المفكرة الثقافية: مؤسسة الفكر العربي تستحث الأمَّة على النهضة بلغتنا العربية

المفكرة الثقافية: مؤسسة الفكر العربي تستحث الأمَّة على النهضة بلغتنا العربية
        

  • النهوض باللغة يحتاج إلى تضافر جهود التربية والتعليم والإعلام والحكومات العربية معاً

على مدى أكثر من عامين، وفي 11 دولة عربية
قامت «مؤسسة الفكر العربي» بمشروع ميداني بحثي
تُوِّج بالإعلان الذي اتخذ «لننهض بلغتنا» عنواناً له.

          وقد شارك في إعداد هذا الإعلان رؤساء المجامع اللغوية العربية، ونخبة من رموز الفكر واللغة في دول الوطن العربي. وفي مدينة (دبي) بدولة الإمارات العربية المتحدة، وقع عدد من وزراء الثقافة العرب، ورؤساء المجامع اللغوية، ورموز الفكر واللغة والإبداع، هذا الإعلان الذي من شأنه، كما يقول د. سليمان عبدالمنعم الأمين العام لمؤسسة الفكر العربي، إعلاء شأن اللغة العربية.

          وفيما يلي نص الإعلان:

إعلان لننهض بلغتنا

          إن المجتمعين في ملتقى «لننهض بلغتنا» المنعقد في 11 من المحرم 1434هـ الموافق 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2012م في مدينة دبي، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل رئيس مؤسسة الفكر العربي، وأصحاب المعالي وزراء الثقافة العرب، ورؤساء المجامع اللغوية في الدول العربية، ونخبة من رموز الفكر والثقافة وخبراء اللغة يستنهضون همّة الأمة في ما آلت إليه حال لغتها.

          ويشددون على أن اللغة العربية مكوّن أصيل من مكوّنات هوية الأمة، ورمز خالد لانتماء أبنائها وهي التي تمثل ذاكرتها الثقافية والحضارية، وقد أسهمت من خلال حركة الترجمة المتبادلة في إثراء قيم الحوار والتقارب بين الشعوب.

          ويذكرون بأن التاريخ لم يسجل نهضة علمية لشعب من الشعوب بغير لغته الوطنية، ما يجعل من اللغة العربية قضية أمن قومي بلا منازع، وأداة معرفية لا يمكن الاستغناء عنها في أي مشروع عربي للتنمية.

          ويدركون أن موجبات إعلاء شأن اللغة العربية ودعمها لا يتعارض مع اعتبارات الانفتاح على الثقافات العالمية وتعلم اللغات الأجنبية.

          ويدعون إلى ضرورة الوعي بما تواجهه لغة الضاد من تحديات وتعديات، وما تشهده من تراجع يكاد يبلغ حد الاغتراب على صعد شتى: تعليمية وتربوية، وتقنية، وإعلامية، وإبداعية نتيجة لهيمنة اللغات الأجنبية والعاميات المحلية على العربية الفصحى.

          ويعتبرون أن تنوع مظاهر أزمة اللغة العربية يتطلب تنوعًا مماثلاً في خطط حمايتها، والنهوض بها، وتطوير استخدامها لمواجهة متغيرات العصر الرقمي وتقنياته العلمية الحديثة، وبخاصة ما يفرضه التواصل مع شبكة «الإنترنت».

          ويشيدون بكل المبادرات والمشروعات للمنظمات والجمعيات الرسمية والأهلية والخاصة التي تهدف إلى حماية اللغة العربية والارتقاء بها.

          ويستحضرون قرار مؤتمر القمة العربية التاسعة عشرة المنعقدة في الرياض بتاريخ 29 مارس/آذار 2007 حول دور اللغة العربية في التعبير عن الإرث الحضاري وتطوير العمل العربي المشترك، وكذلك قرار مؤتمر القمة العربية العشرين المنعقدة في دمشق بتاريخ 29 - 30 مارس/آذار 2008 الذي شدد على دور اللغة العربية في الحفاظ على الهوية تداركًا لتأثير الضعف اللغوي على عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

          ويثمنون مبادرة مؤسسة الفكر العربي إلى إنجاز مشروع «لننهض بلغتنا» المرتكز إلى دراسة ميدانية واسعة النطاق خضعت للتحليل والدراسة، وانتهت بوضع رؤية مستقبلية عملية للنهوض باللغة العربية صاغها رؤساء المجامع اللغوية العربية، ونخبة من خبراء لغة الضاد، ورموز الفكر والإبداع.

