أوابك ومستقبل الصناعة النفطية

 أوابك ومستقبل الصناعة النفطية

   لم يعُد امتلاك الثروات الطبيعية هو العامل الوحيد الذي يحدد مكانة الدول وقدرتها على المنافسة، بل أصبحت تقاس بقدرتها على إدارة ثرواتها وامتلاك وسائل المعرفة والتجديد والابتكار، لما لهذه العناصر من تأثير على النهوض بالاقتصاد وتحسين الإنتاج.  لهذا الهدف أنشئت منظمة عربية إقليمية ذات طابع دولي، عام 1968 بموجب اتفاقية بين ثلاث دول عربية هي المملكة العربية السعودية والكويت وليبيا، لرعاية مصالحها النفطية، وللاطلاع على التطورات العلمية والتقنية التي تتحقق في ميدان الطاقة وإمكانية الاستفادة منها،  وتوحيد الجهود للحفاظ على تدفُّق النفط إلى الأسواق بشروط مربحة، ولخلق مناخ مناسب للاستثمار الصناعي في الدول الأعضاء. توجّهنا إلى مقر منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، في المقر الدائم للمنظمات العربية بمنطقة الشويخ في الكويت، وكان هذا الاستطلاع حول مستقبل الطاقة النفطية في العالم العربي.

 

مشهد‭ ‬معماري‭ ‬مُربك‭ ‬من‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬لمبنى‭ ‬المقر‭ ‬الدائم‭ ‬للمنظمات‭ ‬العربية،‭ ‬يدلّ‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬والأناقة‭. ‬الخارج‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬ما‭ ‬بالداخل‭. ‬فالمبنى‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬كتلة‭ ‬مكّعبة‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬الجرانيت‭ ‬الرمادي‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬طوابق،‭ ‬تغطّي‭ ‬مساحته‭ ‬54‭ ‬ألف‭ ‬متر‭ ‬مربع،‭ ‬يعطي‭ ‬طابع‭ ‬الصلابة‭ ‬والقسوة‭. ‬

ومن‭ ‬الداخل،‭ ‬تجد‭ ‬العكس‭ ‬تمامًا،‭ ‬فضاء‭ ‬لا‭ ‬حدود‭ ‬له،‭ ‬مُذهل‭ ‬بصريًا،‭ ‬مثير‭ ‬للإعجاب،‭ ‬يمنحك‭ ‬شعورًا‭ ‬تامًا‭ ‬بالهدوء‭ ‬والسكينة‭. ‬تمتزج‭ ‬فيه‭ ‬الأنغام‭ ‬المدهشة،‭ ‬أصوات‭ ‬العصافير‭ ‬وهدير‭ ‬النوافير‭ ‬والشّلال‭ ‬الذي‭ ‬يتدفق‭ ‬فوق‭ ‬لوحة‭ ‬من‭ ‬الفسيفساء‭ ‬المغربية‭ ‬الزاهية‭ ‬الألوان‭ ‬عند‭ ‬المدخل‭ ‬الرئيسي‭. ‬

البوابات‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الحجر‭ ‬العاجي‭ ‬وخشب‭ ‬الجوز‭ ‬ومطعّمة‭ ‬بنقوش‭ ‬من‭ ‬النحاس‭ ‬والفضة‭. ‬وفي‭ ‬الفناء‭ ‬الرئيسي‭ ‬رسومات‭ ‬وجداريات‭ ‬مزخرفة‭ ‬تجسّد‭ ‬روح‭ ‬العمارة‭ ‬العربية‭ ‬الخلابة‭. ‬تفاصيل‭ ‬دقيقة‭ ‬بكل‭ ‬اتجاه،‭ ‬في‭ ‬الجدران‭ ‬والأسقف‭ ‬والممرّات،‭ ‬والمعلّقات‭ ‬المصنوعة‭ ‬يدويًا‭. ‬معظم‭ ‬الزخارف‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬المبنى‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬هندسي‭ ‬متنوع،‭ ‬لكنّ‭ ‬هناك‭ ‬ترتيبًا‭ ‬إيقاعيًا‭ ‬غريبًا‭ ‬للرسومات‭ ‬يجعل‭ ‬أجزاءها‭ ‬تتآلف‭ ‬وتتناغم‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬البعض‭. ‬يوجد‭ ‬عدد‭ ‬مختلف‭ ‬من‭ ‬القاعات‭ ‬المتعددة‭ ‬الأغراض‭ ‬في‭ ‬طوابق‭ ‬المبنى‭. ‬قاعة‭ ‬دمشقية‭ ‬تُستعمل‭ ‬كديوانية‭ ‬يجتمع‭ ‬فيها‭ ‬الزوار،‭ ‬وهي‭ ‬مزيج‭ ‬متكامل‭ ‬من‭ ‬الصناعات‭ ‬الحرفية‭ ‬العربية،‭ ‬وقاعة‭ ‬أخرى‭ ‬تونسية‭ ‬تضاهي‭ ‬جمالها‭ ‬ورونقها،‭ ‬وقاعة‭ ‬مملوكية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى،‭ ‬وقاعة‭ ‬اجتماعات‭ ‬زجاجية‭ ‬شفافة‭ ‬ذات‭ ‬جدران‭ ‬مقوّسة‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الزجاج،‭ ‬تطلّ‭ ‬على‭ ‬الفناء‭ ‬الرئيسي‭. ‬يملك‭ ‬المبنى‭ ‬واجهة‭ ‬زجاجية‭ ‬معلّقة‭ ‬تغطي‭ ‬خمسة‭ ‬طوابق،‭ ‬وهي‭ ‬أطول‭ ‬واجهة‭ ‬زجاجية‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

‭ ‬المكــان‭ ‬أشبــه‭ ‬بمتحـف‭ ‬للفنــون‭ ‬الإسلاميـــة‭ ‬والعربـية،‭ ‬فهو‭ ‬متنــوع‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الفنيــة‭ ‬والتقنيــة‭ ‬والثقافية‭. ‬

افتتح‭ ‬هذا‭ ‬المبنى‭ ‬عام‭ ‬1994،‭ ‬ويضم‭ ‬4‭ ‬منظمات‭ ‬عربية‭ ‬هي‭ ‬الصندوق‭ ‬العربي‭ ‬للإنماء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي،‭ ‬ومنظمة‭ ‬أوابك،‭ ‬والمؤسسة‭ ‬العربية‭ ‬لضمان‭ ‬الاستثمار،‭ ‬والشركة‭ ‬العربية‭ ‬البحرية‭ ‬لنقل‭ ‬البترول‭.‬

توجّهنا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬الطابق‭ ‬الثالث‭ ‬الذي‭ ‬تحتله‭ ‬‮«‬أوابك‮»‬‭ ‬للقاء‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬المصدّرة‭ ‬للبترول،‭ ‬علي‭ ‬سبت‭ ‬بن‭ ‬سبت،‭ ‬وفريق‭ ‬عمل‭ ‬المنظمة‭.‬

