عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

الديمقراطية مستقبلنا

أصبح الحديث عن الديمقراطية كالماء؛ لا حياة من دونه، وكالهواء؛ نتنفسه في نهارنا وليلنا؛ سجالاً ونشرًا وبثًا وإذاعة، وكأننا نحصد ثمار بستان عمره قرون، وإن هي إلا نبتة غضّة هبّت عليها نسائم حرية، تنتظر الكثير يرويها، فتنمو وتصح وتستقر وتثمر.

هكذا يؤكد رئيس التحرير في حديثه الشهري؛ حيث إن النهج الديمقراطي لا يمكن أن يُشيَّد بطريقة سليمة إلا في تربة صالحة لنمو الحرية التي ينبغي أن يتمتع بها المواطن الفرد، بحيث تتوافر له الإرادة الحرة التي تمكنه من معرفة ما يريد، وأن يمتلك الحرية التامة في اختيار ما يريد، كشرط أساسي ومبدئي لأي ممارسة ديمقراطية، وأن يكون يقين الفرد الكامل في التعددية بأن اختياره لما يريد لا يعني نفي أي اختيار آخر لشخص سواه أو جماعة سياسية كانت أو اجتماعية أو عقائدية. ويرى رئيس التحرير أنه «بالرغم من الخطاب الذي تؤكد عليه الحكومات العربية في الدول التي تعرضت للتغيير أخيرًا عن حرصها الدائم على الديمقراطية، وبالرغم من تعارض الممارسات مع هذا الخطاب عبر القوانين الاستثنائية والممارسات التي تستعير وسائلها من النظم الديكتاتورية لا من النماذج الديمقراطية، فإن أغلب تلك الحكومات قد حرصت على أن تزين الخطاب بهياكل مستعارة من الثقافة الديمقراطية، ولكنها في الممارسة العملية ابتعدت عن النهج الديمقراطي، واكتفت بالإطار الشكلي لهذه المؤسسات وطوّعتها لتأمين سياساتها لتؤكد لذاتها أن كل ممارساتها مبررة بالوسائل الديمقراطية المتعارف عليها. إن مثل هذه الديمقراطيات الشكلية هي ما تمردت عليه الشعوب العربية اليوم في إطار سعيها للتغيير والمطالبة بالحرية والحقوق التي تساوي بين جميع المواطنين بلا تمييز» فكيف يكون مستقبلنا، ومستقبل الديمقراطية؟

تبدو قراءة المستقبل مرهونة بالاستفادة من تجارب الماضي، وممارسات الآخر في الحاضر، وهو ما تسافر إليه «العربي» فتستطلعه في رحلة برتغالية أندلسية فوق تقاطعات الزمن، وهو ما تستنطقه في الثقافة اليابانية التي تتحدى مخاطر الطاقة النووية، وهو ما تحتفل به حين توثق لمرور قرن كامل على إنشاء المدرسة المباركية بدولة الكويت التي دشنت نموذج العمل الأهلي في خدمة المجتمع ببواكير النهضة الخليجية، وهو كذلك ما تقدمه للمبدعين الشباب في تجربة أحد أعلام الثقافة العربية نجيب محفوظ.

ومع ذلك كله؛ تزف «العربي» لجمهورها ميلاد مطبوعة جديدة؛ توزعها مجانًا كل شهر، بداية من هذا العدد، متمثلة في «البيت العربي»، الذي نعول عليه في استقطاب الكثيرات والكثيرين، بالمشاركة والقراءة والتفاعل، من أجل بيت عربي يزين مستقبلنا. ونختتم العدد بفهرس شامل يكشف تلك التعددية الثقافية لـ «العربي» التي تنادي بها، من خلال مبدعين يمثلون الأجيال كافة، والمشارب على تنوعها، والجغرافيا على اتساعها.

وعلى متن قافلة الفنون والآداب والعلوم، تتجدد الرحلة مع القراء والقارئات الكرام.

 

المحرر