القراءة الدينية للتاريخ

القراءة الدينية للتاريخ
        

          ثمة علاقة جدلية بين الإنسان والتاريخ, فالإنسان هو صانع التاريخ من ناحية, كما أن التاريخ يصنع الإنسان على نحو ما. هذه العلاقة الجدلية بين الإنسان والتاريخ هي التي جعلت تاريخ المعرفة التاريخية موازياً لتاريخ الإنسانية نفسه, إذ إن كل تطوّر جرى على الإنسان طوال وجوده في هذا الكون كان مصحوباً بتطوّر مماثل في المعرفة التاريخية, ولأن الرغبة الطبيعية في الإنسان لمعرفة أصول الأشياء والظواهر والعلاقات التي تحكم حياته الاجتماعية قد دفعته إلى البحث في الماضي, فإن (قراءته) لهذا الماضي اختلفت من عصر إلى آخر بسبب تطوّر أدوات الإنسان المعرفية.

          كانت (القراءة) الأولى للتاريخ هي (القراءة الأسطورية), وهذه (القراءة) كانت بمنزلة النواة التي نبتت منها شجرة المعرفة التاريخية بكل تجليّاتها عبر عصور التاريخ الإنساني.

          وعلى الرغم من كل الرموز والدلالات والصياغات الخيالية التي أثقلت هذه (القراءة الأسطورية للتاريخ), فإنها كانت تدور حول (واقع تاريخي), بيد أن نقص المعلومات والتسجيلات التاريخية دفعت الإنسان إلى ترقيع النقص في ذاكرة التاريخ بهذه الصياغات الأسطورية, ولذلك اختلطت محاولات الإنسان الأولى لتسجيل تاريخه بالأساطير التي كانت هي (القراءة) الأولى للتاريخ الإنساني, وكانت تلك (القراءة) ذات سمة تبريرية تحاول تفسير خضوع الإنسان للملوك الذين زعموا أنهم ينحدرون من نسل الآلهة, أو أنهم ضمن حكومات الآلهة. وفي هذه (القراءة) كانت الأسطورة تحكم التاريخ, لأن الأسطورة كانت حكاية مقدّسة تلعب أدوارها الآلهة وأشباه الآلهة, على حين كان البشر وسيلة وأداة بين الآلهة. بيد أننا لا ينبغي أن ننسى أن الكثير من آلهة العالم القديم جاءوا من أصول بشرية, أي أنهم كانوا ملوكاً أو أبطالاً أو أفراداً مشهورين, ثم حوّلتهم الجماعات الإنسانية في أساطيرها إلى آلهة لسبب أو لآخر.

حقائق التاريخ

          ثم مضى الزمان بالإنسان, وحدثت تغيّرات موضوعية كثيرة أدت إلى نقلة كمية ونقلة نوعية في المعرفة التاريخية, فقد أتاحت الكتابة والتسجيلات التاريخية كمّاً كبيراً من التراكم المعرفي عن حقائق التاريخ الإنساني, وأدى هذا بدوره إلى نقلة نوعية في المعرفة التاريخية, وتقدم العقل البشري, بحيث بات مستعداً لقبول رسالات السماء, وجاءت الأديان تقدم إجابتها على السؤال المضني (لماذا), ومن هنا, جاءت (القراءة الدينية) للتاريخ, وينبغي أن ننتبه إلى أن الأديان كلها قد حملت (مادة تاريخية) في كتبها المقدّسة من ناحية, كما أنها بلورت نوعاً من (فكرة التاريخ) الخاصة بها من ناحية أخرى, وهذه (القراءة الدينية للتاريخ) اختلفت من دين لآخر بطبيعة الحال, وكان هذا الاختلاف نابعاً من رؤية كل دين للإنسان ودوره في الكون وعلاقته بالآخر, كما أن (القراءة الدينية) اختلفت في هدفها من دين إلى دين آخر.