خمسة‭ ‬عقود

غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬عنوانا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬لأن‭ ‬الطلب‭ ‬عليه‭ ‬واسع‭ ‬النطاق‭ ‬وميزان‭ ‬الأسعار‭ ‬دائمًا‭ ‬متقلب‭ ‬ويؤثر‭ ‬بدوره‭ ‬على‭ ‬ديناميكيات‭ ‬التجارة،‭ ‬والقرارات‭ ‬السياسية‭ ‬للدول‭ ‬المصنعة‭ ‬و‭ ‬الدول‭ ‬المستهلكة‭ ‬الرئيسية‭ ‬لمنتجات‭ ‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬إنشاء‭ ‬منظمة‭ ‬أوابك‭ ‬عام‭ ‬1968‭ ‬نقطة‭ ‬تحوُّل‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬الاقتصادي‭ ‬المشترك،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬شهدت‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬نهضة‭ ‬كبرى‭ ‬بسبب‭ ‬ظهور‭ ‬الصناعة‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬مما‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬حاجة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬المصدرة‭ ‬للنفط‭ ‬إلى‭ ‬آلية‭ ‬مشتركة‭ ‬تختص‭ ‬بشؤون‭ ‬الصناعة‭ ‬النفطية‭ ‬للتعاون‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬ولدعمها‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬لهذا‭ ‬بادرت‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬هي‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬والكويت‭ ‬وليبيا‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬المنظمة،‭ ‬وتمّ‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الكويت‭ ‬مقرًا‭ ‬لها‭. ‬وأثبتت‭ ‬بذرتها‭ ‬الأولى‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬والتوسع،‭ ‬حيث‭ ‬تنصّ‭ ‬شروط‭ ‬قبول‭ ‬انضمام‭ ‬أي‭ ‬عضو‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬‮«‬أن‭ ‬يكون‭ ‬البترول‭ ‬مصدرًا‭ ‬مهمًا‭ ‬لدخل‭ ‬الدولة‭ ‬القومي‮»‬‭. ‬وانضمت‭ ‬إلى‭ ‬عضويتها‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الجزائر،‭ ‬وقطر،‭ ‬والإمارات،‭ ‬والبحرين‭ ‬عام‭ ‬1970،‭ ‬وانضمّت‭ ‬سورية‭ ‬والعراق‭ ‬عام‭ ‬1972،‭ ‬ومصر‭ ‬عام‭ ‬1973‭. ‬وتونس‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬ليصبح‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬11‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭.‬

وعلى‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬الخمسة‭ ‬الماضية‭ ‬تمكّنت‭ ‬‮«‬أوابك‮»‬‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬نجاحات‭ ‬ملحوظة‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬تعزيز‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬صناعة‭ ‬البترول‭ ‬والطاقة،‭ ‬وتنسيق‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وحلّ‭ ‬ما‭ ‬يعترضهم‭ ‬من‭ ‬مشكلات،‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬والخبرات‭ ‬وإتاحة‭ ‬فرص‭ ‬التدريب‭ ‬والعمل‭ ‬لمواطني‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬إمكانات‭ ‬ذلك،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬الأعضاء‭ ‬بإنشاء‭ ‬مشروعات‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أوجه‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬النفطي‭.‬

وفي‭ ‬الإطار‭ ‬الاقليمي‭ ‬تشارك‭ ‬‮«‬أوابك‮»‬‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والاجتماعات‭ ‬والندوات‭ ‬الإقليمية‭ ‬التي‭ ‬تتناول‭ ‬مختلف‭ ‬المواضيع‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الصناعة‭ ‬النفطية،‭ ‬كما‭ ‬تعمل‭ ‬المنظمة‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬وشرح‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬حيال‭ ‬القضايا‭ ‬البيئية‭ ‬والنفطية،‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬التفاوضية‭ ‬العربية‭ ‬وجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ومنظمة‭ ‬البلدان‭ ‬المصدرة‭ ‬للنفط‭ (‬أوبك‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعات‭ ‬تنسيقية‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الجهات‭ ‬لمناقشة‭ ‬مسودة‭ ‬القرارات‭ ‬والمواضيع‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬التفاوض‭ ‬بشأنها،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬صدور‭ ‬قرارات‭ ‬من‭ ‬مؤتمرات‭ ‬الأطراف‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬اقتصادات‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭.‬

 

مشاريع‭ ‬عربية‭ ‬مشتركة

لتطوير‭ ‬الصناعة‭ ‬البترولية‭ ‬بادرت‭ ‬المنظمة‭ ‬منذ‭ ‬السنوات‭ ‬الأولى‭ ‬لتأسيسها‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬شركات‭ ‬عربية‭ ‬مشتركة‭ ‬يرتبط‭ ‬نشاطها‭ ‬بقطاعات‭ ‬حيوية‭ ‬في‭ ‬الصناعة‭ ‬البترولية‭. ‬وهي‭ ‬الشركة‭ ‬العربية‭ ‬البحرية‭ ‬لنقل‭ ‬البترول‭ ‬عام‭ ‬1972‭ ‬ومقرها‭ ‬بمدينة‭ ‬الكويت،‭ ‬والشركة‭ ‬العربية‭ ‬لبناء‭ ‬وإصلاح‭ ‬السفن‭ (‬أسري‭) ‬عام‭ ‬1973،‭ ‬ومقرها‭ ‬مدينة‭ ‬المنامة‭ ‬البحرينية،‭ ‬والشركة‭ ‬العربية‭ ‬للاستثمارات‭ ‬البترولية‭ ‬عام‭ ‬1974،‭ ‬ومقرها‭ ‬مدينة‭ ‬الخُبَر‭ ‬السعودية،‭ ‬والشركة‭ ‬العربية‭ ‬للخدمات‭ ‬البترولية‭ ‬عام‭ ‬1975،‭ ‬ومقرها‭ ‬مدينة‭ ‬طرابلس‭ ‬الليبية،‭ ‬كما‭ ‬أسست‭ ‬المنظمة‭ ‬معهد‭ ‬النفط‭ ‬العربي‭ ‬للتدريب‭ ‬عام‭ ‬1978،‭ ‬ومقره‭ ‬العاصمة‭ ‬العراقية‭ ‬بغداد‭. ‬وقد‭ ‬شكّل‭ ‬ذلك‭ ‬قاعدة‭ ‬صلبة‭ ‬للعمل‭ ‬المشترك‭ ‬والتكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬صناعة‭ ‬البترول‭. ‬وتمارس‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬المنظمة‭ ‬أعمالها‭ ‬بصفة‭ ‬مستقلة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجالس‭ ‬إدارتها‭.‬

