عرس زياد

شعر

المكان: سجن أمن البصرة
الزمان: نوفمبر/ 1990
السمة: قبو؟

مدججاً بالسراب والطفولة
جاء والجنازة لا تزال في شفتيه
حاداً كلغز كثيف
في يديه انتصار ومعاصم مرة
وفي عينيه حمامة ومهجرون
فوق صراط الجرح
منفيون، عابرون
وبيننا الجزيرة، والجسر الترابي
وفتية دافئون
قاوموا كاشتعال في صباح لذيذ
يا أيها الموت العذب انفصم عنا
إنَّا تناسخنا كالفقراء
تناسلنا كسرب دخان
فالبحر مقهى النجوم
والبحر لا يدوم
والبحر من خلفنا مقصلة
مطر مؤجل واستغاثة العطش
والبحر من تحتنا
والبحر من فوقنا
والبحر قد يأتي
والبحر لا يأتي
والبحر عزف على الرمال منفرد
بحر الجزيرة .. قلبها المدى
قابل للانكسار
فهل ننسى مصائدنا
وهل يغرق البحر كالصبي الجميل؟
تشي البلد الغمام في صحراء الوقت
هذا الزناد الاحتفالي توأم لأنفسنا
فكيف يذبحنا؟
كان "زياد" تضاريس هويتنا
وكان حصار الموت في الأفئدة
من شفة الحلم قادم إلى البلد
في روحه الهولو
والصوت كالزبد
فآه يا بلدي،
لما يحين الفتى
والبحر في الجسد
حين نقرب منفانا على حجر.
***
يا دارنا، يا دار، يا موطن الأحرار
ها نحن في وطن بموسم الأمهات
والرصاص حقائب
فيا أيها القاتل حلما
"تسدس" للسؤال العصي، حين ينتصب
الجرح الرصاصي
فوق جلده
"هولو يا وطني هولو
من أي عاصمة نسعى إلى المنفى
لا وقت في دمنا لغير النشيد
من السجن المخبأ بأعضائنا
يا غيمة شرقت بالطائرات، نمت بالطلقات
إلى أين العبور؟؟
طق يا مطر .. طق
فالخطى في وطني من حجر
طق يا مطر
كلما جدب علينا ظهر
طق يا مطر
لا جسد في القلب غير هذا البرزخ الشتائي
والزجاجة الباردة
في كل مقبرة مدينة وصلاة للغائبين
صباح الموت .. أندلسي حزنكم
هل مرتاحون من موتكم؟؟
كان أبوعبد الله الصغير يؤدي البحر
فرضا
مرتاحون من موتكم؟
فرنجة عرب مستعربون بما يكفي
لنحر البلاد، والطفولات،
قم فأنذر الحالمين الحالمات، الساكرين
والساكرات الباحثين عن السكين، والباحثات
القاتلات الفتى، أصدقائي اللاذعين
صباح السجن
والنسوة المخبآت بقمصاننا
فالزنزانة في بلدي مليئة بالحصار الأسود
انتظروا قلبي
للؤلؤتين، لغيمة ويدين
لامرأة شاردة مغلولة القلب
والشعر من ذهب
هلا هلا هيا
واطو الفلا طيا
وقرب الحيا للنازح الصب
فالسجن صمت الحمام، والمنازل في الليل أضابير
للقلوب
هلا أخبرت القطا عني؟
مات المغني في صحرائه
فأنذروا وجعي طحينا لأمي
للفتاة تحني الفم بالقبلات والتوابل
من ينقذ بلادي من غزارة المنفى؟
يرش ماء الورد والطفولة والضحكات والزعفران
من يحرق الصولجان
انتظروا قلبي
ما أوحش السجن إن يهطل علينا مع الأحزان،
والسامريات القديمة
إن يهطل على قلبي
السجن سيف، والهواء متكئي
مرت خيول الذباب والبعوض الرمادي
ومرت تفاصيل الشتاء
ارتعاشة وراء ارتعاشة
فكان "زياد" موكب الباسل المصلوب
عرس التقاسيم الحزينة
عرف الأمنيات،
هذه الزنازين لا تفصله عن وجه البحر
إني لا أريد سوف مهرجين وأطفال
لأنسى السياج
أيدي المدى من زجاج
لا ...
لا ...
فلن نعطي الوالي علينا الخراج!!