عزيزي القارئ

 عزيزي القارئ
        

الذين أحسوا بالبسطاء

          البسطاء هم ملح الأرض ووقودها، عشبها البري المتشابه، وتاريخها غير المدون. فهم كثيرون لدرجة أنهم بلا ملامح، ومنتشرون حتى أن أحدًا لا يراهم، ومع ذلك فهم المادة الأساسية للحياة، إنهم نحن وأنتم والعديدون مثلنا، لا نملك من إرث الأرض إلا حرصنا على مواصلة الحياة، فالكون بالنسبة للبسطاء كون متغير، مليء بالصعاب والتحديات، فهم يعيشون في سعي دائم من أجل تغيير وضعهم وطبقتهم ومحيطهم، ينجحون أحيانًا ويخفقون أحايين، ولكنهم لا يكفون عن التطور، لأن رحلة الطموح القاسية تعيد صياغتهم من جديد، إنهم يمتلكون حق التغير في مواجهة حق الثبات الذي تتمتع به الطبقات العليا.  منذ عقود قليلة تم اكتشاف البسطاء، اكتشاف الأمم والشعوب، التي تكون سداة الحياة ولحمتها، وتوجهت إليهم أخيرًا أنظار المؤرخين والشعراء والكتاب والفنانين. قبل ذلك كان تاريخ العالم وآثاره ونصبه التذكارية وقفًا على السادة والنبلاء. و«العربي» تقدم في هذا العدد ملفًا عن هؤلاء الذين كتبوا للبسطاء، وأحسّوا بهم وشاركوهم معاناتهم، شاعر الهند العظيم رابندرانات طاغور، والقصّاص المعرف يوسف إدريس، والشاعر الكويتي فهد العسكر، وثلاثتهم كانوا من البسطاء ووهبوا لهم كلماتهم.

          وفي هذا العدد أيضا يواصل رئيس التحرير في افتتاحيته الحديث عن قضية الإنسان العربي المهدر، التي بدأها في العدد السابق وهو يناقش هنا إهدار شريحة من أهم الشرائح في تركيبة مجتمعنا العربي، كتلة الشباب الحرجة، التي إذا لم نحسن إدارتها، فسوف تنفجر في وجوهنا، فالبطالة التي تهدر أعمارهم تضعهم تحت طائلة إغراءات التطرف التدميرية، وهو خطر يجب أن نتنبه له جميعًا.

          وتحفل «العربي» أيضا بعدد من المواد المتنوعة، فهي ترحل إلى المنطقة المنزوعة السلاح التي تفصل جنوب كوريا عن شمالها، وهي مازالت من نقاط المواجهة الخطرة في عالمنا المعاصر، وكذلك تلتقي «وجهًا لوجه» مع الموسيقار الشهير عمار الشريعي، كما تقدم قصيدة من عيون الشعر العربي في رثاء أديب سورية القصاص الكبير عبد السلام العجيلي، والشاعر محمد الماغوط وبرفقة القصيدة مقال بالغ الخصوصية عن هذا الشاعر الراحل. وتقدم استطلاعًا مصورًا عن واحدة من أقدم الجرائد الرسمية في الخليج وهي «الكويت اليوم»، التي تحمل صوت الدولة الرسمي، والعديد من القضايا والموضوعات، التي لا نستطيع التعرض لها جميعها، ولكننا نترك لك عزيزي القارئ مهمة اكتشافها.

 

المحرر