استخدام الأجنة في عمليات زرع الأعضاء

تطورت تجارب استخدام الأجنة في زرع الأعضاء في الآونة الأخيرة إلى دارجة كبيرة ولكن من ناحية أخرى فإن نقل هذه الأعضاء التي مازالت فيها مادة الحياة تثير مشاكل أخلاقية وقانونية لم نكن نعلم بها.

إن إجراء التجارب والأبحاث على الأجنة الإنسانية ليس أمرا حديثا أوجبته التقنيات العلمية البارعة، بل هو في واقع الأمر شيء قديم، وقد فحص أرسطو وجالينوس وأبوقراط مجموعة من الأجنة الحيوانية والإنسانية وأجروا مقارنات لها.وقد وضع أبوقراط بالذات أسس علم الأجنة التجريبي حيث قال في رسائله "خذ عشرين بيضة واتركها تحت حضانة بضع دجاجات. ثم قم من اليوم الثاني بأخذ بيضة يوميا واكسرها ثم قم بفحص الجنين المتكون في المح (المادة الصفراء)، وستجد أن نمو جنين الطائر يشبه إلى حد كبير نمو الجنين الإنساني".

وكان أبوقراط بذلك أول من وضع علم الأجنة المقارن وأول من نبه إلى التشابه في أجنة الطيور والثدييات بما فيها الإنسان.

وكان أرسطو الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد أول من وضع دراسة مستقلة عن الأجنة، وقد لاحظ فيها بدقة نمو جنين الدجاج وقارنه بنمو غيره من الحيوانات.

وقام جالينوس (في القرن الثاني بعد الميلاد) بكتابة كتاب كامل عن الأجنة ووصف الأمينون (كيس السلى) والمشيمة والسقاء Allantios.

وذكر القرآن الكريم مراحل نمو الجنين الإنساني في آيات كثيرة نذكر منها قوله تعالى: يأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام مانشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا.

واهتم الأطباء العرب والمسلمون في العصور الوسطى بالجنين وقد تحدث أبوبكر الرازي المتوفى سنة 303 هـ عن الجنين في كتابه، المنصوري في الطب تحت باب "في تدبير المرأة الحامل وحفظ الجنين" كما تحدث في موضع آخر تحت باب "في ما يمنع الحبل ويسقط الأجنة".

ويعتبر أحمد بن محمد البلدي المتوفى سنة 380 هـ أول من أفرد موضوع الحامل ورعايتها بكتاب خاص سماه "تدبير الحبالى والأطفال والصبيان" وقد حققه الدكتور محمود الحاج قاسم تحقيقا جيدا.

وقد أفاض البلدي في ذكر نمو الجنين ومراحله بشكل مذهل يشابه اشد حد غير قليل ما وصلنا إليه في القرن العشرين.

وليس غرضنا استعراض ماكتبه الأطباء المسلمون من العرب والعجم فهو كثير ولكن غرضنا هو التنبيه إلى أنهم درسوا الجنين دراسة جيدة (مقارنة بعصرهم) ولكن دراساتهم تلك كانت تتسم بصفة غالبة، هي الوصفية بحيث كان الطبيب يصف الجنين سواء كان ذلك جنين كتكوت، أم جنين حيوان، أم إنسان.

اتساع استخدام أنسجة الأجنة
وفي السنوات القليلة الماضية اتسع نطاق هذه الدراسات، وثم استخدام الأنسجة الجنينية لدراسة فروع مختلفة من العلوم الطبيعية حيث تم في مجال دراسة السرطان البحث عن مضادات الأورام الجنينية
Oncofetal antigens وفي مجال دراسة الفيروسات استخدمت أعضاء الأجنة مثل الكبد والكلى لعزل الفيروسات، ولإنتاج اللقاحات الفيروسية المختلفة، وفي مجال الغدد الصماء استخدمت غدد الأجنة لإنتاج الهرمونات.

وفي خلال السنوات الماضية بدأت الأبحاث تتجه اشد محاولة استخدام أنسجة الأجنة لمعالجة ومداواة بعض الأمراض المزمنة. وبدأ بذلك عهد نقل الأنسجة الجنينية إلى إنسان آخر ملتحقا بذلك بما يعرف بزرع الأعضاء.

