.. لا أحـَدْ!

 .. لا أحـَدْ!
        

شعر

عَاصِفٌ ليْلي، ومِنْ قَلْبي أرى
فيما يَرى النائمُ، أنِّي
شَجَرٌ في بَلَدٍ
وجُذوري في بَلَدْ 

وبأنِّي حَجرُ الياقوتِ في مَكمَنهِ
وبأنِّي الدُّرُ في خافِي الصَّدَفْ
وبأنِّي موجَة خَجلى تُنَمِّي سُحُبًا
تَتَسَقّاها تضاريسُ الأبَدْ 

وبأنِّي قَادحُ البَرقِ، وذوْبٌ من بََردْ
وشُعاعٌ عَبْقَريٌّ، في احْتمالاتِ النُّطَفْ
وبأنِّي رجْفَةُ الظبيِ، طَريدا
وأسى قلبٍ صَريع ٍ، قْد هَمَدْ.

وأرى فيما يَرى النائِمُ، أنِّي
أبْجَديّاتٌ وأعيادُ ميلادٍ لِحَرفْ
وبأنِّي ذلكَ المَعْنى الخُرافيُّ الذي أوْمَضَ
في أبْهى خَلَدْ

فإذا بي نَقَراتٌ، عَذبَةُ الإيقاعِ
في أطْرافِ دُفْ
وأراني زَهْرةً،
وأراني نَحْلَةً،
وفَراشاً يَتَلظّاهُ الصَّهَدْ
وإذا حَولي رجالٌ منْ رُخام ٍ
يَتَسَلونَ بنقش ٍ

كانَ يوماً في حَجَرْ
وأناسٌ في صُفُوفٍ، ونشيدٌ
يُسكِرُ الروحَ : « مَدَدْ» 

ونِسَاءٌ منْ خَزفْ
غارقاتٌ في بحارِ المِسْكِ، لكنْ
ليسَ للمِسْكِ أريجٌ، وعلى الشُّاطئِ
سَيْفٌ لشهيدٍ، وحَمَامٌ يَذرفُ الدَّمَ بَدَدْ.

وأرى فيما يَرى النائِمُ، أنِّي
بُلبُلٌ غَنّى.. وغَنّى، واعْتَكَفْ
وبأنّي غارقٌ في ابتهالاتِ مُحيّاكِ
وأحْزاني الصَّحارى دونَ حَدْ

وبأنِّي طَرفُكِ الناعِسُ عندَ الصُّبْحِ
صَلىّ، وارتَجَفْ
وبأنِّي صِرتُ عَبْدًا، ومَلاكاً،
وأسيرًا لغوَاياتِ الجَسَدْ

ثُمَّ أنِّي في عَذابٍ لمَخاض ٍ، كُلُّهُ
كانَ جَوابًا، لسُؤال ٍ منْ زَبَدْ

وبأنِّي كُلَّما فَاضَ بيَ الشَّوقُ
تَوزّعْتُ على البُعْدِ نُتَفْ
ذاهِلا أجْري.. وأجْري
ناكِرًا كُلَّ تَواريخي، كأنِّي
في زحَام الكَوْنِ هَذا.. لا أحَدْ!.

 

علي عبدالله خليفة