحة بديعة دعمتها التقنيات وسحر المكان ومهابته الطاغية.. ولعل أجمل مشاهد العرض على الإطلاق من هذه الناحية .. «لوحة الزحف الهلالي»، والمشهد الختامي والأذان يرتفع ليملأ ربوع القيروان نوراً على نور أخجل بدر التمام الذي كان يطل علينا من علٍ ساعتئذ ليعم النور الطالع من ربوع القيروان وحضارة الإسلام أربعة أركان الأرض.

ترى هل كان عقبة بن نافع الفهري المولود في المدينة المنورة في السنة العاشرة للهجرة وقدم إلى أفريقية التونسية واختط «القيروان» سنة 50هـ يأمل أن يواصل أحفاده ممن وضع لهم أساس المدينة أن يواصلوا نضاله في كل مناحي الحياة بنفس الإخلاص وهو القائل «اللهم أشهد أني قد بلغت المجهود ولولا هذا البحر لمضيت في البلاد أقاتل من كفر بك حتى لا يعبد أحد من دونك»، القتال اليوم قتال علوم وتكنولوجيا وفضاء فهل من مجيب لبلوغ المجهود.. آهات خرجت من الأعماق ونحن نغادر ونردد مع الحصري القيرواني «يا ليل الصب متى غده.. أقيام الساعة موعده».

زيارة أهم معالم القيروان شملت «جامع عقبة بن نافع» وهو بشكله الحالي يرجع إلى القرن السابع بعد الميلاد. و«فسقيات الأغالبة» التي أنشئت في القرن التاسع الميلادي لتخزين مياه الأمطار، وفيها تجلت عبقرية المهندس القيرواني الذي أوجد الحل لمشكلة ندرة المياه في منطقة السباسب.

وزاوية سيدي «عبيد الغرياني» أو المدرسة الغريانية التي تتميز برشاقة المعمار، وقد لعب أصحاب الزاوية دورهاً مهماً في الحفاظ على الهوية الإسلامية لتونس في القرن السادس عشر. ومسجد «ابن خيرون» أو مسجد الأبواب الثلاثة ذو الواجهة الرائعة التي تمثل ذروة فن الزخرفة في العصر الأغلبي أسسه ابن خيرون المعافري سنة 866م.

لم ينضب عطاء القيروان ألبتة إذ كانت على مر العصور منبعاً ومنارة أنجبت العديد من المبدعين والعلماء والمفكرين.وكان لنساء القيروان دور كبير في الحراك الحضاري ولعل شهرة «الصداق القيرواني» جابت الآفاق وكرست لحقوق المرأة التي كفلها الإسلام ومنها وضع الشروط في عقد النكاح كما حدث مع الواقعة التي اشتهرت «بالصداق القيرواني» عند زواج إحدى بنات القيروان من الخليفة. كما أنشأت بنت القيروان «فاطمة الفهرية» جامعة القيرويين في المغرب الأقصى.

تونس - خالد سليمان

  • مهرجان

الأفلام القصيرة والتساؤلات الإنسانية

في اليوم الثالث من فعاليات مهرجان الريف الثاني للأفلام الروائية القصيرة، كنا على موعد مع المتعة السينمائية في عروضها القصيرة، التي تواكبت مع مختلف الحالات الإنسانية عابرة الآلام والأفراح مخترقة حالة الصمت ما بين الزوايا هنا وهناك، الفرق فقط في تنوّع البيئات التي حملت إلينا هموم الإنسان. وهذا الإنسان الذي نتحدث عنه نستشعر وجعه الداخلي ومدى غربته التي تطحنه حينما يؤوب إلى دياره غربياً مليئاً بمشاعر الفقد كما في فيلم «رماد السنين» للمخرج إبراهيم راشد الدوسري الذي أقحمنا في دهاليز حكايته الصغيرة بمداها الزمني، والكبيرة بدلالاتها التي تشظت في إمداد الروح المكسورة وهي تحاول لملمة نفسها بعد أن أكلها الشتات لثلاثين عاماً، تصرّمت وما أفرزت شيئاً غير ملابس مهلهلة وخطوات ضائعة في غبار الشوارع، صحبة حقيبة يتيمة يسطو عليها لصان على غفلة من صاحبها الذي يتوه بنظراته، لا يلوي على شيء، ولا يجمع من سنواته الماضية غير ذكرى نازفة تورّط المشاهد في السؤال الذي يحيط بطل الفيلم حيث تلاحقه شفقتنا ونحن نسأل.. ماذا بعد؟ إلى أين ستأخذه الدروب؟