ومنذ بداية الستينيات من هذا القرن تم استخدام نقي العظام (Bone Marrow) من الأجنة لمعالجة بعض أمراض الدم النادرة المتميزة بنقص الخلايا المناعية (اللمفاوية من نوع B أو نوع T أو كليهما معا).

ومنذ بداية الثمانينيات بدأت عمليات زرع خلايا من الغدة الكظرية (فوق الكلية) أو من خلايا الدماغ التي تؤخذ من الأجنة وتزرع في أدمغة المرضى الذين يعانون من مرض الشلل الرعاش (الباركنسونزم). وقام الجراحون في مستشفى كاردلينسكا في مدينة ستوكهولم بالسويد بنقل خلايا جنينية من الغدة الكظرية إلى دماغ مريض يعاني من هذا المرض. وتم وضع هذه الخلايا الجنينية في النواة الذيلية Caudate Nudeus. وأدى ذلك إلى تحسن ملحوظ خلال أسبوع واحد فقط. ولكن هذا التحسن سرعان ما اختفى وعاد المريض إلى حالته الأولى. وقد تم إجراء هذه العملية الرائدة في 30 مارس 1982.

وكانت المكسيك هي البلد الوحيد الذي قام بتجارب مماثلة، لاقت نسبة نجاح مطردة.

ثم انتقلت العملية إلى الولايات المتحدة، وهي لا تزال حتى الآن تعتبر ضمن حقل التجارب ومع ذلك فقد حققت نجاحا طيبا يجعلها تنطلق إلى آفاق أرحب لمعالجة أمراض أخرى في الجهاز العصبي مثل مرض الخرف المبكر المعروف باسم الزهايمر Alzheimer.

وفي نفس الوقت نجد أن زرع الأعضاء اتسع نطاقه ليشمل معظم أعضاء الجسم البشري، وأدى ذلك إلى نقص كبير في الأعضاء المطلوب نقلها، والتفت الأطباء فوجدوا الأجنة التي تطرح تلقائيا Spontanous Abortion والأجنة التي تجهض اختياريا Elective Abortion تبلغ عشرات الملايين فقالوا مادام هذا الجنين سيقتل ويطرح (50 مليون حالة إجهاض متعمد جنائي في العالم سنويا) فلا أقل من أن يستفيد بعض البشر من هذه المذبحة المروعة!!

وتكونت لجان لتدرس أخلاقيات استخدام الأجنة في الأبحاث وفي مجال زرع الأعضاء.

مشكلة استخدام الأنسجة الحية
ولا ريب في أن أصحاب الأبحاث والذين يريدون استخدام الأنسجة في زرع الأعضاء يرغبون في أن يستخدموا أنسجة حية لا أنسجة ميتة، لذلك تراهم يحرصون على استخدام الأجنة الحية أو التي فارقت الحياة بلحظات فقط.
لأن استخدام الأنسجة التي مضى على موتها وقت طويل لا فائدة ترجى منها في هذا الصدد وخاصة في مجال زرع الأعضاء أو زرع الأنسجة.

لهذا لابد أن تكون الأنسجة حية. ويمكن أن تكون الأنسجة حية إذا نزل الجنين حيا أو كان الفرق بين موته وأخذ الأنسجة المطلوبة محددا بدقائق معدودة. ويتم ذلك بإنزال الجنين بواسطة الشفط (Vacum) أو بواسطة تمريض الولادة أو بشق الرحم. وقد أكد تقرير اللجنة الأخلاقية للأبحاث الطبية في استراليا عدم جواز أخذ الأنسجة من الجنين لغرض زرعها، أو لإجراء الأبحاث عليها إلا بعد وفاة الجنين.

وبما أن وفاة الجنين لا تعني بالضرورة وفاة الأنسجة، فإن ذلك يسمح للأطباء والعلماء بإجراء أبحاثهم في فترة زمنية محددة هي الفارق الزمني بين وفاة الجنين وموت الأنسجة.

