طفلي ومشاكل نومه أحمد الشرقاوي

طفلي ومشاكل نومه

مشاكل النوم لدى الأطفال شائعة للغاية وتختلف باختلاف عمر الطفل. ويكون على الأم عامل كبير في مواجهة هذه المشاكل وحلها.

يحصل الطفل على كمية النوم التي يحددها تكوينه الفسيولوجي الخاص به. والطفل يستطيع أن ينام في أي مكان يكون فيه وذلك في معظم الظروف، ما لم يكن هناك ما يقلقه كالمرض أو الآلام أو الضوضاء. وإمكان تدخل الأم في تحديد ساعات نوم الطفل محدود، إلا أنه يمكنها من خلال إعداد مكان مريح للنوم أن تضمن للطفل ظروفا أفضل كي يخلد للنعاس مادام بحاجة لذلك. ومشاكل النوم تختلف باختلاف عمر الطفل. فالطفل حديث الولادة ينتقل بين النوم تارة واليقظة تارة أخرى، ويصعب على الأم أن تحدد حالة الطفل (نائما أو مستيقظا) . فالأم حين تبدأ في إرضاع الطفل يكون يقظا تماما، ويمكن للأم أن تدرك أن طفلها مازال يقظا من خلال اندفاعه وشغفه الشديد بالرضاعة، وبعد ذلك يغط في نوم عميق، ولا تستطيع أن تفعل شيئا لإيقاظه. بينما تنخفض ساعات نوم الطفل بعد الستة أشهر الأولى من عمره، ويتراوح معدل النوم بين تسع ساعات كحد أدنى إلى ثماني عشرة ساعة كحد أقصى يوميا. ويلاحظ مع اقتراب الطفل من نهاية العام الأول من عمره أن نشاطه وحب استطلاعه قد يشكلان دافعا لإبقائه مشغولا ويقظا. والكمية المثالية للنوم في هذه الفترة تصل إلى اثني عشرة ساعة ليلا وقد يصاحبها بعض فترات وجيزة من اليقظة. وبجانب نوم الطفل ليلا، فإن هناك فترتين وجيزتين للنوم (إغفاءتين) أثناء النهار تتراوح مدة النوم فيهما بين عشرين دقيقة إلا ثلاث ساعات. وفي العام الأول لحياة الطفل يعتبر الجوع الشديد أو الظمأ أو الألم أو المرض من أهم دواعي اليقظة والأرق كالفترة السابقة تماما.

صعوبة الخلود إلى النوم في السنة الأولى من العمر

إن صعوبة الخلود إلى النوم من المشاكل الشائعة في تنشئة الأطفال وتربيتهم، وتتجلى المصاعب عندما يذهب الطفل إلى النوم في سن ثمانية أشهر أو تسعة ، حيث يستطيع الطفل أن يبقى يقظاً لغرض ما . وقد لوحظ أن قضاء إجازة خارج المنزل قد يغير من عادات الطفل ونظامه في النوم، وتبدأ المشاكل عندما تعود الأسرة إلى المنزل. فالحجرة من الممكن أن تبدو غريبة على الطفل وتقلق راحته. كما أن التغيير من مواضع الأثاث في المنزل قد يسبب له قلقا أيضا، ويجب أن تكون الأم حريصة كل الحرص عندما ترغب في إدخال تعديلات جوهرية فيما يحيط بالطفل في هذه الفترة، وخاصة لون حوائط الحجرة، فأفضل الألوان هي البيضاء أو اللبنية أو البيج، فهي تريح نظر الطفل وتجعله ينام أهدأ. ومن الشائع في هذه الفترة أيضا - وهو يعد سببا يقلق الطفل أثناء الليل - ارتباط الطفل الشديد بالأم ، لأنه لا يقبل فكرة تركها له أو تركه ينام بمفرده، فنجده يصرخ معلنا رفضه كلما حاولت الأم مغادرة فراشه.

التغلب على مشكلة النوم

وحتى يمكن للطفل أن يقلل من تعلقه بأمه خلال الليل، فإن من واجب الأم أن تضيق تدريجيا الفجوة بين كون الطفل يقظا إلى جوار الأم وبين كونه نائما بعيدا عنها. فبعد أن يذهب الطفل إلى النوم وبدلا من أن تتركه الأم مباشرة وتبتعد عنه سريعا. فمن الأفضل أن تقضي الأم الدقائق العشر التالية لذهابه للنوم على مقربة منه . فقد وجد أن المغادرة الفجائية للأم لحجرة الطفل تجعل الخوف يتسلل إلى قلبه ويداهمه إحساس بالوحدة يؤدي إلى عدم النوم. وتدريجيا يستطيع الطفل أن يتعود، ويشعر بالأمان والراحة أثناء عدم وجود أمه قبل النوم وبالتالي يسهل عليه النوم.