          فقد ركزت القراءة اليهودية للتاريخ على فكرة الاختيار والوعد المقدس, إذ إن كُتّاب أسفار العهد القديم اليهودية وضعوا التاريخ في إطار يمكن تفسيره بما يخدم الأهداف الدينية اليهودية, حقيقة أن الكتابات التاريخية العبرانية تمثّل مرحلة اختلاط الفكر التاريخي بالفكر الديني, بيد أن التسجيلات العبرانية الأولى قد سارت شوطاً نحو توضيح الدور الإنساني في التاريخ, وتقليل دور الآلهة الذي كان مسيطراً في القراءة الأسطورية, ومن ناحية أخرى, فإن فكرة الاختيار (أي اعتقاد اليهود أنهم شعب الله المختار) جعلتهم يسجّلون في كتبهم المقدّسة أخباراً عن تدخل الرب في توجيه حركة التاريخ لمصلحتهم.

          ولأن فكرة التاريخ لدى اليهود تدور حول فلسفة غائية هدفها طمأنة اليهود إلى الوعد المقدس بالأرض (سفر التكوين 13:35) فإن (القراءة اليهودية) صاغت أحداث التاريخ وفق النموذج اليهودي وفي إطار فلسفة التاريخ اليهودية التي تؤكد أن الرب سوف يتدخل في النهاية لمصلحة شعبه المختار!

          وهناك عدد كبير من العلماء والباحثين يرون أن اليهودية ديانة تطوّرت بفضل الميراث الثقافي للمنطقة, وربما تكون ديانة (آتون) التوحيدية في مصر القديمة قد أعطت اليهودية دفعتها الأولى, ثم تطوّرت بعد ذلك بفعل المؤثرات الثقافية السائدة في المنطقة العربية, ويبدو ذلك واضحاً في محتوى الكتب التاريخية في التوراة, فتاريخ بني إسرائيل كما تصوّره صفحات التوراة مليء بالحروب والدماء, ولكن أسفار التوراة فسّرت هذه الأحداث التاريخية تفسيراً يخدم الغايات الدينية اليهودية, ويتبلور هذا الاتجاه تماماً في سفر الرؤيا الذي حاول المفسّرون اليهود أن يخرجوا منه بتقسيم زمني لتاريخ العالم ينتهي بتدخل الرب لإنقاذ شعبه المختار وتدمير أعدائهم.

          ومن ناحية أخرى, فإن (سفر الملوك) يمثل فكرة التاريخ لدى اليهود خير تمثيل, إذ إن كاتب هذا السفر يحاول إقناع اليهود بأن الإخلاص الديني له قيمته, وذلك عن طريق وضع أمثلة تاريخية تذكّرهم بالمصائب التي حلت بهم عندما تخلوا عن دينهم, ومن يتأمل المادة التاريخية الواردة في أسفار التوراة الخمسة, وفي أسفار العهد القديم بشكل عام, يدرك أن النظرة اليهودية إلى التاريخ ترى فيه تاريخ بني إسرائيل أولاً, ثم تاريخ (الأغيار) أو الأمميين, (بقية البشرية) بعد ذلك.

          وفكرة التاريخ اليهودي  تبلور اعتقاد اليهود بأن هدف التاريخ هو تشييد مملكة الرب في أرض الميعاد بيد (المخلّص) الذي سيأتي في آخر الزمان, وقد فسّرت (القراءة) اليهودية للتاريخ كل الأحداث التاريخية التي مرت عليهم تفسيراً يناسب هذه الفكرة.

