موعد على المريخ عام 2019 سعد شعبان

بعد سبعة عشر عاما، عاودت الولايات المتحدة الأمريكية جهودها لاستكشاف كوكب المريخ. إذ أطلقت سفينة الفضاء "مراقب المريخ"، لتقطع مسافة ستبلغ 725 مليون كيلومتر قبل أن تقترب من هذا الكوكب بعد أحد عشر شهرا. وتأتي معاودة هذه الجهود، كخطوة أولى في إطار هدف حدده الرئيس الأمريكي السابق بوش بجعل عام 2019 موعدا لهبوط الرواد الأمريكيين على الكوكب الأحمر ورفع العلم الأمريكي عليه. ومن أجل ذلك ستتوالى رحلات الفضاء إلى هذا الكوكب واحدة إثر الأخرى، وفق خطة طموح تعيد إلى الأذهان هدف الرئيس الراحل كنيدي في الهبوط على القمر خلال عقد الستينيات.

كوكب أصابته الشهرة

لم يحظ كوكب من كواكب المجموعة الشمسية بمثل ما حظي به كوكب المريخ من اهتمام، سواء لدى العلماء أو عامة الناس.

فقد نسجت حوله الأساطير، وتخيل تلاميذ المدارس، بعض الأحياء ذات الأشكال العجيبة عليه، وحبك كثير من الأدباء قصصا وروايات عن غزو سكان المريخ لأهل الأرض. ومع حلول عصر الفضاء دارت سفن الفضاء حول هذا الكوكب الذي يطلق عليه الفلكيون "الكوكب الأحمر".

ونظرا لما يحيط به من جو شفاف، فقد تمكن العلماء منذ عهد جاليليو من رصد كثير من تفاصيل سطحه. وفي الثلاثينيات طلع على الناس الفلكي الإيطالي "شيباريلي" والبريطاني "لول" بقول خلاصته أن على سطح المريخ شبكة من القنوات ذات تصميم هندسي فيه بعض التماثيل، يرجح أنها شبكة لقنوات ري صنعها عقلاء يسكنونه ويزرعونه. وقوى من هذا الزعم ما لاحظه علماء آخرون من اختلاف لون بعض مساحات واسعة على المريخ، وفسروا ذلك بأنها حقول تغذيها شبكة قنوات الري، وعندما تجنى محاصيلها فإن لونها يتغير. وقد أيدت هذه الظنون حقيقة أن المريخ يتعمم بطاقيتين بيضاوين فوق قطبيه، قالوا إنها جليد، وإذا ما ارتفعت درجة الحرارة تنحسر ألوانها البيضاء وينساب الماء في القنوات التي أعدها عقلاء المريخ.

الاختلاف في غزو الكواكب

بعد أن استقرت تكنولوجيا الفضاء في الستينيات، وحمى وطيس المنافسة بين أمريكا وروسيا في مجال غزو الكواكب وضح اختلاف توجهات كل منهما في هذا المجال فقد استهدفت الاستراتيجية الأمريكية بالدرجة الأولى غزو القمر لكونه أقرب جرم سماوي يمكن أن يعتبر بمثابة باب للفضاء.

بينما انصرفت الاستراتيجية السوفييتية إلى غزو أقرب كوكبين في المنظومة الشمسية وهما الزهرة والمريخ، إذ يبلغ متوسط بعد الزهرة (41) مليون كيلو متر، بينما يبلغ بعد المريخ (79) مليون كيلو متر، ولذلك ظهرت أجيال مبكرة من سفن الفضاء السوفييتية أطلقت نحو الزهرة والمريخ، وبدأ اهتمامهم المتعاظم بكوكب "الزهرة" ثم انصرفوا عنه إلى "المريخ" بعد أن تأكد لهم استحالة وجود نوع من الحياة عليه، نظراً لارتفاع درجة الحرارة على سطحه لقربه الشديد من الشمس.

أما الجهود الأمريكية في مجال غزو الكواكب فقد تركزت على كوكب المريخ وحده.

سفن مارينر تكشف الأسرار

بدأت أمريكا منذ عام 1962 في توجيه سفن فضاء من طراز "مارينر" إلى كوكب المريخ، لتجميع المعلومات عن جوه وتصوير سطحه.

