عزيزي العربي

عزيزي العربي

  • سكان الفضاء

تجدوني دائمًا شديد الشغف والتعلق بباب «مستقبليات»، الذي أتابعه بنَهَمٍ وجُوعٍ باحثًا عما فيه من جديد يتحفنا به المفكر أحمد أبو زيد وقد قرأت موضوعه المنشور بالعدد635 - أكتوبر 2011، ولي تعليق عليه:

يرى كثير من كتاب الخيال العلمي بأعينهم المتطلعة إلى المستقبل، لاسيما العيش في الفضاء أن الإنسان سينطلق إلى الفضاء الخارجي ويعيش فيه. وفي ظني الأقرب إلى اليقين أن مصير الإنسان هو أنه سيعيش في الفضاء شاء أم أبى، وذلك لما تعانيه الكرة الأرضية من كثافة سكانية عالية، حيث سيبلغ عدد سكان الأرض سبعة مليارات في القريب العاجل.

ولا شك في أن هذا العدد سيتضاعف خلال سنوات ليست بالطويلة؛ وذلك نسبة للتطور التقني المذهل والمتسارع في حياتنا والذي بفضله أعتقد أن الإنسان سيتمكن من القضاء على جميع الأمراض التي كانت تصيب البشرية من قبل، حيث سيتمكن من القضاء عليها بصورة نهائية وبلا رجعة على الإطلاق، ومن ثم سيتفرغ للعمل على تكثيف جميع مجهوداته العملية والعلمية للبحث في مجال معرفة سر الحياة والكشف عن أسرار هذا اللغز المحير للبشرية، ولن يلبث العلماء أن يتوصلوا إلى حل هذا اللغز الذي لن يكون معقدًا بتلك الصورة التي حسبوها قبل قرون خلت من الآن.

وبعد أن يتم للعلماء ما أرادوا من اكتشاف سر الحياة سيقومون بعملية استعادة حياة جميع الأموات الذين كانوا قد انتقلوا إلى الحياة الأخرى، وبعودة الجميع إلى ممارسة حياتهم من جديد ستفك جميع الألغاز والأسرار التي كانت غامضة في كل المجالات دون استثناء.

غير أن الأرض ستمتلئ بالبشر وستضيق مساحتها وستقل مواردها، الأمر الذي سيضطرهم إلى الهجرة إلى الفضاء الخارجي بحثًا عن أماكن تتسع لهم للعيش فيها.

وأنا الآن أنظر بعين الخيال إلى ذلك المستقبل البعيد، فأرى سكان القارة السوداء (إفريقيا) سيعمدون إلى طرد جميع سكان الكرة الأرضية إلى خارج الأرض لاسيما أن علماء الأنثربولوجي قد تيقنوا من أن سكان القارة السمراء هم أصل البشرية.

وكان الحل هو أن تفكر كل جماعة بشرية في حل مشكلة الكثافة البشرية المتزايدة لسكان كوكبها فقام الآسيويون بالنزوح إلى كوكب عطارد ثم توجهوا إلى الزهرة الذي ضموه لمستعمراتهم، بينما غزا كل من الأمريكان والأوربيين بقية كواكب المجموعة الشمسية الأخرى للتوسع فيها بعد أن طردوا من كوكب الأرض.

د. حسن ود تليب
الخرطوم - السودان

  • حول مستقبل البحث العلمي في الوطن العربي

ونحن على عتبات مرحلة جديدة من تاريخ الأمة العربية رسمت معالمها ثورة شبابية تخطت الطابع الاجتماعي إلى المطالبة بكسر قيود الحرية والتغيير نحو الأفضل. وللوقوف أكثر على هذه المرحلة فقد قادتنا مشاركة الباحث د. علي التركي في رسم الواقع العربي وآفاقه المستقبلية ضمن مقالته والتي دعمت حديث الشهر حول «الديمقراطية والثورات العربية» إلى الوقوف على أزمة البحث العلمي في الوطن العربي في غياب الديمقراطية في المنطقة العربية، فبينما يحقق العالم حولنا قفزات هائلة في مجال الإنفاق على البحث العلمي وبراءات الاختراع واستثمار البحوث، يتراجع البحث العلمي العربي ومردّه في ذلك غياب النهج السياسي السليم ما أدى إلى التراجع والبقاء خارج دائرة التطور العلمي.