أما الفيلم الآخر «نقمة النفط» للمخرج صادق حسين آل عباس، فهو أيضاً يتجه إلى إثارة سؤال آخر، سؤال ليس من السهل الإجابة عنه، وذلك لأننا أمام متاهة عويصة من حسابات الاقتصاد والتنمية والسياسة والفساد وهيمنة السلطة، كلها إشكاليات أثارها هذا الفيلم الجريء، الذي هاجمنا بلا سابق إنذار، حيث زج بنا نحو المصانع والمنشآت النفطية، لا لنختنق وتغزونا الأدخنة السامة فحسب، بل لننزف ونموت ببطء كما حدث مع بطل الفيلم الفنان حسن رضي الذي أقنعنا بحضوره الفني الجميل وحسن أدائه.

الفيلم بما طرح من إشكاليات، لا ينتهي - مع الأسف - فور قدرية الموت الذي طوى الابن وأباه، بل هناك امتدادات كارثية قادمة لا يمكن لنا أن نتوقع متى وكيف ستضرب، حيث إن مشكلة التلوث اليوم في بلدان العالم الثالث تفرض، بشكل قاس، ضريبتها التي دائماً ما تترافق مع شعارات التنمية الخضراء من أجل رفاهية الإنسان ولكن، هناك بالطبع اشتراطات وقوانين دولية أطرتها الاتفاقيات الأممية التي تحاول الحد من كارثة التلوث على كوكبنا، ونحن هنا نأخذ على مثل هذه الاتفاقيات أنها تبقى حبراً على ورق ولا تحمي فقراء العالم، حيث تتاجر بهم جيوب المستثمرين، وتبيعهم إلى حتفهم باسم المدنية الحديثة متحالفة مع قسوة السلطة المتنفذة في أي بلد كان!

ومروراً بفيلم «بنت مريم» ذي النكهة الإماراتية الذي توغل بنا في متاهات قرية نائية جدرانها تحكي مدى بؤسها، يأخذنا المخرج سعيد سالمين المري بكاميرته الدقيقة اللمسات والمشاكسة حينا، وهي تعبر في مستهل الفيلم عتبات الموت متجسداً في قامة رجل عجوز ممددة بلا حراك أمام طقوس الموت الذي يأخذ مريم - الزوجة الطفلة، وهي تحار محرّكة تساؤلاتها لا تدري أين تأخذها الدروب بعد أن زجوا بها إلى حضن العجوز وهي لم تزل وردة لايزال نسغها طرياً أصغر من تجارب الكبار.

إن هذا الفيلم في سياقاته الدرامية لهو شاهد على مأساة الطفولة العربية التي لاتزال إلى اليوم تعيش قصة الطفلة مريم حيث تتكرر في أكثر من بلد عربي، تغيب عنه التنمية بشكلها المطلوب، وتنتشر في أوساطه الأمية والتخلف. وقد أثار الفيلم بالرغم من بعده التراثي ثيمة الحب، وكيف نتعاطاه انطلاقاً من قلب فتاة صغيرة تحاول لملمة أشيائها ولكن، مَن يغتال براءتها؟ إلا أن الطفلة بطلة الفيلم تنتقل إلى بيئة أخرى حيث أحد أقاربها، لكنها تعاني جو الغربة، وبالرغم من أنها تعيش حياة جديدة وتتعرف إلى الطفل «أحمد» صاحب شتلة الليمون الذي يصطحبها معه أينما ذهب اعتقاداً منه أن هذه الشتلة هي رمز لأنفاس أمه، ويخشى عليها الموت ويطلب من «الملا» أن يعمل لها تعويذة لكي لا تموت.

لكنما رائحة الموت تحل أينما توجهت الطفلة «الأرملة» حيث تركنا المخرج المري مرة أخرى نقتات تساؤلاتنا المتعددة لا ننجح في الوصول إلى معرفة كنه المجهول الذي يحيط بهذه القصة الحزينة.

فيلم «المغادرة» للمخرج أحمد عاشور لم يعتقنا من ورطة وجع امرأة تأخذها ذاكرتها المثخنة بالجراح نحو تلمّس طريق آخر للأمل، حيث تبحث تفاصيل يومها عن هيمنة رجل قاس. لا يفهم من حياته الزوجية غير لغة الأوامر وبلا حب. هنا حيث مسارات الحياة تأخذ دورها في تشتيت هذه العائلة التي يكتب عليها الشقاء، حيث تستسلم للبحر، وكأنها تتمنى الموت أو الهروب إلى أي مكان آخر بعيدا عن جحيم عش الزوجية. الفيلم يطرح إشكالية العنف الزوجي في حياتنا، وما يترتب عليه من تداعيات تهدد كيان الأسرة، كما يطرح مسألة إصلاح القضاء في بلدنا لإنصاف قضايا المرأة التي لاتزال تهمّش وتتسلط عليها النزعة الذكورية المريضة، ونحن في القرن الواحد والعشرين. فالأمة التي لا تحترم المرأة ودورها كيف لها أن تربي جيلاً صالحاً يعمر الحياة؟ وهو المضمون النهائي الذي تركه لنا المخرج كسؤال مفتوح.

