المفكرة الثقافية

عزيزي العربي

وتريات

صوت الماضي

أغلق حواري لا أريد هلاككم
إن الحوار قذائف الكلمات
أرض المعارك لم يمهد جوها
كيف المشاة إذا هوت طلقاتي
يا أيها الشعب الجميل رويدكم
لن ترجع الأمجاد في لحظات
سدوا الفساد وسددوا خطواتكم
إن الفساد يموت بالخيرات
لا تتركوا الماضي يعيش حياتكم
منه استمدوا قصة وعظات
إن كنت ماضيًا إنني من صنعكم
إن الأسود حصيلة النعجات
لا تصنعوا ماضيًا يعوق بنينكم
فلرب ماضٍ جاء باللعنات
وتذكروا أن الحياة ثلاثة
مستقبل يحوي دماء سماتي
لا تبدأوا المشوار رغم ظروفكم
بمطالب قد تقتل الخطوات
الغرب يغرس في النفوس سهامه
وهناك من يروي الغراس رفاتي
كونوا يدًا ضد الخراب وأهله
كي لا يكون حصادكم حسرات
لا تتركوا بين الأصابع فتحة
فجميع ما يأتي من الفتحات
يا أيها الشعب الصبور سماتكم
تعطي دروسًا تملأ الصفحات
كم جاء من يبغي الفساد بأرضكم
ذاقوا عواقب بغيهم دركات
هذا كتاب الله يحمل آية
فيها معاني الأمن والرحمات
قد قالها الصديق يوسف أهله
تفنى الشعوب لأجلها سنوات
لا تنشروا خوف القلوب وروعها
وضعوا على أوتارها بسمات
مصر البلاد سفينة تجري بكم
والبحر أمواج من الظلمات
أنتم إلى يوم القيامة وحدة
صلوا على من جاء بالصلوات

عصام فؤاد علي السيد - مصر

عذرية الورد

فتاة
نزلنا بها..
الشام فتاة الخيال المجنح..
عذرية الورد
رَوح اخضرار العصور..
***
حمامة أمية
نزلنا بها، فتّحت قلبها مثل عشّ حمام
تعرّت على المسجد الأمويّ
ساحاته، صحنه
كشفت حرقة الأنبياء إلى الله
والفلّ يكسو الجبائن
يزهي الجنائن
يمسح جلد الجروح
***
سماء الفؤاد
نزلنا بها
الليل ثوب جميل
وساحرة عينها
كيما تفّاحة في الفؤاد
السّماء ثلوج الهوى والغرام
ترّج بها وجهنا
***
مقصلة الثلج
نزلنا بها
كلّما قلت أكتب
خانقني الثلج كلّ البياض
يدثّرني العطر
أنت الشام التي رقص الأموي على حجرها
فرحًا، زهوة الزهر كل المسير
***
هل تتغزّل الشفاه?
نزلت بها
الليل يحسو دمشق وتلك العيون..
كلّ ما أكتب الآن
يخضرّ بالحبر يفتح باب اليقين السماويّ
زرقتها عسّلت في عظام الضياء، دمشق
التواريخ والأمنيات الحسان
دمشق الصّفاءات، أنت دمشق أم القلب
يخطئني فمك الحنان
قيل لي: الجمال كثيف، ورمّانة الفاتنات
تولّد شعرًا..
نزارُ: أعنّي على العشق
آه أعنّي على الموت
في قبرها، ساحر الأحورار
نزار: نزار
توسّلت حتى تترّ الدموع
ويطلع من تلّة القلب
فوق جفوني النهار..
***
مكاشفة الأحرف
نزلت بها الثلوج كست أحرفي
فاسبطرت إلى الفكر
حتّى تجيش ببوحي وروحي
وذو السحر فيه بحيراته
والحسان يهمن بأندلس المنتهى
ياسمينك دار، وقبّة مسجدك البارعة
***
استجداء
ونزلنا بها
كنت في داره
كم يحف الهدوء سكينته والنضار؟
نزار.. أعنّي على العشق
والشعر خليّ نزار
أو كن خليلاً لوجدي المثار..
ومينة يغمرني بالجلال
ويعمرني بالقرار..
وطورًا..
تنهد حتّى استوى النّور في شفتيه
وثار، نزار
أعني على العشق
والشعر حبّي نزار
إنّي دمشق الأمومة، إني المسائيّ
إنّي الصباحيّ
إنّي نزار
***
أساطير الحسن
نزلت بها، كلها موعد من ندى
وضفاف عناق
وفتحي يديّ لأحضنها
هربت كالخريدة من إصبعي
حين صارت كتوليبة في نهور العراق
رششت عليها فؤادي حتّى
تمزّق ظل الرؤى الغافيات
وفي ملء ملئي استفاق
ودمشق عصرت بها بالبكاء
وسندسته بعطور احتراق
***
صدرها
نزلت بها يا أخيّ
البساتين ترقص في فرحة
والسماء تكشّف عن صدرها
خجلاً للرفاق..
نزلت بها قهوتي بردت
هذه لحظة من حجاز العيون
الجميلات مثل دبيب الغيوب على جسدي
نقّطت فمها السندسيّ على شفة الوجد
وبهاء خدود لها بغدي
كل يوم أعيشه، أشعر أني الحضارات
لا وجود لقلب يباهله الشوق دون مذاق
لو قدرت دفنت ذهابي في وردة «قاسيون»
وريف دمشق الذي كالمآذن
عاشقة صوت قرآنها
حين يهبط من عسل الحنجرات إلى أذن الاشتياق
***
الحوراء
نزلنا بها لا تقل لي تجلّد
فوجه دمشق يدمّرني
بالصفاء، الحدائق تأكلني في رهافة ذاك الرّهاق
نورها لم يمسّ الظلام
ورعشتها الأغنيات
عريش يزمّلني كي أقبّل عصفورة الشام
أصعد نوارها العاليات
سماوات تاريخها كالمقدّس
مثل البراق.