تساؤلات كثيرة تطرح نفسها: أين يتجه العرب؟ ومتى تستفيق هذه الأمة من سباتها العميق حتى تدرك ما فاتها في ظل النظام العالمي الجديد الذي أصبح في سباق محموم للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة التي تكفل له الراحة والرفاهية وتضمن له التفوق على غيره؟

وعندما يتصفح المرء إحصائيات الإنفاق على البحث العلمي والتطور التكنولوجي يصطدم بحقيقة مفزعة مفادها أن معظم الأقطار العربية تصرف مئات المليارات على الفضائيات والحفلات والمهرجانات الشعرية في هذا الوقت العصيب وغضت الطرف عن البحث العلمي وتطوير المنظومة التربوية لكسب أرضية خصبة تمكننا من خلق جيل يتعامل بعقلية واعية مع الأشياء، وهذه الحقائق أقرّتها منظمة اليونسكو في أحد تقاريرها، ففي سنة 1999 جاء تقريرها يؤكد على أن الدول العربية لا تعير اهتمامًا للتقدم العلمي, حيث إن نسب الإنفاق على البحث العلمي ضعيفة جدًا إذا ما قارناها بدولة واحدة من الاتحاد الأوربي الذي قفز قفزة كبيرة في هذا المجال، ولا ننسى أن دول آسيا في طريقها نحو التقدم، أما الأدهى والأمرّ في ذلك فهو أن إسرائيل العدو التقليدي ينفق على البحث العلمي ضعف ما ينفقه العالم العربي، وهذا مؤشر خطير يجب تداركه بكل الوسائل والإمكانات كمشاركة الشركات بنسبة من الأرباح تخصص للبحث وتطوير المخابر وتحفيز المبدعين وتشجيعهم لا تهميشهم حتى يفضلوا الهجرة والابتعاد عن الوطن.

وفي إحدى محاضراته التي ألقاها في كلية اليمامة بالرياض تحت عنوان عقول مبدعة «Great Minds» أكد د. أحمد زويل أحد مفاخر الوطن العربي في مجال العلم والمعرفة على ضرورة الارتقاء بالتفكير العلمي واتباع مناهج جديدة تواكب الحضارة، وقدم في ذلك مشروعًا في شكل أربع دعائم للتغيير نلخصها كالتالي:

أولاً: تأسيس نظام سياسي جديد يحترم مبادئ الحريات وحقوق الإنسان.

ثانيًا: إن القانون السائد يجب أن يطبق على كل فرد من المجتمع بغض النظر عن طائفته الدينية

أو خلفيته الاجتماعية لا أن يتم تنفيذه بشكل انتقائي، لأن ذلك يفرز الفساد ويشل الاستثمار ويهدر الموارد ويفقد الفرد ثقته في النظام السياسي.

ثالثًا: تطوير النظم التربوية وتشجيع التفكير النقدي وفيه تحرير التعليم الجامعي من القيود البيروقراطية والسياسية.

رابعًا: إصلاح الإعلام العربي ضرورة أساسية للتنمية، لأن المادة الإعلامية هي الرابط بين المفكرين وطلاب العلم عبر الحوار التلفازي واللقاءات الإعلامية.

في السياق نفسه، كتبت الباحثة نهال قاسم أن الحقيقة الموضوعية تؤكد أنه ما من سبب في تعثر الأبحاث العلمية وتراجعها المستمر في الأقطار العربية سوى غياب التخطيط وضآلة الإمكانات إلى أن خلصت إلى أن المجتمعات المتقدمة تدعم المؤسسات البحثية ماديًا ومعنويًا ولا تدخر في ذلك جهدًا بكل الوسائل والإمكانات، حتى إنه في كثير من الأحيان تنظم مسيرات وتجمعات أمام البرلمان ومقر الدوائر الرسمية تطالب الحكومة بالإنفاق بسخاء على البحوث العلمية، بينما تنظر المجتمعات العربية نظرة سلبية إلى البحث العلمي غير عابئة لخطورة الموقف ونحن نواجه أعداء من كل مكان.

الآن وقد تجلت الصورة ورسم معالمها ربيع الحرية في وطننا العربي بات من المؤكد أن التغيير متوقف على معادلة سوسيولوجية مفادها أن التغيير يجب أن يتم في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يراعي كرامة الفرد ويضمن حقوقه وفق النقاط التالية:

- الإسراع في اتخاذ الخطوات العلمية وإصلاح المنظومة التربوية ومد جسور المعرفة بين الأفراد.

- استقلالية المؤسسات الأكاديمية وعدم التدخل في شئونها.

- ضمان الحرية الفكرية للباحثين وهذا شرط ضروري للتقدم.

وقد قيل قديمًا: «صعود السماء لا يحتاج منك إلى مركبة فضائية، بل إلى عقل واسع الآفاق حتى ولو كنتَ أسيرَ الفراش».