طقوس النوم

طقوس النوم من العادات التي تؤدي إلى راحة الطفل والتي تنشأ بمساعدة الأم، والطفل الذي ينشأ لديه هذه العادة سوف يلح على أمه أن تكون مثل هذه الطقوس كل ليلة قبل أن يخلد إلى النعاس : مثل حمل الطفل والمشي به داخل الحجرة حتى يمكنه أن يقول لبعض الصور المحببة إليه تصبحوا على خير بعد أن يتأكد أن كل شيء في مكانه المعتاد، أو أن تضع الأم بعض اللعب والعرائس إلى جوار طفلها في الفراش وتقوم بهدهدتها وهي تغني لطفلها. وقد يكون من الصعب على الأم القيام بهذه الأفعال، وقد يؤدي هذا إلى ملل الأم من التكرار كل ليلة ولكن ذلك أفضل من استمرار الطفل في الصياح، ولعل هذه الطرق تسارع بتنويم الطفل.

ومن طقوس النوم أيضا عادة بعض الأطفال ضم بعض العرائس واحتضانها وأحيانا بعض اللعب، وقد تستمر هذه العادة خلال السنين الأولى من العمر، ويتخلص منها الطفل تلقائيا في سن المدرسة، عندما تبدأ الحياة المدرسية تشمل خاطره وأفكاره. وإذا حدث أن بدأ الطفل اليقظة والقلق بعد ذهابه إلى فراشه، فعلى الأم ألا تتركه يبكي وحيدا، كما أن عليها أيضا ألا تبادر إلى إيقاظه بحمله خارج فراشه.

والأم عادة لا تستطيع أن تقاوم حنينها عندما تشتد نوبة بكاء الطفل وتضطر أن تذهب إليه . أما الأب فغالبا يستطيع أن يقاوم صراخ الطفل ويتشدد في ذلك، ويحاول أن يمنع الأم من الذهاب إلى طفلها الذي يبكي، وينتهي الأمر بأن يلبي الأهل صراخ طفلهم فيهرعوا إليه لتهدئته. ولا شك أن هذا أرفق بالطفل والأم في نفس الوقت ما دامت الأم تحرص على عدم إيقاظ الطفل بحمله خارج فراشه.

الاستيقاظ أثناء الليل دون سبب واضح

قد يستيقظ الطفل أحيانا بعد عدة ساعات من النوم دون سبب. فهو لم يستيقظ بسبب حلم مزعج أو كابوس ولا يبدو عليه الخوف ، وفي نفس الوقت فإنه لا يحتاج لأي شيء. وقد يدهش الطفل لوجوده بمفرده مستيقظا في منزل هادئ فيحاول أن يتحدث إلى أمه أو ينادي عليها، ليتأكد من أن العالم حوله ليس خاليا. وكل ما يحتاجه الطفل ليعود إلى النوم هو أن تطمئنه الأم، وقد تسمح له بالنظر في كتاب أو إعادة ترتيب لعبه في الحجرة حتى ينام مرة ثانية.

وقد يستلزم الأمر وضع أشياء معينة في حجرة الطفل تجذب انتباهه عندما يستيقظ ، فلا يحتاج إلى أن يطلب وجود أمه معه ومحادثتها له .

الكلام أثناء النوم

إن كثير من الأطفال يتكلمون بصوت (همهمة) أثناء النوم. وبعض الكلام قد يكون واضحا بحيث تسمعه الأم. وبعض الأطفال يضحكون أثناء النوم وكأنهم يخاطبون أطفالا آخرين أو يداعبونهم. وإذا كان الطفل يستمر في النوم أثناء الكلام فلا داعي لإيقاظه أو الاستماع إلى ما يقوله. كما أنه لا داعي لأن يعلم في اليوم التالي شيئا عما فعله أو قاله أثناء الليلة الماضية، لأن أطفالا كثيرين يجدون أن في الكلام أثناء النوم ما يدعو للخجل، فإذا كان الكلام أثناء الليل يقلق الأخ أو الأخت المشاركين للطفل حجرة النوم، فعلى الأم فصل الطفل الذي يتكلم ليلا عن إخوته أثناء فترة النوم.

الاستيقاظ المبكر

يجب على الأم ألا تثور أو تغضب إذا استيقظ طفلها مبكرا ما دام باستطاعته أن يلعب في حجرته بهدوء دون أن يزعجها. وعندما يبلغ الطفل عامه الثالث فإنه سيكون قادرا على أن يفهم أنه يجب ألا يوقظ الأم إلا عندما يسمع حركتها في الفراش أو الحجرة. أما إذا نادى الطفل على الأم لأنه أصبح مبتلا، فيجب عليها ألا تستنكر ذلك أو تغضب منه أو تحاول أن تعاقبه. وإذا كان الطفل يستيقظ مبكرا لشعوره بالجوع أو العطش، فعلى الأم أن تترك مشروبا في ترمس إلى جانبه مع بعض الحلوى (كالبسكويت) ليأكل منه عندما يفيق من نومه فلا يضطر إلى إيقاظ أمه.

 

أحمد الشرقاوي