البحرين - أحمد المؤذن

  • موسيقى

فنون عالمية في غزة

بدأ الفنانون كما بدأت الفنون من كل أنحاء العالم ومن منابع شديدة التنوع في الالتقاء والتأثير المتبادل، إنها حقيقة أصبحت توضع بعين الاعتبار سواء في مجالات الفنون والآداب أو حتى في مجال النظرية. هذه العالمية للفنون هي ما دفعت بعضا من الشباب الفلسطينيين لاختيار أنواع عالمية من الموسيقى للتعبير وقد كان العنصر الذي ربط قطاعا واسعاً من الشباب على اختلافهم هو إنهم قد شعروا كفنانين بنزوع نحو البحث عن شيء مختلف خارج الأعراف السائدة في سياق ثقافتهم قالبين رأساً على عقب الأفكار الراسخة حول مفهوم الهوية الجامد والتقليدي الذي يرى أن كل ما هو خارج التراث والفلكلور محاولة للتغريب، معلنين فسحة جديدة تُخرجهم من طور المحلي إلى العالمي.

كامبس بريكرز «CAMPS.BREAKERZ» هو الاسم الذي اختارته إحدى الفرق في غزة للقيام بعروض فنية مختلفة تحت عناوين وطنية مثل الحصار وجدار الفصل العنصري وغير ذلك. ضمن إطار فن عالمي رياضي استعراضي نشأ بأمريكا في نيويورك لغرض التعبير عن النفس والشعور بالحرية النفسية. ويُعتبر هذا الفن من أكثر الفنون العالمية تميزاً وذلك لاحتوائه على جزء موسيقي، ورياضي وفني استعراضي.

نشأت فرقة كامبس بركيرز في فلسطين بقطاع غزة في مخيمات غزة للاجئين عن طريق شاب اقتبس هذا الفن من تصفحه الإنترنت شعر بأنه فن قوي ومعبر للنفس. بدأ محاولاته لتأسيس الفرقة في عام 2004 والبحث عن شباب لمشاركته هذا الفن وبعد عناء كبير قام بإنشاء هذه الفرقة, وقد لاقت هذه الفرقة الكثير من النقد من قبل المجتمع سواء الأهل أو حتى المؤسسات التي توجهت إليها الفرقة، وذلك بسبب بنية المجتمع الدينية والقبلية في قطاع غزة. وبسبب الحصار الذي كان يعيق تدريباتهم حيث كانوا يتدربون في المحررات وعلى البحر، وقد نجحت الفرقة في القيام بأول عروضها في عام 2006. ولم تلق هذه الفرقة الدعم لتطوير هذا الفن, ولكنها أصرت على تطوير هذا الفن بقدراتها الخاصة, ولم يكن هناك اهتمام أو انتباه لهذا الفن إلا بعد ما قدمته الفرقة من عرض بالمركز الثقافي الفرنسي الذي أبهر الجميع من الشعب الفلسطيني والغربي، ومازالت الفرقة تعتمد في تمويل أنشطتها وعروضها على المجهودات الذاتية.

ويقول محمد الغريز مؤسس الفرقة حول اختياره هذا الاسم ودلالة اسم المخيمات بأنه قصد أن يُعرّف العالم بأن هذه المخيمات الفلسطينية بالرغم من كل ظروف القهر و الحصار والفقر تستطيع أن تُخرج فنانين مبدعين وأن الشاب الفلسطيني لا يقف في وجه طموحه أي عائق، وأضاف أن هذه رسالة أيضا نوجهها إلى الشباب الفلسطينيين بتحدي كل المعيقات المجتمعية والمادية في سبيل وصول صوتهم، وقال الغريز إن الهدف الأكبر من هذه الفرقة هو إرسال رسائل إلى العالم لتوضيح ما يعانيه الفلسطينيون خاصة أن هذا الفن الموسيقي الاستعراضي يحظى بشعبية عالمية.

