زيت الزيتون واكتشافات الطبّ الحديث حسان شمسي باشا

أقسم الله تعالى في قرآنه العظيم بالزيتون فقال: والتين والزيتون وطور سينين. وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم باستعمال زيت الزيتون فقال: كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة.

دُهش الباحثون حديثاً حينما اكتشفوا أن سكان جزيرة "كريت" في البحر المتوسط هم أقل الناس إصابة بأمراض القلب والسرطان في العالم أجمع. ودهشوا أكثر حينما عرفوا أن أهالي جزيرة كريت يستهلكون زيت الزيتون أكثر من أي شعب آخر. فحوالي 33 % من السعرات الحرارية التي يتناولونها يومياً تأتي من زيت الزيتون. فما علاقة زيت الزيتون بذلك؟ وهل للطب الحديث رأي في هذه العلاقة؟

انطلق الباحثون في مجاهل زيت الزيتون يبحثون تأثيراته على القلب والكولسترول، فتعالوا نقطف معاً ثمار تلك الشجرة المباركة.

لا أحد يعلم بالتأكيد من كان أول من استعمل زيت الزيتون، ومن اكتشف طريقة تحضيره. ولكن الدلائل التاريخية تشير إلى أن سوريا كانت أول موطن للزيتون، إذ زرع من قبل الساميين قبل حوالي 6000 سنة. وتؤكد المصادر التاريخية أن فلسطين كانت. تصدّر الزيتون إلى مصر القديمة.

وقد احتوى الإنجيل على عدة إشارات للزيتون. ففي سفر التكوين أن حمامة تركت سفينة نوح، ثم عادت بغصن الزيتون، ولذلك اعتبر غصن الزيتون رمزاً للسلام، باعتبار أنه كان إشارة إلى نهاية غضب الرب على قوم نوح.

وهناك إشارة أخرى إلى زيت الزيتون في سفر القضاة، حيث ذكر أن شجرة أرادت أن تنتخب ملكاً عليها، فاختارت شجرة الزيتون، إلا أن شجرة الزيتون رفضت ذلك قائلة: "لن أترك زيتي الذي باركه الرب من أجل أن أحكم الأشجار!!.".

وذكر الله تعالى الزيتون في سورة النور، وقال عن زيته بأنه يضيء ولو لم تمسسه نار وسمى شجرة الزيتون بالشجرة المباركة. وفي سورة التين أقسم الله بالتين والزيتون. قال المفسرون: التين والزيتون اسم لهذين المأكولين، وفيهما هذه المنافع الجليلة، وقيل هما جبلان من الأرض المقدسة. فالجبل المختص بالتين لعيسى عليه السلام، والزيتون بالشام مبعث أكثر أنبياء بني إسرائيل. والطور مبعث موسى عليه السلام، والبلد الأمين مبعث محمد صلى الله عليه وسلم. فيكون المراد من القسم في الحقيقة تعظيم الأنبياء وإعلاء درجاتهم (تفسير الفخر الرازي 32 / 9 ).

شجرة الزيتون

وتمتاز شجرة الزيتون بطول عمرها، ولهذا فليس من العجب أبداً أن نجد أشجار زيتون يزيد عمرها على ستمائة عام. ويمكن للشجرة الواحدة أن تعطي 15 - 20 كيلو من الزيتون في العام الواحد.

ولا يوجد أي اختلاف بين الزيتون الأخضر والأسود، فكل أنواع الزيتون تكون خضراء أولا ثم تتحول إلى سوداء حينما يكتمل نضجها مارة بتغيرات جميلة في اللون.

ماذا يقول أطباء الغرب عن زيت الزيتون؟

يقول الدكتور "ويليام كاستللي" مدير دراسة فرامنجهام (Framingham) الشهيرة: "إن هناك زيتاً وحيداً يتمتع بأطول سجل من سلامة الاستعمال في التاريخ هو زيت الزيتون. فلقد تناول زيت الزيتون أجيال وأجيال، وامتاز هؤلاء بصحة الأبدان، وندرة جلطة القلب عندهم. وهذا السجل الحافل بمآثر زيت الزيتون يجعلنا نطمئن لاستعماله، ونقبل عليه بشغف كبير".

ويقول الدكتور "أهرنس" من جامعة كوفلر بنيويورك: "إننا ندرك تماما أن استعمال سكان حوض البحر المتوسط لزيت الزيتون كمصدر أساسي للدهون في الغذاء هو السبب وراء ندرة مرض شرايين القلب التاجية عندهم".

وينبه الدكتور كاستللي إلى فوائد استعمال زيت الزيتون في حوض البحر المتوسط فيقول: "رغم أن الناس في حوض البحر المتوسط يتناولون بعض الدهون المشبعة (السيئة) المتوافرة في لحم الخروف والقشدة والسمن والجبن، إلا أنهم يستعملون زيت الزيتون بشكل رئيسي في طهي الطعام. وهذا ما يجعل أمراض شرايين القلب التاجية قليلة الحدوث عندهم". ويقول أيضا: "إن أفضل طريقة لطهي الطعام وتحضير المأكولات هي باستعمال زيت الزيتون بشكل أساسي، واستعمال كميات قليلة من زيت الذرة أو دوار القمر (عتاد الشمس). فالجسم لا يحتاج إلا إلى كميات قليلة من النوعين الأخيرين". ويمتاز زيت الزيتون بغناه بالدهون اللامشبعة الوحيدة.