          فإنهم يقدمون إلى المسئولين العرب في شتى مواقع صنع القرار، وإلى المعنيين بشأن اللغة العربية، وإلى عموم الرأي العام التوصيات الآتية:

أولاً: اللغة العربية وتعزيز الهوية والانتماء:

          1 - السعي الجاد والحثيث إلى اتخاذ سياسات لغوية ملزمة مبنية على تخطيط لغوي شامل يهدف إلى إعلاء شأن اللغة العربية في التداول والتعليم وإعادة الاعتبار إليها عن طريق القيام بمبادرات تشريعية وثقافية وتربوية واجتماعية وإعلامية ترعاها الحكومات العربية توجيهًا وتمويلاً، بما في ذلك إمكان تخصيص نسبة من الموازنة السنوية للدولة لدعم اللغة العربية.

          2 - تكريس يوم واحد من العام، وإعلانه يومًا للغة العربية، يُحتفى به على امتداد الوطن العربي، فتُستنهض فيه الهمم والعزائم الداعية إلى النهوض بلغة الضاد، وتقام فيه الندوات والمباريات التي تعزز مكانة اللغة الأم، ولا ضير في اعتماد الثامن عشر من ديسمبر/كانون الأول، من كل عام، ليكون «اليوم العالمي للغة العربية»، وهو ما صادف أن أعلنه أخيرًا المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو».

          3 - إلزام المدارس الأجنبية في البلدان العربية بتخصيص حصص كافية لتدريس اللغة العربية لطلابها..

          4 - اعتماد مبدأ التعريب الشامل، من منطلق المنظار السيادي، إطارًا جامعًا يتمثل في وحدة اللغة والثقافة والانتماء، وانتهاج هذا التعريب في المقررات الدراسية بما لا ينتقص من مستوى التحصيل في اللغات الأجنبية، في المقررات العلمية بخاصة، ودعوة كل المؤسسات العربية لأن تكون مؤتمراتها كلها بما فيها مؤتمرات الشباب باللغة العربية.

          5 - اعتبار تعليم اللغة العربية للأجانب في مختلف البلاد واجبًا وطنيًا يضاهي خدمة العلم ويمكن أن يحلّ محلّها في بعض الظروف مع تهيئة الوسائل والأدوات الممكنة في برامج حديثة لتعليم اللغة العربية وتقنيات متطورة على غرار ما هو معمول به في تجارب بعض الدول التي تعتبر لغتها رمزًا لشرفها القومي.

ثانيًا: حماية اللغة العربية باشتراع القوانين اللازمة:

          6 - وجوب استعمال اللغة العربية في التعامل الرسمي، وفي المجالات الإدارية والتجارية والاقتصادية والتربوية، وفي المعاملات القانونية وغيرها، ودعوة الدول العربية التي لم تشرّع حتى تاريخه، كليًا أو جزئيًا، إلى إصدار تشريعات ملزمة ترمي إلى حماية اللغة العربية، وتفعيل المواد المتعلقة باللغة العربية في الدساتير أو النظم الأساسية للحكم، التي تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلدان العربية، وذلك بإصدار الأنظمة والتشريعات التي تحمي اللغة العربية وتعزز مكانتها في جميع المجالات.

          7 - تفعيل النصوص الدستورية والتشريعية التي تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية وتحويلها إلى منظومة دقيقة وذكية من اللوائح التفصيلية والقرارات ذات الصفة الملزمة التي تفرض تعميم استخدام اللغة العربية في كل الأنشطة والمعاملات، على أن يقترن تطبيق هذه اللوائح والقرارات بجزاءات محددة حال مخالفتها.

          8 - ضرورة أن يقتصر تحرير الوثائق والمذكرات، والسجلات، والمحاضر، والعقود، واللافتات، وأسماء الشركات، والعلاقات، والبيانات التجارية، وبراءات الاختراع، وكل أنواع الإعلانات التجارية، ونحوها، على اللغة العربية، وفي حال التعاملات الدولية لا يغني تحرير الوثيقة بلغة أجنبية عن وجوب تحريرها أيضًا باللغة العربية.