وناقش تقرير اللجنة الفرنسية استخدام الأجنة المبكرة (قبل الأسبوع العشرين) والأجنة المتقدمة (بعد الأسبوع العشرين) للأبحاث ولنقل الأنسجة وزرعها، فقرر أن استخدام الأجنة المبكرة مباح في كل وقت، وأن الأجنة المتقدمة في العمر لا يمكن استخدامها لهذه الأغراض إلا بعد موتها.

وفي هذه الحالات لا يمكن تعريف موت الدماغ بل يستخدم توقف القلب والتنفس دليلا على حدوث الموت.

وقد اتفقت اللجان المختلفة على تقسيم الأجنة المجهضة إلى ثلاث مراحل:

  1. أجنة غير قابلة للحياة: (Non vitale) وهي ما قبل الأسبوع العشرين، وهذه الأجنة يسمح باستخدامها للأبحاث ولنقل الأعضاء أو الأنسجة بشرط موافقة الأبوين على ذلك حتى لو كانت حية.
  2. أجنة قابلة للحياة: وهي الأجنة التي وصلت الأسبوع الرابع والعشرين وما بعده ووزنها يتراوح ما بين 400، 550 جم. وهذه الأجنة قابلة للحياة المستقلة خارج الرحم ويمكن إنقاذها.
    وهذه الأجنة لا يسمح باستخدامها أو أخذ أنسجة منها إلا بعد وفاتها. وفي هذه الحالة لابد أن تكون الوفاة طبيعية وينبغي أن تقدم لهذه الأجنة وسائل الإنعاش المتاحة.
    وهذا الموقف يشكل عقبة كأداء لمن أجرى الإجهاض، إذ إن الغرض من الإجهاض هو قتل الجنين والتخلص منه لا الاحتفاظ بطفل مبتسر خداج وقد أباحت اللجان المختصة التي نظرت في هذا الموضوع، استخدام هذه الأجنة في الأبحاث عند وفاتها وفاة طبيعية.
  3. الأجنة التي تنزل حية ولكنها غير قابلة للحياة المستقلة خارج الرحم: والتي يتراوح عمرها ما بين عشرين أسبوعا وأربعة وعشرين أسبوعا، وهذه الأجنة معضلة بالنسبة لرجال القانون، وقد اتخذت اللجنة الاسترالية وبعض اللجان الأخرى قرارها بالسماح باستخدام الأجنة التي تزن 300 جرام فما دونها، وعدم السماح باستخدام الأجنة التي تزن أكثر من ثلاثمائة جرام حتى تتبين وفاتها.

وتحدد الوفاة بتوقف القلب والتنفس لا بموت الأنسجة والخلايا.

وبهذه الطريقة يمكن استخدام الأنسجة الحية في الجنين الميت لأغراض زرع الأعضاء وإجراء الأبحاث.

ولاشك أن الوقت المتاح ما بين وفاة الجنين وموت أنسجته ضيق ولا يعدو بضع دقائق بالنسبة لخلايا الجهاز العصبي وأكثر من ذلك قليلا للأنسجة الأخرى، ماعدا الجلد والعظام التي يمكن أن تبقى لما يقارب 12 ساعة أو أكثر.

هذه المعضلة لم تقم حتى الآن في البلاد الإسلامية للأسباب التالية:

  1. أن الابحاث في مجال الأجنة محددة جدا بالدراسة التقليدية للأجنة الميتة.
  2. لا توجد مشاريع أبحاث متقدمة لزراعة الأنسجة.
  3. لا تسمح القوانين في البلاد الإسلامية بالإجهاض إلا لسبب طبي فقط، وعادة ما يتم الإجهاض في فترة مبكرة من الحمل.

أطفال الأنابيب

بهذه العجالة نتعرف على مشكلة إجراء الأبحاث على الأجنة واستخدامها في زرع الأعضاء ولكن يبقى موضوعان هامان متعلقان بالأبحاث حول الأجنة، ويمكن أن يكون لهما علاقة بالوضع الحالي في البلاد الإسلامية عربية وأعجمية.

وأولهما موضوع أطفال الأنابيب وما يتعلق به من الأجنة المجمدة، وثانيهما الجنين المولود بدون دماغ.