من العروض التي شاركت بها الفرقة: يوم الأم العالمي، يوم الموسيقى العالمي, عيد الحب السنوي، واختتام العام الدراسي عام 2008 لمدارس الأنروا الإعدادية، والأمسيات الرمضانية, وافتتاح حديقة حيوان للأطفال في مدينة رفح, ومشاركة فرقة ماب الفرنسية بالمركز الفرنسي, المشاركة بحفل اختتامي لمؤسسة الكرمل, عرض لجمعيه رعاية الطالب الفلسطيني للراغبين في مشاهدة أعمال الفرقة بإمكانكم مشاهدتها من خلال هذا الرابط.

http://www.youtube.com/results?search_query=CAMPS.BREAKERZ&search_type=&aq=f

غزة- أحمد عرار

  • شخصية

في ذكرى الدكتور هشام جعيط ( 1935 - 2003 )

مفكر تونسي كتب باللغتين العربية والفرنسية، يعتبر من المجددين في النظر إلى قضايا التاريخ والاجتماع العربي الإسلامي، القديم منه والحديث، ويعتبر كذلك من المجددين في رؤيته إلى مسائل كالهوية والحداثة والنهضة. ويرى عبدالإله بلقزيز أن هشام جعيط قد انفرد مع عبدالله العروي بالانفتاح على الفلسفة وتاريخ الفكر وعلم الاجتماع السياسي والديني.

نشر عام 1974 كتابه «الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي» بالفرنسية، متأثراً بكتاب محمد إقبال بشأن تجديد الفكر الديني، وبمؤلفات عبدالله العروي وأنور عبدالملك وغيرهما. رأى هشام جعيط أن الاتجاه العروبي لدى المثقفين قد ابتعد عن الإسلام، فجاء كتابه بحثاً عن الهوية العربية الإسلامية، باعتبار أنه لا عروبة من دون إسلام ديناً وانتماءً، وأنه لا يوجد إسلام عميق من دون الغوص في العربية.

شعر هشام جعيط في كتابه «أوربا والإسلام: صدام الثقافة والحداثة» الذي ترجم إلى العربية للمرة الأولى عام 1979، أن الدولة العلمانية القومية، هي دولة دهرية بطبيعتها البنيوية حيث يرتكز بناء الدولة على تفوّق الدولة على الدين. لذلك، رأى، آنذاك، أن الدولة ليس من حقها أن تكون علمانية، لأن الدولة ينبغي أن تحافظ على الدين، وتكفل استمراره، لأن الإسلام دين الأمة.

فيما يؤكد هشام جعيط أن اعتقاد أهل بلاد الشام المسيحيين بالطبيعة الواحدة للمسيح، قد سارعت بقبول السيطرة السياسية للفتح العربي، فقد أسس فتح الشام وإسبانيا وجنوب إيطاليا والغال الجنوبي لوعي غربي قروسطي انفعالي عندما يتمثل الإسلام. ولكن الغرب اليوم لا ينتج إلا ثقافة دنيا، وهو يحاول أن يرغم العالم على محاربته بأسلحته المادية، «فمن المهم الاحتفاظ بخطوط أخرى للقيم: هوية وثقافة وحضارة». ويكشف عن نظرة العداء الأوربية الغربية تجاه الإسلام منذ العهد الوسيط، والتي تعززت بالهيمنة الاستعمارية اللاحقة. وبالرغم من مشاريع العلمنة الأوربية، فلم يقلل ذلك من العداء للإسلام، ويستشهد بجهل فولتير وديدير بشخصية الرسول. حتى في القرن التاسع عشر، لم تكن العلمنة الأوربية مكتملة، فكان الدين يبرز عند الأوربيين بقوة كلما احتدم الصراع مع الحضارات الأخرى.

ولا ينكر هشام جعيط أن النظرة إلى الإسلام بدأت تتعدّل مع جوته وهيجل، مثلاً، حيث وصف الأخير «المحمدية» بأنها ثورة الشرق التي حطمت كل خصوصية وكل تبعية. بدأ هذا التعديل في ألمانيا أساساً. ثم امتد إلى إنجلترا ثم فرنسا لاحقاً. في إنجلترا نجد كارلاريل وفي فرنسا هوجو. وقد استقرت الأمور في النصف الثاني من القرن التاسع عشر لاستقرار العلم وترسخه في الدراسات الفيلولوجية واللغات والتاريخ. ولكن لماذا ألمانيا تحديداً؟

يرى هشام جعيط أن السبب يكمن في تفوق الألمان العلمي ابتداء من القرن التاسع عشر حتى الحرب العالمية الثانية، فنجد علماء مثل فلهاوزن الذي نقد العهد القديم، ثم درس نولديكه تاريخ القرآن وتطوّر نصوصه، وتبعه جولدتسيهر المجري في دراسة التفسير والحديث والفقه. كذلك، لم يكن لألمانيا مستعمرات آنذاك، وكان القيصر صديقاً للعثمانيين، فلم يرغب في عداء أيديولوجي معهم.