          9 - العمل على تهيئة بيئة تشريعية وقانونية ومالية لإقامة صناعة المحتوى العربي على شبكة الإنترنت، واستصدار القوانين التشريعية والتنظيمية التي تساعد على نموّ هذا المحتوى، وتطوير المعايير والتقانات اللازمة للتعامل مع هذا المحتوى توليدًا ومعالجة ونقلاً واستخدامًا.

ثالثًا: التخطيط المستقبلي في إطار سياسة لغوية واضحة:

          10 - الدعوة إلى إنشاء هيئة تخطيط لغوي عليا تنبثق من اتحاد المجامع اللغوية والعلمية الموجودة حاليًا لتتولى شئون التخطيط والتنسيق بين الأقطار العربية، والرقابة والإشراف على تنفيذ قانون الحفاظ على سلامة اللغة العربية وعلى سياسة تعليم اللغات واستخدامها، واقتراح مشروعات قوانين وأنظمة متعلقة بقضايا اللغة العربية، ووضع تقرير سنوي عن نتائج تطبيق التشريعات اللغوية يُرفع إلى رئاسة الدولة في كل قطر عربي وإلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

          11 - دعوة جامعة الدول العربية إلى تأسيس كيان دولي للغة العربية على غرار المنظمة الفرانكوفونية تكون بمنزلة مظلة لتنسيق الجهود والأعمال بين كل المؤسسات العاملة في مجال اللغة العربية الحكومية والأهلية على أن تتوافر لهذا الكيان رؤية العمل الواضحة، والموارد اللازمة، والصلاحيات الضرورية لوضع الخطط والبرامج الكفيلة بالنهوض باللغة العربية.

          12 - دعوة وزارات التربية والتعليم والثقافة في الدول العربية إلى وضع خطط منسّقة بينها، بالتعاون مع الجهات المعنية الرسمية والخاصة، للتوسع المنهجي في الترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية وفقًا لخطط مدروسة تتفادى الازدواجية والتكرار والتضارب التي تتسم بها العديد من المشروعات الثقافية واللغوية، ووضع معاجم المصطلحات سعيًا وراء إثراء المحتوى العلمي في جميع الميادين المعرفيّة.

          13 - إصدار الحكومات العربية، عبر الوزارات ذات الصلة، القرارات السياسية اللازمة للتعريب، مقرونة بالطلب من المعنيين بشئون التعريب وضع سياسة لغوية وتخطيط لغوي في ضوئها، بهدف توحيد المصطلحات المزمع استعمالها في الوطن العربي، تقوم به المجامع اللغوية والعلمية، بمساعدة الخبراء والمختصين في شتى المجالات.

          14 - تشجيع المجامع اللغوية والعلمية والباحثين المختصين على وضع المعاجم التي تستخلص المشترك والفصيح من مفردات اللهجات المحلية، من أجل تأليف المعجم العربي المعاصر.

رابعًا: اللغة العربية والتعليم ما قبل الجامعيّ:

          15 - تمكين تعليم اللغة العربية في مراحل التعليم كافة، وتكثيفها في رياض الأطفال ومراحل التعليم الأساسي مرورًا بالتعليم الثانوي الممهّد للتخصص الجامعي، والمكلل بشهادة ثانوية عامة لا تغني عنها شهادة أجنبية، وإيلاء العمل على تطوير أساليب تعليم النحو العربي أهمية خاصة وملحّة.

          16 - العمل المنهجي الجادّ في المؤسسات الرسمية والخاصة على تحديث تعليم اللغة العربية، من حيث محتوى المناهج، وترشيقها لتكون أكثر وظيفية، وطرائق التدريس لتكون نشطة تفاعلية مستندة إلى الوسائل التقنية المتطورة، في الحرص على تنمية مهارات الاستماع والتواصل الحيّ مشافهة وكتابة، ولغايات التحليل والنقد والإبداع.

          17 - جذب أفضل الكفاءات إلى مهنة التدريس في مجال اللغة العربية وذلك بشتى وسائل التحفيز، والحرص على إعداد المعلمين في جميع المواد إعدادًا لغويًا صحيحًا، وتدريبهم النوعي المستمر والاستفادة من التجارب المعاصرة الناجحة التي تأخذ بها بعض الدول المتقدمة في هذا المجال.

