الكمبيوتر والطبيب عبداللطيف أبوالسعود

من الملاحظ، في عصرنا الحالي، أنه كلما أدخلت تحسينات على التكنولوجيا الطبية، ازداد نقد الناس لمستوى العناية الطبية التي يتلقاها المرضى.
ويبدو أن حجم العمل الذي يجب على الأطباء القيام به، في مجال علاج المرضى، يزداد، كلما ازداد حجم ما يتوقعه الناس منهم، وفي هذا المجال يلعب الكمبيوتر دورا محورياً...

في العام الماضي، نشرت مدرسة هارفارد للصحة العامة، نتائج دراسة مثيرة، في "مجلة نيوإنجلند الطبية". شملت هذه الدراسة حالات أكثر من ثلاثين ألف مريض، تم اختيارهم بطريقة عشوائية، من بين المرضى الذين تلقوا علاجا في 51 مستشفى، في ولاية نيويورك، خلال عام 1984. لقد بينت هذه الدراسة أن 3.7 في المائة من هؤلاء المرضى، قد تعرضوا لإصابات معوقة، نتيجة للعلاج في المستشفيات.

ويفسر المشرف على هذه الدراسة، ما تعنيه هذه البيانات، بالنسبة لولاية نيويورك بأكملها. لقد تبين، من هذه الدراسة، أن حوالي 98 ألف شخص، في ولاية نيويورك وحدها، قد تعرضوا لإصابات، نتيجة للعلاج الطبي في المستشفيات، في عام 1984.

إن هذه النتائج تعني أن هناك أكثر من مليون إصابة في العام، في مستشفيات الولايات المتحدة كلها. من بين هؤلاء، يموت ما يقرب من مائتي ألف شخص، نتيجة لهذه الإصابات التي لحقت بهم، نتيجة للعلاج في المستشفيات.

تجنب الإصابات

وبعد أن نشرت نتائج هذه الدراسة، قام هذا الفريق البحثي، بإعادة دراسة هذه الأرقام. وفي هذه المرة، كانوا يحاولون الإجابة عن السؤال التالي: كم عدد الإصابات التي كان من الممكن تجنبها من بين هذه الحالات المؤسفة؟

واضح أن العديد منها يمكن أن يكون نتيجة لتفاعلات حساسية لدواء معين، أو لدواء آخر، لم يكن من الممكن التنبؤ بها من قبل، أو نتيجة للآثار الجانبية للعلاج الكيميائي للسرطان.

وهذه هي الأخطار المتوقعة نتيجة للعلاج الطبي الحديث.

لقد وجدوا أن سبعين في المائة من هذه الإصابات كان من الممكن تجنبها. وعلى ذلك، فإن هذا الفريق البحثي يرى أن هناك مجالا كبيراً للتفاؤل، ولإدخال التحسينات على طرق العلاج.

لقد اكتشف هذا الفريق البحثي أن نصف الأخطاء التي كان من الممكن تجنبها، كانت أخطاء فنية حدثت في غرفة العمليات، أو عند تنفيذ الطرق العلاجية.

أما باقي الأخطاء، فكانت أخطاء في التشخيص، وفشلا في منع الإصابات، وأخطاء في استخدام العقاقير الطبية.

معدل مرتفع

وهنا يبرز السؤال التالي: ما السبب في هذا المعدل المرتفع للإصابات في مجال الرعاية الطبية؟

يجيب عن هذا السؤال رئيس هذا الفريق البحثي بقوله: نحن نرى أن السبب واضح تماما، وأنه مرتبط بتعقيدات الرعاية الطبية الحديثة.

ذلك أن المريض، في المستشفى، يصف له الطبيب عشرة أدوية في المتوسط. وفي كل مرة يتناول فيها المريض دواءه، تكون هناك احتمالات للخطأ.

ولكن هل يعني حدوث الأخطاء أن الهيئة الطبية تتصف بالكسل، وعدم الكفاءة، وعدم العناية؟

لا. إذ يرى الكثيرون أن المشاكل تنشأ عندما تحدث الأخطاء الصغيرة، ثم تبدأ في التعاظم تحت ضغط الأحداث اليومية.

تفاعلات البشر مع التكنولوجيا

إن (ريتشارد كوك) طبيب ذو خلفية كمبيوترية. وهو يعمل في معامل هندسة النظم، في جامعة أوهايو.