وتعدّ‭ ‬مشاريع‭ ‬الربط‭ ‬الكهـــربائي‭ ‬العربي،‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الإنجــــازات‭ ‬الرئيسة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬وهو‭ ‬مشروع‭ ‬الربط‭ ‬الثُّماني‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والعراق‭ ‬والأردن‭ ‬ولبـــنان‭ ‬وليبيا‭ ‬وفلسطين‭ ‬وســورية‭ ‬وتركيا،‭ ‬ومشروع‭ ‬الربط‭ ‬المغاربي‭ ‬بين‭ ‬ليبيا‭ ‬وتونس‭ ‬والجزائر‭ ‬والمغرب،‭ ‬ومشروع‭ ‬الربط‭ ‬الكهـــربائي‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭. ‬

كما‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬تنفيذ‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬الثنائية‭ ‬العربية‭ ‬للربط‭ ‬الكهربائي،‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬مشروع‭ ‬الربط‭ ‬الكهربائي‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬ومصر‭. ‬وتحظى‭ ‬تلك‭ ‬المشاريع‭ ‬بدعــم‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬ورؤساء‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وصدرت‭ ‬بشأنها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القمم‭ ‬العربية،‭ ‬والتوصيات‭ ‬على‭ ‬مؤتمرات‭ ‬الطاقة‭ ‬العربية،‭ ‬وتحظى‭ ‬بصفة‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭ ‬المشترك‭.‬

 

علاقات‭ ‬دولية‭ ‬

تحرص‭ ‬المنظمة‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬وتنمية‭ ‬علاقاتها‭ ‬واتصالاتها‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬والمنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وذلك‭ ‬لطرح‭ ‬المفهوم‭ ‬العربي‭ ‬حول‭ ‬قضايا‭ ‬الطاقة‭ ‬والتنمية،‭ ‬واستكشاف‭ ‬آفاق‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬والبلدان‭ ‬المستهلكة‭ ‬للنفط‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬والدول‭ ‬النامية‭. ‬وتسلك‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬عدّة‭ ‬طرق،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الندوات‭ ‬العلمية‭ ‬المتخصصة‭ ‬التي‭ ‬تعقدها‭ ‬المنظمة‭ ‬مع‭ ‬المنظمات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المماثلة،‭ ‬وخاصة‭ ‬منها‭ ‬تلك‭ ‬المهتمة‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بشؤون‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬ومنها‭ ‬‮«‬أوبك‮»‬،‭ ‬ووكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية،‭ ‬ومجلس‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي،‭ ‬والوكالات‭ ‬المتخصصة‭ ‬التابعة‭ ‬لمنظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬خاصة‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإطارية‭ ‬لتغيّر‭ ‬المناخ‭ (‬UNFCCC‭)‬،‭ ‬ومركز‭ ‬التعاون‭ ‬الياباني‭ ‬للبترول‭ (‬JCCP‭)‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬المشاركة‭ ‬المستمرة‭ ‬في‭ ‬منتدى‭ ‬التعاون‭ ‬العربي‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭.‬

 

حوكمة

يتكون‭ ‬هيكل‭ ‬منظمة‭ ‬أوابك‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أجهزة،‭ ‬هي‭ ‬المجلس‭ ‬الوزاري،‭ ‬والمكتب‭ ‬التنفيذي،‭ ‬والأمانة‭ ‬العامة،‭ ‬والهيئة‭ ‬القضائية‭. ‬والمجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬هو‭ ‬السلطة‭ ‬العليا‭ ‬والمسؤول‭ ‬عن‭ ‬السياسة‭ ‬العامة‭ ‬والأنشطة‭. ‬ويمنح‭ ‬المجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬العضوية‭ ‬للدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬ويوافق‭ ‬على‭ ‬الدعوات‭ ‬للاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬توجّه‭ ‬للدول‭ ‬المصدرة‭ ‬للبترول،‭ ‬كما‭ ‬يتبنّى‭ ‬القرارات‭ ‬والمشورة‭ ‬بشأن‭ ‬القضايا،‭ ‬ويوافق‭ ‬على‭ ‬مشاريع‭ ‬الميزانيات‭ ‬السنوية‭ ‬للأمانة‭ ‬العامة‭ ‬والمحكمة‭ ‬القضائية،‭ ‬ويصدّق‭ ‬على‭ ‬حسابات‭ ‬نهاية‭ ‬العام،‭ ‬ويعيّن‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬والأمناء‭ ‬المساعدين‭. ‬

يتكون‭ ‬المكتب‭ ‬التنفيذي‭ ‬من‭ ‬ممثلي‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬ويرفع‭ ‬ما‭ ‬يــــراه‭ ‬من‭ ‬توصـــيات‭ ‬واقتراحات،‭ ‬أما‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬فتختصّ‭ ‬بالجوانب‭ ‬التخطيطية‭ ‬والإدارية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬لنشاط‭ ‬المنظمة‭. ‬وفقًا‭ ‬للوائح‭ ‬وتوجيهات‭ ‬المجلس،‭ ‬والهيئة‭ ‬القضائية‭ ‬تختصّ‭ ‬بالنظر‭ ‬في‭ ‬المنازعات‭ ‬التي‭ ‬تنشأ‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭.‬

 

إنتاج‭ ‬دول‭ ‬أعضاء‭ ‬‮«‬أوابك‮»‬

كان‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬عامًا‭ ‬استثنائيا‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬وتضمن‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬العالمية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة،‭ ‬فقد‭ ‬اربكت‭ ‬جائحة‭ ‬‮«‬كوفيد‭ - ‬19‮»‬‭ ‬الصناعة‭ ‬النفطية،‭ ‬مما‭ ‬ادى‭ ‬الى‭ ‬تأرجح‭ ‬ميزان‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬بسرعة‭ ‬نحو‭ ‬الفائض‭. ‬ودخلت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أسعار‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬عقلية‭ ‬الإنتاج‭ ‬حسب‭ ‬الرغبة‭ ‬مما‭ ‬دفعت‭ ‬بالإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬عادلة‭. ‬وسيكون‭ ‬تطور‭ ‬الوباء‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬أكبر‭ ‬متغير‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭.‬