          18 - التعامل مع تقييم الأداء الدراسي بأقصى درجات المسئولية، باعتماد أنواع التقييم التشخيصي والتكويني والنهائي، وأدواته ووسائل القياس (بنك اختبارات خضعت للتجريب)، ووجوب إنشاء هيئة للتقييم تتمتع بالاستقلالية على غرار ما هو معمول به في تجارب الدول الأخرى تكون مهمتها قياس مستوى الأداء على الصعيدين الوطني والعربي، وصياغة الاختبارات المقننة وتطويرها باستمرار.

خامسًا: اللغة العربية والتعليم الجامعي:

          19 - ضرورة اعتماد اختبار لغوي مقنن متعدد المستويات يقيس درجة التمكن من أساسيات اللغة العربية، واستحداث شهادة كفاية لغوية عربية كالشهادة المعتمدة بالنسبة للإنجليزية Toefl والفرنسية Delf، واعتبار الحصول عليها شرطًا للدخول إلى الجامعة، والالتحاق ببعض المهن والوظائف في الحقلين الرسمي والخاص.

          20 - دعوة وزارات التعليم العالي في الوطن العربي، بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، إلى وضع سياسة وطنية على المستوى العربي، لمعالجة قضايا اللغة العربية في المناهج الجامعية، من حيث الحرص على مواصلة التمكن منها، واستخدامها من أجل تحقيق التعريب التدريجي في التعليم، وفي مقررات العلوم والتقنيات الحديثة بخاصة.

          21 - اعتماد اللغة العربية في التعليم الجامعي، وفي إلقاء المحاضرات بلغة فصيحة ميسّرة، وكذلك في التدريب، وإجراء البحوث العلمية والتجارب والاختبارات، وتأليف الكتب المرجعية المستخدمة في التعليم.

          22 - تشجيع أعضاء هيئة التدريس والطلاب على القيام بالأبحاث، وتحفيزهم على الترجمة من اللغات الأجنبية، واعتماد العربية في جميع وسائل النشر العلمي للجامعات، وفي المؤتمرات، والندوات، وورش العمل، واعتبار الأبحاث بعد تحكيمها مقبولة للترقية إلى الدرجات العلمية.

          23 - استحداث تخصصات علمية ضمن المناهج الجامعية تواكب التقنيات الحديثة مثل هندسة اللغة على نحو يسهم في تطوير تقنيات معالجة اللغة وتذليل العقبات التي قد تعترض تطوّرها على الصعيد التقني الرقمي.

سادسًا: اللغة العربية والإعلام العربي:

          24 - العمل على إصدار ميثاق شرف إعلامي عربي يوجب استخدام اللغة العربية الفصيحة الميسّرة في وسائل الإعلام العامة والخاصة، ويهدف إلى الحد من ظاهرة استشراء التعبير بالعاميّات المحلية.

          25 - ضرورة إنشاء برامج تدريبية مكثفة للإعلاميين، وجعل شهادة الكفاية اللغوية شرطًا لدخول الجدد منهم إلى المهنة، وخلق وسائل التحفيز لمكافأة المجيدين منهم في مهارات التواصل اللغوي.

          26 - العمل على إصدار دليل لغوي للإعلاميين، يخلو مما تمتلئ به المعاجم القديمة والحديثة من استطرادات وتفاصيل وذيول، ويُعنى كل العناية بصحة الكلمة في ذاتها، وصحة استخدامها في سياقاتها المختلفة.

          27 - تشجيع المحطات التلفزيونية، والقائمين على الأعمال السينمائية، على دبلجة الأفلام الدرامية والوثائقية والمسلسلات والبرامج الأجنبية باللغة العربية الفصيحة، عن طريق بذل المحفزات المادية والمعنوية، والإفادة من تقنيات التسجيل التي تسمح بوجود ترجمة عربية فصيحة وميسّرة من ضمن ترجات متعددة اللغات للأفلام السينمائية.

سابعًا: اللغة العربية والإبداع الفني:

          28 - ضرورة قيام الجهات المعنية بإنتاج الإبداع الفني في مجالات السينما والمسرح والدراما التلفزيونية والأغنية بإعادة الاعتبار للغة العربية في ما تقدمه من أعمال.