لقد كان يدرس تفاعلات البشر مع التكنولوجيا، في عدة مجالات، تشمل الطيران، وخاصة الطيران التجاري، وتشغيل محطات القوى النووية، وعمليات الرحلات الفضائية، بما في ذلك مكوك الفضاء، والأقمار الصناعية، ثم الطب، وخاصة التخدير.

وللوصول إلى فكرة عن الكيفية التي تنمو بها المعضلات الصغيرة إلى معضلات أكبر، يقوم الدكتور ( كوك) وفريقه البحثي بدراسة لبعض الكوارث، مثل احتراق مكوك الفضاء (تشالنجر)، وكارثة تلوث مياه. المحيط، نتيجة لتسرب الزيت إليه.

إن إحدى المعضلات، في هذه الحالات، هي أنه عندما ننظر إلى الخلف، بعد وقوع حادث، فإننا سوف نجد خمسة أو عشرة أسباب ساهمت في وقوع هذا الحادث. فقد نجد أن شخصا كان في المكان غير الصحيح، في الوقت غير الصحيح. وأن قطعة من المعدات كانت تعمل بطريقة غير سليمة، أو أنها كانت غير متاحة، وأن التوقيت كان غير سليم، حيث كانت قطع معينة من المعدات لا تعمل بالطريقة التي يجب أن تعمل بها.

مجموعة أخرى من الأسباب

ولكن هل في تصحيح هذه الأخطاء الصغيرة ما يضمن لنا عدم حدوث إصابات أو وفيات في الطيران أو في الطب؟

يرى الدكتور (كوك) أن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ إن المعضلة تتلخص ببساطة في أن إصلاح هذه الأشياء لا يؤدي بالضرورة إلى تحسين أمان هذا النظام. لأن هذه الأمور هي التي تضافرت، في تلك المرة بالذات، وأدت إلى ما حدث.

إن احتمال اتحاد هذه الأسباب، مرة أخرى، لتؤدي إلى كارثة مماثلة، إنما هو احتمال ضئيل.

ولكن الاحتمال الأكبر هو أن تتحد مجموعة أخرى من الأسباب، لتؤدي إلى كوارث أخرى.

المحاكاة بالكمبيوتر

إن إحدى الطرق المستخدمة لدراسة ذلك الموضوع، هي محاولة استنتاج المعضلات التي يمكن حدوثها، وذلك عن طريق محاكاتها بمساعدة الكمبيوتر.

لقد كانت هذه الطريقة تستخدم، منذ عشرات السنين، في مجال الطيران، لتدريب الطيارين. إذ بينما هم يجلسون في غرفة تشبه غرفة قيادة الطائرة، نجدهم يواجهون طوارئ صنعت باستخدام طرق المحاكاة، تشبه الواقع، بدرجة لا تصدق، دون أن يطيروا عن سطح الأرض.

وفي هذه العملية، يتعلم الطيار ومساعده، كيف يعملان معا، كفريق واحد، لمواجهة المعضلات، كلما نشأت.

هل يمكن تطبيق أمر مشابه، بالنسبة للتفاعل بين كبير الجراحين وأخصائي التخدير، على سبيل المثال؟

يرى الدكتور (كوك) أنه، من المؤكد، أن هناك اهتماما كبير بالتخدير، على الأقل، في مثل هذه النوعية من الموضوعات.

لذلك نرى الدكتور (كوك) وأعضاء فريقه البحثي ينسجون على منوال صناعة الطيران، التي كانت سباقة في هذا المجال. ولكنهم مازالوا في بداية الطريق.

ثورة الكمبيوتر

والمحاكاة هي أحد المجالات التي كان للكمبيوتر دور بارز فيها، ولكنها بعيدة عن المجال الوحيد الذي له علاقة بالطب.

يقول الأستاذ (بنوم) أستاذ الفلسفة، ومدير مركز الأبحاث عن الحسابات والمجتمع، في جامعة ولاية كونكتيكت الجنوبية، إن ثورة الكمبيوتر، التي تنبأ بها الكثيرون، منذ زمن طويل، هي الآن في طريقها في مجال الطب، كما أنها في طريقها في جميع مجالات الحياة.

لذلك نجد البعض يتساءل عما إذا كان للتكنولوجيا، دائما، آثار موجبة، وآثار سالبة، على الأمور المختلفة.