وحتى عام 1973 كان قد تم إطلاق عشر سفن من هذا الطراز، فشلت اثنتان في بلوغه.

وقد زودت سفن "مارينر" بأجهزة تصوير تليفزيونية وأجهزة تسجيل وقياس للأشعة تحت الحمراء، وفوق البنفسجية. وبذلك أصبح لدى العلماء على الأرض حصيلة مكونة من آلاف الصور المأخوذة لسطح المريخ على مدارات مختلفة ومن مسافات متباينة، بما في ذلك المناطق القطبية للكوكب والتي تتعمم بالطواقي الثلجية البيضاء.

وقد أطاحت ملايين الصور التي التقطت لسطح المريخ، بكثير من الافتراضات التي ظنها العلماء عنه من قبل. ويمكن القول إن تطابق هذه الصور بنظام "الموزايك" قد وضع أمام العلماء خرائط تغطي 15 % من سطح الكوكب، وعرف من معالمه جبال ووديان وفوهات وشقوق وقنوات وأخاديد. وليس بمستغرب أن يقال إن سطح المريخ يكاد يقارب سطح القمر في مظهره الخارجي، غلير أن فن تكبير الصور قد أحاط العلماء بثروة ضخمة من التفاصيل.

وقد تخصص في تفسير هذه الصور العالم الأمريكي "دكتور هارولد ماسورسكي" المشرف الجيولوجي على مشروع "مارينر". وأكد وجود عواصف ترابية تتحرك على سطح المريخ، فتحجب معالم المناطق التي تصبح فوقها. فإذا انقشعت السحابة الترابية وضحت تفاصيل ما كانت تحجبه وبذلك وضح سبب رؤية المساحات الداكنة التي كانت ترصد على المريخ والتي ظن بعضهم أنها مساحات تكسوها المحصولات النباتية.

كما أطاح "ماسورسكي" بتفسيرات "شيباريلي" التي سبق أن أشار إليها عام 1930 ورجح أن تكون على المريخ شبكة قنوات للري، من صنع عقلاء أذكياء، إذ كشف عن وجود كثير من الشقوق على سطح الكوكب تمتد لمسافات طويلة وأنه ليس بها ماء، وقد قيس طول أحد هذه الشقوق ووجد أنه يبلغ 1800 كيلو متر وأوضحت الصور أن هذه الشقوق أو القنوات، بعضها غائر عميق، وبعضها ضحل، وأنها تتقاطع لتكون شبكة، وتحتضن بين تقاطعاتها فوهات دائرية تماثل الفوهات القمرية، مع فارق أن بعضا من فوهات المريخ متسع ويبلغ قطره ما يزيد على 70 كيلومترا.

كما أوضحت الصور أن على المريخ براكين، بعضها ثائر إلى الآن تتصاعد منه الحمم، وبعضها خمد، وتراكمت حول فوهته (اللافا) في حلقات، ويتميز منه بركان "نيكسي أوليمبيا" فوق جبل يبلغ قطره 500 كيلومتر.

وهناك آثار واضحة أشار إليها "ماسورسكي" تدل على أن الماء كان موجوداً يوماً ما على المريخ ثم انحسر، كما أن هناك مناطق تظهر عليها آثار واضحة لسقوط الأمطار، وأخرى تبدو فيها آثار لعوامل التعرية.

كما اجتهد عالمان آخران هما الدكتوران "ساجان وبولاك" في العثور على مساحات مغناطيسية على المريخ، تتميز بشدة جاذبيتها. ورجحا أن يكون سبب ذلك وجود بعض المعادن تحت السطح نتيجة لسقوط شهب أو نيازك في أعماق التربة.

