المفكرة الثقافية

  • رسالة جامعية: القابض على الجمر ليس كراصده

عرفت الأديبة هويدا صالح في منتصف التسعينيات من القرن الماضي عندما قرات قصص مجموعتها الأولى «سكر بنات» التي كشفت لي عن موهبة واعدة في مجال السرد، تأكدت بدخولها ساحة الإبداع الروائي في عام 2007 بنصها «عُمرة الدار» الذي صدر عن هيئة قصور الثقافة، وتلته بعد عام روايتها الثانية «عشق البنات» في سلسلة «روايات الهلال».

ولكن سرعان ما وجهت بوصلتها نحو الإبداع النقدي الذي قررت أن تتخصص فيه أكاديميًا، فبعد أن جربت أدواتها في عدة بحوث ودراسات مثل: «صورة المرأة في السرديات العربية»، الذي قدمته عام 2006 إلى مؤتمر البشروش في تونس، و«أسئلة القصة القصيرة» لمؤتمر أدباء مصر عام 2007، و«طرائق السرد في الرواية العربية» لمؤتمر الرواية بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة في نفس العام، قامت بإعداد رسالتها لنيل درجة الماجستير من المعهد العالي للنقد الفني حول «صورة المثقف في الرواية المصرية الجديدة على امتداد الفترة من 1990 إلى 2000» وهي نفس الفترة الزمنية التي اختارت أن تدور حولها رسالتها لنيل درجة الدكتوراه التي ناقشتها قبل أيام في نفس المعهد التابع لأكاديمية الفنون المصرية.

وعلى الرغم من أن هذه الرسالة حملت عنوان «الهامش الاجتماعي في الرواية من منظور منهج سيسيوثقافي في العقد الأخير من القرن العشرين: الرواية المصرية أنموذجًا»، وأن الباحثة ذكرت في خطتها أنها ستتناول في فصولها المسكوت عنه في وضعية الهوامش الاجتماعية لدراستها سواء كان الهامش الديني المسيحي، أو الهامش الجغرافي المتمثل في القرية في مقابل المدينة، أو الهامش العرقي في حالة النوبيين، وبدو سيناء، أو العشوائيات على تخوم المدن الكبرى، أو المرأة باعتبارها هامشًا بالنسبة لسطوة الرجل، إلا أننا نكتشف أنها انحازت كأنثى إلى بنات جنسها وخصصت لقضية المرأة مساحة كبيرة في دراستها على حساب الاهتمام بالهوامش الاجتماعية الأخرى على الرغم من أهميتها.

ولابد وأن أعترف بأن هويدا صالح لم تقنعني وهي تنفي عن نفسها شبهة هذا الانحياز عندما تقول: «لم تكن مهمتي إنصاف المرأة الكاتبة على حساب الرجل الكاتب، بل تفكيك مقولات التحيز ضد النساء، وكشف المسكوت عنه في الثقافة، فلن ينهض مجتمع يعطل نصف قواه البشرية بسبب وطأة مقولات ثقافية تحكم وعيه، وبسبب خطاب ذكوري ينال من نصفه الأضعف، ثمة حقيقة لا يقدر أحد على أن ينكرها وهي أن النساء وقعن تحت وطأة ثقافة ذكورية تتحيز ضدهن عبر مقولات كُرس لها طويلا مرة باسم العادات والتقاليد والعرف وأخرى باسم الدين، وعلى النساء أن يصمتن ويرضين بما يُقدّم لهن من قبل مجتمع الذكور دون تمرد أو احتجاج».

وأرجو ألا يفهم كلامي على انه موقف ذكوري ضد المرأة، فأنا من أشد المحتفين بالنساء المبدعات ولكن اعتراضي ينصب على المنهج، فقد همشت الباحثة في رسالتها جميع مظاهر التمييز في المجتمع من أجل أن تعطي لتهميش المراة دور البطولة، وهي تعترف في تقديمها لرسالتها بأنها حين اختارت قضية مهمة مثل قضية المهمشين في الأدب كانت لديها طموحات كبيرة في أن تستقصي الهوامش الاجتماعية المختلفة وتجلياتها في السرد الروائي، انطلاقا من إيمانها بأن الرواية صوت الشعوب وتاريخهم الحقيقي.

