تعقيبًا على مقال الدكتور سليمان إبراهيم العسكري - «العثمانيون عائدون»

 تعقيبًا على مقال الدكتور سليمان إبراهيم العسكري - «العثمانيون عائدون»
        

          تعتبر الفضائيات في عصرنا هذا سيفًا ذا حديّن، فهي من الأسلحة الخطيرة المنتشرة في أكثر من غرفة في البيت الواحد، يستطيع عبرها محرك ما يجلس في استديو في مكان ما في العالم، أن يصنع تاريخًا لشعب وأن يخلق له مستقبلاً.

          لقد أدرك الغرب وعبر عقوله، ومنها الكثير مما هو مستورد من بلادنا، أهمية الإعلام، وحول بالتالي الأقمار الاصطناعية، إلى أساليب استخدمها ليصل عبرها المستثمر، السياسي، العسكري، صانع العقل الغربي، إلى عقول البشر في كل أنحاء العالم، يتلاعب بهذه العقول وفي خلال ساعات طويلة، فيدجنها شيئًا فشيئًا لتتحول إلى أتباع يحرّكها كيفما شاء.

          وإن كانت هوليوود قد سبقت الجميع في  غزو العقول، ولحقت بها بوليوود، واليوم «أسطنبولوود»، نتحسّر على وسائل الإعلام العربية التي لم تعد محركاتها عربية، فأمام المنافسة، وأمام فتح شهية المواطن العربي على موائد هوليوود وبوليوود وأسطنبولوود، أقفلت محلات بيع الطعام الإعلامي العربية في برج القاهرة وفي عاصمة الأمويين. ولم تستطع باقي محلات بيع الطعام العربية أن تصل إلى مستوى المنافسة، فأصبحت تابعة طيعة للإعلام الغربي بكل أشكاله، ومنها السياسي (مع ما يحمله هذا من تدجين بطيء للعقول يصب في خانة تحقيق الغايات السياسية للغرب).

          المحرمات هنا، لا يتحملها المواطن العربي، ولا مدارسه وجامعاته، التي من واجبها أن تساند مجتمعاتها بالأجيال الواعية والقادرة على التمييز بين ما هو حق وما هو باطل، (في الواقع فإن هذه المدارس والجامعات أصبحت «يوودية» بامتياز)، والعقول العربية (المثقفة) سقط جزء كبير منها فريسة الثقافة المستوردة، أو لم تعد تستطيع التطور مع الأسلحة الثقافية المستخدمة وبشكل هائل وسريع، فتحول جزء من هؤلاء المثقفين إلى أدوات «لليوودية» بشكل غير مباشر، هذه العقول طبعًا لا تتحمل مسئولية ما يحصل (أساسًا لم يسمح لها الحاكم المستبد صنيعة الانتداب  أن تفكر بحرية)، فإذا أردنا أن نرفع ما يغطي العورة العربية، وجدنا أن هذا المواطن المثقف، هو فريسة قد بيعت في أسواق النخاسة، منذ ما قبل سقوط الخلافة العباسية 1258م، والمشتري إن كان فرنسيًا أو بريطانيًا (سايكس بيكو)، أو عثمانيًا (سليم الأول)، أو مملوكيًا (قطز وبيبرس)، أو كرديًا (أيوبي وزنكي)، أو مغوليًا (جنكيز خان وهولاكو)، أو صليبيًا (البابا أوربان الثاني)، أصبح اليوم أمريكيًا، واللافت للنظر أن هذا المشتري أصبح أكثر ذكاء وأكثر قدرة على صناعة الحدث وكتابة سيناريو المستقبل للشعوب، وبأسلوب بعيد عن مشاهد الحروب القديمة مع ما يرافقها من تدمير وقتل حقيقي وملموس، المشتري اليوم يحارب ويدمر ويقتل من خلال الشاشة الافتراضية، ويصنع دولاً ويخترع الزعماء، بل ويوزع الأقنعة على هذا وذاك (القناع الملائكي والقناع الشيطاني).

          وفي كل هذا المحرك واحد، وهوليوود هي بوليوود وهي نفسها اسطنبولوود.. بل و«أسلاموود»، جديدة بثوبها المصنوع عبر الشاشة الذكية. ومَن يدري، فقد نجد أنفسنا يومًا ما ولدينا تاريخ مختلف. وخليفة لم نكن نعرفه من قبل.. بل ومن يمنع أن تتحول عماماتنا إلى شكل من أشكال «الجوكاندا»، وتاريخنا إلى مسرحية من مسرحيات شكسبير، ومساجدنا إلى متاحف جامدة وباردة وفارغة.. وهكذا نصبح في حي من أحياء نيويورك واسطنبول ودلهي وتل أبيب.

د. طارق شمس
النبطية - لبنان

-----------------------------------

شخص يُسمى لا
أحد
كان يطوف في البلد
ويختفي وراءه
كل فتاة وولد
من كسر الزجاجا؟
وأطفأ السراجا؟
هل أنت يا زياد؟
أم أنت يا سعاد؟
كل يقول: لا أحد
«لا أحد» مسكين
وما له معين
يظلمه الإنسان
وما له لسان
ولا أحد ولا أحد

أبوسلمى