إلى روح والدي الحبيب

إلى روح والدي الحبيب

رحمك الله يا والدي العزيز الغالي.

بم أصفك يا كنز المشاعر الرقيقة والعواطف النبيلة؟ يا من كنت تقلق على الجميع ما عدا نفسك، ولا ترتاح إلا إذا اطمأننت علينا جميعًا، ولا يهدأ لك بال حتى تتأكد بنفسك من أن جميع ما طلبناه وسألناه قد تحقق.

لا تشتكي لنا آلامك كي لا تثقل علينا، تشاركنا أفراحنا لتفرحنا وتحتفظ بأحزانك كي لا تحزننا.

لا أنسى نظراتك الحنون بعد أن أنهكك المرض عن الكلام، تلك النظرات الطويلة كأنك تريد أن تشبع منا، كانت أبلغ من أي مقال أو قصيدة سطرتها في أوراقك.

إن المشاعر التي كانت تفيض من عينيك كانت تعصر قلبي عصرًا، إن سمو أخلاقك ومراعاتك لمشاعر الناس جعلاك تتحامل على نفسك في أقسى ظروف مرضك، وحتى لحظات عمرك الأخيرة.

عجيب إصرارك على السلام على الجميع من عمال بسطاء إلى ممرضين إلى أطباء وزوار بالمستشفى، مع الابتسامة الرقيقة اللطيفة التي كانت لا تفارق وجهك حتى مع ثقل المرض وآلامه.

عجيب امتنانك وشكرك لكل من ناولك دواء أو ماء، أو حتى من قام بتعديل وسادتك أو غطاء سريرك.

عجيب صبرك واستسلامك لكل تلك الأجهزة الرهيبة المخيفة، التي كنت أراها كآلات تعذيب بالنسبة لك.

كنت تُحرج بشدة من الناس الذين لا تستطيع يدك المثقلة بالمرض رفعها لهم.

والدي العزيز، استرح الآن، لا تقلق ولا تحمل همنا.

أما نحن فيتولانا الله برعايته بعد رحيلك، ويلهمنا الصبر والسلوى بعد فراقك.

اللهم إن رسولك - عليه الصلاة والسلام - قال: «إذا أحب الله عبدًا جعل محبته في قلوب الناس». ولم أر أحدًا عرفك إلا وأحبك، اللهم أحبه.

اللهم إنه كان رحيمًا فارحمه.

اللهم إنه كان ودودًا فودّه.

اللهم إنه كان كريمًا فاكرمه.

اللهم إنه كان صبورًا فامنحه درجة الصابرين.

اللهم إنه كان حييًا فأحبه وارض عنه.

جنوب عبدالله زكريا الأنصاري