وتقول هويدا: «كانت محاور خطة الرسالة تراهن على استقصاء جميع أشكال التهميش الاجتماعي سواء أكان تهميشا على أساس العرق أو الدين أو النوع، فحددت الهوامش الاجتماعية فيما يلي: الهامش الديني (في مصر تحديدا هو الهامش المسيحي في مقابل المتن أو المركز الإسلامي)، واستخدمت مصطلح المسيحي بديلا عن القبطي دعما لمقولة أن القبطي تعني المصري وليس المسيحي، وأن المصريين كلهم أقباط؛ مسلمين ومسيحيين. كذلك رصدت الهامش الجغرافي سواء أكان البيئات البينية على أطراف المدن (ما سٌمِّي فيما بعد بالعشوائيات)، أو البدو في سيناء وغيرها.

القاهرة: مصطفى عبدالله

  • متاحف: النحت التاريخي في متحف الإخوة عساف

معادلة فنية جديدة، أرست حضورها في حديقة منزل آل عساف فتحولت الى متحف طبيعي «ناطق» يسلبك من واقعيتك، هذه المعادلة رفعت منسوب «العبقرية» الفنية التي يشغلها الإخوة عساف ومنصور وعارف عساف، الذين تحايلوا على الصخور، أخرجوها من عجزها وصمتها، فأعطوها «هوية» جديدة بلون رسام ونحات وممثل وكاتب ومغنٍ، ليقدمها إزميلهم «بمتحفٍ» انصهرت داخله الصخور باللوحات وبألوان الطبيعة فجاءت على شاكلتهم.

حين انشغلت كل أفق الحياة في طرقطات السياسة، كان الأشقاء عساف ينحتون الطبيعة على هيكل «الحرية المسلوبة من قيودها»، إذ وضعوا نحتهم في خدمة قضية ثقافية فنية تنسحب في فضاء سياحي مختلف، يُمكن الزائر من أن يخلع رادء «التشويه» ويرتدي «ثوب» الجمال المنحوت في صخور الطبيعة، في متحف يقدم لك النحت على طبق من أسرار تاريخية يغنيها الموسيقىر الراحل فريد الأطرش، فيأتيه شعر سعيد عقل من خلف ذاك التمثال العملاق، فيتلقفها الفنانان الراحلان نبيه أبو الحسن وشوشو فيسردانها في قالب مسرحي، ولكن هذه المرة على نمطية «نحت» أرتأى من خلاله الاخوة عساف تقديم نموذج فني يراه منصور عساف أنه «خلق فضاء أخر من التعبير الفني وسط الطبيعة».

«متحف الطبيعة» أبصر الحياة عام 1997 في حديقة منزل آل عساف في بلدة الورهانية، في جبال منطقة الشوف بجبل لبنان، سرعان ما تحول الى لوحة جمالية انقَضْت على زحف الإسمنت، إذ نجح الإخوة عساف في تقديم «جمع التاريخ بالحضارة ومد جسور ارتباط مع الأرض التي حاكت الشجر»، هذه «الديباجة» الفنية خلقت توازنًا ثقافيًا في طياته» تمخضت وفق منصور عبر «شخصيات لعباقرة مُنجزة مجسّماتها فعلا، وتلك التي تنتظر دورها وهي تتوزّع بين المتحف الدائم، الذي سيفتتح قريبا في الهواء الطلق، والقسم الآخر سيكون داخل غرف الاستقبال».

