ولد هذا الفنان في لايدن بهولندا عام 1626، ودرس فن الرسم عند معلم ألماني في أوتريخت، قبل أن يصبح مساعدًا للرسام الشهير فان غويان، ويتزوج ابنته.

لم يكن ستين كثير الأسفار، وإن عاش ما بين 1656 و1670 في مدينتي وارموند وهارلم الهولنديتين قبل أن يعود إلى لايدن التي بقي فيها حتى وفاته بعد سبع سنوات. وبالتالي، يمكن القول إن شخصيته الفنية هي هولندية بحتة.

رسم ستين في حياته نحو 800 لوحة، وصلنا منها نحو 350، وتشمل الطبيعة الصامتة، المواضيع الدينية، والصور الشخصية. ولكن أشهرها على الإطلاق هي تلك التي تمثل مشاهد الحياة اليومية من أعراس واحتفالات، والمشاهد من داخل البيوت والحانات التي تضم عددًا كبيرًا من الناس يقومون بأمور مختلفة. ومن المعروف أن الرسام كان قريبًا جدًا من أجواء الحانات، لأنه عندما انهار سوق الفن عام 1672، فتح حانة ليعتاش منها.

من ضمن صور الأعراس العديدة التي رسمها، نتوقف هنا أمام واحدة من أشهرها.

فعلى الرغم من أن مقاسات هذه اللوحة ليست ضخمة (68 × 87 سم)، تمكن الرسام من أن يزج فيها بنحو سبعة وثلاثين شخصًا. بعضهم يجلس إلى مائدة الطعام، وبعضهم يرقص، وفي المقدمة سكّير سقط بكرسيه أرضًا، وولد يحمل طبلة يهزأ منه بدلًا من أن يشارك الموسيقيين العزف، ولا ننسى العجوز الجالسة كمشاهدة لا كمشاركة، والرجل الذي يتحدث إلى المرأة في الغرفة المجاورة.

يرى الكثيرون أن أعمال ستين واقعية في تعبيرها عن الحياة اليومية. والواقع أن فيها الكثير من الواقعية «المؤلفة» إن جاز التعبير: الملابس بألوانها وطرزها، الأثاث الخشبي، حتى طبيعة الناس الذين يمكنهم أن يجتمعوا في عرس قروي.. كل ذلك مرسوم بأمانة للواقع، إما كما هو، وإما كما يمكنه أن يكون. ولكن ماذا عن هذه الستارة الضخمة المرفوعة لتترك الضوء يدخل مكان الحفل؟

بلونها الأرجواني وما عليها من تطريز، تبدو كأنها ستارة مسرح أكثر مما هي ستارة منزل أو قاعة احتفالات قروية. الأمر الذي يشي بوجود شيء من الترتيب المسرحي لهذا المشهد (ومن المعروف عن الرسام أنه ارتبط بعلاقات قوية مع جماعات المسرح الناشئة آنذاك في هولندا). ولكن بالاتكال على حساسيته الفائقة في التقاط مجريات الأمور في الحياة الواقعية، فإنه تمكن من «تأليف» هذا العرس القروي بكل ما فيه من حيوية وصخب.
---------------------------
* ناقد تشكيلي من لبنان.