أما الدكتور تريفسيلد من جامعة نيويورك فقد لخص فوائد زيت الزيتون في بحث نشر في مجلة (جاما) عام 1995 فقال:

"لقد أكدت الدراسات الحديثة التأثيرات المفيدة لزيت الزيتون في أمراض شرايين القلب، ورغم أن البحث قد تركز أساساً على دهون الدم، إلا أن عدداً من الدراسات العلمية قد أشارت إلى فوائد زيت الزيتون عند مرضى السكري والمصابين بارتفاع ضغط الدم".

الأبحاث العلمية الحديثة

حتى عام 1986 كانت الكتب الطبية تقول بأن زيت الزيتون لا يؤثر على كولسترول الدم، فلا يزيده، ولا ينقصه. ولكن الأبحاث العلمية الحديثة جداً قد أظهرت أن زيت الزيتون ينقص مستوى كولسترول الدم. وليس هذا فحسب بل إنه لا ينقص من مستوى الكولسترول المفيد في الدم. ومن الثابت علمياً أنه كلما ارتفع مستوى هذا النوع من الكولسترول، قلّت نسبة الإصابة بجلطة القلب.

جدول يقارن تركيب الزيوت والدهون

الغذاء

نسبة الدهون المشبعة %

نسبة الدهون اللامشبعة الوحيدة %

نسبة الدهون اللامشبعة العديدة %

زيت الزيتون

12

80

8

زيت الذرة

16

27

57

زيت دوار القمر

10

18

72

زيت جوز الهند

92

6

2

زيت النخيل

80

14

1

الزبدة

58

39

3

المرجرين

64

30

6

ملاحظة:

أفضل أنواع الدهون هو ما كان عبئاً بالدهون اللا مشبعة الوحيدة (كزيت الزيتون)، أو الدهون اللا مشبعة العديدة (كزيت الذرة أو زيت دوار القمر). أما الدهون السيئة فهي تلك الغنية بالدهون المشبعة (مثل زيت جوز الهند وزيت النخيل والزبدة والمرجرين).

زيت الزيتون ومرض شرايين القلب

ينجم مرض شرايين القلب عن ضيق أو انسداد في الشرايين التاجية التي تغذي العضلة القلبية.

وأكثر ما يتظاهر هذا المرض بالذبحة الصدرية التي تسبب ألماً في الصدر عند الجهد، أو بجلطة القلب (احتشاء القلب) التي تنجم عن انسداد في أحد شرايين القلب التاجية.

وقد أظهرت دراسة نشرت عام 1990 في مجلة "جاما" الأمريكية الشهيرة أن مستوى ضغط الدم، وسكر الدم، والكولسترول كان أقل عند الذين كانوا يكثرون من تناول زيت الزيتون. وقد أجريت تلك الدراسة على أكثر من مائة ألف شخص.

زيت الزيتون وارتفاع ضغط الدم

ارتفاع ضغط الدم مرض شائع يصيب 20% من الناس في أمريكا وبريطانيا. ولا يعرف سببه في 95 % من الحالات.

وقد أجرى الدكتور "ويليامز" من جامعة ستانفورد الأمريكية دراسة على 76 شخصاً غير مصاب بأية أمراض قلبية لمعرفة تأثير زيت الزيتون على ضغط الدم. فوجد الباحثون أن ضغط الدم قد انخفض بشكل واضح عند الذين تناولوا زيت الزيتون في غذائهم اليومي. وكان انخفاض ضغط الدم أشد وضوحا عند الذين تناولوا 45 جراماً من زيت الزيتون يومياً.

زيت الزيتون ومرض السكر

ينجم مرض السكر عن نقص أو غياب في إفراز الأنسولين من البنكرياس، مما يؤدي إلى زيادة مستوى السكر في الدم.

وقد أوصى "الاتحاد الأمريكي لمرضى السكر" المصابين بمرض السكر بتناول حمية تعطى فيها الدهون بنسبة 35 % من الحريرات على ألا تتجاوز نسبة الدهون المشبعة (كالدهون الحيوانية) عن 10 %. وأن تكون باقي الدهون على شكل زيت زيتون وزيت ذرة، أو زيت دوار القمر (عباد الشمس).

فوائد أخرى لزيت الزيتون

ذكرت دائرة المعارف الصيدلانية الشهيرة "مارتندل" أن زيت الزيتون مادة ذات فعل مليّن لطيف، ويعمل كمضاد للإمساك.

كما أن زيت الزيتون يلطّف السطوح الملتهبة في الجلد، ويستعمل في تطريه القشور الجلدية الناجمة عن الأكزيما وداء الصدف. ألم يقل رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ائتدموا بالزيت.. وأدهنوا به (صحيح الجامع الصغير 18).

وقد وصف الله تعالى هذه الشجرة بأنها مباركة، فقال يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية (النور 35).

فالشجرة مباركة. والزيت مبارك.. وهنيئاً لمن نال من تلك البركات.

إنتاج العالم من الزيتون في العام الواحد

الدولة

عدد شجر الزيتون بالملايين

زيت الزيتون الكمية المنتجة
(1000 طن)

الزيتون الكمية المنتجة (1000 طن)

إسبانيا

193

416

151

إيطاليا

183

407

74

اليونان

113

211

63

تركيا

80

108

125

تونس

56

116

7

البرتغال

50

42

2

المغرب

27

28

45

سوريا

20.4

47

32.6

الجزائر

20

11.6

6.8

الأرجنتين

5

30

64

فرنسا

4

1.7

2.4

الولايات المتحدة

2.2

0.2

62

 

حسان شمسي باشا

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




زيت الزيتون مع الطعام يكافح شرور الدسم