هنا تعيش «نزوة فنية» تعانقت فيها الصخور مع إزميل عساف فحاكت شخصية «جبران خليل جبران» يقول عساف الذي طوَع الصخور بين يديه فأخرجها منحوتات يتسابق الجمال اليها، يعمل عساف على خلفية مشروع «وضعنا مجسمه منذ 15 سنة» يقول معرفا عنه بأنه «مؤلف من عدّة بيوت تتوزّع على مساحة تبلغ آلاف الأمتار، مبنية كلها من الحجر اللبناني الطبيعي وبعضها ذات أسقف خشبية، مراعاة لحرمة الطبيعة والجمال، فضلا عن الطين والقش و«الحوّارة» (نوع من الطين الكلسي) وبعض الإسمنت لضمان متانة البناء».يحرص أل عساف على أن يتآلق نتاج إزميلهم في كل مفاصله، إزميل أيقن مرارا وتكرارا أن «النحت» هو لغة اخترقت عالم «اللغات» فوفق ما يشير عارف «أننا عبر النحت تمكنَا من أن نخلق جدلية خطابية بين منحوتات تاريخنا والآخر، يسري عملنا وفق منظومة ركيزتها الأساسية الطبيعة».

لقد أفرج إزميل عساف عن شخصيات تاريخية كانت رهينة «ألأسر» ترافقك في رحلتك داخل حديقة النحت «المتحايل على الآخر» وفق ما يشير عساف وهو ينهمك في إنجاز منحوتة جديدة ستنضم الى زملائها «نبيه أبو الحسن وشوشو وميخائيل نعيمة وعارف النكدي وفيلمون وهبي وسعيد عقل ومايكل دبغي وجبران خليل جبران وميشال طراد والموسيقىر الراحل فريد الأطرش».

أعمال واقعية وكلاسيكية، يتميز بها الأشقاء الثلاثة الذين يعملون ما بين 8 إلى 10 ساعات يوميا في محترفهم الواقع عند الجهة الشرقية للمنزل، بهدف تخليد التاريخ للمستقبل، وفي ذلك يوضح منصور «نحن حريصون دائما على أن تعكس مجسماتنا القيمة الإنسانية لأصحابها، تكريما لهم ولأعمالهم وتضحياتهم. ونحن في عملنا هذا لا ننافس إلا أنفسنا.. دافعنا هو النقص الحاصل في هذا النوع من الفنون، وأن نبقى نعمل في لبنان وللبنان». ما يثير انتباهك وأنت في حضرة الفن الذي يتوافد إليك تارة من جبران خليل جبران الذي يرابض على تلة في إحدى الصخور المحاذية للمنزل، وطورا عبر «شوشو» متبسما، هي الدقة اللامتناهية في تلك المنحوتات التي تحسبها حقيقة، تلمس عبرها الدقة والتفاصيل في العمل وهذا ما يشير اليه عساف «من هذا المبدأ انطلقت فكرة تمثال فريد الأطرش، التي تطلّبت وقتا طويلا لإنجازها قارب السنتين، بعدها قدّمنا التمثال لبلدية مدينة عاليه التي أحبت فريد الأطرش وأحبها».

مجسمات عملاقة تصادفك في منزل أل عساف الذين توارثوا هذه المهنة أبًا عن جد، يقول منصور «تأثرنا بمهنة والدنا الذي نحت تماثيل عدة أبرزها للفنان عارف الرّيس» التركيز على التفاصيل واحدة من تقنيات عملهم باكورته منحوتات عملاقة يعددها عساف: تمثال للفنان الراحل نبيه أبو الحسن ثم آخر للفنان الراحل شوشو الذي استغرق سنة وثمانية أشهر، وبعدها نحتوا وجه الأديب والمفكر ميخائيل نعيمة، «ولعله العمل الأهم كعمل خارجي والأكبر حجما (بارتفاع 5 أمتار وبعرض 7 أمتار وبعمق 2.5 متر في قلب صخر جبل صنين)»، كما يوضح عارف. فيما يلفت منصور «إن الأعمال الكبيرة تعمّر أكثر، فكلما كبرت كلما زادت قدرتها على تحمل الصدمات». ولكن من ناحية أخرى، انسحبت براعة الإخوة عساف في فن النحت على القطع الصغيرة، مع أن عساف يلفت إلى أن القياسات الصغيرة «تسبب آلاما في الرقبة، نظرا لصعوبة التعبير عن التفاصيل الصغيرة في المجسّم». للنحت أسراره عندهم، له «مخارزه» وله «تكعيباته التشكيلية» وفق ما يشير منصور الذي يقول «نعمل شراكة أخوية، شراكة كانت حصيلتها حتى اليوم 25 جدارية ونحو 30 تمثالا نصفيا و8 تماثيل كاملة، تمتاز جميعها بمستوى عال من الدقة والحرفية والموضوعية». وهنا يضيف عساف «معظم القطع تنحَت من الرخام الأشهر في العالم المجلوب من كارارا (في غرب إيطاليا)، «وهو من أصدق أنواع الحجارة، لأنه لا يخدع النحات ولا يخونه.. لجهة فسخ داخلي أو كسر غير مرئي، وكذلك نعتمد على البرونز في التماثيل المقرر نصبها في الشوارع والحدائق العامة».