وقد‭ ‬ذكر‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمنظمة‭ ‬أوابك‭ ‬علي‭ ‬سبت‭ ‬بن‭ ‬سبت،‭ ‬خلال‭ ‬حديثنا‭ ‬معه‭ ‬حول‭ ‬تأثير‭ ‬الجائحة‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬النفطية،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬شهدت‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬منه،‭ ‬تطورًا‭ ‬فريدًا‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬له‭ ‬مثيلًا‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عقود،‭ ‬تمثّل‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬ارتفاع‭ ‬المعروض‭ ‬النفطي‭ ‬وصدمة‭ ‬انخفاض‭ ‬الطلب‭ ‬عليه،‭ ‬حيث‭ ‬فرضت‭ ‬غالبية‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬قيودًا‭ ‬على‭ ‬السفر‭ ‬وتدابير‭ ‬عزل‭ ‬صارمة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬تفشي‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬مما‭ ‬أدّى‭ ‬إلى‭ ‬انكماش‭ ‬أداء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬وتراجع‭ ‬حجم‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭.‬5‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬وانخفض‭ ‬نشاط‭ ‬الصناعات‭ ‬التحويلية‭ ‬العالمية،‭ ‬وتراجع‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬بشكل‭ ‬قياسي‭ ‬بلغ‭ ‬نحو‭ ‬9‭.‬5‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭/ ‬يوميًا،‭ ‬مسجلًا‭ ‬بذلك‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2012‭. ‬وعلى‭ ‬وقع‭ ‬تلك‭ ‬المعطيات،‭ ‬انخفضت‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬العالمية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬بأعلى‭ ‬وتيرة‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2015،‭ ‬ليصل‭ ‬المتوسط‭ ‬السنوي‭ ‬لسعر‭ ‬سلة‭ ‬خامات‭ ‬أوبك‭ ‬إلى‭ ‬41‭.‬5‭ ‬دولارًا‭/ ‬برميل،‭ ‬وهو‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬مشكلًا‭ ‬انخفاضًا‭ ‬بحدود‭ ‬22‭.‬5‭ ‬دولارًا‭/ ‬برميل،‭ ‬أي‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬تراجع‭ ‬نسبته‭ ‬35‭.‬2‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬مستويات‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬لجائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬تأثيـر‭ ‬ســـلــبي‭ ‬عــلى‭ ‬الاستكشافات،‭ ‬حيث‭ ‬وجدت‭ ‬الشركات‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬المضيّ‭ ‬قدمًا‭ ‬بسبب‭ ‬العوائق‭ ‬التي‭ ‬واجهت‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال،‭ ‬وتراجعِ‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬والتحديات‭ ‬التشغيلية‭ ‬بسبب‭ ‬تفشي‭ ‬الجائحة،‭ ‬فقد‭ ‬انخفضت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والإنتاج،‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2019‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬السعي‭ ‬نحو‭ ‬إعادة‭ ‬التوازن‭ ‬إلى‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تداعيات‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد،‭ ‬ذكر‭ ‬بن‭ ‬سبت‭ ‬أن‭ ‬مجموعة‭ ‬دول‭ ‬أوبك‭ + ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬تاريخي‭ ‬بشأن‭ ‬خفض‭ ‬قياسي‭ ‬للإنتاج،‭ ‬ليتراجع‭ ‬إجمالي‭ ‬الإمدادات‭ ‬النفطية‭ ‬العالمية‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2020‭ ‬إلى‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014‭. ‬وقد‭ ‬أعقب‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬اللاحقة‭ ‬التي‭ ‬هدفت‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬النفط‭. ‬وتشهد‭ ‬السوق‭ ‬النفطية‭ ‬حاليًا‭ ‬تحسنًا‭ ‬مضطردًا‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬العرض‭ ‬والطلب،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬الأسعار‭ ‬كذلك،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تداول‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬عند‭ ‬متوسط‭ ‬شهري‭ ‬زاد‭ ‬عن‭ ‬63‭ ‬دولارًا‭/ ‬البرميل‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬حتى‭ ‬شهر‭ ‬مايو،‭ ‬بينما‭ ‬بلغ‭ ‬المتوسط‭ ‬الشهري‭ ‬للأسعار‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬دولارًا‭/ ‬البرميل‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬أي‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬تحسنًا‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬بنسبة‭ ‬تجاوزت‭ ‬58‭ ‬في‭ ‬المئة‭.‬

وعن‭ ‬معدلات‭ ‬الإنتاج‭ ‬لدول‭ ‬الأعضاء،‭ ‬ذكر‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمنظمة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬إنتاج‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬من‭ ‬السوائل‭ ‬الهيدروكربونية‭ (‬النفط‭ + ‬سوائل‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭) ‬يشكل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬27‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬إنتاج‭ ‬العالم‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وقد‭ ‬تراجعت‭ ‬معدلات‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬بنسبة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬10‭ ‬بالمئة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬28‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬25.1‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬ويأتي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التراجع‭ ‬نتيجة‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬أوبك‭ ‬بخطة‭ ‬تخفيض‭ ‬الإنتاج،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬تأثير‭ ‬تراجع‭ ‬الطلب‭ ‬نتيجة‭ ‬جائحة‭ ‬كوفيد‭ - ‬19‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬أن‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬عادة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬حجم‭ ‬الإنتاج،‭ ‬أما‭ ‬تأثير‭ ‬الجائحة‭ ‬على‭ ‬الإنتاج،‭ ‬فاتضح‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬نواحيه‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬بمنظمة‭ ‬أوبك‭ ‬ضمن‭ ‬مجموعة‭ (‬أوبك‭ +) ‬تم‭ ‬إبرامه‭ ‬في‭ ‬9‭ ‬أبريل‭ ‬2020‭ ‬يقضي‭ ‬بتخفيض‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬بمعدل‭ ‬9‭.‬7‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التزمت‭ ‬بها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المجموعة‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬استثناء‭ ‬ليبيا‭ ‬وفنزويلا‭ ‬وإيران‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭.‬

  ‬شمل‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬أوبك،‭ ‬والإمارات،‭ ‬والجزائر،‭ ‬والسعودية،‭ ‬والعراق،‭ ‬والكويت،‭ ‬وهي‭ ‬دول‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬‮«‬أوبك‮»‬‭ ‬و‮«‬أوابك‮»‬‭. ‬

وبلغ‭ ‬تخفيض‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬مجتمعة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬4‭.‬55‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬باليوم‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬إنتاجها‭ ‬المرجعي‭ ‬المعتمد‭ ‬في‭ ‬اتفاق‭ (‬أوبك‭ +)‬،‭ ‬كما‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬3‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬ليست‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬‮«‬أوبك‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬البحرين‭ (‬عضو‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬المصدرة‭ ‬للبترول‭) ‬والسودان‭ ‬وعُمان،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬متوسط‭ ‬تخفيضاتها‭ ‬في‭ ‬الربع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021‭ ‬حوالي‭ ‬199‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم‭.‬

 

الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬والجديدة

فرضت‭ ‬صناعات‭ ‬الطاقة‭ ‬الجديدة‭ ‬والمتجددة‭ (‬الشمسية‭ ‬والرياح‭ ‬والكهرومائية‭)‬،‭ ‬واقعًا‭ ‬جديدًا‭ ‬على‭ ‬الصناعات‭ ‬النفطية،‭ ‬وهي‭ ‬تنمو‭ ‬بشكل‭ ‬متسارع،‭ ‬وهناك‭ ‬تكهّنات‭ ‬أنّها‭ ‬ستغطي‭ ‬احتياجات‭ ‬ثلث‭ ‬الطاقة‭ ‬المستهلكة‭ ‬عالميًا‭ ‬بحلول‭ ‬2030‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬العام‭. ‬وسوف‭ ‬يجعل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬التقليدية‭ ‬يتراجع‭ ‬بعد‭ ‬2040،‭ ‬وقد‭ ‬يحمل‭ ‬ذلك‭ ‬تأثيرات‭ ‬سلبية‭ ‬على‭ ‬البلدان‭ ‬المصدرة‭ ‬للنفط‭. ‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬ورداً‭ ‬على‭ ‬تساؤلنا‭ ‬ذكر‭ ‬بن‭ ‬سبت‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬بديل‭ ‬عملي‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬قطاعات‭ ‬الصناعة‭ ‬المختلفة،‭ ‬فالسيارات‭ ‬العادية‭ ‬تستهلك‭ ‬نحو‭ ‬20‭ ‬بالمئة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬بينما‭ ‬يتم‭ ‬استهلاك‭ ‬80‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬القطاعات،‭ ‬مثل‭ ‬الصناعات‭ ‬البتروكيميائية‭ ‬والنقل‭ ‬البري‭ ‬الثقيل،‭ ‬والنقل‭ ‬الجوي‭ ‬والبحري،‭ ‬ويمكن‭ ‬تأكيد‭ ‬أن‭ ‬مزاعم‭ ‬تحوّل‭ ‬النقل‭ ‬البري‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية‭ ‬فقط‭ ‬أمر‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬المبالغة‭ ‬الشيء‭ ‬الكثير،‭ ‬فالموضوع‭ ‬لا‭ ‬يرتبط‭ ‬فقط‭ ‬بالاستغناء‭ ‬عن‭ ‬النفط‭ ‬واستخدام‭ ‬الكهرباء،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬طريقة‭ ‬للحصول‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬النحاس‭ ‬ومن‭ ‬العناصر‭ ‬النادرة،‭ ‬مثل‭ ‬النيوديميوم‭ ‬الذي‭ ‬يستخدم‭ ‬لصنع‭ ‬المغانط‭ ‬في‭ ‬المحركات‭ ‬الكهربائية‭ ‬العالية‭ ‬الكفاءة،‭ ‬والليثيوم‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬البطاريات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المعادن‭. ‬وهذه‭ ‬العناصر‭ ‬لا‭ ‬تنتج‭ ‬اليوم‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬لتلبية‭ ‬الخطط‭ ‬التي‭ ‬تدّعي‭ ‬أن‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية‭ ‬ستكون‭ ‬البديل‭ ‬قريبًا‭ ‬عن‭ ‬السيارات‭ ‬التقليدية‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬المنظور‭ ‬المستقبلي‭ ‬للطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬يرتبط‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬العوامل،‭ ‬وخاصة‭ ‬تلك‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتوجهات‭ ‬المختلفة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتبناها‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬استهلاكًا‭ ‬للطاقة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬مثل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭ ‬والهند،‭ ‬إلّا‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستشرافية‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬سيمثل‭ ‬نحو‭ ‬74‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة‭ ‬عام‭ ‬2040،‭ ‬منها‭ ‬حوالي‭ ‬27‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬النفط،‭ ‬و25‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الغاز،‭ ‬بينما‭ ‬ستمثّل‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬الأخرى‭ ‬بأنواعها،‭ ‬مثل‭ ‬طاقة‭ ‬الرياح‭ ‬والطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬والطاقة‭ ‬النووية‭ ‬والكهرومائية‭ ‬حوالي‭ ‬26‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬في‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنّ‭ ‬وجود‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬يشكل‭ ‬رافدًا‭ ‬للوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬ولن‭ ‬يلغي‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة‭ ‬لعقود‭ ‬عديدة‭ ‬قادمة‭.‬

 

الزيت‭ ‬الصخري‭ ‬

ظهر‭ ‬زيت‭ ‬السجيل،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬باسم‭ ‬الزيت‭ ‬الصخري،‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2000،‭ ‬حين‭ ‬بلغ‭ ‬إنتاج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬منه‭ ‬نحو‭ ‬390‭ ‬ألف‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم‭. ‬واستمر‭ ‬نمو‭ ‬الإنتاج‭ ‬حتى‭ ‬زاد‭ ‬على‭ ‬7‭.‬3‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬مشكلًا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬65‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يناهز‭ ‬8‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭. ‬

وذكر‭ ‬بن‭ ‬سبت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬دخول‭ ‬الزيت‭ ‬الصخري‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬الأسعار،‭ ‬إذ‭ ‬شكّل‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬المتاح‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭. ‬لكنّ‭ ‬معدل‭ ‬استهلاك‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها،‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم،‭ ‬ارتفع‭ ‬بما‭ ‬يقارب‭ ‬22‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬يرتفع‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنه‭ ‬الزيت‭ ‬الصخري،‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬20‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬في‭ ‬اليوم،‭ ‬أي‭ ‬أنّ‭ ‬الأسواق‭ ‬امتصت‭ ‬عمليًا‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الزيت‭ ‬الصخري،‭ ‬وربما‭ ‬يشير‭ ‬تذبذب‭ ‬الأسعار‭ ‬وتراجع‭ ‬الطلب‭ ‬والإنتاج‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬ثم‭ ‬تحسُّن‭ ‬الأسعار‭ ‬النسبي‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬آلية‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬عادت‭ ‬لتسيطر‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬ثانية‮»‬‭.‬

 

فرص‭ ‬وتحديات‭ ‬

  ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬الرئيسية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬العوامل‭ ‬المعقّدة‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أبرزها،‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬لنا‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمنظمة‭ ‬‮«‬الانكماش‭ ‬الذي‭ ‬شهده‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬‮«‬كوفيد‭ - ‬19ò المستجد،‭ ‬والذي‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬3‭.‬3‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬انكماش‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬الأزمة‭ ‬المالية‭ ‬العالمية،‭ ‬والأكبر‭ ‬منذ‭ ‬الكساد‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬ثلاثينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬اليقين‭ ‬بشأن‭ ‬احتمالية‭ ‬استمرار‭ ‬تأثير‭ ‬تلك‭ ‬الجائحة،‭ ‬مما‭ ‬ينعكس‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬الآفاق‭ ‬المستقبلية‭ ‬للطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭. ‬وتراجع‭ ‬حجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستكشافات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬انخفضت‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬تراجعها‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اختلال‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬النفطية‭ ‬العالمية‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬ضغوطًا‭ ‬تتزايد‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬كمصدر‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬الأحفورية‭ ‬لاعتبارات‭ ‬بيئية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬المفاوضات‭ ‬بشأن‭ ‬تغيّر‭ ‬المناخ‭ ‬التي‭ ‬ترعاها‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والتي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬العالمية،‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اتفاقية‭ ‬باريس،‭ ‬والعوامل‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والصين،‭ ‬والتي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬انعكاسات‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬السياسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للدول‭ ‬المنتجة‭ ‬والدول‭ ‬المستهلكة‭ ‬أيضًا‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬ردّه‭ ‬على‭ ‬سؤالنا‭: ‬كيف‭ ‬تحقق‭ ‬منظمة‭ ‬أوابك‭ ‬التوازن‭ ‬لمصلحة‭ ‬سوق‭ ‬النفط‭ ‬بين‭ ‬المنتجين‭ ‬والمستهلكين‭ ‬والاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة؟‭ ‬ذكر‭ ‬بن‭ ‬سبت‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يمكن‭ ‬النظر‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬التطورات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬إحرازها‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أوبك‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬المنتجة‭ ‬للنفط‭ ‬من‭ ‬خارجها‭ ‬فيما‭ ‬بات‭ ‬يُعرف‭ ‬بمجموعة‭ ‬أوبك‭+‬،‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬إلى‭ ‬حيز‭ ‬الوجود‭ ‬عام‭ ‬2016‭ ‬والتي‭ ‬تُعد‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الواسع‭ ‬النطاق‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬داخل‭ ‬الصناعة،‭ ‬وأن‭ ‬يشمل‭ ‬جميع‭ ‬منتجي‭ ‬ومستهلكي‭ ‬الطاقة‭ ‬الرئيسيين،‭ ‬وشركات‭ ‬الطاقة،‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬والأطراف‭ ‬الأخرى‭ ‬ذات‭ ‬الاهتمام‭ ‬المشترك،‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬النفط‭ ‬والطاقة‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُعد‭ ‬أمرًا‭ ‬ضروريًّا‭ ‬لدفع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬الهدف‭ ‬السابع‭ ‬الذي‭ ‬ينصّ‭ ‬على‭ ‬‮«‬طاقة‭ ‬نظيفة‭ ‬وبأسعار‭ ‬معقولة‮»‬،‭ ‬فتوازن‭ ‬السوق‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬للمستهلكين‭ ‬المهتمين‭ ‬بأمن‭ ‬العرض‭ ‬والمنتجين‭ ‬المهتمين‭ ‬بأمن‭ ‬الطلب،‭ ‬فالتعاون‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحقيق‭ ‬غاية،‭ ‬وليس‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‮»‬‭.‬