القراءة المسيحية

          أما (القراءة المسيحية) للتاريخ, فكانت قراءة غائية ذات هدف مستقبلي أيضاً, ولكن سياقها مختلف تماماً, فالإنسان من وجهة النظر المسيحية يحمل ذنب الخطيئة الأولى في حياته الدنيا, وهي مرحلة وسطى ينبغي أن يسعى الإنسان أثناءها لتحقيق الخلاص. فالحياة مرحلة تتوسط مجيء المسيح الأول وحادثة الصلب, ومجيئه الثاني في آخر الزمان لتدمير مملكة الشر والقضاء على الدجال, وإقامة مملكة الرب التي ستضم كل المؤمنين. وقد جاء المسيح لخلاص البشرية, وتجسّد بشراً بإرادته ورضي لنفسه بالصلب فداء للبشر, وعلى المؤمنين به أن يتبعوا نهجه في التضحية بالجسد والمادة وصولاً إلى الخلاص والسعادة الروحية, ومن ثم, فإن (القراءة المسيحية للتاريخ) ترى أن تاريخ البشرية قبل المسيح كان تمهيداً لقدومه, وأن تاريخ البشرية بعده سعي للخلاص وانتظار لقدومه الثاني.

          وهكذا, ترى (القراءة المسيحية) في التاريخ كتاباً كتب الرب فصوله وليس للإنسان فيه أي دور إيجابي, وعليه انتظار ما تسفر عنه إرادة الرب, ومنذ البداية ظهر هذا الاتجاه في كتابات أيوزيبيوس أسقف قيصرية وأوغسطين معلم المسيحية الكاثوليكية, ثم رسخ في كتابات مؤرخي العصور الوسطى في أوربا.

          وقد تمثلت فكرة التاريخ المسيحية الكاثوليكية في كتابات أوغسطين (354-430م), الذي يُعتبر المعلم الأول للكنيسة الكاثوليكية, ففي سياق دفاعه عن المسيحية إزاء الهجوم الذي شنّه العلماء الوثنيون عليها وضع خطوط فكرة التاريخ الكاثوليكية, كما وضع التقسيم الزمني لتاريخ العالم من وجهة نظر الكنيسة الكاثوليكية, وقسّم أوغسطين تاريخ العالم إلى ستة عصور قياساً على الأيام التي خلق الله العالم فيها من ناحية, وقياساً على عمر الإنسان الفرد بمراحله الست من الطفولة حتى الموت, هذه الفكرة التي أرساها أوغسطين في كتابه (مدينة الله) سادت القراءة المسيحية لتاريخ العالم بشكل جعل مؤرخي العصور الوسطى في أوربا يخضعون لها تماماً في كتاباتهم, ويرزحون تحت وطأة صورة قاتمة للتاريخ الإنساني الذي يبدأ بالخطيئة الكبرى والطرد من الجنة, ويستمر في الحياة الدنيا في شكل المأساة المستمرة التي تنتهي بالخلاص على النمط الذي حدده المسيح الذي ضحى بجسده ليكون فادياً ومخلّصاً للبشرية, وكان لابد لأولئك المؤرخين الكاثوليك أن يضعوا مؤلفاتهم داخل إطار هذا التصوّر.

          وبسبب سيطرة فكرة التاريخ الكاثوليكية على مؤرخي أوربا العصور الوسطى الذين وجّهوا طاقاتهم صوب كتابة نمط من الكتابة التاريخية يمكن أن نسمّيه (التاريخ المعاصر), فقد كتبوا الحوادث الجارية في زمانهم وكانوا شهود عيان لها, بيد أنهم حاولوا قولبة تلك الأحداث داخل (القراءة الكاثوليكية) للأحداث, وكانت النتيجة أنهم لم يدوّنوا الحوادث التاريخية كما جرت بالفعل, وإنما كما ينبغي لها أن تحدث لكي توافق (القراءة) الدينية لها. وفي سبيل ذلك, ضحّوا بالأحداث التاريخية الوضعية في سبيل رسم النموذج الكاثوليكي للتاريخ, ولم يكن ذلك ناتجاً عن جهلهم بالأحداث, وإنما كانت الرغبة في قولبة التاريخ داخل قالب (القراءة الكاثوليكية) هي السبب في ذلك, ففكرة التاريخ الكاثوليكية تقوم على أساس أن الناس في التاريخ يخضعون لسلطة أعلى منهم, وحركتهم في التاريخ ليست سوى تنفيذ للإرادة الإلهية التي وضعت بداية التاريخ ونهايته.