ثقوب في سطح المريخ

في عام 1975 تحقق إنجاز فضائي مميز، بإطلاق السفينتين الأمريكيتين "فايكنج- 1" ثم "فايكنج- 2" وأفلحتا في الهبوط برفق فوق سطح المريخ. وقد حملت كل منهما فوق متنها معملا كيماويا لتحليل التربة، ولقد تحققت عملية الرسو فوق المريخ بانفصال مظلة "براشوت" من السفينة الأصلية وهبوطها حاملة المعمل برفق حتى حطت فوق سطحه. وقد زاد الإبهار بخروج ذراع تلسكوبي خارج جسم المعمل بتحكم من محطات المتابعة الأرضية. وعمل الذراع على اقتباس عينات من التربة التي على سطح الكوكب وأدخلها في المعمل لتخضع للتحليل الكيماوي.

ولقد انتهى العلماء من دراسة نتائج هذه التحاليل إلى التأكد من وجود بعض المواد العضوية على سطح المريخ، ولا عجب في ذلك، لأن وجود عوامل التعرية في جوه، وطواقي الثلج على قطبيه، وهبوب الرياح على سطحه، أمور تؤكد أن المريخ عليه صورة من صور الحياة، التي ليس لزاما أن تكون مماثلة لصورة الحياة البشرية.

ولقد توافرت المعلومات المستقاة من تحليل الصور المأخوذة لسطح المريخ، وأصبح هناك احتمال قوي بأن الأخاديد الغائرة التي تتعرج على هذا السطح يمكن أن تحجز قدراً من الحرارة، يكفي لبداية صورة من صور الحياة، فإذا أضفنا إلى ذلك ثبوت وجود غاز الميثان العضوي في جو المريخ، فإن ذلك يؤكد نفس هذا الاحتمال. كما أن طواقي الثلج التي تعمم قطبي الكوكب، لا بد أن يذوب قدر كبير منها عند ارتفاع درجة الحرارة، وتنساب المياه داخل هذه الأخاديد أو الشقوق التي وجد أن بعضها يمتد طوله عدة آلاف من الكيلومترات. ومتى وجد الماء والحرارة وجدت صور الحياة المختلفة النباتية أو الحيوانية مصداقا لقوله تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي.

ولذلك شط خيال كثير من الفنانين في مختلف العصور في تصور مخلوقات غريبة على المريخ.

ولكن كلهم كانوا أسرى تصور الحياة في صورة قريبة من صورة البشر.

آمال أمريكية ونوايا روسية

جاء في تقرير أعدته اللجنة القومية الأمريكية للفضاء وسلم رسميا للرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان، أن الولايات المتحدة سيكون بوسعها خلال الأعوام القادمة إقامة قواعد مأهولة على القمر وعلى المريخ. تم ذلك بناء على دراسة أعدها 15 من العلماء برئاسة رئيس اللجنة القومية للفضاء، وأوصت الدراسة بأن تنتهج الولايات المتحدة برنامجا فضائياً نشطا لاستكشاف المجموعة الشمسية وما حولها، وتبدأ بالقمر والمريخ وأقرب المذنبات إلى الأرض، مع منح الأولوية لاكتشاف المصادر المعدنية التي قد تكون مجمدة بالقرب من الأقطاب القمرية، وتحديد مصادر المياه على المريخ وتابعيه الصغيرين فوبوس وديموس، ولتحقيق هذا الهدف ينبغي للولايات المتحدة أن تستخدم المجسات الآلية، والإنسان الآلي على نطاق واسع للحصول على العينات من تربة هذه الأجرام الكونية.

وورد في التقرير أن اكتشاف آثار بترولية على سطح المريخ، سيؤيد النظرية التي تفسر نشأة الحياة على سطح الأرض، منذ عدة مليارات من السنوات، اعتماداً على توافر غاز الميثان العضوي في جو كل من الأرض والمريخ.

كما أوصت اللجنة بأن تعد الولايات المتحدة على مدى الأعوام الخمسة عشر المقبلة، وسائل نقل فضائية مدفوعة الأجر مثل مكوك الفضاء الحالي لتنقلهم إلى مدارات قريبة، فضلا عن إعداد أجهزة تكون قادرة على الإفلات من الجاذبية الأرضية.