واليوم تستخدم أجهزة الكمبيوتر، في الطب، في أمور عديدة. وعليك أن تضع عينك على الكرة. الكرة هي القيم الأساسية للطب، مثل الحياة، والصحة، وتخفيف الألم أو القضاء عليه.

لو أنك احتفظت بعينك على الكرة، لأمكنك الإجابة عن أسئلة كثيرة تتعلق بالكيفية التي يجب أن يستخدم بها الكمبيوتر في الطب.

أما الدكتور (جودمان) الأستاذ في مدرسة الطب، في جامعة ميامي، فإنه يرى أن التقدم الحديث في مجال الذكاء الصناعي، قد أدى إلى وضع برامج للكمبيوتر، ونظم خبراء، يعتقد الكثيرون أنها يمكن أن تكون رفيقا للطبيب في عمله، تسهل له القيام بهذا العمل، وتقلل احتمالات حدوث الأخطاء.

لأنه أصبح في الإمكان عمل الاستنتاجات، واتخاذ القرارات، بناء على الدلائل، وإصدار الأحكام المبنية على المعلومات العامة.

ويمكن لأجهزة الكمبيوتر القيام بهذا كله، في يومنا هذا.

بل إن أجهزة الكمبيوتر يمكنها القيام بالكثير من الأمور، بنفس الكفاءة التي يؤدي بها الطبيب عمله، إن لم يكن بكفاءة أكبر.

تتبع مسار الأدوية

ويرى الأستاذ المشرف على الدراسة التي قامت بها جامعة هارفارد، أن أحد الواجبات التي يمكن لأجهزة الكمبيوتر القيام بها بطريقة أفضل مما يقوم به الأطباء، هو تتبع مسار الأدوية التي يصفها الطبيب للمرضى.

ويرى هذا الأستاذ ضرورة إدخال أوامر صرف العلاج في جهاز الكمبيوتر.

يقوم الطبيب بضرب أسماء الأدوية على لوحة مفاتيح جهاز الكمبيوتر، فتظهر على شاشة الجهاز بعض الأسئلة:

هل تعلم ما إذا كان لمريضك حساسية لهذا العلاج؟

هل تعلم ما إذا كان المريض يتناول علاجاً لا يجوز أن يتناول معه هذا العلاج الجديد؟

هل تعلم أن هذه الجرعة أربعة أضعاف الجرعة المعتادة؟

عندئذ يكون في إمكان الطبيب أن يعدل عن وصف هذا العلاج الجديد، أو يغير جرعته، وما إلى ذلك. إن التكنولوجيا متاحة. وهناك مستشفيات تستخدم هذا الأسلوب في يومنا هذا.

وهو يتوقع أن تكون هناك وسائل قياسية، تتبع في المستشفيات، في ظرف خمس سنوات.

إن هذا سوف يؤدي إلى تقدم كبير، حيث إن الأخطاء في الأدوية هي السبب الأول في الحوادث الضارة، التي اكتشفها الباحثون أثناء دراستهم لهذا الموضوع.

إن 19 في المائة من هذه الحالات كانت ترجع إلى سوء استخدام الدواء.

وأمام المرضى آلاف الفرص للوقوع في أخطاء في مجال استخدام الأدوية، بحيث يمكن القول بأن عمل شيء لتجنب ذلك، يمكن أن يكون أمراً عظيم الأثر، جليل الفوائد.

نظم الخبراء

إن نظم الخبراء، التي سبق ذكرها، يمكن أن تفعل أكثر كثيراً من مجرد وصف العلاج. يصف الأستاذ (بيرام) نظام الخبراء الذي وضعه باحثون في جامعة (جورج واشنطن)، بأنه برنامج ذو ذكاء صناعي، يمكنه أن يحدد ما إذا كان مريض، في وحدة العناية المركزة، سوف يعيش ليخرج من المستشفى.

وقد دلت الاختبارات الأولى التي أجريت على هذا البرنامج، على أنه أفضل من الأطباء في إمكان التنبؤ بما إذا كان مريض سوف يتخطى الأزمة الصحية التي تعرض لها.

ومن المؤكد أن هذا البرنامج يقدم للأطباء معلومات يمكن أن يستفيدوا منها في عملهم.