 

مستقبل‭ ‬النفط‭ ‬الخام

وعن‭ ‬مستقبل‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬وفكرة‭ ‬تحول‭ ‬بعض‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬شركات‭ ‬طاقة‭ ‬متجددة،‭ ‬ذكر‭ ‬بن‭ ‬سبت‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إنّ‭ ‬هناك‭ ‬تحولًا‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬لتصبح‭ ‬شركات‭ ‬طاقة‭ ‬متجددة،‭ ‬لكنّ‭ ‬هناك‭ ‬بالفعل‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬النفط‭ ‬التي‭ ‬خصصت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬استثماراتها‭ ‬الرأسمالية‭ ‬لمشاريع‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬جديدًا،‭ ‬فبعض‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬منذ‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬لكن‭ ‬استثمارات‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬متواضعة‭ ‬مقابل‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬رصده‭ ‬لمشاريع‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭. ‬وستبقى‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬مصدرًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬خلال‭ ‬المستقبل‭ ‬المنظور‮»‬‭. ‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬تكلفة‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬غيره،‭ ‬فليست‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬بل‭ ‬تتعلّق‭ ‬بعوامل‭ ‬مختلفة،‭ ‬مثل‭ ‬نوعية‭ ‬الحقول‭ ‬وموقعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬وأعماقها‭ ‬وآلية‭ ‬الإنتاج‭ ‬ونوعية‭ ‬الخام‭ ‬المنتج،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عوامل‭ ‬عديدة‭ ‬أخرى‭.‬

 

ثورة‭ ‬الهيدروجين

من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬الأعوام‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة‭ ‬ثورة‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الهيدروجين،‭ ‬لأنه‭ ‬يتميز‭  ‬بعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الخصائص‭ ‬التي‭ ‬تؤهله‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬وقود‭ ‬المستقبل،‭ ‬فهو‭ ‬وقود‭ ‬نظيف‭ ‬وآمن‭ ‬بيئيًا‭ ‬ويمتلك‭ ‬طاقة‭ ‬عالية،‭ ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬المميزة‭ ‬للطاقة‭ ‬كوقود‭ ‬أو‭ ‬كناقل‭ ‬للطاقة‭ ‬في‭ ‬خلايا‭ ‬الوقود‭. ‬ويمكن‭ ‬استخدامه‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬خلطه‭ ‬بالغاز‭  ‬الطبيعي‭ ‬بنسب‭ ‬محددة،‭ ‬والتقدم‭ ‬السريع‭ ‬الذي‭ ‬يحققه‭ ‬الهيدروجين‭ ‬حاليًا‭ ‬لاستخدامه‭ ‬في‭ ‬وسائط‭ ‬النقل‭ ‬المختلفة‭ ‬ولإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية،‭ ‬يسرع‭ ‬وتيرة‭ ‬ابتكار‭ ‬طرق‭ ‬جديدة‭ ‬لإنتاج‭ ‬الهيدروجين‭ ‬ليكون‭ ‬الوقود‭ ‬المثالي‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ينمو‭ ‬سوق‭ ‬تنقل‭ ‬الهيدروجين‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬القادم‭. ‬وهناك‭ ‬استثمارات‭ ‬عالمية‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭. ‬كما‭ ‬ذكرت‭ (‬Bloomberg New Energy Finance (BNEF،‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬لها‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.‬

وعن‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬بالهيدروجين‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ذكر‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمنظمة‭ ‬أوابك‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهيدروجين‮ ‬يعتبر‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬الحلول‭ ‬الدولية‭ ‬المطروحة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬خالٍ‭ ‬من‭ ‬الكربون‭ ‬كونه‭ ‬يصلح‭ ‬كوقود‭ ‬وكحامل‭ ‬للطاقة،‭ ‬ويمكن‭ ‬إنتاجه‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬مما‭ ‬يسهل‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬التكامل‭ ‬معها‭ ‬واتزان‭ ‬الشبكات‭. ‬وهناك‭ ‬اهتمام‭ ‬دولي‮ ‬متزايد‭ ‬بالهيدروجين،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إعداد‭ ‬خطط‭ ‬واستراتيجيات‭ ‬وطنية للهيدروجين نحو‭ ‬29‭ ‬دولة،‭ ‬تمثل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬استراتيجية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوربي‮ ‬للهيدروجين التي‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬منتصف‭ ‬عام‭ ‬2020‮»‬‭. ‬