وفي مقابل هذا وضحت النوايا السوفييتية عندما أكد العلماء السوفييت عزمهم إطلاق مجموعة من المركبات الفضائية التي لا تحمل روادا للوصول إلى المريخ والبحث تحت تربته عن تجاويف مليئة بالمياه، وهي لا بد أن تكون عامرة بالكائنات الحية الدقيقة. وقد نصح العلماء السوفييت نظراءهم الأمريكيين، بضرورة إعادة حساباتهم التي استقوها اعتماداً على صور سفينتي الفضاء الأمريكيتين "فايكنج- 1 ، 2" اللتين حطتا فوق المريخ عام 1976، لأن عملية جس التربة المريخية بواسطتهما تمت في أماكن ربما كانت تخلو من عناصر الحياة التي قد تكون موجودة في مناطق أخرى.

وقد أكد العلماء السوفييت، أن سطح كوكب المريخ تغطي جزءا كبيراً منه طبقة جليدية دائمة، مثل تلك، التي تغطي أراضي سيبيريا والمنطقتين القطبيتين على الأرض. وأن وجود الكائنات الحية الدقيقة لا بد أن تكون تحت القشرة، التي أغفلت السفن الأمريكية الهبوط فوقها. ولذلك فإنه من المرجح عدم العثور على أحياء عقلاء يدبون فوق المريخ على أرجل، أو تكون لهم رءوس وأذرع مثلنا ولكن قد يعثر على ميكروبات صغيرة أو أحياء دقيقة.

وعلى أساس هذه الثوابت العلمية بنى السوفييت خطوتهم التالية في الفضاء، على نحو جعل شهر يوليو 1988 يشهد" قفزة فضائية" سوفييتية نحو كوكب المريخ ليظهروا للعالم بمظهر المتفوقين على الأمريكيين.

انطلاق نحو توابع المريخ

في عام 1988 أعلن الاتحاد السوفييتي، عن خطته لغزو المريخ بمركبات فضائية، على خطوات متدرجة، تبدأ بتصوير سطح الكوكب وسطحي قمريه. ثم يتم بعد ذلك اختيار أماكن مناسبة لإسقاط كبسولات علمية تنفصل من سفن فضاء عندما تقترب من الكوكب لتقوم بجس تربته. وتنتهي هذه المرحلة باستعادة بعض هذه الكبسولات إلى الأرض حاملة عينات من التربة المريخية.

وقد وضع علماء الاتحاد السوفييتي خطتهم لاستكشاف كواكب المنظومة الشمسية على مدى خمسة عشر عاما، بدءا من عام 1988 وتمتد حتى مطلع القرن القادم.

وكان من المقرر أن يتعاون الاتحاد السوفييتي مع وكالة الفضاء الأوربية لإطلاق سفينة الفضاء "فستا" (VESTA) لتقوم بمهام فضائية متعددة حول المريخ، لولا أن النكسة السياسية التي فككت أوصال الجمهوريات السوفييتية، جعلت هذه الطموحات في خبر كان. بعد أن كان مقرراً أن يشهد عام 1993 إجراء قياسات كيماوية في جو المريخ وتصوير سطحه، ثم إطلاق كبسولة تحط فوق سطح المريخ من سفينة فضاء تحلق قربه في عام 1994 حتى يشهد عام 2002 إطلاق معمل فضاء ضخم يحط فوق سطح الكوكب الأحمر.

وفي النصف الأول من شهر يوليو 1988 أطلق السوفييت سفينتي فضاء إلى تابع كوكب المريخ وقد أطلق على السفينتين نفس اسم قمر المريخ الصغير "فوبوس" لترجيح وجود حياة عليه أكثر من الكوكب نفسه. وكان مقدراً أن الوصول إلى التابع "فوبوس" سيكون عام 1989، لأن الرحلة كان مخططاً لها أن تدوم 200 يوم.

ولأول مرة تم ذلك بتعاون العلماء السوفييت مع علماء عشر دول أوربية هي: النمسا وبلغاريا وألمانيا الشرقية وبولندا وفنلندا والسويد وفرنسا وألمانيا وتشيكوسلوفاكيا وسويسرا، بالإضافة إلى وكالة الفضاء الأوربية "آيسا" وكان الغرض من ذلك هو التثبت من وجود أحياء على الكوكب أو قمره بواسطة جهازين جديدين في تصميمهما.