محمد عادل مغناجي - سورية

رحلة الأندلس والوقت!

تحية طيبة وبعد...

قرأت بإمعان وشغف مقالة السيد إبراهيم المليفي «رحلة أندلسية فوق تقاطعات الزمن» في العدد 637- ديسمبر 2011.

في البدء، أدرك وأقدر الصعوبة التي واجهت الأخ كاتب المقال في تغطية حقبة زمنية مهمة وطويلة وعبر مسافات شاسعة لبلدين في ما يبدو خلال أيام جد قصار، أن السرد التاريخي متوافر في المكتبات والذي يحييه هو وقوف الكاتب على مواقع الأحداث ونقل صورة مفعمة بالإحساس. ويكمن نجاح الكاتب في تفاديه الأسلوب الذي يرد في الكتيبات السياحية.

إن قصر فترة وجود الكاتب في البرتغال قد جعل من الصعب عليه معرفة ما تتميز به اللغة البرتغالية في لفظ الأسماء. فاسم المدينة (Santarem) يلفظ (سَـنـْـتـَـرَينْ) حيث تشبه لفظة الحرفين الأخيرين كلمة (أين) العربية مع تخفيف لحرف النون. عند ورود حرف الـ (m) في نهاية الكلمة فإنها تلفظ (n) مخففة. كما أن ورود حرف علة قبل الـ (s) يجعلها تلفظ شين.

كما تتميز اللغة، في كثير من كلماتها، باختزال لفظ حروف العلة. وعلى سبيل المثال، فإن منطقة (Belem) والمشتقة من اسم (بيت لحم)، مهد السيد المسيح في فلسطين، تلفظ (بْــلَــيــنْ).

وتزخر البرتغال بالأسماء ذات الأصول العربية. فمنها ما زال واضحا اللفظ بعد قرون كما في منطقة (Alcantara) (الكـَـنـْترا) والواقعة عند طرف لشبونة حيث يجزم البرتغاليون بوجود قنطرة في العصر العربي. وعند تجاوز الطريق منطقة (Belem) فان المرء يصل إلى (Alges) (آلــيـش) حيث كانت تتمركز قوات الجيش العربي في معسكرها.