وأضاف‭ ‬بن‭ ‬سبت‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قطاع‭ ‬النقل‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الواعدة للهيدروجين،‭ ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬ينمو‭ ‬أسطول‭ ‬المركبات‭ ‬الكهربائية‭ ‬العاملة‭ ‬بخلايا‭ ‬الوقود‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬المقبل،‭ ‬خاصة‭ ‬في‮ ‬‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية‭ ‬والأوربية‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬قرابة‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬مركبة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬مركبة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭. ‬كما‭ ‬سيخترق الهيدروجين عدة‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي،‭ ‬والقطاع‭ ‬السكني،‭ ‬وعليه‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يتضاعف‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على الهيدروجين‭ (‬النقي‭) ‬إلى‭ ‬648‭ ‬مليون‭ ‬طن‭/‬السنة‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬72‭ ‬مليون‭ ‬طن‭/‬السنة‭ ‬حاليًا‭. ‬وعليه‭ ‬سيصبح‮ ‬الهيدروجين ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تحول‭ ‬الطاقة‭ .‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬العربي،‭ ‬ذكر‭ ‬بن‭ ‬سبت‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬أبدت‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وهي‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬وجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية،‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان،‭ ‬والمملكة‭ ‬المغربية،‭ ‬اهتماماً‭ ‬بالاستثمار‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬إنتاج الهيدروجين،‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬إنتاج الهيدروجين الأخضر،‭ ‬بينما‭ ‬يقوم‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬على‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬إنتاج الهيدروجين الأزرق‭ ‬أو‭ ‬مشتقاته،‭ ‬مثل‭ ‬الأمونيا‭ ‬الزرقاء‮»‬‭.‬‮ ‬وقد‭ ‬أحصت‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة حول الهيدروجيــن أعدتها‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة‭ ‬لمنظمة‭ ‬أوابك،‭ ‬وجود‭ ‬11‭ ‬مشروعًا‭ ‬مقترحًا‭ ‬لإنتاج‭ ‬واستخدام الهيدروجين في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬غالبيتها‭ ‬لإنتاج الهيدروجين الأخضر‭ ‬بإجمالي‭ ‬7‭ ‬مشاريع،‭ ‬بينما‭ ‬خصص‭ ‬مشروعان‭ ‬لإنتاج‮ ‬الهيدروجين‮ ‬الأزرق،‭ ‬ومشروعان‭ ‬لاستخدام الهيدروجين كوقود‭ ‬في‭ ‬المركبات‭ ‬العاملة‭ ‬بخلايا‭ ‬الوقود‭. ‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تجسيد‭ ‬مشاريع‭ ‬الإنتاج،‭ ‬سيمكنها‭ ‬من‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمي،‭ ‬والظفر‭ ‬بحصة‭ ‬جيدة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬السوق‭ ‬الواعد،‭ ‬لتضيف‭ ‬فصلًا‭ ‬جديدًا‭ ‬إلى‭ ‬دورها‭ ‬التاريخي‭ ‬كمصدر‭ ‬عالمي‭ ‬لإمدادات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬عقود‭. ‬وتمتلك‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المقومات‭ ‬التي‭ ‬تمكنها‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬محور‭ ‬تصدير‭ ‬عالمي‮ ‬للهيدروجين،‭ ‬كونها‭ ‬تملك‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬ضخمة‭ ‬للغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬يمكن‭ ‬استغلالها للهيدروجين،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬توافر‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬لديها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬موقعها‭ ‬الجغرافي‭ ‬المتميز‭ ‬والعلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬الراسخة‭ ‬مع‭ ‬عدة‭ ‬أسواق،‭ ‬خاصة‭ ‬السوق‭ ‬الأوربي‭ ‬والسوق‭ ‬الآسيوي‭. ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المقومات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تعيق‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصناعة‭ ‬الواعدة‭. ‬ويعد‭ ‬العامل‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬العائق‭ ‬الأبرز‭ ‬أمام‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬صناعة‭ ‬الهيدروجين‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وإنما‭ ‬عالميًا‭ ‬أيضًا‭. ‬

لكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يعد الهيدروجين من‭ ‬الخيارات‭ ‬التنافسية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬منزوعة‭ ‬الكربون،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تصديره‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬ذات‭ ‬السياسات‭ ‬الواضحة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬مثل‭ ‬السوق‭ ‬الأوربي،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكلفة‭ ‬إنتاج‮ ‬الهيدروجين نفسها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬تعد‭ ‬الأقل‭ ‬عالميًا‭ ‬وهو‭ ‬مرتكز‭ ‬جيد‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬التصدير‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬المحتملة‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬سوق‭ ‬واعد‮ ‬للهيدروجين ودعم‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬مستقبل‭ ‬منخفض‭ ‬الكربون‭.‬

وقد‭ ‬أعدت‭ ‬المنظمة‭ ‬دراسة‭ ‬تضمنت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التوصيات،‭ ‬منها‭ ‬القيام‭ ‬بإعداد‭ ‬خرائط‭ ‬وطنية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬حول الهيدروجين تحدد‭ ‬الأهداف‭ ‬والإطار‭ ‬الزمني،‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الطاقة‭ ‬الوطنية،‭ ‬والسعي‭ ‬نحو‭ ‬إبرام‭ ‬شراكات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬الأسواق‭ ‬الكبرى للهيدروجين،‭ ‬التي‭ ‬ستحتاج‭ ‬إلى‭ ‬استيراده‭ ‬مستقبلًا‭ ‬مثل‭ ‬السوق‭ ‬الأوروبي،‭ ‬واليابان،‭ ‬والصين‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬ثم‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬إنتاج‮ ‬الهيدروجين الأزرق،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬استغلال‭ ‬موارد‭ ‬الغاز‭ ‬مستقبلًا‭ ‬وخلق‭ ‬نافذة‭ ‬تدعم‭ ‬الطلب‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تحول‭ ‬الأسواق‭ ‬إلى الهيدروجين‮ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الغاز‭. ‬وأيضًا‭ ‬إنشاء‭ ‬مراكز‭ ‬للبحوث‭ ‬حول‭ ‬تقنيات‭ ‬إنتاج الهيدروجين وتطبيقاته،‭ ‬مثل‭ ‬خلايا‭ ‬الوقود،‭ ‬ودعم‭ ‬التكامل‭ ‬فيما‭ ‬بينها‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬والتجارب‭ ‬التي‭ ‬قطعتها‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬وكذلك‭ ‬نشر‭ ‬الوعي‭ ‬والثقافة‭ ‬حول‭ ‬أهمية الهيدروجين،‭ ‬وتوفير‭ ‬معلومات‭ ‬لتعزيز‭ ‬الوعي‭ ‬العام‭ ‬حول‭ ‬فوائد الهيدروجين،‭ ‬ومجالات‭ ‬استخدامه،‭ ‬وإعداد‭ ‬كوادر‭ ‬مؤهلة‭ ‬للعمل‭ ‬مع‭ ‬تقنيات الهيدروجين‭.‬

 