وكان سبب اختيار شهر يوليو عام 1988 هو أن المريخ كان سيكون أقرب ما يمكن من الأرض آنذاك.

وكانت سفينتا "فوبوس 1، 2" تحملان أجهزة تصوير تليفزيونية لتصوير تفاصيل الكوكب الأحمر وتابعه فوبوس من مسافة 50 كيلومترا وأجهزة تعمل بأشعة الليزر لإجراء تحليلات طوبوغرافية لتفاصيل هذا السطح. وكان مقرراً أن تنفصل عن المركبة "فوبوس" كبسولة قياس وهي تمر قرب سطح القمر (التابع) فوبوس، بسرعة بطيئة وعلى ارتفاع يقرب من خمسين مترا فقط، لكي تحط فوق سطحه برفق. وكان مقرراً أن تبقى أجهزة هذه الكبسولة لمدة عام تقريباً فوق سطح التابع لإجراء قياسات خاصة على تربته. أما المركبة فوبوس نفسها فتتحول بعد ذلك إلى قمر صناعي يدور حول كوكب المريخ. لكن شاءت إرادة الله أن تتعطل السفينة (فوبوس- 1) بعد أسابيع من إطلاقها، ولحقتها (فوبوس- 2) بعد ذلك، وتبخر الحلم السوفييتي في استكشاف المريخ.

وتطورت الأمور بعد ذلك بقليل، بخلو ساحة المنافسة في حقول السياسة الدولية وبحوث الفضاء، وانفراد الولايات المتحدة بهما.

الموعد الأمريكي عام 2019

في يناير 1988 تمت الموافقة على السياسة الأمريكية الجديدة لتحقيق هدفين رئيسيين، أولهما الاستمرار في الرحلات الفضائية المدارية الأمريكية المأهولة حول الأرض بواسطة المكوك. أما الهدف الثاني، فيهدف إلى إعادة الرحلات المأهولة إلى القمر وإنشاء محطات على سطحه، ثم الانطلاق بعد ذلك مع حلول عام 2000 إلى المريخ باعتباره هدفا مرحليا في الطريق إلى استكشاف باقي كواكب المنظومة الشمسية.

ولذلك خصصت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" في عام 1989 ميزانية مقدارها 11.6 مليار دولار للبدء في التطوير المطلوب لمرحلة الرحلات الفضائية البعيدة لاستكشاف الكواكب.

وتطلع المسئولون في وكالة الفضاء الأمريكية نحو المريخ، ليكون الهدف الأول، لبرنامج الفضاء الأمريكي في المرحلة القادمة.

حتى حدد الرئيس الأمريكي السابق "بوش" عام 2019 ليكون موعدا لهبوط الأمريكيين على المريخ، ورفع العلم الأمريكي عليه. وذلك على غرار ما قام به الرئيس الأمريكي الراحل كنيدي، عند تحديد الهبوط على القمر قبل نهاية عقد الستينيات.

ولذلك وضع علماء وكالة ناسا خطتهم لإطلاق أسطول يتكون من (16) مركبة فضائية بدءا من عام 1996، ستقوم كل منها بالهبوط على سطح الكوكب الأحمر لجس تربته، واقتباس عينات منها، وتحليلها. ومن المقرر أن تستمر هذه العمليات حتى عام 2003 على أربع مراحل متدرجة، تساندها في ذلك عمليات تصوير بكاميرات دقيقة، وعمليات قياس لجو المريخ للتعرف على أنسب المواقع الملائمة لهبوط الإنسان عليه.

ولأن المجهول عن هذا الكوكب مازال كثيرا، فقد أطلقت في 25 سبتمبر 1992 السفينة "مراقب المريخ" (Mars Observer) وسوف تقطع مسافة مقدارها (725) مليون كيلومتر، قبل أن تبدأ أجهزتها في تصوير سطحه. وبعد أن ينقضي عليها في الفضاء، أحد عشر شهرا، ففي يوم 24 أغسطس 1993 ستبدأ السفينة في الدوران على مدار يحيط بقطبي الكوكب، ومع بداية أكتوبر 1993 ستقوم بإرسال الصور التفصيلية عنهما. ويأمل العلماء في كشف مزيد من المعلومات عن يموج به سطح المريخ من عواصف وبراكين وعما ينتشر فوقه من شقوق ومجارٍ وقنوات وحفر.