وسنتناول كلا منهما فيما يلي بالبحث بصورة موجزة:

الأجنة المجمدة
لقد انتشرت مراكز ما يسمى "أطفال الأنابيب" في البلاد العربية في الآونة الأخيرة لعدة أسباب منها: المكاسب المالية الكبيرة التي يحصل عليها القائمون على هذه المشاريع، والشهرة، واهتمام الإعلام بهذه القضية ووجود عدد ليس بالقليل يعاني من العقم ويشعر بالإحباط نتيجة فشل
الوسائل الأخرى ولذا يتجه إلى أي علاج يتوسم فيه الأمل في حل معضلته المزمنة.

وعلى سبيل المثال في جدة ثلاثة مراكز لمشاريع أطفال الأنابيب "كلها تجارية بحتة" وفي عمان مركزان تجاريان، ولست أدري كم هو عدد المراكز في القاهرة والكويت وغيرهما من العواصم والمدن العربية.

وبما أن الأطباء يحرضون المبيض على إفراز أكبر عدد ممكن من البويضات بواسطة العقاقير (الكلوميد والبرجونال) فإن الطبيب قد يحصل على عدد وفير من البويضات. وقد ذكر الأستاذ الدكتور عبد الله باسلامة في بحثه القيم "الاستفادة من الأجنة المجهضة والفائضة في زراعة الأعضاء وإجراء التجارب" المقدم للمجمع الفقهي الموقر للدورة السادسة، أنه أمكن استخراج خمسين بويضة من امرأة واحدة، وأن أحد مراكز أطفال الأنابيب كان لديه 1208 أجنة فائضة أودعت الثلاجة وجمدت من 432 امرأة أجريت لهن عملية "طفل الأنبوب".

وهذه الأجنة تسمى كذلك تجاوزا وإلا فهي مرحلة ما قبل الجنين وتتكون من 4 - 8 خلايا تقريبا مجمدة بالنيتروجين السائل.

وهذه اللقائح يمكن استنباتها وجعلها تنمو. وقد وافقت لجنة وارتك البريطانية على استنباتها وتنميتها إلى اليوم الرابع عشر الذي يظهر فيه الشريط الأولي Primitive الذي يعتبر البداية الأولية للجهاز العصبي لإجراء التجارب على هذه الأجنة الفائضة عن الحاجة بشرط أن يوافق الأبوان على ذلك.

وكذلك وافقت اللجنة الأخلاقية لدراسة استخدام الأجنة المجمدة في الولايات المتحدة على استخدام الأجنة المستنبتة حتى اليوم الرابع عشر من نموها.

وقد تحدد اليوم الرابع عشر باعتباره بداية ظهور الشريط الأولي Strek الذي يتكون منه الميزاب العصبي Neural Groove .

ولكن الجدل لا يزال محتدما حول المدة التي يمكن أن يسمح بها لتنمية هذه الأجنة لاستخدامها في مجال الأبحاث أو الاستفادة منها في استخدام الأنسجة الجنينية، ويحاول بعض العلماء والأطباء تمديد هذه المدة لتتجاوز اليوم الرابع عشر. وهناك اتجاه للإباحة لدى كثير من الدوائر العلمية ولكن لا يزال الموقف القانوني غير واضح حتى الآن في هذا المجال.

ويجادل كثير من الأطباء والعلماء حول أهمية هذه الاستخدامات لأن في ذلك معرفة للأمراض الوراثية المختلفة كما يمكن أن توفر أنسجة الجنين مصدرا غنيا ثرا للأعضاء لأن أنسجة الجنين قابلة للنمو والانقسام وربما تكون أفضل من الناحية الوظيفية من الأعضاء التي تؤخذ من الموتى أو الأحياء المتبرعين.

الجنين بدون دماغ
إن هذه التسمية ليست دقيقة، فالواقع أن هذه الأجنة أو الأطفال المولودين خداجا أو في موعدهم لديهم جزء يسير من الدماغ هو جذع الدماغ.

