حكاية الرجل الذي تعلم العربية

حكاية الرجل الذي تعلم العربية لأنها اللغة التي تحدى بها عبد الناصر الغرب ومستقبل إسلام أوربا في مجلة العربي

حين يسأل الدكتور صاعد تشونغ جيكون أستاذ الأدب العربي في جامعة بكين عن أسباب اتجاهه في شبابه لتعلم اللغة العربية وآدابها فإنه بلا تردد يقول لأنها اللغة التي قال بها عبدالناصر لا متحديا الغرب. وبسبب "لا" عبد الناصر العربية والمتحدية أصبح الدكتور صاعد اليوم واحدا من أبرز وأعرق دارسي اللغة العربية ومعلميها ومترجميها في الصين، وفي بيروت يلتقيه الدكتور بسام بركة ليجري حوارا مميزا عن تاريخ مشترك للثقافتين العربية والصينية في باب "وجها لوجه" الذي تنشره مجلة "العربي" في عددها الجديد (مايو2012).

ما يقوله الدكتور صاعد يكشف كيف كانت المنطقة العربية يوما ملهمة بعروبتها وثقافتها الإسلامية، ولكن ليس هذا هو الحال اليوم مع الأسف، ولهذا يواجه اليوم مثلا مسلمو أوربا الكثير من المشكلات والعقبات، في مناخ مختلف ومعاد للثقافة الإسلامية، كما يرصدها الدكتور سليمان العسكري في حديثه الشهري بعنوان "مستقبل الإسلام الأوربي" موضحا أن مستقبل الإسلام في أوربا مرهون بمستقبله في بلاده، والعمل على احتواء المسلمين لأزماتهم مع الآخر يبدأ بنهج الصراحة مع الذات أولا لكي تطغى سلوكيات فردية ومتعصبة ومتطرفة على صورة مثالية لدين عالمي قائم على احترام القيم الإنسانية. ولكن من جهة أخرى أيضا يرى العسكري أنه لما كان المسلمون يشكلون المجتمع الديني الثالث في أوربا فإن الإسلام الأوربي عليه أن يتكيف ويستوعب التطور الاجتماعي الثقافي الذي انجزته أوربا ضمن ثلاثة أطر: التسامح الديني والتعددية والعلمانية أي الفصل بين الدين والدولة.

و"العربي" في عددها الجديد ومن واقع اهتمامها بالمتغيرات العربية الجديدة تتوقف أمام ظاهرة ضعف اللغة العربية في مواطنها بسبب موجات استخدام الكلمات الغربية في الإعلام، ولدى قطاع كبير من المتعلمين أجنبيا، وهو ما يفصله الأكاديمي ووزير الثقافة الجزائري الأسبق د. محي الدين عميمور في مقال لافت بعنوان "راهن اللغة العربية في أوطانها.. حكاية غنيمة الحرب"، والتي يرى أن أحد أبرز أسبابها غياب الإرادة السياسية الجماعية ونقص الوعي القومي في جل المستويات مؤكدا أن "الطبقة السياسية، سلطة ومعارضة، لم تدرك، كما لم يدرك المجتمع المدني والنخبة المثقفة أن اللغة الوطنية، بالإضافة إلى أنها خط الدفاع الأول في ميدان الأمن القومي لأي بلد كان، هي أسمنت الوحدة الوطنية التي تعطي لأي بلد قوته الحقيقية في مواجهة الآخر، والتعامل معه بمنطق الندية والتمسك بها في حد ذاته تجسيد لهيبة الأمة وتعبير عن كرامتها ورمز لمكانتها ودعم لإرادتها عندما تتصارع الإرادات الدولية".

ولأجل تحقيق نهضة ثقافية عربية في عصر العولمة ترى الدكتورة ريتا عوض أن الأمة العربية تواجه في هذه اللحظة التاريخية عدة تحديات سياسية وثقافية وأن الاستجابة لها يتمثل في تحقيق انطلاقة حضارية عربية تستند إلى عملية انتقاء بروح نقدية مثقفة ومسؤولة من ماضي هذه الأمة العريقة لتزاوجها مع أفضل ما أفرزته الحداثة في هذا العصر من قيم الحرية والعدالة واحترام حقوق الإنسان والمساواة بين البشر وتشجيع الإبداع وتبجيل العلم وتأكيد قيمة العمل".

وفي مناسبة الذكرى الرابعة والستين لنكبة فلسطين، تتجول العربي في مدينة عكا الفلسطينية، لتقدم لقارئها صورة لمدينة تكسرت على شواطئها الجيوش الغازية حين كانت للعرب جميعا قوة تجمعهم، ولتكشف أن عناية الحكومات العربية بمدنها وتعميرها هو أكبر وأقوى حماية لها ضد أي غزو أو استعمار، وكما يقول كاتب الموضوع تحسين يقين: "فما بين البحر والسور متسع لتأمل تاريخ أكبر كثيرا من المدينة، ولا تبك كثيرا فلن يفيد البكاء ولا تبتئس فلم تضيع أنت المدينة.. هي المدينة مهملة يا رفاق وضائعة يا رفاق".

تحتفي "العربي" في العدد الجديد بالشعر اللبناني مرة أخرى عبر الاحتفاء بالشاعر شوقي بزيع في ملف خاص يشارك فيه كل من السعيد موفقي وصلاح فضل والمنصف الوهايبي.

أما شاعر العدد فتختاره الشاعرة سعدية مفرح فلسطينيا أيضا، وهو الشاعر الراحل كمال ناصر، صاحب ديوان "جراح تغني" والذي عاش منغمسا في الشعر والنضال حتى وفاته في العام 1973.

وفي الأدب تنشر العربي أوراقا أدبية للدكتور جابر عصفور، وموضوعا عن قراءة النص الصوفي للدكتورة هالة فؤاد، وسؤالا هو هل الإعراب حكاية؟ لرياض زكي قاسم. لكنها أيضا تتوقف أمام ما كتبه الكاتب الفرنسي جي دي موباسان عن الجزائر في موضوع للدكتورة سليمة لوكام الباحثة الجزائرية التي تتوقف أمام النظرة الاستعلائية والاستشراقية لموباسان تجاه العرب وتقدم لها قراءة نقدية.

ومن باب الاهتمام بتوثيق التراث الفني العربي والموسيقي على نحو خاص ينشر الفنان والموسيقي إلياس سحاب موضوعا عن مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية التي يرأسها كمال قصار في بيروت الذي جمع مكتبات موسيقية نادرة ليحتفظ بها ومعها قرن من الموسيقى العربية.

بينما يكتب الناقد السينمائي نديم جرجورة موضوعا عن أحوال الفيلم العربي القصير الجديد للسينمائيين العرب الشباب. بينما يختار القصص الفائزة لهذا الشهر في مسابقة قصص على الهواء الأكاديمي والناقد المصري د. خيري دومة، والتي تبث بالتعاون مع إذاعة البي بي سي.

يتضمن العدد العديد من الموضوعات الأخرى والزوايا الثابتة في الفن والأدب والتاريخ والقضايا العامة.





غلاف عدد مايو من مجلة العربي