          من ناحية أخرى, كان أهم مؤرخي العصور الوسطى في أوربا الكاثوليكية من الرهبان ورجال الكنيسة الذين تولوا قيادة الحياة الفكرية والثقافية عموماً, وكان الرهبان منهم, بشكل خاص, هم الذين كتبوا المؤلفات التاريخية, وكانت القرون الباكرة من العصور الوسطى فترة تدهور واضمحلال في مجال الكتابة التاريخية وفهم حركة التاريخ, ومن ثم جاءت (القراءة الكاثوليكية) لتاريخ الإنسانية حبلى بالعناصر الغيبية التي أوكلوا إليها الدور الحقيقي في توجيه أحداث التاريخ. كذلك كانت الدعاية للملوك الذين ناصروا الكنيسة من ضمن العوامل التي حكمت التدوين التاريخي في أوربا العصور الوسطى, إذ تجلت مؤشرات الدعاية في أشد صورها فظاظة وخشونة في سير الملوك الأوربيين آنذاك, فإذا كان الملك من أنصار الكنيسة نجد صورته في الكتابات التاريخية تقليداً واضحاً لكتاب (حياة قسطنطين) الذي وضعه أيوزيبيوس لتمجيد الإمبراطور الذي ناصر الكنيسة المسيحية ونصرها, أما إذا كان من أعداء الكنيسة, فإن المؤلف يجعله فريسة لكل الشرور التي يصبّها الرب على أعداء الكنيسة.

          وتمثلت عيوب (القراءة الكاثوليكية) للتاريخ في أوربا العصور الوسطى في قلة وسائل البحث وغياب الوعي والإيمان الأعمى بروايات شهود العيان, ومن ناحية أخرى, تضمنت هذه (القراءة) عناصر غيبية اعتقد كاتبوها أنها من وسائط السببية في الظاهرة التاريخية, بيد أنه من العدل أن نشير إلى أن هذه العيوب كانت نتاجاً لظروف المجتمع الأوربي نفسه آنذاك, فقد انحصر التعليم في الأديرة بشكل يكاد يكون مطلقاً, ومن ثم كانت انحيازات الرهبان الدينية وراء هذا القصور الواضح في (قراءتهم) للتاريخ على نحو ما يتضح من الحقيقة القائلة بأن معظم مؤلفات التراث التاريخي الأوربي في العصور الوسطى كان من نتاج الأديرة.

رسالة الإنسان

          و (القراءة الإسلامية) للتاريخ تختلف بشكل جذري عن كل من (القراءة اليهودية) و (القراءة المسيحية) لتاريخ البشرية, ذلك أن فكرة التاريخ, كما يجسّدها القرآن الكريم, تجسيد للتصوّر الإنساني عن رسالة الإنسان في الحياة ودوره في الكون. فالإنسان هو خليفة الله في الأرض وفقاً للتصوّر الإسلامي, وقد تحمل أمانة إعمار الأرض وبناء الحضارة ونشر الحق والعدل في ربوعها وفق سنة الله. ولكي يتمكن الإنسان من أداء الأمانة, ينبغي عليه أن يتعرف على ذاته من خلال رصد الماضي الحضاري للبشر والبحث في ثناياه بهدف معرفة سنة الله التي خلت في عباده سورة الأحزاب آية 62 ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

          ويلفت النظر هنا أن فكرة التاريخ في القرآن الكريم تقوم على أساس أن التاريخ فعل إنساني في التحليل الأخير, إذ إنه نتاج لتفاعل الإنسان مع بيئته في إطار الزمان, كما أن التاريخ, من ناحية أخرى, خير وسيلة لكشف ماهية الإنسان, ولذلك نجد المادة التاريخية في القرآن الكريم تحكي قصة الأقوام والحضارات التي شهدها تاريخ البشر عبر الزمان, مثل قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط ومدين وآل فرعون وبني إسرائيل وغيرهم, بهدف إثارة الفكر البشري ودفعه إلى التساؤل والبحث عن الحق باستمرار, وبعبارة أخرى, دفع الإنسان إلى البحث عن الأسباب التاريخية لما جرى.