وبما أن مراكز اليقظة والتنفس والتحكم في الوظائف الأساسية للحياة موجودة في جذع الدماغ فإن هؤلاء الأطفال يولدون وتكون لهم القدرة في أغلب الأحيان على التنفس الطبيعي الذاتي، كما أن قلوبهم تنبض ودورتهم الدموية سليمة. ولكن المشكلة الأساسية بالنسبة لهؤلاء الأطفال أن المناطق المخية العليا غير موجودة ولذا ليست لديهم القدرة مطلقا على الإدراك أو حتى الإحساس بالألم.

وتتوفى معظم هذه الحالات في خلال بضعة أيام بعد الولادة، ولكن هناك حالات عاشت أربعة أسابيع. وهناك تقارير تدعي أن بعض هؤلاء الأطفال عاشوا لمدة سبعة أشهر، وهناك تقرير يدعي أن طفلا عاش سنة ونصفا.

المشاهد والمعروف لدى عامة الأطباء أن هؤلاء الأطفال لا يعيشون سوى بضعة أيام ثم يتوفون.

وبما أن هناك طفلا بدون دماغ من كل ألفي ولادة تقريبا فهناك عدد كبير من هؤلاء الأطفال في البلاد ذات الكثافة السكانية العالية، ففي مصر مثلا تتم ولادة مليون طفل كل عام منهم حوالي خمسمائة طفل مولود بدون دماغ. ورغم أن هؤلاء الأطفال فاقدون للمخ Cerebrun فإن جذع الدماغ موجود. ولذا يتنفس معظم هؤلاء الأطفال تنفسا طبيعيا كما ان قلوبهم تنبض وعروقهم تتدفق فيها الدماء.

ونتيجة لنقص الأعضاء المتوافرة للزرع بدأ فريق من الأطباء يتحدثون عن أن من فقد وظائف المخ (بدون جذع الدماغ) يمكن أن يعتبر ميتا.

وثار الجدل واحتدم إذ كيف يمكن أن نعتبر شخصا لا يزال يتنفس تنفسا طبيعيا وينبض قلبه تلقائيا، كيف يمكن ان نعتبره ميتا؟!

لاشك أن اعتبار مثل هذا الإنسان ميتا هو جريمة قتل كاملة مع سبق الإصرار والترصد وتعاقب عليها قوانين الدنيا وترفضها جميع الأديان.

وحاول بعض الأطباء ان يزعم أن الجنين بدون دماغ Anencephaly هو حالة خاصة ينبغي ألا تدخل في تعريف موت الدماغ الذي يستوجب موت جذع الدماغ بالإضافة إلى المخ.

(Cerebrun).

والواقع أن الجنين بدون دماغ هو إنسان حي من حيث حرمة الاعتداء عليه، وبالتالي لا يجوز نزع أعضائه إلا بعد التيقن من وفاته، وبشرط أن يسمح والده بذلك.

ولكن المشكلة تأتي من أن تشخيص موت الدماغ في هذه الحالات أشد صعوبة من حالات موت الدماغ في الأطفال والكبار، ذلك لأن الطفل بدون دماغ يعاني من عيوب خلقية كثيرة تجعل فحوص موت الدماغ متعذرة ما عدا فحص توقف التنفس الذي يمكن أن يعتبر العلامة الفارقة بين الحياة والموت.

وقد قام جراح نقل الأعضاء السعودي الدكتور نبيل نظام الدين من مستشفى الشاطئ بجدة بنقل الكلى من أربع حالات من هذا النوع وكانت نسبة النجاح 50 بالمائة.

والمشكلة العويصة في هذا الموضوع ليست تقنية العملية، فإن جراحينا أصبحت لديهم درية عالية لا تقل عن تلك الدرية الموجودة في الولايات المتحدة ودول أوربا، ولكن المشكلة تكمن في الجوانب الأخلاقية لهذه العملية.

ولا أقل من أن نعترف بأن هذا الطفل المخلوق بدون دماغ هو كائن حي لا يجوز الاعتداء على حياته بأي حال من الأحوال.

ولا بد ان يدرك الأطباء إدركا تاما أن هذا المخلوق المشوه ليس إلا إنسانا له جميع حقوق الحياة المحترمة في الإنسان الحي، وأن الاعتداء على حياته أو تعجيل موته هو جريمة قتل سيحاسب عليها في الدنيا والآخرة.