إذن هوية جديدة للنحت قدمها أل عساف في متحف أنشئ في قلب الطبيعة، فجاء بمنزلة نموذج سياحي أخر يتوق الى تذوقه كل عشاق الفن في وقت ينحرف الفن عن مساره الطبيعي، باختصار منارة سياحية جديدة يمكن أن تتعرف عليها في متحف التاريخ النحتي في الورهانية.

بيروت: رنه جوني

  • جوائز: إعلان نتائج جائزة الشارقة للإبداع العربي

أعلنت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، عن نتائج الدورة السادسة عشرة من جائزتها السنوية للإبداع العربي، التي شارك فيها 285 مشاركًا ومشاركةً، من 18 دولة عربية، حيث توزع الفائزون على ستة مجالات، هي الشعر، والقصة القصيرة، والرواية، والمسرح، وأدب الأطفال، والنقد الأدبي.

ففي مجال الشعر، فاز محمد عبدالله (السودان) بالمركز الأول عن مجموعته «مرثية النار الأولى»، وجاء في المركز الثاني خالد الحسن (العراق) عن مجموعته «ملامح الظل الهارب»، وتقاسم المركز الثالث كل من محمد الحناطي (مصر) عن مجموعته «بعد الفراغ من الجنون»، ومحمد السودي (اليمن) عن مجموعته «في دوامة المنفى». أما في مجال القصة القصيرة، ففاز بالمركز الأول ياسين أبو الهيتم (المغرب) عن مجموعته «على هامش الحكاية - نصوص ميتا القصصية»، وحل ثانيًا حسين محمد شريف (العراق) عن مجموعته «عليك المكوث طويلًا داخل السؤال»، وجاء ثالثًا حسان محمد (سورية) عن مجموعته «أشجار بحاجة إلى قطع».

وفي الرواية، فاز بالمركز الأول محسن الوكيلي (المغرب) عن روايته «رياح آب» وبالثاني محمد الطاهر مناع (مصر) عن روايته «أرض التعاويذ»، وبالمركز الثالث (مناصفة) كل من محمد فاضل عبداللطيف (موريتانيا) عن روايته «تيرانجا»، وباسمة علي العنزي (الكويت) عن روايتها «حذاء أسود على الرصيف». وفي مجال المسرح، نال المركز الأول ياس السعيدي (العراق) عن مسرحيته «ذاكرة الرجال المرقطين"، وبالمركز الثاني شعبان البوقي (مصر) عن مسرحيته «ليلة عبدالله الرضاع والإبل»، وبالمركز الثالث أحمد العبيدي (العراق) عن مسرحيته «نحت بارز».