كذلك يقوم خبراء الجيش الأمريكي، بالاشتراك مع خبراء وكالة الفضاء الأمريكية، بتطوير نقالة لميدان القتال، بها برنامج للكمبيوتر ذو ذكاء صناعي، يستخدم في تشخيص الأمراض.

يوضع المريض على النقالة، وتوصل بالجهاز، فيقوم بفحصه، ويشخص مرضه، ويصف له العلاج. كما أن هناك برنامجا للكمبيوتر اسمه "ميسين"، يستخدم في اختيار المضادات الحيوية التي تعطى للمريض، بالإضافة إلى قائمة الأدوية المناسبة.

إلا أن هذا البرنامج قد يصبح قليل الفائدة، لأن التطور السريع، الذي يحدث في مجال المضادات الحيوية، يجعل تكاليف تحديث قاعدة البيانات في هذا البرنامج، وإضافة كل جديد ومستحدث إليها، تكاليف عالية بدرجة تمنع استخدامه.

وهناك نظام خبراء آخر، جاء وصفه أخيراً في مقال نشر في مجلة طبية، يمكن أن يتنبأ بما إذا كان المريض من الممكن أن يتعرض لنوبة قلبية، وذلك على أساس من تاريخه المرضي.

ويرى بعض الخبراء، أن هذا البرنامج يتفوق على الأطباء في هذا النوع من المهارات.

برنامج للزيارات المنزلية

أما آخر صور التقدم في هذا المجال، فهو نظام الخبراء الذي ظهر أخيراً والذي هو عبارة عن برنامج للكمبيوتر يقوم بالزيارات المنزلية.

هناك 800 رقم يمكن للمرضى أن يتصلوا بها، ليتحدثوا إلى جهاز كمبيوتر.

يأخذ جهاز الكمبيوتر التاريخ المرضى، والأعراض، وما إلى ذلك. ثم يصف علاجا منزليا، مثل الغرغرة بمحلول الملح، أو تناول قرص أسبرين، وغير ذلك.

أو قد يصل الجهاز المريض بطبيب أو ممرضة، ليستشيرهما في حالته. أو قد يحدد للمريض موعداً يذهب فيه إلى عيادة الطبيب.

يتفاعل الكمبيوتر مع المريض عن طريق صندوق إلكتروني، يوضع في منزل المريض.

يبلغ ثمن هذا الصندوق حوالي 300 دولار. ولكن من المتوقع أن ينخفض ثمن هذا الصندوق عند إنتاجه بالمئات أو بالآلاف.

لا تمنع المشكلات

إلا أن الأستاذ (كوك) الذي يعمل في جامعة ولاية أوهايو، ما زال متشككا إلى حد ما، في نظم الخبراء هذه. وهو يرى أنه لن يكون فيها دائما الحل لمشاكل كل طبيب.

ذلك أن كل إضافة تكنولوجية كانت مرتبطة دائما بعدد من المعضلات.

وفي معظم هذه الحالات، كانت فكرة إضافة مزيد من التكنولوجيا، لإصلاح إحدى المعضلات، فكرة غير ناجحة في مجالات أخرى.

ويرى الأستاذ (كوك) أن فكرة استخدام نظم الخبراء في الطب، التي تبدو، على السطح، جذابة للغاية، قد تثبت الأيام أنها ليست طريقة ناجحة لمنع تلك النوعيات من الأخطاء التي يشكو منها الكثيرون. وهو يعتقد أن سجل نظم الخبراء لم يعرف جيدا في مجالات أخرى، وأن سجل نظم الخبراء في المجال الطبي، مازال محل تساؤل.

وهناك دلائل مستخلصة من مجالات أخرى، تشير إلى أن نظم الخبراء هذه، لا تقوم بالضرورة بتحسين الأداء الكلي، ولكنها قد تنقل موضع الخطأ من مكانه. وهذا هو مفتاح المشكلة. إنها لا تمنع المشكلات، ولكنها تزيح هذه المشكلات من مكان إلى آخر.

ملايين الحالات

إلا أن الأستاذ (بيرام) له رأي مخالف. ذلك أنه يرى أن نظم الخبراء سوف يكون لها دور متزايد، وخاصة في تشخيص الأمراض. لأنه لا يمكن أن يكون هناك طبيب بمفرده، لديه من المعلومات قدر تلك التي خزنت في ذاكرة الكمبيوتر.

