الإنسان والبيئة

 الإنسان والبيئة

كم تساوي منافع الأنظمة البيئية؟

هل توقفت, قبلاً, أمام مثل هذا السؤال؟ أم أنك مثلي تكتفي بشكر الله على ما يرزقنا به من نعم, نجدها على اليابس, أو في البحر, أو ينزلها علينا من السماء. إن هذا الشكر واجب, كما أن عدم اهتمامنا بتأمل ذلك السؤال لا يعد تقصيرا, فنحن لا نملك البيانات والمعلومات التي تؤهلنا للإجابة على السؤال, وهذا ليس عمل فرد أو مجموعة أفراد, بل مؤسسات علمية, وجهود بحثية متعددة الاتجاهات, عليمة بأحوال الأنظمة البيئية المختلفة, والموزعة على سطح الكرة الأرضية. إحدى هذه المؤسسات, معهد اقتصاديات البيئة بولاية ماريلاند الأمريكية, وقد اهتم فريق من علمائه, برئاسة البروفسير روبرت كوستانزا, رئيس المعهد, بتقدير القيمة الاقتصادية للمنافع والخدمات التي تقدمها الأنظمة البيئية المعروفة في العالم, للبشر من سكان الأرض.

يقول الدكتور كوستانزا: لقد أخطأ الاقتصاديون التقليديون بالتقليل من شأن وقيمة الأنظمة البيئية في الموازنات الاقتصادية التي يعدونها لخدمة صانعي السياسات ومتخذي القرارات, ولقد اضطلع معهدنا بهذا العمل, بالتعاون مع شبكة من الباحثين الاقتصاديين والبيئيين في جميع أنحاء العالم, وحددنا 17 نوعاً من الخدمات والمنافع البيئية, ل 16 من الأنظمة البيئية المتصلة بحياة الناس, وقمنا بتقدير ثمن كل نوع من تلك الخدمات والمنافع, على أساس وحدة مساحة هي "الهكتار" من كل نظام بيئي, ثم القيمة الكلية للنوع الواحد من الخدمات والمنافع, على أساس المساحة الكلية للنظام البيئي (مساحة بيئة حزام الغابات الاستوائية المطيرة, مثلاً), ثم جمعنا القيمة الكلية لكل أنواع الخدمات, في كل الأنظمة البيئية المحددة, وتوصلنا إلى أن النظام البيئي للأرض كلها يوفر للبشر خدمات ومنافع تتراوح قيمتها بين 16 و54 تريليون دولار, سنوياً.. ولكننا نميل إلى تقدير معتدل, في حدود 33 تريليون دولار في السنة, موزعة كما في الجدول التالي:

النظام البيئي

قيمة الخدمات
"تريليون دولار/ سنة"

السواحل
المياه البحرية العميقة
المستنقعات
الغابات
البحيرات والأنهار
المراعي
الأراضي الزراعية

12.568
8.381
4.879
4.706
1.700
0.906
0.128

الإجمالي

33.268

والملاحظ أن قيمة خدمات الأنظمة البيئية البحرية "20.949 تريليون دولار/سنة" أعلى من مجموع أنظمة بيئات اليابس "12.319 تريليون دولار/سنة". وللعلم, فإن مجموع الدخل القومي لكل سكان الأرض لا يتجاوز 18 تريليون دولار/سنة, أي نصف قيمة الخدمات والمنافع التي يجنيها البشر من الأنظمة البيئية, حسب تقدير فريق الدكتور كوستانزا الذي اضطر إلى إهمال قيمة خدمات بعض الأنظمة البيئية الأرضية المهمة, مثل الصحراء وسهول التندرا المترامية في القطب الشمالي, وذلك لتعذر الحصول على بيانات تخصها من الباحثين المحليين المشاركين بهذا العمل.

ولا يحسبن أحد أن مثل هذه الدرسات نوع من الترف العلمي, فهي عون لصانعي السياسات عند تقدير تكلفة ومكاسب مشروعات التنمية. وعلى سبيل المثال, إذا فكرنا في تجفيف مستنقع لتحويله إلى أرض زراعية, ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار زيادة التكلفة بمقدار 51 ألف دولار للهكتار, هي قيمة الخدمات التي تقدمها بيئة المستنقع, مثل تنظيم الفيضانات, وتخزين المياه الملوثة, واستخلاص الملوثات خلال العمليات الفيزيقية والكيميائية في المستنقع.

وفي نظرنا, فإن ثمة أهمية أخرى لتقديرات الدكتور كوستانزا الاقتصادية, فهي تضيف بعداً مهما لنظرتنا للأمور البيئية, وتؤكد بالرغم من ماديتها على الدوافع الجمالية والأخلاقية لأنصار صون البيئة.