          وقد أدت فكرة التاريخ الإسلامية إلى تطور مهم في (قراءة) المؤرخين المسلمين لتاريخ الإنسانية, إذ راحوا يفتشون في قصة الإنسان على الأرض باعتبار أن التاريخ أحداث وضعية من صنع البشر وهم مسئولون عنها. ومن خلال المادة التاريخية الواردة في القرآن الكريم يمكن الخروج بنتائج من دراسة التاريخ الإنساني, فالقرآن يصوّر في وضوح شديد أن ثمة قوة كامنة في الحق, وأن الفشل مصير الباطل في النهاية, فما يناله الإنسان يكون نتيجة طبيعية للدور الذي مارسه, كما أن التغير التاريخي لا يحدث فجأة, وإنما ينتج عن تراكم بطيء عبر الزمان للأسباب التي تؤدي إلى هذا التغير التاريخي.

          وهنا نلاحظ أن الفكرة القرآنية تقول إن التاريخ لا يجرى اعتباطاً, كما أن حركته ليست حركة عشوائية, وإنما هي محكومة بسنن وقوانين منذ الأزل, وإلى يوم القيامة, بيد أن هذه السنن والقوانين التي وضعها الله لا تمنع الإنسان من أداء دوره التاريخي, وإنما تجعله مسئولاً عنه لأن الله ميّزه بالعقل والحرية.وفي هذا الصدد, نجد آيات كثيرة في القرآن تؤكد أن التاريخ مستودع للعظات والعبر التي يجب على الإنسان أن يبحث عنها في أخبار الأمم الماضية, وهناك حقيقة يؤكدها القرآن تقول إن الفعل الإنساني في التاريخ سبب له نتائجه التي يتحدد بها مصير الجماعة الإنسانية.

          هذه الرؤية التربوية الأخلاقية للتاريخ فرضت نفسها على المؤرخين المسلمين وجاءت (قراءة التاريخ الإسلامية) تجسيداً لها, ولما كانت الخلفية الثقافية للمؤرخين المسلمين قائمة بالضرورة على أساس من المفهوم القرآني, فقد كان من الطبيعي أن ينبع فهمهم للجدوى الأخلاقية/التعليمية للتاريخ من هذه الخلفية.

          وقد جسّد ابن خلدون في مقدمته الشهيرة هذه الرؤية بقوله: (اعلم أن فن التاريخ فن عزيز المذهب, جمّ الفوائد, شريف الغاية, إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم, والأنبياء في سيرهم, والملوك في دولهم وسياستهم, حتى تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدنيا والدين).

التاريخ والأخلاق

          وعلى أي حال, فإن (القراءة الإسلامية) للتاريخ ظلت تركّز على الجانب التعليمي التربوي, وتجلى ذلك واضحاً في أن المؤرخين المسلمين, على مدى عصور الثقافة العربية الإسلامية, ظلوا داخل إطار هذه (القراءة) التي ترى التاريخ أداة في خدمة الجانب الأخلاقي والتعليمي في المجتمع المسلم, بل إن منهم من قسّم ما أسماه (فوائد التاريخ) إلى قسمين: أحدهما دنيوي والآخر أخروي, بيد أن هذا التقسيم لم يخرج عن نطاق العظة والعبرة والمعنى الأخلاقي والمغزى التربوي الكامن وراء الأحداث التاريخية, مما يجعل الحياة ناجحة في الدنيا, ويضمن حُسن الثواب في الآخرة.

          هذا الجانب العقيدي ترك تأثيراته الواضحة على (القراءة الإسلامية للتاريخ), وهي قراءة ركّزت على مسئولية الإنسان في الفعل التاريخي من ناحية, كما ترك بصماته الواضحة على التطوّر الإيجابي في التدوين التاريخي عند المسلمين من ناحية أخرى.

          وهذه قصة أخرى.

 

قاسم عبده قاسم