ومن الأسماء التي تأثرت كثيرا بالزمن، هناك (Queluz) (كـَلوُش) حيث يقع قصر وحدائق للعائلة الملكية البرتغالية في منطقة اشتهرت في العهد العربي كـ «وادي اللوز» لكثرة أشجار اللوز فيها.

مع رجائي من القائمين على المجلة توفير مزيد من الوقت للكاتب ليتسنى له تغطية أماكن تشتهر بعمقها الزمني للوجود العربي الإسلامي في البرتغال.

وتمنياتي بمزيد من النجاح.

وليد عبدالمطلب محمد أمين
كشكايش - البرتغال

لا تيأس عزيزي القارئ

السيد رئيس تحرير مجلة العربي تحية طيبة أهديها إليك وبعد..

أستاذي العزيز.. لقد أصبتموني بجرح عميق في صميم قلبي وازدادت مرارة الأسى لدي بعد أن قمتم برفض إحدى قصصي التي بعثتها إليكم بتاريخ 30 / 7 من هذا العام وسببت لي ألما لا يوصف في مشاعري وقتلتم موهبتي، فإذا كنتم أنتم وأنا أعتبركم مرجعًا في تقييم الأعمال الأدبية والثقافية كذلك فما بال غيركم. لقد بعثت لكم برسالة قبل هذه ولم تجيبوا عليها، فأرجو منكم جوابًا صريحا وتفسيرا لذلك. وشكرا.

محمود حسين - العراق

المحرر: هون عليك عزيزي القارئ

نحن لا نهمل أي قصص ترسل إلينا، بل نرسلها مباشرة لمحكمينا الأدبيين من رموز النقد والكتابة الأدبية لتحكيمها وإجازة ما يصلح منها للفوز والنشر في مسابقة قصص على الهواء، فقط لا تيأس وكرر المحاولة فلعل واحدة من قصصك تحظى بالنشر على صفحات المجلة إذا أجازها المحكمون.

وإليكم المقالة

«لماذا ترانا لا نكاد نفتح عيوننا على الدنيا إلا ونحن نبحث بين أكوام البشر عن صديق... في البداية نشاركه اللعب ليس إلا... قد نتقاسم معه شيئاً من الحلوى - إن توطدت علاقتنا طبعاً بشكل مثير - ويكون صديق الطفولة...

فإما أن ينتهي كل شيء على أعتاب الطفولة وإما أن تستمر أرواحنا بالتلاقي فتكون صداقة عمر وشراكة حياة.

والويل كل الويل لمن فتح عينيه فجأة وقد نضج فكره وفاض قلبه فلم يجد حوله بقيّة نفسه!

أي تعاسة وأي شقاء أنت عليهما يا صاحبي?!

ولماذا الصديق؟! ما حاجتنا إليه؟! لماذا لا نستطيع الاكتفاء بذواتنا عن هذا المستبدّ الظالم الذي يأبى أن يمنحنا ترياق سعادتنا ويصرّ على الاختباء خلف أسوار القدر السحيق!

ألا تستطيع آلاف الوجوه المتراكضة أمامنا أن تغني قلوبنا عن ذاك الوجه الفريد الوحيد؟!

ربما لأننا نحتاج إلى وجهٍ وحيدٍ... لا يركض!

لأنّ الكلمات تختنق في الأفواه أحياناً... لأنّ النفوس تستوحش... والقلوب تعتصر... والآفاق تضيق وتطبق...

لأن الخيال يتعطل... والفكر يتسمّر... والعواطف تتبعثر...

لأنك أحياناً تحتاج إلى أذن تسمع فقط دون أن تأمر وتنهى وتوجّه.. تحتاج أحياناً إلى دمعة تذرفها عينٌ لم تخضع لسلطة الوراثة والمألوف... دمعةٌ خارجةٌ عن كل معروف... تشعر بأنّ ذراتها متشرّبةٌ بحبٍّ صاغته الأيام...