شهاب جوادي
قفصة - تونس

  • بهاء الدين زهير شاعر حجازي

السيد رئيس التحرير..
تحية طيبة وبعد..

قرأت في العدد (626 - يناير 2011م)، في الباب الثابت للأستاذ فاروق شوشة «جمال العربية» عن الشاعر بهاء الدين زهير ما قاله الكاتب بأن الشاعر من بين شعراء مصر في عصر الدولة الأيوبية..إلخ. وأود أن أوضح للقارئ وللكاتب كذلك، أن البهاء زهير هو شاعر حجازي وأنه عاش في مصر وليس بمصري كما ادّعى الكاتب في تقديمه لبعض قصائده، كما صنفه بأنه «شاعر الروح المصرية الخفيفة الظل..».

ومَن يطّلع على ديوان الشاعر - المذكور - الذي طبعته ونشرته «دار بيروت للطباعة والنشر» عام 1964م - 1383هـ يجد في ص5 وما بعدها ترجمة واسعة للشاعر لم يوردها الكاتب ومنها:

  • هو أبو الفضل زهير بن محمد بن علي المهلبي، المعروف ببهاء الدين، ينتهي نسبه إلى المهلب بن أبي صفرة.
  • ولد بـ«مكة» أو بوادي نخلة، وهو بالقرب من مكة، في الخامس من ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ولما شبّ توجه إلى مصر واتصل بالسلطان الملك الصالح نجم الدين أبي الفتح أيوب ابن الملك الكامل، ثم توجه في خدمته إلى البلاد الشرقية، وأقام بها إلى أن ملك الملك الصالح مدينة دمشق، فانتقل شاعرنا إليها وأقام يخدم الملك ويمدحه.. إلخ.
  • وفي ترجمته أيضًا أن الشاعر عاد إلى مصر بعد سنين طويلة وتوفي فيها، وقد عاش بين أعوام 581هـ-656هـ الموافقة 1185-1258م.

د. حمد زيد الزيد
الطائف - السعودية

  • تعقيب ... على مقال د. مصطفى الجوزو

في البدء.. أطيب التحية إلى أسرة تحرير مجلة العربي الغرّاء التي لا تبرح أعدادها تتصدر مكتبي فرادى ومجلدات منذ أن فطنت لها أواخر الستينيات.

ثم إن لدي تعقيبًا على مقال د. مصطفى علي الجوزو في العدد 632 - يوليو 2011م في باب «اللغة حياة» تحت عنوان «الشاعر قد يفرض الدلالة والصيغة اللغوية» حيث أشار إلى ثلاثة أخطاء في بيت أبي فراس الحمداني:

أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى نهيٌ عليك ولا أمرُ

وأريد في هذا التعقيب إثبات أن البيت في منأى عن هذه الأخطاء وهي:

أولاً: «خطأ في التركيب وهو تعدية مصدري النهي والأمر إلى المخاطب بـ«على» وهما يتعديان إليه بـ«اللام». والجواب في دفع هذا الإشكال هو أن «على» ليست متعلقة بالنهي والأمر، بل بمضاف إليهما محذوف، وقد قام المضاف إليه مقامه، وتقدير الكلام: أما للهوى قدرة النهي عليك.. إلخ، وهذا شائع في كلام العرب، وقد ورد في التنزيل في سورة يوسف وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيْرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا أي واسأل أهل القرية.. وأصحاب العير.. إلخ.

ثانيًا: «خطأ في المعني، هو التناقض بين نهي الهوى للشاعر عن البكاء وأمره به». والجواب هو أن متعلق النهي والأمر ليس شيئًا واحدًا حتى يقع التناقض بل متعلقهما متعدد، فمتعلق النهي هو الصبر، ومتعلق الأمر هو البكاء، وتقدير الكلام: أما للهوى نهيٌ لك عن الصبر وأمرٌ لك بالبكاء.

ثالثًا: «خطأ في الترتيب، وهو تقديم النهي على الأمر مع أن المعهود هو العكس». والجواب أنه قد ورد في كلام العرب تقديم طرف السلب على طرف الإيجاب إذا كانت لطرف السلب أهمية أو أولوية. وأهميته هنا هي أن حصول أي شيء يستند إلى أمرين: المقتضي وعدم المانع، وكل منهما يسمى أو يشكّل جزء العلّة. وهنا: المقتضي للبكاء حاصل بقوله في البيت اللاحق: «أنا مشتاق وعندي لوعة»، فالكلام فيه من باب تحصيل الحاصل فيكون من الأولى الكلام في عدم المانع من البكاء، والسبيل إليه يكون بالنهي عن الصبر، ولهذا تقدم النهي على الأمر.