إن طبيباً واحداً ظل يمارس مهنته لمدة خمسين عاما، لا بد أنه فحص عشرات الآلاف من الحالات. ولكن جهاز كمبيوتر واحداً يمكنه أن يخزن في ذاكرته مليون، أو حتى بليون حالة، ثم يبحث، بين هذه الحالات، عن صورة مشابهة للحالة محل الدراسة.

لا بد أن هذا الجهاز، نظرياً على الأقل، أفضل من طبيب واحد، لأنه يأخذ في الاعتبار بلايين الحالات، بدلا من عشرات الآلاف فقط.

ويرى الأستاذ (جودمان) من جامعة ميامي، أن نظم الخبراء يمكنها، في كثير من الحالات، أن تقترح عمل تشخيص مقارن، بالإضافة إلى التشخيص المعتاد، حيث إن هناك أمراضا مختلفة لها نفس مجموعة الأعراض.

وهو يرى أن الإنسان لا يمكنه أن يتذكر، دائما، هذا المدى الكامل من الاحتمالات.

أشياء لا يمكن للكمبيوتر القيام بها

ولكن هل هناك شيء، في مجال الرعاية الطبية، لا يمكن للكمبيوتر القيام به؟ ماذا عن الحنان، ومشاركة العواطف، والعناية المحبة الرقيقة؟

يرى الأستاذ (بيرام) أن هذه من الأمور التي يصعب جداً تصور إمكان قيام جهاز الكمبيوتر بها.

هناك برنامج نفساني قديم، قام بتصميمه، في السبعينيات، الأستاذ (وايتز بناوم)، الأستاذ في معهد ساشوستس للتكنولوجيا.

هذا البرنامج اسمه (اليزا). وهو برنامج بدائي جدا، بالمقارنة بنظم الخبراء التي نراها اليوم. ولكنه كان يقدم بعض الراحة إلى مستخدميه.

كان هؤلاء من طلبة الدراسات العليا، ومن زملاء الأستاذ (وايتز بناوم) في قسم علوم الكمبيوتر وكان بعضهم يحب أن يجلس بمفرده، بجوار جهاز الكمبيوتر.

لقد كانوا يجدون أن التعامل مع برنامج (اليزا) يساعد كثيراً، بالرغم من علمهم بأنه كان خاليا من الشعور، ومن العناية المحبة الرقيقة.

هل يحل الكمبيوتر محل الطبيب؟

وإذا استمر السير في هذا الطريق، بهذه السرعة، فهل يجيء اليوم الذي يحل فيه جهاز الكمبيوتر محل الطبيب؟

يرى أحد خبراء الكمبيوتر، في معهد الينوى للتكنولوجيا، أن على بعض الأطباء أن يساورهم القلق من هذه الفكرة. فقد يجد بعض الأطباء أن وظائفهم قد تم إلغاؤها.

لو أن أحد المسئولين قرر أن يستعين بجهاز الكمبيوتر، للقيام بالتخدير بدلا من إخصائي التخدير، عندئذ تلغى وظيفة إخصائي التخدير.

إلا أن كثيراً من الإخصائيين في الطب لا تقلقهم هذه الفكرة، ولا يخشون فقد وظائفهم.

ولكن الأستاذ (بيرام) يرى أن أجهزة الكمبيوتر سوف تشق طريقها في مجال الرعاية الطبية، بحيث تصبح، بمرور الوقت، شيئا لا يمكن الاستغناء عنه.

تطور تدريجي

سوف نرى جهاز كمبيوتر يقوم بعمل صغير للغاية، ويؤديه بصورة أفضل، وجهازاً مجهزاً بجهاز كمبيوتر، يقوم بواجب معين، ويقوم بواجبه بصورة أفضل. ثم يتكرر ذلك مئات المرات، ثم آلاف المرات، ثم مئات الآلاف من المرات.

إنها عملية تطور تدريجي، تنمو حتى تصل إلى النقطة التي تصبح عندها عملية ثورية.

لن يحدث هذا بين يوم وليلة، عن طريق جهاز مثير، يمكنه أن يقوم بكل شيء.

ولكنه يمكن أن يحدث خلال عقدين من الزمان، عن طريق جهاز هنا وجهاز هناك، ثم جهاز هنا وجهاز آخر هناك، حتى تقوم الأجهزة بجميع أنواع الأعمال التي كان الناس يقومون بها.

 

عبداللطيف أبوالسعود