أما في أدب الطفل، ففاز بالمركز الأول يوسف بعلوج (الجزائر) عن مجموعته «إنقاذ الفزاعة»، والثاني رامز طارق (الأردن) عن مجموعته «أطفال في حب الوطن»، والثالث مسعودة بنت مشري (الجزائر) عن مجموعتها «الطفل والأجهزة». وفي النقد الأدبي، فاز بالمركز الأول علي عمران (مصر) عن دراسته «التقنيات الدرامية في البناء الشعري - دراسة في فاعلية النص الشعري»، وكان المركز الثاني من نصيب لمرابط بن أحمد (موريتانيا) عن دراسته «درامية الشعر العربي: مقاربة لنصوص موريتانية حديثة»، والثالث إبراهيم سند الشيخ (مصر) عن دراسته «التقنيات الدرامية في البناء الشعري - دراسة في شعر صلاح عبدالصبور».

وأكد عبدالله العويس، رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، أن هذه الجائزة تبعث على الاعتزاز والسعادة، وتنم عن الحرص الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة - حاكم الشارقة، لأبنائه المبدعين في الوطن العربي، والالتفات إلى التجارب الأدبية التي من الممكن أن تكون ذات شأن يؤهلها للولوج إلى عالم الكتابة الإبداعية، وهذا ما تؤكده توجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، في تعزيز هذا النوع من النشاط الثقافي من خلال مبادرات تواكبها وتؤدي معناها ومغزاها، كمبادرة ملتقى الشارقة للشعراء الشباب، وملتقى الشارقة لكتاب المسرح الشباب الذي يشد رحاله إلى أرجاء الوطن العربي بغية البحث عن مشروع الأديب العربي، وتكريمه بين أهله وذويه.

وبلغ عدد المشاركين في جائزة الشارقة للإبداع العربي منذ انطلاقتها عام 1997، أكثر من 6260 مشاركًا فاز حوالي 300 منهم بجوائزها المالية، إضافة إلى تكريم مجموعة من المشاركين بجوائز تشجيعية. ويتم طباعة جميع أعمال الفائزين بالجائزة، إضافة إلى حصولهم على مكافآة مالية تتراوح قيمتها بين 3و6 آلاف دولار أمريكي لكل فائز، كما يشارك الفائزون في ورشة عمل إبداعية لتطوير مهاراتهم في مجال الكتابة الأدبية، يقدمها نخبة من الكتّاب والأدباء والأكاديميين العرب.

الشارقة: حسام فتحي أبوجبارة

  • معرض: معرض مسقط للكتاب: رقابة منفتحة وفعاليات منوعة

سعت اللجنة المنظمة لمعرض مسقط الدولي للكتاب في دورته الثامنة عشرة (2013) للخروج من عباءة الانتقادات لبرنامجه الثقافي المصاحب، راميا الكرة في ملعب المؤسسات الثقافية بالسلطنة كالنادي الثقافي وجمعية الكتّاب وغيرها من المراكز الفاعلة، لتحدد ماهية الفعاليات التي تريد تقديمها للجمهور.

وقبل أن تبدأ تلك الفعاليات طفت على فضاءات المعرض حكاية منع كتاب للكاتب سعيد الهاشمي تضمن مجموعة مقالات كتبت خلال فترة الاحتجاجات وأصدرها الهاشمي تحت عنوان «الربيع العماني» لكن تراجع الرقابة عن مصادرته اليوم التالي جعلت منه سلعة مرغوبة ونفدت خلال ساعات. أما زميلته في مجموعة (المحسوبين على الناشطين) حبيبة الهنائي فإن كتابها «العائدون حيث الحلم» فاجأ دار الانتشار العربي بالإقبال الكثيف عليه، ولم يكمل اليومين الأولين من المعرض ليعلن نفاد النسخ، والكتاب يتناول أحداث ترك المؤلفة لموطنها زنجبار إثر الانقلاب منتصف الستينيات والذي دفع ثمنه الوجود العماني والعربي عموما حيث طالت المذابح الآلاف من العمانيين منهيا فترة حكمهم لتلك الجزر الواقعة على سواحل الشرق الإفريقي مئات السنين.

واقترب عدد زوار المعرض في أيامه العشر من حاجز المليون زائر بما اعتبره مدير المعرض يوسف البلوشي نجاحا كبيرا منوها بالرقابة المنفتحة والإقبال الكبير على شراء الكتب، خاصة الإصدارات العمانية التي حققت هذا العام رقما قياسيا مع وجود أكثر من 140 عنوانًا جديدًا وصلت مسقط من 26 دولة.