          29 - دعوة وزارات الثقافة العربية المنظمة لمهرجانات الفنون على اختلاف أشكالها وكل الجهات المعنية الأخرى إلى تخصيص جائزة لأفضل الأعمال الفنية التي تُعلي من شأن اللغة العربية استخدامًا في سيناريوهات الأفلام وحوارات المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية ونصوص الأغاني.

          30 - حثّ الجهات المسئولة عن وضع المناهج التربوية والكتب المدرسية على انتقاء نصوص عصرية جذّابة، تتجلّى فيها سمات الإبداع اللغوي والتفكير الناقد، وتنمّي ذائقة الموهوبين من الناشئة، وتحفّزهم على المحاكاة والإبداع الشخصي.

          31 - إنشاء صندوق مالي لرعاية وتمويل شتّى المنتجات الإبداعية المرتكزة إلى اللغة العربية، وبخاصة ما يقدمه الشباب من هذه الإبداعات.

ثامنًا: اللغة العربية وتحديّات العالم الرقمي:

          32 - العمل المنهجي والدءوب على رقمنة اللغة العربية وإثراء المحتوى العربي عبر إنشاء مركز عربي يُعنى باللسانيّات الحاسوبية، ويحرص على ترسيخ أسس ومعايير تلتزم بها جميع الدول العربية لضمان إنشاء بنية عربية شاملة تدعم جميع المشاريع والمبادرات، وتحول دون ضياع الجهود والموارد المالية في مشاريع متكررة، أو تمنع عملية التكامل في تحقيق الأهداف الرئيسية لرقمنة اللغة العربية، وإثراء المحتوى العربي.

          33 - التشديد على أهمية معالجة مسألة المحتوى الرقمي العربي من خلال نظرة متكاملة، تأخذ بعين الاعتبار طبيعة الخصائص التي تتسم بها البيئة العربية، وطبيعة الآليات المطلوبة لإنشاء المحتوى، وخزنة في المستودعات الرقمية، وتداوله، وعرضه ضمن شبكات المعلومات المحلية، وشبكات الإنترنت، مع الأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الثقافية والقانونية ذات الصلة بهذا الموضوع.

          34 - دعوة الحكومات العربية مجتمعة، وبالتنسيق في ما بينها، لأن تتحمّل مهمة توفير المناخ المناسب لدعم صناعة المحتوى العربي الرقمي من خلال طرح مبادرات عربية متنوعة لرعاية الابتكار في هذا القطاع، ومنح مقاعد دراسية في المؤسسات الدولية الرصينة للمتميّزين في مجال رقمنة اللغة العربية ومعالجة المحتوى الرقمي.

          35 - العمل على مواكبة التطوّر السريع في عالم النشر الرقمي وحشد الموارد اللازمة للاستثمار في هذا المجال الجديد، وتوظيف مهارات الأطفال والشباب في التعامل معه في مجالات التربية (اللوح الذكي)، وكتب المطالعة قراءة واستماعًا.

معرض: أعمال الفنان التشكيلي عبدالقادر الريس:
الإنسان أسير لماضي طفولته

          استضاف متحف الشارقة للفنون في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2012، فعاليات الدورة الثالثة من معرض «علامات فارقة» الذي تنظمه سنويًا إدارة متاحف الشارقة بهدف الاحتفاء بالفنانين التشكيليين الرواد ممن أسهموا من خلال أعمالهم في تطور الحركة الفنية في المنطقة ونقل هذه التجارب الناجحة للجمهور.

          وخُصصت الدورة الثالثة من المعرض للفنان التشكيلي الإماراتي عبدالقادر الريس، الذي يعتبره كثير من النقاد «رائد الألوان المائية في الفن التشكيلي الإماراتي». ويضم المعرض مجموعة كبيرة من أعمال الريس التي يغلب عليها شغفه الكبير بالتاريخ والتراث، وعشقه لرسم البيوت القديمة وأبوابها بشكل خاص، وبراعته في تصوير الحنين للمكان، وتسجيل اللحظات، كما ترصدها عدسة مصور مبدع.

          وقالت منال عطايا، المدير العام لإدارة متاحف الشارقة: «يملؤنا الفخر ونحن نستضيف أعمالًا إماراتية، لها بصمات موغلة في التراث، والمجتمع، والعمارة، والبيئة، وتظل لوحات الأبواب التراثية الأكثر حضورًا بين أعمال الفنان عبدالقادر الريس، وهي تختزل الكثيرمن المعاني التي حرص على إيصالها للجمهور».

