عزيزي القارئ: عام طه حسين: الحرية أولاً

عزيزي القارئ: عام طه حسين: الحرية أولاً
        

          مازلنا بعد أربعة عقود من رحيل طه حسين ننادي بما نادى به طيلة حياته، ومازالت سيرته تلهم الكثيرين، سيرة المقاومة والإصرار، وإتاحة العلم والمعرفة، والبحث الذي لا يكل ولا يمل، لذلك لا يكون خارج سياق «العربي» أن تكرس هذا العام للاحتفال بذكراه، عبر قراءة أوراق مفكرين ونقاد يستعيدون قبسًا من روحه الوثابة.

          وفي ظل ما يمر بالوطن العربي من تحديات، يعلو ذكر الدلالة الفلسفية للحرية كما اكتملت في ذهن طه حسين، الذي شعر على نحو أن عليه مقاومة شروط الضرورة، ابتداء من الفقر وانتهاء بآفة العمى التي جرّها عليه الجهل، الذى أناخ بكلكله على البيئة التي عاش فيها وليدا يرى، وصبيا أفضى به العلاج الجهول إلى العمى.

          من هنا تبدو الوثبة الثقافية والأدبية للعرب، سواء في وطن طه حسين؛ مصر، أو في منطقة الجزيرة والخليج العربي - أو في بلاد الرافدين والهلال الخصيب، أو بالشمال الإفريقي العربي - تبدو رهنا بالمعرفة، التي جلبها هو وسواه، وعمل على تقدمها هو وغيره، لنحتفل اليوم في الكويت بثمار خمسين عامًا من النهضة الثقافية، في الملتقى الثاني عشر لمجلة العربي، عبر شهادات مبدعي هذه النهضة، وقراءات نقاد ثمراتها، التي يشير لها رئيس التحرير في حديثه الشهري. 

          إن المناخ الذي قدم فسحة من الحرية، هو الذي أتاح للإبداع أن يزهر، ولذلك نلح دائمًا على هذه القيمة الأساس في كل تقدم، كما تكشفه رحلة «العربي» الاستطلاعية إلى مدينة صغيرة بالمعنى الجغرافي، لكنها تستمد قيمتها الكبرى من حماية الثقافة وإنمائها.

          حرية المغامرة التي قادها عصفور النار فرنان دي ليسبس لإنشاء قناة السويس، حرية الإبداع في السينما النيجيرية لتكون هوليود ـ أو نوليوود ـ أفريقيا، حرية التفكير التي أتاحت للحضارة الإسلامية الازدهار، حريات كثيرة في هذا العدد، والمهم أن تظل القيمة حية، فهي ما نحتاج إليها في العلوم والثقافة والفنون، مثلما نحتاج إليها في معترك الحياة الصاخب.

 

 

المحرر