وفي الختام، أتقدم للمجلة ولكاتب المقال وللقرّاء بجزيل شكري على تقبّل ملاحظاتي هذه، متمنيًا للجميع دوام التوفيق.

أحمد معتوق - بيروت

  • بين اللّغوِ والمبالغةِ.. عليه ملاحظات

الدكتور مصطفى علي الجوزو من المهتمين بدقائق اللغة. وفي كلمته في العدد 618- مايو 2010م ما يمكن إلقاء التساؤل حوله، وإن عنوانها هو: «بين اللغو والمبالغة». وهذه ملاحظات خمس عليها:

1- يقول: «من طبائع اللغة الفصيحة.. ترك الفضول والتكرار إلا لحاجة بلاغية

أو إيقاعية، أو لزيادة معنوية...».

أقول: ذلك من طبائع كل لغةٍ فصيحة وليست «العربية» وَحْدَها وهي صفة كاتب أو شاعر، وليست صفةً للغة. فالكاتب الذي من عادته تَرْكَ الفضول والتكرار في اللغة سيترك الفضول والتكرار، لو كتب بلغةٍ أخرى، مُتقناً لها، والعكس.. صحيح؛ فالكاتب الذي يُكثر من الفضول والتكرار في اللغة يكثرهما في لغةٍ أخرى يُجيدها كالأولى.

ثم.. الوصفُ بالحاجة البلاغية أو الإيقاعية خاص بلغات البشر. أمّا القرآن فلا يأتي القول فيه لغايةٍ بلاغيةٍ أو إيقاعية، وإنما يأتي القول للغايتين معاً. ولولا الإطالة لقدّمنا أمثلة.

2- من اللّغْوِ عند الكاتب «تكرار الظرف»، لفظاً

أو معنى. نحوَ قول بعضهم: ثمة هناك مشكلة يعنون: يوجد هناك مشكلة، أي: إنهم يجعلون للظرف معنى فعل «وُجِدَ»

أو «كان». وغنيّ عن التوضيح أن للظرفين «ثَمةَ» و «هناك» معنىً واحداً، هو الإشارة إلى البعيد، وأن أحدهما يغني عن الآخر).

أقول: ليس من كلمتين في اللغة بمعنى واحد، حتى عندما قال بعض العرب: بُرٌّ وقال آخرون: حنطةٌ، وقال غيرهم: قمحٌ، كل من الكلمات الثلاث لها إيحاءٌ خاصّ لا تجده في الاثنتين الأخريين؛ فإذا قلت: قمحٌ فقد ذكرت الاسم العامّ وإذا قلت: «بُرٌّ».. فيصلح بسياقٍ فيه حديث عن البِرِّ، أو الإحسان. وإذا قلت: «حنطةٌ» فهي أقرب إلى الحالة التي يكون القمح فيها مطحوناً.

.. وعلى هذا فليست «ثَمّةَ» مثلَ «هناك». لأن هناك دلالتها على البعيد واضحة، وليست كذلك «ثَمّةَ» فقد تصلح للقريب كما تصلح للبعيد.

.. يبقى أن قول الكاتب: «ثمة هناك مشكلة» يعني: «يوجد هناك مشكلة» - أقول: كان التفسير أدنى في الفصاحة من الكلام المُفسَّر. والأجود من التعبيرين «هناك مشكلة» مع حذف «ثمة» أو «يوجد». وأفضل منهما، مكانَهما، كان هناك مشكلة.

.. أمّا قوله: «وغنيّ عن التوضيح..» أقول: لا شيءَ يُغني عن التوضيح، عندما يكون الكاتب يهدف إلى التفريق، أو عدم التفريق بين شيئين؛ لأنه لا يقدم كلامه للخاصّة، وإنما يقدمه للخاصة والعامة، في مجلة سيارة كـ «العربي».

3- ويقول: «واللغويون يعرفون أن الهبة والاستعداد شيءٌ واحد» يقول هذا.. لتخطئة من يقول: «على أهبة الاستعداد».

أقول: مرةً أخرى، نعود إلى الترادف، واللغة.. لا ترادف فيها، ولو عن طريق إيحاء الألفاظ كما بيّنا آنفاً. والفرق بين «تأهّب» و«استعدّ» أن الأولى تدلّ على وُشكانِ الحركة. أمّا الثانية.. فتدل على التهيّوءِ، بانتظار الأمر بالحركة. ولا تصحّ المساواةُ بينهما إلا في المعاجم. والمعاجم تنطرح الألفاظ فيها.. مبّتَةً. والاستعمال هو الذي يُعيد لها الحياة.