          ولد الفنان عبدالقادر الريس عام 1951 في دبي، ومارس الرسم منذ طفولته، ومع الأيام تطورت أعماله وتنقل بين مدارس فنية شتى، فتأثر بدايةً بالأطروحات الكلاسيكية والرومانسية في منتصف الستينيات من القرن العشرين، والتي صبغت لوحاته بالألوان الداكنة المعروفة في عصر النهضة وخاصة البني بدرجاته، ثم تحوّل إلى المدرسة التأثيرية أو الانطباعية بعد سنوات قليلة، والتي جعلت لوحاته تتحول نحو الأزرق المشوب بالخضرة، قبل أن تتبلور شخصيته الفنية ويصبح له أسلوبه الخاص منذ نهاية السيتينيات من القرن الماضي. وبعد إقامة معرضه الفني الأول في دبي عام 1974، توقف مدة 12 عامًا عن الرسم، هجر خلالها الريشة والألوان بعد أن أصيب خلالها بحالة من الملل مما يجري على الساحة من أحداث فنية، كما قال. وفي عام 1986 بدأ يسترد نشاطه ومستواه السابق، ولكن هذه المرة تحت عنوان جديد اسمه «التجريد» كنوع من التحدي لكل من قال إنه لا يجيد سوى رسم الأبواب القديمة، والبيوت الآيلة للسقوط، والأشجار الذابلة.

          تميزت أعمال الريس، المعروضة في «علامات فارقة»، باستخدام الألوان المائية في اللوحة الزيتية بكل حرفية وإتقان. فقد أحب الطبيعة بكل تفاصيلها: بصخورها، وجبالها، وأوديتها، كما عشق تراث الآباء والأجداد، ووجد نفسه تنساق للبيوت القديمة وما تحويه من تفاصيل دقيقة في أبوابها وشبابيكها. وقد أخذت لوحات الأبواب بُعدًا فنيًا ونفسيًا وماديًا في أعماله، فالباب رمز ومعنى وذكرى للدخول إلى عوالم ومتاهات، وقد يتحول إلى أمن ورخاء، بما فيه من جمال الألوان والتصميم، وقد نجد أبوابًا أخرى مقفلة، وكل ذلك يعكس حالة الفنان النفسية والشعورية التي يمر بها.

          يؤمن الريس بمقولة أن «الإنسان أسير لماضي طفولته»، لذلك يحرص على رسم اللوحة البصرية الآخاذة التي شاهدها خلال طفولته، حيث البيوت العتيقة، والرمال، والبحر، ومراكب الصيادين، فهو يعتقد أنه يدين لهذه المشاهد القديمة، التي تدفعه إلى الرسم بقوة. وتشكل أعماله تجربة بصرية فريدة من نوعها، حيث يعيش مع الأبواب، والنوافذ، والسفن الخشبية، وعناصر العمارة التقليدية بخطوطها ومربعاتها الهندسية، التي تعبّر عن ذاكرة المكان، وتفاصيل الوطن، وعن ذلك يقول: «أعشق العودة إلى البيوت القديمة بتفاصيل عمارتها ونتوءات خشبها المهمل، كما تأسرني الأبواب بشكل خاص».

الشارقة
حسام فتحي أبو جبارة

احتفال: يوم للمترجم كل عام في مصر

          جعلت مصر من 15 أكتوبر.. يوم ميلاد الشيخ رفاعة رافع الطهطاوى في عام 1835 يومًا للمترجم استحدثه المركز القومى للترجمة في عهد مديرته الجديدة الدكتورة كاميليا صبحى، أستاذ الأدب الفرنسى بكلية الألسن والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة في مصر، وقد أوضحت في حفل افتتاح الدورة الأولى في المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، أن العالم يحتفل بيوم الترجمة سنويًا ولكن أحدًا لا يلتفت إلى المترجم الذي تقوم على عاتقه هذه الرسالة التي تمد الجسور بين الثقافات والحضارات وبين أبناء اللغات المختلفة.