أمّا استشراق النصف الثاني من القرن العشرين، فيراه جعيط أمريكياً في أساسه. ولمّا كان العداء الأمريكي للقومية العربية واضحاً جلياً، فقد رأى الاستشراق الغربي أن الإسلام قوة معتدلة خلافاً «للتعصب القومي الأهوج» فقام بدعمه ومؤازرته على حساب القوى القومية والتقدمية. أما كتاب هنتنجتون، فيرى جعيط أنه

لا فلسفة فيه ولا ينطوي على فكر سياسي، فقد تم الترويج له من خلال الإعلام، وتلقفه العرب بوصفه إنتاجاً أمريكياً لابد أن يكون راقياً.

أما في كتابه «أزمة الثقافة الإسلامية»، فيدرس العلاقة بين الإسلام والمسلمين بالتاريخ الكوني الحديث، ويجد أن الإسلام ينتشر في العالم اليوم وينداح فيه اندياحاً، فلا خوف على هويته لأنها تؤكد ذاتها بصورة عفوية. فالإسلام ينتشر اليوم بفضل الحداثة، لأن الإسلام يساهم في تأكيد الأقليات لذاتها في المجتمعات الغربية، كالسود في الولايات المتحدة مثلاً، والأقليات في الصين وغيرها. أما على صعيد العالم العربي، فيرى أن التجربة القومية أسست لمفهوم الأمة، ورسخت فكرته بين الجماهير، ولذلك أصبحت مسألة الوحدة مشروعاً قابلاً للتحقق في اعتقاد الكثيرين.

في كتابه «أزمة الثقافة الإسلامية» تحديداً، شرع يتحدث عن نهضة جديدة ممكنة إذا اتجهنا صوب الحداثة الغربية. فالثقافة الإسلامية اليوم متأزمة لرفضها غمار الحداثة، بما هي منظومة تكنولوجيا وقيم معاً.

يعارض هشام جعيط مفهوم «الثورة» الذي يتبناه التيار الإسلامي في كتابه المتأخر «أزمة الثقافة الإسلامية»، ويضع تعريفاً جديداً له بحيث يعني «التحديث المعتدل»، فالنزعة الثورية في الإسلام ما هي إلا احتجاج على احتقار الغرب للإسلام. وحتى لو استأثرت التيارات الإسلامية بالحكم، فسوف ترجع «إلى الحداثة بقوة كبيرة ومجّ الإسلام جملة» (أزمة الثقافة الإسلامية، ص11)، وسبب ذلك أن تيار الحداثة سيل دافق لا يمكن مقاومته، فهو يسير في المجرى الحتمي للتاريخ. حتى الدين بوصفه معتقداً، قد يصبح يوماً ما مسألة إشكالية، بينما في الغرب فقد امتلأ الفراغ الديني بالفتوحات الفكرية والفنية والعلمية. وإذا افترضنا أن الغرب مليء بالمساوئ، فإن ذلك لا يقف حائلاً دون الاعتراف بأن القيم الإنسانية التي أبدعها الغرب في العصور الحديثة ذات قيمة عالية في حدّ ذاتها. وهذا يستدعي إيلاء الإنتاج الغربي أهميته البالغة في استبعاد الأوهام والقبول بتحوّلات هادئة من الزوايا السياسية والاقتصادية وتطبيق مفاهيم الديمقراطية في أجواء سلم داخلية وخارجية من شأنها أن ترى الديمقراطية وتعززها، بحيث يصل الإنسان إلى أرفع مراتب الوعي المعرفي والإبداع.

فالحداثة حتمية تاريخية، ويؤكد لنا التاريخ أن الأمم التي حافظت على وجودها لم تتخلف عن ركب الحضارة أبداً. فمشكلتنا ليست في دخول الحداثة، إنما في تباطؤنا في الدخول فيها. (أزمة الثقافة الإمبريالية، ص194). وبالرغم من ذلك سوف تظل الهوية موجودة، فلا خوف عليها من الاضمحلال، كما حدث في الصين وروسيا، فبالرغم من كل التحوّلات العاصفة بها، ظلت الهوية موجودة، فالهوية شعور طبيعي بالأنا الجماعية، ولكننا نسعى للارتقاء صوب المستوى الإنساني الأشمل وتصوّر أرقى لمعنى الحياة.