4- ويقول: «ومن لغوهم عبارة: وفاة الموت. على أن الوفاة كما يفهم من القرآن نوعان: وفاةُ النوم، ووفاة الموت. لكنّ ذلك غير مستعمل اليوم ولا يفهم من الوفاة إلاّ الموت».

.. أقول: الكاتب.. وقع في مغالطتيْن: الأولى: أنه، إذا استعمل كاتب الوفاة في عبارة سياقها عن النوم.. فلا يجيزه. وهذا.. غير دقيق، فالكلمة يتحدد معناها ويتعيّن، في الاستعمال، وليس وهي منطرحة في المعجم.

والمغالطة الثانية: أن الكتاب أو الشعراء أو العلماء إذا استعملوا كلمة.. فُقِدَتْ من الاستعمال خلال بضعة قرون.. أضحت هذه الكلمة، من اللغة الحيّة، بعودتها إلى الاستعمال. وهذا.. قانون من قوانين تطوّر اللغة.

5- ويقول: «نحو: من الأسرة أولاد أذكياء وأولاد أغبياء. ونحو: من الشجر ما هو مثمر، ومنه ما هو عقيم».

أقول: مع أن الذكاء ويقابله الغباء لا يقع إلا في بعض الأسر، وليس في معظم الأسر، غيرَ أن اختيار هذين المثلين المتقابلين غير مريح. وأفضل منه: من الأسرة أولاد أذكياء وأولاد نجباء. ومِثْلُهُ المثال الثاني؛ فلماذا: شجر مثمر وشجر عقيم؟ والأفضل: من الشجر شجر يُثمر في العام مرتين، وشجر يُثمر في العام مرةً واحدة. ألا فلننظر بإيجابية إلى الأشياء لتصبح هي ونفوسنا إيجابيتين.

د. عودةُ اللهِ مَنيعٍ القيسيُّ - الأردن

  • دار عزّة

يا دار عزة لا عداك غمامي
في كل صهد أو جرعت أوامي
ووقيت شر الطامعين على المدى
وبقيت عامرة على الأيام
سأظل فوقك حائما بصبابتي
أسقيك مني العذب من أنغامي
إنّ الأحبة فيك بعضي لم يزل
والبعض مازال من أحلامي
ما كان لي إلا طريقك غدوتي
وتنفُّسي إلا وأنت أمامي
لا أبتغي عنك الرواح وإن يكن
فالقلب فيك لكي يقوم مقامي!
يا دار عزة ذكريها بي
واتلي عليها حسرتي وضرامي
أنا زارع الصفصاف قولي إنه
هو في اخضراره رغم مائي الدامي
يجري إليه نهر دمعي وافيا
ويظله عند الزوال حمامي
صدّت ولم يكن الصدود عن القلى
لكن إمالة رأسها للرامي
رنّ البريق فحوّلته وصدقت
إن الغراب رمى بغير مرام
للآن مذ ولت إليه لم تفق
مما تولاها من الأوهام!
قولي لمن نسيت عهود حبيبها
ووعودها في زحمة الأكوام
هذي هلاهيل منشاة
ومادام النشا بالغسل أيّ دوام
قد كان يهنيك الذي أتيته
ولبعضه يكفي عن الآثام
لو في صفائك قد نظرت بصفحة
والنهر ساج رائق الأنسام
لرأيت وجهك من نضار خالص
والجيد حتى إن بدا كرخام
لا قشرة صفراء قد غطى بها
بعض الحديد كضحكة اللؤام!
قولي لها مهما يكن لك قد بدا
فهي الشراك يدسّها لعوامي
يأتي إليك لتركبي سيارة
مطموسة مدسوسة الأرقام
وبحلة ويد بها محمولة
وكأنه من زمرة الحكام
كم أمسكوا به في الجمارك تارة
أو في البنوك مزوّر الأختام
متلبس وأنا عليه شاهد
وأظنه هربان من أحكام
لو في صحيفته السوابق أثبتت
والله ما قد كان غير حرامي!
قولي لعزة ما أصبت «كثيرًا»
بله الكثير سوى الكثير الذام
كلا ولا أنا إن أصبت قليلا
عمن قد استبدلته بغرامي
حب التملك كان فيه غريزة
منذ النشوء غريزة الإيهام
ما كان يهوى فيك غير خريدة
تهوي إلى ما يقتني كركام
من كان غيرك واقعا في حبه
لزم الوقوع ولم يفز بمقام
فالحب عنده لايزال مجرّدا
مما يزين من العزيز السامي!.

عابدين الخطاري - القاهرة