          وكان المركز القومى للترجمة، الذي بادر بتدشين هذا اليوم وتعهد بإقامته سنويًا في ذكرى ميلاد مؤسس مدرسة الألسن الشيخ رفاعة الطهطاوى، قد أكد على أنه لن يستأثر وحده بكل فعاليات يوم المترجم، بل سيطلق الحرية لجميع المؤسسات، والهيئات الثقافية، والجامعات المصرية، والمراكز الأجنبية المعنية بنشاط الترجمة سواء من العربية أو إليها للمشاركة شريطة أن تفيد المركز القومى للترجمة ببرامجها التي يجب أن تقام في يوم 15 أكتوبر من كل عام.

          وقد شاركت 24 هيئة ثقافية في الاحتفال بيوم المترجم هذا العام في مقدمتها: كلية الألسن، كلية الآداب بجامعة القاهرة، جريدة «أمواج سكندرية»، مكتبة الإسكندرية، مركز جامعة القاهرة للغات والترجمة، الجمعية المصرية لإدارة تكنولوجيا المعلومات، المعهد الثقافى الإيطالى، الجامعة الفرنسية في مصر، معهد ثربانتس، مركز يونس إمرة للثقافة التركية، فضلًا عن: الهيئة المصرية العامة للكتاب، والمجلس الأعلى للثقافة، وصندوق التنمية الثقافية، وهيئة قصور الثقافة، والدار المصرية اللبنانية، وكلمات عربية للترجمة والنشر، والمجلس التأسيسى لنقابة المترجمين واللغويين.

          وكذا وسعت الدكتورة كاميليا صبحى دائرة الترشح لنيل جائزة رفاعة الطهطاوي السنوية، التي تبلغ قيمتها 100 ألف جنيه، بحيث لا تقتصر فقط على أفضل المترجمين الذين نشرت أعمالهم في رحاب المركز القومى للترجمة، وإنما تشمل أهم المترجمين على مستوى الوطن كله حتى ولو كانت أعمالهم صادرة عن دور نشر خاصة أو مراكز بحثية أو جهات أكاديمية، فضلًا عن استحداث جائزة جديدة لشباب المترجمين دون الخامسة والثلاثين تبلغ قيمتها 25 ألف جنيه تمنح لأول مرة في مارس المقبل.

          وأضافت أنها تأمل، بدءًا من العام القادم في أن يمنح المركز جائزتين في الترجمة إحداهما للنصوص الإبداعية والأخرى للنصوص التقنية.

          كما دعت المترجمين إلى اجتماع بالتعاون مع لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة لعقد أول جلسة تأسيسية لرابطة تضم المترجمين وتُعنى بشئونهم وربما تكون اول محفل يتم من خلاله تقنين مهنة الترجمة وإرساء قواعدها ولوائحها.

          وأشارت مديرة المركز القومي للترجمة إلى اعتزامها إطلاق أول قاعدة بيانات للمترجمين العرب على الموقع الإلكتروني للمركز لا تقتصر فقط على المترجمين التحريريين بل تمتد إلى كل من يمارس نشاط الترجمة سواء أكانت ترجمة فورية أم تتبعية، علمية أم أدبية أم ترجمة في المجالات السياسية والاقتصادية، وفى هذا الإطار أوضحت أن المركز سيعتني خلال الفترة المقبلة بنشر دوائر المعارف والموسوعات نظرًا لأنها تعتبر أداة رئيسة بالنسبة لعمل المترجم وللقارئ الذي يتصدى للاطلاع على الكتاب الأجنبى في لغته الأصلية.

          وأكدت الدكتورة كاميليا صبحى أن الترجمات العديدة التي أسهمت في تكوين ثقافتنا ومعرفتنا لم تصنعها عصا سحرية، وإنما كان خلفها مترجم، بالإضافة للدور المحورى الذي قام به المترجمون في التعريف بالأديان السماوية ونشرها من خلال ترجمتهم للكتب المقدسة، كما أن المترجم كان أحيانًا بمنزلة كاتم أسرار عليا كما كان شاهدًا على التاريخ وهو يُصنع، ولولاه ما تمكن هؤلاء الرؤساء من التواصل ولما اتخذت القرارات.

القاهرة: مصطفى عبدالله

 

 

   




الأمير خالد الفيصل





 





 





 





 





تكريم د. جابر عصفور مؤسس المركز القومي للترجمة





وزير الثقافة: تكريم شباب المترجمين