هو.. هي

أريد لهما أوسع فرص التفاهم

يصمم زوجي على أن نعلن خطبة مي ومحمد، وبعد ذلك، وبعد أن نعد لهما المنزل وننهي ترتيباته، نعقد القران ونتمم الزفاف في يوم واحد. أرى عكس ما يقول. أريد عقد القران ثم نتمم الزفاف بعد إعداد المنزل.

عندما عدت به إلى تجربتنا قبل الزواج، أثار موضوع اختلاف الزمان. يقول زوجي إن زماننا غير زمان أولادنا.

قديما كان الأهل لا يراعون ظروف الخطبة، ولا مدى الحرية المعطاة للخطيبين لأن المجتمع كان أكثر انغلاقا. كان خروج الابنة مع الخطيب من الأمور غير المحببة. أما الآن، فقد اختلف الوضع.

توجد الآن في كل مجتمع أماكن عامة يجتمع فيها كل الناس. يتحاورون ويتناقشون سواء كانوا على علاقة أو مجرد أصدقاء. قديما كنا لا نجرؤ على مجرد الحديث إلى أي فتاة أو إلى أي فتى. لذلك كان الآباء والأمهات يصممون على عقد القران حتى يتيحوا الفرصة كاملة أمام الخطيبين للحوار والنقاش والتعارف.

في ذات الوقت عاد بي زوجي إلى تجارب آخرين لم تستمر كتجربتنا.

قال لي إنه في أثناء الفترة التي سبقت زواجنا كان هو على علم بعدد من التجارب التي سارت على نفس خطوات تجربتنا. ثم عقد القران انتظاراً للزواج. لكن، وبسبب الاختلاف الذي شب لم يلجأ الأهل إلى مجرد فك الخطبة وإنما اضطروا إلى إتمام إجراءات الطلاق. وهي خطوة صعبة في حياة أي فتاة أو فتى يكونان على بدايات حياتهما.

يبدو أن زوجي يتلمس خطوات زواج ابنتنا مي بحرص. ولا أدري سببا لذلك، لأننا نعلم أسرة محمد كما أننا نعرفه جيدا. فهو شاب متزن ومريح في تعامله. ولا أتصور أن الأمور بينه وبين مي ستصل إلى وضع صعب أو خلاف.

حاولت مناقشة زوجي لإقناعه بأن فترة عقد القران تتيح من حرية الحركة والحوار أكثر مما تتيحه فترة الخطبة. لكنه يصمم على رأيه على أساس أنه سيتيح كل فرص اللقاءات بين مي ومحمد. يرى أنه سينظم بشكل أو بآخر لقاءاتهما مع الأقارب والأصدقاء في أي وقت أو مكان يريانهما ملائمين. قال إن للأسرتين أبناء وبنات كثيرين ويمكن للخطيبين الخروج معهم.

قال زوجي أن وجود الشباب بعنصرية مع بعضهم البعض يزيل كل الحواجز ويحدث التقارب والتفاهم. ولا تثير مثل هذه اللقاءات أي أقاويل من الأقارب أو المعارف أو الجيران.

أنا لا أتوقع أي صدمات. لكن يبدو أن زوجي يخافها أو يتوقعها.

لا أدري ما الذي يقلقه. وهل القلق بسبب عدم ارتياحه لمحمد. أم أنه يريد وضعه تحت الاختبار لأطول فترة ممكنة.

أرى أن الأمور لابد أن تكون أكثر بساطة. فما دمنا قبلنا الخطوة الأولى وهي إعلان الخطبة فلا مانع من أن نعقد القران. اعتقد أي لست متسرعة...

.. هي

لماذا التسرّع؟

في تقديري أن فترة الخطبة هي أهم فترات ومراحل حياة الإنسان الاجتماعية.

في فترة الخطبة هذه، يمكن للإنسان أن يتعرف جيدا على مشروع شريك مستقبله بحيث يقرر الارتباط أو عدم الارتباط به. هذا تقديري الشخصي ولا أود تغييره.

كبرت ابنتنا. منذ عدة سنوات بدأ يتقدم إليها العديد من يرغبون الزواج. لم تشأ الظروف أن ندخل في حوار جدي مع أي من المتقدمين. إلى أن تقدم إلى مي شاب ينتمي إلى أسرة من معارفنا. وأصبح العرض في إطار الجدية.

جاءت الأسرة، ومعها محمد، لزيارتنا عدة مرات. كما ذهبنا عنده ومعنا مي، أثناء الزيارات، سواء التي تمت في منزلنا أو منزلهم كان محمد ومي يجلسان معنا يتبادلان الحديث ويتحاوران معنا.

الحديث الثنائي الذي جرى، ولا يزال يجري بينهما هو ذلك الذي يتم عبر أسلاك التليفون. وقد يستمر الحديث التليفوني لمدة طويلة.

عندما دخلنا في مرحلة الاتفاق شبه النهائي ثم النهائي تناقشت الأسرتان في أمور الخطبة، ثم عقد القران ثم الزفاف. كان طلبي هو أن نعلن الخطبة ثم ننتظر بعض الوقت لحين إعداد المنزل وترتيباته، ثم نعقد القران ويتم الزفاف في يوم واحد. المهم لدى هو أن نعلن الخطبة في البداية.

عندما طرحت رأيي على زوجتي عارضت الفكرة وطلبت أن نعقد القران ثم نؤجل الزفاف لحين إنهاء ترتيبات المنزل. طلبت مني زوجتي أن أتشاور في الأمر مع مي ومحمد وكذلك مع أسرة محمد.

رفضت مجرد فكرة مناقشة الموضوع مع مي ومحمد وقلت لزوجتي إنني سوف أطرح رأيي على أسرة محمد على أساس أنه قرار وليس فكرة أو رأيا. اتهمتني زوجتي بالاستبدادية والتمسك بالرأي دون مراعاة لآراء الآخرين.

أعلم أن زوجتي تريد إراحة ذهنها. لا تريد أن تتحمل مسئولية خروج مي ومحمد منفردين. من وجهة نظرها أن عقد القران يعني زواجا رسميا. وأنه يعطي الخطيبين فرصة للخروج معا والعودة إلى المنزل متى أراد.

ذكرتني زوجتي بظروف زواجنا وقالت إن أباها صمم على عقد قراننا وأننا حصلنا نتيجة لذلك على كل فرص الوجود معاً. ثم فرص المناقشة وبالتالي التعارف. قالت إنها لمست كل طباعي وتعرفت عليها خلال هذه المرحلة. وأنه لولا عقد القران لما أتيحت لنا هذه الفرصة الطويلة الممتدة المليئة بتبادل الخبرات.

ضحكت زوجتي وهي تذكرني بعدد المرات التي اختلفنا فيها معا ثم عدنا وحاولنا فهم نقاط الاختلاف. وكيف أن هذه المواقف الخلافية قربت بيننا بعد ذلك بحيث أننا كنا أكثر اقترابا من بعضنا بعد الزواج. أرى أن نبدأ بالخطبة أولا.

.. هو