تحتاج إلى بسمات بريئةٍ نقيةٍ صافيةٍ في خلوةٍ لطيفةٍ مع هدأة الأسحار تبثّها أرواحٌ تلاقت على الحبّ والودّ والصفاء... فلا حاجة غريزيّة إلى جنس آخر... ولا علاقة تصوغها الاضطراريّة... اضطراريّة الأب والابن أو الأم والبنت... حيث الحقوق والواجبات والشرع الملزم والاحترام المفروض حتى ولو كان الحبّ موجوداً...

هي علاقةٌ لم يفرضها أحد على أحد... سوى حاجة النفوس إلى النفوس... والقلوب إلى القلوب...

الصداقة بمنظوري... خارجةٌ على الضجّة المقيتة... مترفعة عن كلّ مصلحة ومادّة... تتغذى على البوح والهمس الصادق... قوامها آلامٌ وأفراحٌ مشتركة... والآلام قبل الأفراح... لأنها مقياس الوفاء ومعيار الصدق والإخلاص.

فانتظر حتى يعمّ الظلام دنياك... وتنغلق الأبواب في وجهك... وتضيق بك السبل والمسارب...

فإن وجدت يداً من نور تمتدّ إليك... وابتسامة على ثغرٍ تنسيك نفسك... ودمعة خوفٍ في عينٍ مُحِبَّةٍ حريصةٍ على ترتيب أشلائك فاعلم أنك في جنة الدنيا... واحمد الله واسجد له شكراً وامتناناً... لأنك ببساطة... لست وحيداً».

محمد علاء قلعه جي
حلب - سورية

كيف نؤسس مدن المعرفة؟

إلى عناية المكرم/ رئيس تحرير مجلة العربي د. سليمان العسكري.. لكم مني ـ وكل الفريق القائم على بناء هذا الصرح الفخم (مجلة العربي) تحية تقدير وإعجاب.

أود أن أعلق على موضوعكم: «البحث عن مدن المعرفة العربية» العدد 638 - يناير2012م.

إن موضوع تأسيس المدن المعرفية يعد من الأهمية بمكان؛ لاسيما بالنسبة لبلادنا العربية التي مازالت ـ وحتى الآن ـ تحبو في مضمار العلم والمعرفة، والسبب في ذلك أننا مقلدون لغيرنا من علماء الغرب ولسنا مبدعين ولا مبتكرين مثلهم. ألم نلاحظ أننا نسير في ركاب الغرب منذ أن بدأنا نبتعث إليهم البعوث ونرسل إليهم الطلاب، منذ أيام محمد علي باشا وإلى يومنا هذا، دون أن نلمس تغييراً ذا أهمية في مجال العلم والمعرفة في بلداننا، فجميع علمائنا الذين يمموا صوب الغرب قد عادوا مبهوري الأنفاس بما شاهدوا من إبداع فني وأدبي وسياسي وفكري.....إلخ. إلا أن أولئك المبتعثين لم يسألوا أنفسهم السؤال المهم وهو: كيف استطاع الغرب أن يبلغ هذه الدرجة من التطور والتقدم في شتى مجالات المعرفة؟, أحسب أن هذا السؤال كان لابد أن يدور في عقلي إن كنت ممن حظي بزيارة تلكم البلاد طالباً للمعرفة قبل العلم في ربوعها، ومن ثم كان لزاماً عليً أن أبحث له عن جواب أو أجوبة متعددة، والحق أنني ـ بالرغم من أنني لم أحظ بهذا الشرف إلا أنني قد فكرت ملياً في سر تقدم الغرب وتأخرنا، فرأيت أن الغرب لم يسبقنا بسبب تقدمه العلمي والتقني بقدر ما تفوق علينا بسمات علمائه الذين تعلقت أرواحهم وقلوبهم بحب المعرفة، وهامت نفوسهم بعشق البحث العلمي الدقيق؛ لذلك كان لهم قصب السبق علينا وتركوا الأثر العظيم في بلادهم، فهم لم يتعلقوا بالمناصب كحال الكثيرين ممن كان الغرب قبلتهم التي يمموا إليها وجوههم في صلواتهم فراحوا يسبحون بحمد الغرب بعد أن بهرتهم قشور الحضارة والمدنية الغربية، فنقلوا إلينا تلكم القشور وتركوا اللب والروح؛ لأنهم لم يروا شيئًا منها على الإطلاق. وإليكم هذه القصة التي قرأتها في إحدى الصحف العربية حينما كنت في تلك البلاد (بدون ذكر أسماء)، ذكرت الصحيفة أن أحد أساتذة الجامعات كان قد عاد للتو من إحدى جامعات الغرب وهو يحمل درجة الدكتوراه، فوضع مكتبه في حجرة مع أحد زملائه الدكاترة فما كان من الدكتور ـ صاحب الحجرة ـ إلا أن قام بإخراج مكتب زميله من الحجرة فأعادها الثاني مرة أخرى وتكرر هذا المشهد على مرأى ومسمع من الناس الذين رأوا ذلك النزاع بين الرجلين (لا ندري كيف تم حسمه). وفي يقيني أن أولئك لم يستشعروا جمال الروح والعقل في الغرب، ولم يعودوا بشيء من العلم والمعرفة وإنما عادوا وهم يحملون أوراقاً مهرت بالأختام والتوقيعات، ولا شئ غير ذلك.