وقال يوسف البلوشي إن معرض هذا العام شهد حراكا أدبيا وثقافيا متنوعا مع عملية شرائية كبيرة ورائعة في كل المجالات الثقافية والسياسية وغيرها من الأصناف والأجناس العلمية" مشيرا إلى تسجيل تجاوزات من قبل دور النشر لعدم التزامها بالأسعار المحددة، علما أن لجنة التنظيم أدخلت للمرة الأولى الفهرس الإلكتروني الذي يتيح للزوار معرفة تفاصيل الكتاب وسعره.

وتوزعت دور النشر على أربع قاعات هي قاعة الفراهيدي وقاعة أحمد بن ماجد لدور النشر العربية والأجنبية التي عرضت الكتاب العربي، وقاعة العوتبي للمؤسسات والهيئات الحكومية من داخل السلطنة وخارجها، وقاعة ابن دريد لدور النشر العربية والأجنبية التي تعنى بنشر الكتاب الأجنبي.

وتضمن البرنامج الثقافي معرضا فنيا نظمته الجمعية العمانية للكتاب والأدباء شارك فيه مجموعة من الفنانين التشكيليين العمانيين كأنور سونيا وحسن مير ومنى البيتي وبدور الريامي ويوسف النحوي وعدنان الرئيسي وفخراتاج الإسماعيلي، بالإضافة إلى أمسية شعرية شارك فيها كل من خلود المعلا من الإمارات، ودخيل الخليفة من الكويت، والدكتورعارف الساعدي من العراق، وعبدالله العريمي، كما أقامت الجميعة أيضا ندوة السيميائيات بقاعة الفعاليات بمركز المعارض بوجود عدد من الباحثين كالدكتورعبداللطيف محفوظ من المغرب، والدكتورة عائشة الدرمكية، والدكتورة هيام عبدالكريم المعمري من الإمارات، وحافظ امبوسعيدي، والدكتور أحمد يوسف والدكتور محمد زروق من جامعة السلطان قابوس.

وتضمنت ندوة «المكتبات ودورها الحضاري» ثلاثة محاور، الأول قدم لمحة تاريخية عن المكتبات وارتباطها الفكري والحضاري تحدث فيه الدكتور موسى المفرجي عن نشأة المكتبات وتطورها عبر عصور مختلفة، بدءًا منذ الألف الثالث قبل الميلاد امتدادا إلى عصر الحضارة الإسلامية وانتهاء بالعصر الحالي مع الإشارة إلى أهم أشهر المكتبات في العصور القديمة والحضارة الإسلامية. وأشهر المكتبات في عالمنا المعاصر، إضافة إلى المحن والكوارث التي تعرضت لها المكتبات عبر عصورها المختلفة، فيما تحدث أحمد الفلاحي عن الواقع والطموح في مداخلته عن المكتبات العامة والأهلية في عمان، ودار المحور الثالث حول أهمية ودور المعلومات التي تقدمها المكتبات ومراكز المعلومات في تنمية المجتمعات. وقد تحدث فيه الدكتور سالم بن هلال المعمري

ونظم النادي الثقافي ندوة «النسوية في عمان» بمشاركة د.ضياء الكعبي من البحرين، ود.عائشة الدرمكية، وعزة سالمين، وابتسام الحجرية، وحشر المنذري، وعبير المعمرية، ومزنة المسافر، وخالد ربيع السيد من السودان، فيما أقام المنتدى الأدبي جلسة نقدية حول رواية «أم الدويس» للدكتور خالد الكندي قدمتها منى بنت حبراس السليمية، وتناولت الباحثة السليمية الرواية عبر موضوعين رئيسيين هما شخصية المرأة وصورة البطولة المقلوبة، او سلبية المذكر: وفي هذه الجزئية تم تحليل الحضور الكثيف للمرأة في الرواية حيث إن المؤلف لم يكتف داخل بنية الرواية بالحضور العادي والنمطي للمرأة بل إنه قدمها في صورة بطولية معكوسة تبادل الرجل أدوارها تارة وتلغيه تارة أخرى ليبقى في الهامش غالباً إزاء حركة الأحداث في خط سير الرواية التى رسمت لنفسها منحى يجعل العمل البطولي فعلا انثويا بالدرجة الأولى وفي ظروف زمانية ومكانية تصور حالة أمنية مضطربة في الزمن الذي اختاره الكاتب في ثلاثينيات القرن الماضي، وهو ما يعني في المقابل –حسب المعطى النصي- سلب المذكر سماته المميزة وإكسابها للمرأة.

