عزيزي القارئ: ثورة العلم.. زمن التغيير

التغيير، والعلم، والثورة، مفردات ثلاث يربط بينها - لا مرئيًا - خيطٌ رفيع، لكنه أمتن من أن نهمله. فالتغيير، الذي يعد سنّة الحياة، يتخذ من العلم أداة، ووسيلة، ويأخذ من الثورة حدثًا، ومظهرًا. وحين يتناول رئيس التحرير في حديث الشهر «العلم ومسنقبل العالم العربي»، فهو يتحدث في فضاءين، أولهما قدرة العلم على تلبية نداء التغيير، وقدرتنا نحن على ملاحقة هذا التغيير، ومواكبته، بالتطوير، بدلاً من خسائر التغيير القسري، التي باتت واضحة للعيان.

إن ما كان خيالاً علميًا قبل عقد، أصبح واقعًا يوميًا، لا يثير فقط قدرة اللاهثين على ملاحقته، بل يبرز أسئلة أخلاقية حول جدواه، ومنتهاه، وأخلاقياته بالمثل.

وما كان يرتبط بالأمس بعالم الغير، أصبح مرتبطًا بنا نحن، فلم نعد بهذا العالم المعزول عن كيانات العالم ومؤسساته العلمية، ومنتجاتها، بعد أن أصبحنا مستخدميها، نتصارع لكي نلحق بأحدث نسخ منها، فور صدورها.

واهتمام «العربي» بهذه الثورة العلمية يوازيه اهتمام مماثل بالإنسان، وفي تحقيقها المصور استعراض لفئة من الفنانين غير المشهورين، يسميهم الكاتب برسامي الظل، لنقرأ دورًا مهمًا لهم في توثيق الحياة، التي تأكلها الحداثة، قبل أن تنقرض مساهماتهم اليدوية.

هكذا تحاول «العربي» وتسعى دائمًا، أن تقترح وتقرأ وتدرس الجانبين اللذين تستقيم بهما الحياة، الإنسان من جهة ومنتجاته الفكرية والأدبية والفنية والعلمية من جهة أخرى.

هذا العام اختارت «العربي» أن تضيء أفكار طه حسين مجددًا، مثلما تنشر بالتوازي ملفاتٍ عن أعلام الثقافة الفلسطينية العربية والعالمية، وبعد أن قدمت سميح القاسم وغسان كنفاني ومحمود درويش تهدي قراءها في الذكرى التاسعة لرحيله مسيرة إدوارد سعيد الفريدة، دون أن يقف العطاء المتجدد لهذه الرموز، فيستكمل في عدد لاحق بالرسام الفذ ناجي العلي.

تضيق السطور بما تتسع له الصفحات، ولكنها في المتن، وملحق البيت العربي، دعوة متجددة لقراءة متأنية، في زمن التغيير، عصر العلم، وأوان الثورة.