من هنا أود أن أقول: إن علماء الغرب قد بذلوا الغالي والنفيس من أجل أن يفوزوا بلذة العلم؛ فكانت لهم بصماتهم التي لا تخفى على البشرية جمعاء، بينما أراد طلابنا لذة المناصب واللافتات لا غير، فلم تحقق جامعاتنا شيئاً مما حققته جامعات الغرب التي غدت مراكز للبحث تواصل الليل بالنهار - كالنحل والنمل - بلا كلل ولا ملل. فإن نحن أردنا أن نبني مدناً للمعرفة فعلينا ـ قبل كل شيء ـ أن نغير عقولنا وأفكارنا وأن نتحول من دكاترة إلى طلاب علم وباحثين وأن نعطي للعلم كل شيء ليجود علينا العلم ببعض منه؛ فالعلم لا يعطينا بعضه إلا بعد أن نعطيه كلنا. فالروح المحبة والعاشقة المتفانية هي التي تصنع مدن المعرفة لا الإمكانات الضخمة، ولنا أن نستحضر مشهد علماء الحضارة الإسلامية والعربية وما بذلوه من كد وجهد في سبيل تحقيق أهدافهم وطموحاتهم فجاءتهم المناصب تسعى دون أن يسعوا إليها فزهد الكثير منهم فيها وركلوها بأقدامهم. فأين نحن اليوم من أولئك العلماء الأجلاء الأفاضل؟.

د. حسن ود تليب - السودان

تطوير الأحرف العربية لتتماشى مع العصر

مادمنا نعيش في عصر نأخذ فيه عن الأمم الأخرى.. المتقدمة - بعدما كانت الأمم تأخذ عنّا - سواء بوساطة التعليم.. أو الترجمة، فإن علينا أن نطوّر بعض أحرفنا لتتماشى مع لفظ بعض الأحرف اللاتينية، وذلك من أجل أن نحصل على لفظ ومعنى سليمين. فلم يعد مقبولا مثلا، أن نستعمل حرف (و) مقابل (O.OU.U) واو - اللوز أو الموز وواو «الفول» - أو الحرف (ج) مقابل «G» المصرية اللفظ. والـ (ف) مقابل «V» والـ (ي) مقابل «E» (نعم، بالعامية اللبنانية..).

و(ب) لـ «P» ( ب) لـ «PB» تحضرني هنا حادثة مضحكة: سألت مرة صديقًا كان سابقًا رفيق الأميّة، عن اختزال ب - كان يعني «BP» - ماذا يعني؟ أجابني: «شو.. مِسْتَحْمِرني؟ ب ب يعني بريجيت باردوا!». إن الفارق بسيط بين (ب) و() ولكن لا يوجد أي تشابه أو صلة بين «برتشتروليوم» والممثلة الفرنسبة الشابة في ذاك الزمان وعجوز اليوم، ولكن نقطتين ناقصتين تحت حرف يمكن أن تصنعا العجائب!

