ردود مختصرة

ردود مختصرة

أرجو التكرم بنشر هذه الردود المختصرة على تعقيبات نشرت في باب «عزيزي العربي» في العددين 629 و637، وتتصل بعدد من مقالاتي:

1- ردًا على السيد محمّد شاكر في شأن مقالتي «أمن اللبس لا يسوّغ الخطأ» المنشورة في العدد 625 - ديسمبر 2010 من «العربيّ»، باب: «اللغة حياة»، أؤكد أن ابن هشام قد تفرّد بالكلام على تقارض اللفظين في الأحكام، ولم يَعْنِ بالمُلح الأشياء المضحكة أو شواذ مرويات الأعراب، بل الأساليب المليحة، وقد جعل ذلك تحت عنوان القاعدة الحادية عشرة من قواعد متصلة بـ«أمور كلية يتخرّج عليها ما لا ينحصر من الأمور الجزئية» - والقاعدة ليست طرفة - وجعل لتلك القاعدة عشر حالات، استشهد لبعضها بالقرآن والحديث الشريف والشعر، أي بنصوص جدية. وليس دقيقًا أن القرآن لجأ إلى تقارض الألفاظ، بل إن ما استشهد به السيد شاكر قراءة تفرّد بها ابن كثير واستُعمل فيها المجاز لا التقارض.

2- أما السيد أحمد معتوق الذي عقب على مقالتي «الشاعر قد يفرض الدلالة والصيغة اللغوية» المنشورة في العدد 632 - يوليو 2011، فأقول له إن تأويلاتك لبيت أبي فراس بعيدة جدًا وغير مقنعة ولا علاقة للبيت بصيغة «واسأل القرية»، وليس المراد أن الهوى ينهى عن الصبر.

3- وأما الدكتور عودة الله القيسي الذي عقب على مقالتي «بين اللغو والمبالغة» المنشورة في العدد 618 - مايو 2010، فيجادلني في أمر لم أقله، فأنا قد تحدثت عن اللغة الفصيحة عامة وليس عن العربية الفصيحة وحدها، وأما ثمّة فهي اسم إشارة للبعيد، بمعنى هناك، وفق كتاب العين للخليل، ومن بعده سائر اللغويين، لاسيما ابن هشام؛ وفي جميع لغات العالم ترادفٌ، بعضه يدل على معنى واحد، لكونه مستعملًا في بلاد أو لغات (لهجات) متعددة (وللتبسيط أضرب مثلًا حديثًا هو الليمونة عند المصريين والحامضة عند الشاميين)، وبعضها يدل على معنيين متقاربين، لكن تقارب المعنيين أدعى إلى عدم تزاحم المترادفين في الدلالة على أمر واحد. وفي ما يتصل بعبارات الجامِعِين بين ثَمّة وهناك، فإن الجمل التي استعملتُها لتقدير معناها إنما هي لمجرد التقدير وليست صيغًا بديلة أَقترحها، لاسيما أن أسلوب من يجمعون بين الكلمتين أدنى إلى العجمة، وكثيرًا ما قَدّر القدماء الجمل المستعملة بجمل أخرى، وأشاروا إلى أن تلك الجمل التقديرية غير مستعملة. وأما الاستعمالات المتروكة فلا تحييها عبارة ملتبسة كعبارة: وفاة الموت، لأن أهل عصرنا يستعملون الوفاة والموت بمعنى واحد تقريبًا، ولا يفرق بين وفاة الموت ووفاة النوم إلا قلة من العلماء. وأخيرًا فليس النجيب هو الشديد الذكاء بل هو الفاضل الكريم.

د. مصطفى عليّ الجوزو - لبنان