والجديد في الأمر، أن المرصد الفضائي الجديد "مراقب المريخ" كبير في الحجم عن كل ما سبقه من سفن، وأن على متنه أجهزة لم تستخدم في المهام السابقة. منها كاميرا تصوير بها عدسات ذات "معامل تحليل" يقل عن مترين. فهي تستطيع أن تميز تفاصيل كل حجر على الكوكب يزيد قطره على مترين، وسوف تتحكم في باقي أجهزة السفينة حواسب إليكترونية متطورة.

وتستهدف الخطة الأمريكية استجلاء وجود أي نوع من الحياة النباتية أو الحيوية على سطح الكوكب أو في تربته. إذ إن الشكوك مازالت تحوم حول احتمال وجود الماء تحت سطح الكوكب.

غير أن السفر إلى المريخ مازال يحوطه كثير من العقبات، أهمها أن وسيلة الانتقال إلى هذا الكوكب غير متوافرة، فصواريخ الدفع المستخدمة حاليا لا تقوى على تحقيق الارتحال بسفن الفضاء وقطع ملايين من الكيلومترات لبلوغ المريخ. ولذلك تتجه الآمال إلى الطاقة النووية لتحقيق هذه المهمة، على أساس أن هناك جهوداً أمريكية سابقة في محاولة تصنيع صاروخ دفع نووي تحت اسم "نيرفا" ثم توقفت الجهود منذ بضع سنوات. وعلى أساس أن باقي العقبات تبدو سهلة التذليل. فرواد الفضاء قد نجح تدريبهم وتطويع قدراتهم على البقاء في الفضاء مددا طويلة. والرقم القياسي السوفييتي في هذا المضمار بلغ (366) يوماً، والرقم الأمريكي بلغ (84) يوما والمقدر أن الرحلة إلى المريخ قد تستغرق عامين كاملين.

ولكن يأمل العلماء في تقصير المسافة إلى المريخ، بالانطلاق إليه من محطات إطلاق ستقام في المستقبل القريب على القمر، أو من المحطة المدارية الأمريكية الدائمة التي ستقام في الفضاء عام 1995 حاملة اسم "الحرية" (Freedom) إذ يمكن أن تكون هذه المحطة بمثابة رصيف للانطلاق منه إلى المريخ في مطلع القرن المقبل.

ما يجب معرفته عن المريخ

  • هو رابع كواكب المجموعة الشمسية في تسلسل بعدها عن الشمس، ومتوسط بعده عنها 228 مليون كيلو متر، ومتوسط بعده عن الأرض 79 مليون كيلومتر.
  • يبلغ قطره نصف قطر الأرض تقريبا، ونراه دائماً من الأرض تام الاستدارة، أحمر اللون.
  • يتم دورته حول الشمس كل 687 يوما من أيامنا ويتم دورته حول محوره في مدة تزيد على يوم الأرض بضع دقائق.
  • على المريخ فصول متغيرة ولكن مدة كل منها ضعف فصولنا.
  • يحتفظ المريخ حوله بجو شفاف يفصح عن تفاصيل سطحه.
  • ثبت وجود الماء على سطح المريخ، وتوجد طاقيتان من الثلج فوق قطبيه.
  • تنحسر طواقي الثلج بالذوبان في فصل الصيف.
  • توجد عوامل تعرية ورياح على سطح المريخ كما توجد عليه فجوات دائرية كالفجوات القمرية، ولها حواف بارزة، وتوجد أيضا شقوق وأخاديد بعضها يمتد آلاف الكيلو مترات.
  • توجد على سطح المريخ براكين بعضها خامد وبعضها يثور أحيانا.
  • للمريخ قمران صغيران هما فوبوس وديموس، وقد كشفهما الفلكي هول عام 1877، والأول لا يزيد قطره على 18 كيلو مترا، أما الثاني فيبلغ قطره تسعة كيلو مترات فقط.

 

سعد شعبان