الأتراك، قبل تبني الحروف اللاتيني، كانوا يستعملون غ أو - لحرف «G» و«ف » لحرفي «P.V»... إلخ، لأن هذه الألفاظ موجودة أصلاً في اللغة التركية.

حين كان العرب غير مفتوحين على العالم، لم يكونوا يستعملون هذه الألفاظ، أما اليوم فالحاجة ماسة لأجل سلامة النص ودقة الألفاظ!.

موسى حيدر
نيس - فرنسا

ديمقراطيتهم المدججة بالسلاح

السيد رئيس التحرير أسرة تحرير العربي الغراء لكم مني أجمل التهاني أما بعد:

في العدد 633 لشهر أغسطس 2011 قرأت تعليقا للدكتور حسن محمد أحمد محمد على مقال السيد رئيس التحرير «ديمقراطيتهم المدججة بالسلاح» المنشور في العدد 630 لشهر مايو 2011، الذي اهتم بديمقراطية دولة إسرائيل الزائفة القائمة على الاحتلال والقتل والترويع. وقد حزّ في نفسي انبهار صاحب هذا التعليق بتلك الديمقراطية المزعومة، واعتباره ممارساتها القمعية بحق الفلسطينيين دفاعًا عن النفس وحفاظًا على مصالح شعبها، إضافة إلى تبرئته القوى الغربية الاستعمارية مما يعانيه العرب من ضعف وهوان واستبداد. وهما موقفان يجانبان الصّواب لأنهما نابعان من نظرة سطحية متعجلة للأمور.

لقد اكتفى من الديمقراطية ببهرجها الزائف الذي عملت وسائل الإعلام على ترسيخه في الأذهان: بكونها نظام حكم وترشّحات وانتخابات (حرّة أو غير حرّة) فحسب، في حين أنها أرقى من ذلك كثيرًا. إنّ هذا المعيار الذي توسّل به الكاتب لتأكيد ديمقراطية دولة إسرائيل من شأنه أن يجعل النظام النازي المقيت نظامًا ديمقراطيا. فقد ولد من رحم الإرادة الشعبية وصعد إلى الحكم بانتخابات ديمقراطية، كما عمل جاهدا على حماية - ما اعتبرها - مصالح شعبه بقوة الحديد والنار. فعمد إلى السيطرة على الشعوب الأخرى وارتكب المجازر المروعة لتحقيق غايته. لكنه على الرغم من الانتخابات التي أوصلته إلى الحكم، أبغض نظام استبدادي جرّ على الإنسانية وعلى شعبه دمارًا رهيبًا ماديا وأخلاقيا. أبغض نظام استبدادي لا لأنه صعد إلى الحكم بانقلاب عسكري، وإنما لأنه افتقد المبادئ والأخلاق الإنسانية في نظرته إلى الآخر وإنكاره حقّه في الوجود إضافة إلى تعصبه العرقي المقيت. فقد عدّ الشعب الألماني أرقى شعوب الأرض قاطبة. وسعى إلى الحفاظ على ذلك النقاء العرقي المزعوم بإبادة الآخر وتهجيره، والاستحواذ على ثرواته وخيراته.

الديمقراطية، إذن، ليست مجرّد نظام للحكم فقط، بل هي إلى ذلك منظومة قيم وأخلاق نبيلة إنسانية وكونية تكفل الكرامة لجميع الشعوب في كنف الاحترام المتبادل والاعتراف بحق الجميع في الوجود بعيدًا عن التفرقة العنصرية أو الدينية، وعن التعصّب والتزمت. كما أنها تتنافى ومبدأ الاحتلال والعدوان على الآخرين والتوسع في أراضيهم وإنكار وجودهم وهويتهم وارتكاب المجازر الشنيعة بحقهم. فهل تنطبق هذه الشروط على دولة الاحتلال إسرائيل؟.