المعرفة‭ ‬الاقتصادية

تساهم‭ ‬المعرفة،‭ ‬بأبعادها‭ ‬المتنوعة،‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬وفي‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية،‭ ‬وتؤثر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تقاس‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬بقدرتها‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬والتجديد‭ ‬والابتكار‭. ‬وتسعى‭ ‬المنظمة‭ ‬إلى‭ ‬إثراء‭ ‬المعرفة‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬بصفتها‭ ‬إحدى‭ ‬مؤسسات‭ ‬العمل‭ ‬العربي‭ ‬المشترك،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنفيذ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإعلامية‭ ‬والثقافية‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬العلمية‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬مستوى‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬إعداد‭ ‬دراسات‭ ‬وتقارير‭ ‬فنية‭ ‬واقتصادية‭ ‬حول‭ ‬الصناعة‭ ‬النفطية،‭ ‬وتنظيم‭ ‬المؤتمرات‭ ‬وورش‭ ‬العمل‭ ‬والاجتماعات‭ ‬التنسيقية‭ ‬بمشاركة‭ ‬خبراء‭ ‬عالميين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البترول‭ ‬والطاقة‭ ‬لمناقشة،‭ ‬وبحث‭ ‬آخر‭ ‬المستجدات‭ ‬وأحدث‭ ‬التطورات‭ ‬العالمية‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بقضايا‭ ‬الطاقة،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬استكشاف‭ ‬حلول‭ ‬ملاءمة‭ ‬للمشاكل‭ ‬التقنية‭ ‬والفنية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭. ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬المؤتمرات‭ ‬مؤتمر‭ ‬الطاقة‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يعدّ‭ ‬تتويجًا‭ ‬لمختلف‭ ‬النشاطات‭ ‬العلمية‭ ‬والبحثية‭ ‬للمنظمة،‭ ‬ويعقد‭ ‬كل‭ ‬4‭ ‬سنوات‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ملتقى‭ ‬أساسيات‭ ‬صناعة‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الذي‭ ‬يُعقد‭ ‬كل‭ ‬عامين،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬تنمية‭ ‬القدرات‭ ‬الفنية‭ ‬والإدارية‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬المنظمة،‭ ‬ويتضمن‭ ‬لقاءات‭ ‬مع‭ ‬خبراء‭ ‬بيئيين‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬وعالميين‭ ‬لبحث‭ ‬قضايا‭ ‬البيئة‭ ‬المستجدة،‭ ‬وحلقات‭ ‬دراسية‭ ‬للمختصين‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الاستكشاف‭ ‬والتنقيب،‭ ‬والصناعات‭ ‬الأخرى‭ ‬اللاحقة‭ ‬للإنتاج‭. ‬

وإنشاء‭ ‬مكتبة‭ ‬بترولية‭ ‬تم‭ ‬افتتاحها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1974،‭ ‬وتعدّ‭ ‬أكبر‭ ‬مكتبة‭ ‬بترولية‭ ‬متخصصة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بحوالي‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬كتاب‭ ‬ودورية،‭ ‬وسعت‭ ‬المنظمة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بما‭ ‬تحتويه‭ ‬من‭ ‬دراسات‭ ‬وتقارير‭ ‬ونشرات‭ ‬إحصائية‭ ‬متاحة‭ ‬لجميع‭ ‬المهتمين‭ ‬بالصناعة‭ ‬النفطية‭ ‬وشؤون‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭.‬

وتصدر‭ ‬المنظمة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المجلات‭ ‬والنشرات‭ ‬الدورية،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تقرير‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬السنوي‭ ‬والنشرة‭ ‬الشهرية‭ ‬ومجلة‭ ‬النفط‭ ‬والتعاون‭ ‬العربي،‭ ‬وهي‭ ‬مجلة‭ ‬علمية‭ ‬محكّمة‭ ‬تتولى‭ ‬تقييم‭ ‬البحوث‭ ‬المنشورة‭ ‬فيها‭ ‬هيئة‭ ‬تحرير‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬المنظمة‭ ‬وخارجها،‭ ‬والتقرير‭ ‬الإحصائي‭ ‬السنوي،‭ ‬وتهدف‭ ‬جميعها‭ ‬إلى‭ ‬اطلاع‭ ‬المهتمين‭ ‬بالتطورات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الطاقة‭ ‬والبترول‭ ‬العالمية،‭ ‬وتوزع‭ ‬جميع‭ ‬إصدارات‭ ‬المنظمة‭ ‬مجانًا‭ ‬على‭ ‬القراء‭. ‬كما‭ ‬تشارك‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬التقرير‭  ‬الإقتصادي‭ ‬العربي‭ ‬الموحد‭ ‬مع‭ ‬الجهات‭ ‬الاخرى‭ ‬وهي‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وصندوق‭ ‬النقد‭ ‬العربي،‭ ‬والصندوق‭ ‬العربي‭ ‬للإنماء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭.‬

ولتشجيع‭ ‬البحث‭ ‬العلمي،‭ ‬فقد‭ ‬أنشأت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1985‭ ‬الجائزة‭ ‬العلمية‭ ‬لمنظمة‭ ‬أوابك،‭ ‬وتهدف‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬ونشر‭ ‬البحوث‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬صناعة‭ ‬البترول‭ ‬والطاقة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬وتحظى‭ ‬هذه‭ ‬الجائزة‭ ‬بإقبال‭ ‬جيد‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬الشباب‭ ‬العرب‭.‬

الديناميكيات‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬تغيرها،‭ ‬تجعل‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬متقلبًا‭ ‬باستمرار،‭ ‬لذا‭ ‬تعد‭ ‬المنظمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية‭ ‬من‭ ‬الضرورات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬والثقافية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ووسطًا‭ ‬يوفر‭ ‬لجميع‭ ‬الأطراف‭ ‬والدول‭ ‬آلية‭ ‬للعمل‭ ‬من‭ ‬خلالها،‭ ‬لإيجاد‭ ‬حلول‭ ‬تعاونية‭ ‬لمشكلاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المشتركة،‭ ‬مع‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬سيادتها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭. ‬وتبقى‭ ‬مسؤولية‭ ‬منظمة‭ ‬أوابك‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬إطار‭ ‬مستقر‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬تعزز‭ ‬أي‭ ‬نظام‭ ‬اقتصادي‭ ‬للتصدي‭ ‬للأزمات‭ ‬أولًا،‭ ‬ثم‭ ‬التنسيق‭ ‬لتحقيق‭ ‬استجابة‭ ‬موحدة‭ ‬لمعالجتها‭ ‬■

 

 

ملتقى‭ ‬أساسيات‭ ‬صناعة‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬منظمة‭ ‬أوابك

الشركة‭ ‬العربية‭ ‬لبناء‭ ‬وإصلاح‭ ‬السفن،‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬العربية‭ ‬المنبثقة‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬أوابك‭ ‬ومقرها‭ ‬في‭ ‬البحرين

بهو‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬الأرضي‭ ‬بتصاميم‭ ‬مغربية‭ ‬وسورية

الممرات‭ ‬مزينة‭ ‬بقطع‭ ‬الفسيفساء

هدير‭ ‬النوافير‭ ‬يمنحك‭ ‬شعوراً‭ ‬بالهدوء‭ ‬والسكينة

تحفة‭ ‬أثرية‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬الاجتماعات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الثامن‭ ‬عشر

الفناء‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬مبنى‭ ‬المنظمات‭ ‬العربية

لقطات‭ ‬لأحواض‭ ‬الشركة‭ ‬العربية‭ ‬لبناء‭ ‬وإصلاح‭ ‬السفن