طرفة بن العبد أحمد السقاف

قطوف دانية
إلى الذين يودون ان يتذكروا هؤلا الشعراء

طرفة بن العبد- بفتح الحروفة الثلاثة في طرفة - هو عبيد بن العبدبن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس، وينتهي نسبه ببكر بن وائل، ثم بمعد بن عدنان، وأمه وردة بنت قتادة، وقد لقب بطرفة - وهي الأثلة - وكنيته أبو إسحق أو أبوسعد أو أبوعمرو فالروايات تختلف في كنيته. شاعر فحل مشهور قال الشعر وهو لم يتجاوز التاسعة وقد ولد في البحرين عام 538م وبدأ شعره بمخاطبة قبرة لم يفلح في صيدها فارتجز قائلا:

يالك من قبرة بمعمر

خلا لك الجو فبيضي واصفري

ونقري ما شئت أن تنقري

قـد رفع الفخ ومـاذا تحذري

وذهب الصياد عنك فأبشري

لا بد من صيدك يوما فاصبري

ولم يعمر طرفة بن العبدطويلا فقد قتل وهو في الثانية والعشرين من العمر، وسبب قتله كما تقول بعض المصادر أنه هجا ملك الحيرة عمرو بن هند، وقد قدم إليه مع خاله المتلمس، ونقل هجاؤه إلى الملك، فكتب إلى عامله في هجر بالبحرين كتابا لكل واحد منهما يأمره بقتلهما، وقال طما إنه أمره بأن يجزل لهما العطاء غير أن المتلمس طلب من غلام من أهل الحيرة يتقن القراءة أن يفض الكتاب الذي يحمله ويقرأ ما فيه، فعلم المتلمس بما أمر به عمرو بن هند، فألقى الكتاب في النهر وقال لطرفة ألق كتابك أيضا، فأبى وواصل السير حتى بلغ هجر وسلم الكتاب للعامل، فاحتجزه عامل البحرين وكتب لملك الحيرة عمرو بن هند ان يعين عاملا يحل محله على البحرين لينفذ قتل طرفة فهو لا يستطيع قتله، فعين عمرو بن هند رجلا من تغلب فنفذ أمر الإعدام في طرفة وكان ذلك سنة 560م وكان عمره اثنتين وعشرين سنة. وطرفة بن العبدمشهور بمعلقته التي يقول فيها:

لخولة أطلال ببرقة ثهمد

تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد

وقوفا بها صحبي علي مطيهم

يقولون لا تهلك أسى وتجلد

وفي الحي أحوي ينفض المرد شادن

مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد

ووجه كأن الشمس ألقت رداءها

عليه نقي اللون لم يتخدد

واني لأجلو الهم عند احتضاره

بعوجاء مرقال تروح وتغتدي

على مثلها أمضي إذا قال صاحبي

ألا ليتني أفديك منها وأفتدي

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني

عنيت فلـم أكسل ولم أتبلـد

نداماي بيض كالنجوم وقينة

تروح علينا بين برد ومجسد

إذا نحن قلنا اسمعينا انبرت لنا

على رسلها مطروفة لم تشـدد

وما زال تشرابي الخمور ولذتي

وبيعي وإنفاقي طريفى ومتلدي

إلي ان تحامتني العشيرة كلها

وأفردت إفراد البعير المعبد

رأيت بني غبراء لا ينكرونني

ولا أهل هذاك الطراف الممدد

وهذه أبيات القصيدة التي هجا بها عمرو بن هند:

فليت لنا مكان الملك عمرو

رغوثا حول قبتنا تخور

من الزمرات أسبل قادماها

وضرتها مركنة درور

يشاركنا لها رخلان فيها

وتعلوهاالكباش وما تنور

لعمرك إن قابوس بن هند

ليخلط ملكه نوك كثير

قسمت الدهر في زمن رخي

كذاك الحكم يقصد أو يجور

لنا يوم وللكروان يوم

تطير البائسات ولا نطير

فأما يومهن فيوم سوء

تطاردهن بالحدب الصقـور

وأما يومنا فنظل ركبا

وقوفا ما نحل ولا نسير

وسبب هجائه عمرو بن هند أن هذا الملك كان شريرا، وكان له يوم بؤس ويوم نعيم ففي يوم البؤس يخرج للصيد فيقتل أول رجل يلقاه، وفي يوم نعيمه يقف الناس على بابه ولا يأذن بدخول أحد إلا إذا كان ممن يسليه.

 

أحمد السقاف