سامي الحاجي
القيروان - تونس

الكلام الحلو

يعد الكلام الحلو هو سلسبيل الكلام، وأريج المنطق، والعبير الذي ينبع من القلب، ويعبق عن اللسان - وعن القلب أيضًا - فيضمخ فسحات وزوايا المكان والزمان معًا. وللكلام الحلو (مذاق) بيّن ولا شك أوله طعم روحي لذيذ أكيد - فتلتهمه الآذان بنشوة واغتباط إن كان منطوقًا، وتتراقص إزاءه الأعين ببريق واتساع إن كان مقروءا.

وهذا النوع من الكلام مما يمكن أن تسمعه أو تقرؤه قد يخيل إليك أنه يمدّ في مدى الأفق الأزرق الكائن أمامك مسافات زرقاء أخرى، أو يقرّب منك أكثر فأكثر تلة مخضوضرة بعيدة لطالما أدناك منها على الدوام منظرها الآسر، أو يزيد من تفتّح زهرة بديعة تسطع كنجمة على مرمى من ناظريك ودهشتك.

لا بل ربما حلّق بك عاليًا عاليًا، وحملك على جناحيه إلى سطح القمر وأبعد في ليلة مقمرة.

ولو قدّر للجوهرة البرّاقة الثمينة أن تقول كلامًا حلوًا فوق ما هي عليه من شأو، لصارت أكثر بريقًا وأغلى ثمنًا بالنسبة للجميع قطعًا. وإذا ما تسنّى للجبل السامق أن يتلفظ بالكلام الحلو فضلاً عن سموه لغدا أكثر ارتفاعًا في نظر الكل، ولو أنّ النحلة سمعت كلاما حلوًا في مستهل كل صباح لاجتنت عسلاً أكثر، على أساس أنّها كانت ستمر فيما بعد على زهور أكثر.

والكلام الحلو لا يكون كذلك إلا إذا ازدان بالصدق وكان كلامًا مفهومًا بسيطًا عميقًا في آن، وجاء وقد انطوى على الكثير من دفء النغمة ورقّة النبرة، وكلما كان أكثر رقّة كان بالمقابل أكثر قوة ومقدرة.

إن الكلمة الهادئة الدافئة تروض حتى الوحوش الكاسرة وعلى العكس فالصراخ والجفاء في الكلمة يدفع تلك الضواري إلى المزيد من الهياج والتوحش. هذا فيما يتعلّق بالحيوان. أما بالنسبة لبني البشر فإني أكاد أزعم أن أول نظرة إعجاب وتقدير وربما أول ابتسامة أيضًا - كانت من فرد إلى آخر من الآدميين إنما جاءت عقب أول كلمة حلوة فاحت من ثغرٍ ما آنذاك. والنطق بمثل هذه الكلمة الآن ليس صعبًا بالنسبة لأي كان، ونحن جميعًا قادرون على أن نلهج بالكلام الحلو إن رغبنا، وكل منّا تواق إلى سماعه حتمًا. وفي بعض الأحيان يعتقد الآخر أننا في حاجة إلى الكثير من الأشياء والمتطلبات كي نرضى أو نستكين، وفي الواقع لم نكن نحتاج إلا إلى شيء واحد: قليل من الكلام الحلو، أو حتى إلى مجرد كلمة حلوة واحدة فقط لا غير.

ويا حبذا لو شاعت ثقافة الكلام الحلو في كل مكان وفي شتى الظروف والمناسبات، وياليتنا جنحنا على الدوام إلى القول الحسن وحده دون سواه. وعندما نكتب لنكتب كلامًا حلوًا فحسب، هذا إذا كان في مقدورنا كتابة مثل هذا الكلام بالفعل، وإلا فثمة الكثير من الكلام الحلو من حولنا مما يستأهل القراءة والاستطهار حقا. فكم من شاعر مجيد نظم أشعارًا تقطّر حلاوة وطلاوة، وكم من كاتب مبدع ترك تراثًا خالدًا من الكلام الجميل الشهي، ولو كان الكثير مما لذّ وطاب من هذا المكتوب أو ذاك المنظوم قد قيل في السمّ أو الحنظل أصلاً.

جورجينا سلّوم
حمص - سورية