أهم مؤلفاته:

- الشخصية العربية الإسلامية والمصير العربي (بالفرنسية، 1974).
- أوربا والإسلام: صدام الثقافة والحداثة (بالفرنسية، 1978).
- الكوفة: نشأة المدينة العربية الإسلامية (بالفرنسية والعربية، 1986).
- الفتنة: جدلية الدين والسياسة في الإسلام المبكر (بالفرنسية 1989، بالعربية 1992).
- في السيرة النبوية «الوحي والقرآن والنبوّة» (2000).
- أزمة الثقافة الإسلامية (2000).

الأردن - د. أيوب أبو ديّة

  • عمارة

من بصمات المعمار الديني البرتغالي بالمغرب:
كاتدرائية على أنقاض مسجد آسفي الجامع

مازال الكثير من المآثر الدينية البرتغالية تؤثث فضاءات بعض المدن المغربية، شاهداً على حقبة تاريخية فرض فيها البرتغاليون سلطانهم على عدد من الثغور بشمال أفريقيا، هو حضور لم يكن ليمر دون ترك بصمات معمارية قد تنير طريق الباحثين للغوص في تلك الحقبة من التاريخ. ومن بصمات المعمار الديني البرتغالي بالمغرب كاتدرائية آسفي التي مازال جزء كبير منها يقاوم صروف الدهر شاهدا على نشاط ديني منتظم للبرتغاليين بالمغرب خلال القرن السادس عشر. تبقى الإشارة فقط - للأمانة العلمية - أن أغلب المعلومات الواردة في الموضوع مستقاة من كتاب «البرتغاليون في المغرب، عمارة وعمران» للباحث والمؤرخ الأكاديمي البرتغالي بيدرو دياش.

إنجاز: يونس الحيول

كان الأوربيون بشكل عام والبرتغاليون بشكل أخص يرون في القرون الوسطى أن منطقة شمال أفريقيا أرض تحتلها قوى غريبة، بعدما كانت فيما مضى جزءا لا يتجزأ من الإمبراطورية الرومانية والمسيحية، أرض أنجبت أمثال القديس أغسطين والبطل هانيبال الذي تحكم في مصير روما، قبل أن تصبح هذه الأرض خاضعة لسيطرة قوم خارجين عن ملتهم، الشيء الذي جعلهم يعتبرون غزوها أمرا مشروعا، بل واجبا دينيا وضرورة تمليها الحاجة السياسية في مواجهة المسلمين الذين كانوا يعدون في نظرهم دخلاء.

والحقيقة أن أطماع الأوربيين في شمال أفريقيا كانت يتوزعها دافعان، الأول ديني متمثل في الرغبة في نشر المسيحية، والثاني اقتصادي يتمثل في السيطرة على مواقع محصنة تتيح آفاقا واعدة لتطوير تجارة كانت تمارس أنذاك بوتيرة منتظمة، مما جعل حروبهم على المسلمين بشمال أفريقيا تتخذ شكل حملات صليبية.

حملة ألفونسو الخامس على المغرب

تكبدت الجيوش البرتغالية خسائر فادحة في محاولاتها المتتالية لدخول شمال أفريقيا عبر المغرب، إلى أن استطاع ألفونسو الخامس في حملته الصليبية الخاصة به إلى أفريقيا الشمالية ضم القصر الكبير سنة 1458م، وبعد معاناة مريرة تمكن من إسقاط مدينة أصيلة ودفع سكان طنجة للاستسلام سنة1471م، ليتمكن بعد السيطرة على هذه المواقع الاستراتيجية من إقامة نظام الحماية بعدد من المدن المغربية مثل آسفي وأزمور وماسة... وفرض إتاوات مرتفعة على سكانها، مع توقيع هدنة مع أبي عبدالله محمد الشيخ المهدي حاكم المغرب أنذاك الذي اعترف بسلطة البرتغاليين على المدن السالفة الذكر والجهات المحيطة بها.

بناء الكنيسة على أنقاض مسجد آسفي الجامع

كان للبرتغاليين نشاط ديني منتظم حتى في الفترة التي لم يكن لهم فيها سوى وكالة تجارية، حيث كان لهم مصلى صغير بداخلها، لكنهم بنوا فيما بعد كاتدرائية لم تزل أجزاء مهمة منها قائمة، وخاصة المصلى الرئيس والمصلى الجانبي الأيمن. ولا شك أن موضوع بناء كاتدرائية قد طرح مباشرة بعد أن استولى البرتغاليون على المدينة، حيث أسسوها سنة 1519م على أنقاض مسجد مدينة آسفي الجامع، الذي هدموه واحتفظوا فقط بمنارته لاستعمالها كمكان يقرع منه جرس الكنيسة، قبل أن يهدموا جزءا كبيرا منها هي الأخرى إثر جلائهم عن المدينة سنة 1541م، ويستخدم ما تبقى لقرون كحمام للنساء سيحمل في القرن 19م اسم حمام لبويبة.