أما الموضوع الثاني الذي ركزت عليه القراءة فهو غائية البناء الروائي، والوسائل التي تم اعتمادها في العمل الروائي لإنتاج رواية تعليمية في الفكرة والتقنية، وقد قامت الباحثة بتتبع وفحص تلك الوسائل. ومنها: الرسوم التوضيحية، المباشرة في الطرح، حشد كم كبير من التفاصيل داخل المتن الروائي، اللغة الرصينة والوسطية في الحوار.وتكاثف حضور الكتّاب العمانيين بشكل يومي لتوقيع إصداراتهم التي شهدت إقبالا لافتا عليها، ومن أبرز الكتب رواية سليمان المعمري «الذي لا يحب عبدالناصر» التي تناولت ما حدث في السنتين الماضيتين من أحداث عربية اجتماعية وسياسية بلغة ساخرة، كما وقع الكاتب عبدالله حبيب على الكتاب الذي أصدرته مبادرة القراءة نور وبصيرة احتفاء بفوزه بجائزة الإنجاز الثقافي البارز التي ترعاها المبادرة والذي صدر بعنوان «ليس من زماننا، عبدالله حبيب». واحتفى النادي الثقافي بعدد من إصداراته الجديدة، حيث أقام بجناحه بقاعة الفراهيدي بمعرض مسقط الدولي للكتاب حفل توقيع للكاتب والباحث عيسى بن سعيد الحوقاني والذي حمل إصداره عنوان «التناص في شعر نزار قباني، دراسة نقدية نظرية تطبيقية»، كما وقع الباحث راشد بن مسلم الهاشمي كتابه «دراسة تحليلية مقارنة لمراحل صيغة الصوناتا حتى المدرسة القومية المصرية»، والجدير بالذكر أن الباحث علي بن حمد الفارسي وقع على كتابه «انبناء قراءة على قراءة .. قشر السفر نموذجا» هذا الكتاب حصل أخيرًا على جائزة المنتدى الأدبي لأفضل إصدار ثقافي في مجال الدراسات لعام 2012م. كما شهد جناح اللجنة الوطنية للشباب حفل توقيع لعدد من إصدارات الشباب العمانيين، واستضافت بجناجها ضمن المعرض مجموعة من أصحاب المبادرات من بينها مبادرة «مدينتي تقرأ».

وشهد المعرض في دورته الجديدة المشاركة الأولى لدار سعاد الصباح، إضافة إلى تدشين أول دار نشر عمانية متخصصة، وهي مؤسسة بيت الغشام للنشر والترجمة التي أعلنت عن نفسها بقوة منذ المشاركة الأولى حيث قدمت 14 عنوانا أنجزت خلال خمسة أشهر منذ بدء عملها متخذة من دعم الإصدارات العمانية هدفا ورسالة، لتوصيلها إلى القارئ، داخل السلطنة وخارجها.

مسقط: محمد سيف الرحبي

 

 

هويدا صالح تبتسم بين أعضاء لجنة المناقشة

 

منحوتات المتحف في صخر الجبل

 

الإخوة عساف في محترفهم

 

الشاعر عبدالله غانم يجلس متأملاً الطبيعة

 

منحوتة جبران خليل جبران

 

 

 

 

 

جانب من أحد أجنحة معرض مسقط للكتاب