200 عام على الكلاسيكية
يقول جوته "الكلاسيكية صحة.. والرومانسية مرض".
ربما كان في هذه المقولة بعض من مبالغة الشعراء، ولكنها تصف حالة التحول الحاسمة التي عاشها الفكر الأوربي في نهايات القرن الثامن عشر، فالكلاسيكية لم تصدر عن بيان أو مدرسة فعلية ولكنها كانت نتاج عصر العقل الذي ولد من الفلسفة الديكارتية، ومن الانبهار بآثار اليونان والرومان، وقبل ذلك كله كانت حالة روحية.
كان الرومانسيون هم الذين أطلقوا عليها هذا الاصطلاح عام 1825 للتعبير عن كل الأشياء التي يكرهونها: الامتثالية، عبادة العقل، السعي إلى الجلال والفخامة، الانشغال بالدقة والترتيب. ولكن الكلاسيكية كانت أكثر من ذلك، كانت تعبيرا عن القرن التاسع عشر، عصر العلم والاكتشاف ومحاولة سن القواعد والنظم، هكذا جاءت تعبيرا عن الحاجة الملحة إلى النظام في مجالي العقل والفن وعن انبهار لا حد له أمام الأعمال الفنية القديمة في مواجهة التهافت الذي وصلت إليه الرومانسية. وهكذا ولد المذهب الكلاسيكي بكل عيوبه ومميزاته، النظام والترتيب، الوضوح، القياسية، الصرامة، الأبهة، الجلال، الرغبة الملحة في تجاوز الخاص وصولا إلى العام.
وأيا ما كان الجمود الذي أصاب الكلاسيكية بعد ذلك فقد كانت هي المذهب الأم الذي ولدت منه العديد من المذاهب الفنية فيما بعد، مثل الواقعية والتأثيرية والرمزية، ومازالت أصداء الكلاسيكية تعاود الرنين في عالمنا المعاصر في الموسيقى والأدب والفن.
والعربي تحاول من خلال هذا الملف أن تقدم قيما من الفن الخالص والسعي إلى الجمال والجلال لعلنا نستيقظ من حالة التهافت الفني التي نعيش فيها هذه الأيام.