يقول المؤرخ البرتغالي بيدرو دياش في كتابه «البرتغاليون في المغرب عمارة وعمران» إن القائد نونو فيرنانديش دي آتايدي والمراقب نونو غاتو كانا منذ نوفمبر1514م يرغبان في تشييد معبد حقيقي جدير بهذا الاسم، وهو ما لم يتأت لهما إلا بعد أن حل بالمدينة الأسقف جواو سوبتيل الذي كان أسقف آسفي الوحيد الذي حل بأسقفيته. وفي الصيف الذي سبق مجيئه، رفع نونو دي ماسكارينياش رسالة يخبر فيها عن التدابير التي اتخذها لبناء معبد جديد بالمدينة، قائلا إن السماح له بذلك يمثل أعظم هبة يمكن أن توهب له ولمواطنيه الذين قال عنهم إنهم كانوا يعيشون بالمدينة عيشة الوثنيين أكثر منها عيشة المسيحيين. وقد دفع الأسقف جواو سوبتيل مبلغ مائتي ألف ريال إلى نونو غاتو برسم الأشغال، حيث استعمل هذا المبلغ في بناء المصلى الرئيسي والدعامات الاثنتي عشرة لجسم الكنيسة، مما يدفع إلى الاعتقاد بأن الكنيسة كانت تشتمل على ثلاثة أجنحة وخمس قباب أو ست بأقواس طويلة ومصلب أكبر حجماً منها، قد يكون ناتئاً بالنسبة إلى جسم الكنيسة. ويرجح أن باقي الأشغال استكمل اعتماداً على الموارد المحلية وعلى الهبات الملكية.

إن للكنيسة شكلا مستطيلا ذا أضلاع يختلف بعضها عن بعض قليلا، ويبلغ طولها 8.20 أمتار وعرضها 7.20 أمتار، وهذه قياسات أنجزها ميدانيا الباحث والمؤرخ بيدرو دياش. وتبلغ فرجة قوس المصلى الرئيسي 6.20 أمتار، أما القبو فعلى شكل نجمة، بمتقاطعات تامة، برباعيات ومضلعات تشكل تسعة عقود، تحيط ثمانية منها بالتاسع الذي يتوسطها. ويحمل هذا العقد الأخير - وهو أكبر العقود - شعار الملك مانويل الأول، أما العقود الأخرى فعليها صليب جماعة المسيح الكهنوتية، والمحلقة، وأغصان مورقة، وشعار الأسقف جواو سوبتيل، ونجمة، وجانب أملس كان قد سقط فأعيد تلبيسه، وعقد يحيل على ساو بيدرو، وبعض الأغصان المورقة على العقدين الباقيين.

وتقوم التعاريق الممشوقة على أفاريز هندسية منشورية الشكل، تتكون من فص قصير مستقيم، تليه تقويسة على الطراز القوطي، تنتهي عند عقود السقف. وكما سلف فإن قواعد الأفاريز الثمانية توجد كلها على مستوى واحد، ما عدا الإفريز الذي يلي القوس المتقاطع. بذلك يتكون في الأعلى قبوان زائفان تنفتح في الثاني منهما نوافذ واسعة قد جرى طمسها فيما بعد حين أحاطت الدور السكنية بالكنيسة وطوقتها من كل جانب.

أما المصلى الجانبي الأيمن فقد اندثر قبوه، حيث لم يبق منه إلا أصول التعاريق، في نسق مختلف عن نسق المصلى الرئيسي، حيث تقوم تعاريق كل مجموعة على إفريز واحد، لا على إفريزين. والأفاريز نفسها جميلة الرسم، على شكل أهرام مقلوبة بتاجين ومتكأ مقطوع. وأما قوس المدخل فيقوم على أعمدة صغيرة تستند إلى الحائط بشكل ملتوٍ يذكر بأعمال بويتاك في كويمبرا.

ما يشبه الخلاصة

يبدو واضحاً مما سبق أن الفنون المحلية لم يكن لها أي تأثير في المعمار الديني الذي اعتمده البرتغاليون بمدينة آسفي، ويفسر بيدرو دياش ذلك بكون القيمين على الأشغال وبعدهم المعماريون الذين كانوا يضعون التصاميم ويفرضون أنماط البناء ويطبعون بالفعل المشهد الفني، كانوا يشتغلون أساسا فوق تراب المملكة البرتغالية، وقد بعثوا إلى شمال أفريقيا بصفة مؤقتة من دون أن ينقطعوا عن التنقل بين البلدين، هذا مع العلم - وهو ما أشار إليه عرضاً وبشكل غير صريح بيدرو دياش في كتابه - أن كاتدرائية آسفي بنيت أساسا على أنقاض مسجد مدينة آسفي الجامع الذي خربه البرتغاليون.

  • ملتقى

مصر تحتفل بشاعر القطرين

صاحبت الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي إلى دبي حيث عقد أول ملتقى دولي للشعر هناك وكان هو أحد أعضاء لجنته المنظمة، ورافقته في القاهرة وهو يتأهب لافتتاح الدورة الثانية لملتقى الشعر العربي التي حملت اسم شاعر القطرين خليل مطران، وبدأت بعاصفة ضد حجازي من بعض شعراء قصيدة النثر الذين راهنوا على فشل الملتقى الذي يرأسه وقرروا عقد مهرجان بديل في نفس يوم افتتاحه بمقر نقابة الصحفيين مما جعل علي أبو شادي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة.. راعي الملتقى ومنظمه، يذكر في حفل الافتتاح: بعد ساعات وعلى مسافة قصيرة من هنا، تبدأ فعاليات الملتقى الدولي الأول لقصيدة النثر الذي تنظمه اللجنة الثقافية بنقابة الصحفيين ويروج له البعض على أنه احتجاج عملي على غياب شعراء النثر عن ملتقانا هذا، وما أظننا والقائمين عليه نقصد ذلك. ولأننا في المجلس، كما في الملتقى نؤمن بالتنوع وبالتعددية ونحترم حق الاختلاف، وننفتح على كل الأطياف والتجارب والأصوات الشعرية، فإننا لا نملك ترف تغييب فصيل شعري أو تجاهله مادام يمثل حقيقة إبداعية على أرض الواقع.

ومما ضاعف من غضبة الشعراء من حجازي الإعلان في آخر أيام الملتقى عن فوزه بجائزة القاهرة للإبداع الشعري التي توجهت في الدورة الأولى إلى الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، على الرغم من أن حجازي لم يكن عضوا في لجنة التحكيم التي اختارت الفائز والتي رأسها الدكتور عبدالسلام المسدي وضمت الدكاترة: علي جعفر العلاق، ومحمود الربيعي، ومحمد حماسة عبداللطيف، ومحمد عبدالمطلب، فضلا عن الشاعر فاروق شوشة.

وكان سبب الاعتراض هو كيف يكون حجازي رئيسا لهذا الملتقى وتتوجه إليه جائزته؟

وتعليقاً على هذا يذكر حجازي أن الخلاف هو طبيعة الحياة وأنه شخصيا اختلف مع العقاد في بداياته لكنه أعاد له الاعتبار بعد ذلك وحياه في أكثر من مناسبة.

ويوضح مقرر لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة أن هذا الملتقى إلى جانب حرصه على تقديم صورة دقيقة للمشهد الشعري الآن ولحال الشعر في العالم فإنه يحتفي بخليل مطران وعطائه الشعري في إطار الاحتفاء بقرن من التجديد والتجريب في القصيدة العربية.

فخليل مطران أنقى صوت من ذلك الرعيل الأول الذي اعتنق الفكرة العربية وجعلها إيمانا يعلو على كل إيمان، ومطران من بين شعراء هذه الفكرة هو الذي كان فنه وكانت حياته تعبيرا نموذجيا عن إيمانه، كما أن مطران الذي تقطر الوداعة من ملامح وجهه وأطراف أصابعه وأبيات شعره هو أعلى الأصوات في جيله وأكثرها نبلا وكبرياء في الدفاع عن الحرية ومقاومة الاستبداد والاستهانة بالمستبدين، وهو أكثر شعراء جيله انشغالا بقضية تجديد الشعر العربي وأوضحهم فكرا حول وسائل هذا التجديد وغايته، كان أيضا من بين أكثر شعراء جيله انشغالا بقضية المحافظة على أصالة هذا الشعر وتقوية الأواصر بين المحاولات الجديدة وتراثنا الشعري الشامخ.

القاهرة - مصطفى عبدالله

 




شعار العاصمة





من مشهد الاحتفالية





عرض للفرقة في غزة





د. هشام جعيط





 





جانب من المشاركين في ملتقى القاهرة الدولي للشعر العربي