شباك الجرِّ تحرث قاع المحيط

الأرقام غالباً لا تكذب. تقول إحصاءات موثقة إن 60% من أنواع الأسماك البحرية ذات القيمة الاقتصادية العالية, المعروفة لمعظم شعوب العالم, ويبلغ عددها مائتي نوع, تعاني ضغوطاً كبيرة من أنشطة الصيد الجائر, وتتعرض تجمعات من المخزون الطبيعي لبعض هذه الأنواع مثل "القود" و"التونة" للتدمير, نتيجة لغياب الإدارة الرشيدة لهذه الموارد الطبيعية الحية. وتقول الإحصاءات أيضا إن عدد "الوحدات العائمة" التي تقوم بعمليات الصيد في بحار ومحيطات العالم, قد قفز في الآونة الأخيرة إلى 3.5 مليون وحدة, معظمها آلي, ومزود بوسائل الصيد التي تلتقط كل ما يقابلها, دون تمييز, وبعد أن ترفع الشباك إلى سطح قارب الصيد, يفرز الصيادون المصيد, فيبقون على الأنواع الثمينة, ويلقون ما عداها من أسماك فقيرة وقشريات ورخويات, وغيرها من الكائنات البحرية "عديمة القيمة", إلى البحر, ميتة أو بحالة سيئة, وتبلغ كمية هذه الكائنات غير المرغوب فيها, 27 مليون طن, سنوياً.

وفي تقرير علمي, نشره أخيرا اثنان من علماء البحار الأمريكيين, يلفتان الأنظار إلى خطورة ما تلحقه "شباك الجر" من تدمير وفوضى بالنظام البيئي فوق قاع البحار والمحيطات. ويقول التقرير إن شباك الجر القاعية تحرث وتدمر مساحات من قاع المحيط تزيد على 15 ضعف المساحة التي تُعرى من الغابات سنوياً (مائة ألف كم2). وكان تأثير تلك الشباك بمثابة الكارثة في بعض المواقع من العالم.. فقد تكفلت مراكب شباك الجر التايوانية باكتساح مهاد الإسفنج ومساحات ضخمة من الشعاب المرجانية, في مياه المحيط, غرب أستراليا.

وأتلفت شباك الجر القاعية مساحات ضخمة من قاع البحر المتوسط المغطاة بالأعشاب والطحالب, والتي تقوم بدور "الحضانة" لأكثر من 400 نوع من الحيوانات البحرية. والجدير بالذكر, أن الاتحاد الأوربي قد أصدر, في منتصف التسعينيات, توجيهاً لصيادي دول الاتحاد باستخدام شباك الجر القاعية في مناطق تبعد ثلاثة أميال بحرية عن خط ساحل البحر المتوسط, وعلى أعماق تزيد على 50 مترا. ومع الأسف, فإن الشواهد تدل على عدم احترام هذا التوجيه الأوربي.

ومن الملاحظات المهمة التي أوردها التقرير, اهتزاز ديناميكية تجمعات بعض أنواع الأسماك غير المطلوبة في معظم أسواق العالم كغذاء آدمي, مثل أسماك القرش التي يقع الملايين منها في شباك الجر, فيكتفي الصيادون بانتزاع زعانفها, والتخلص من أجسامها بإلقائها في المحيط, فقد راجت في السنوات العشر الأخيرة أعمال التجارة في زعانف الأقراش, وفي "هونج كونج" وحدها, تستهلك هذه التجارة, في العام الواحد, عشرة ملايين سمكة قرش!

تلك كانت مسألة واحدة من عدة مسائل دفعت منظمة الأمم المتحدة إلى إعلان العام 1998 عاماً للمحيطات, بعد أن أكدت دلائل عديدة تدهور أحوالها. وكان ذلك العام مناسبة ليعلو صوت علماء البيئة البحرية, منبهين إلى ضرورة إصلاح سياسات استغلال مسامك العالم, وإلى مزيد من الاهتمام بصحة المحيطات وحمايتها من التلوث, وتطوير الموائل الساحلية.

النمر الأرقط

يتمتع هذا النمر بقدرة كبيرة على التعايش في بيئات مختلفة, في قارتي إفريقيا وآسيا, فتجده في الغابات الاستوائية المطيرة, وفي الصحراء الجافة. وبرغم هذه المرونة الواضحة, فإن النمر الأرقط, واسمه العلمي "بانثيرا باراداس", يعاني تناقصا شديدا في تعداد تجمعاته بالقارتين, فأضيف إلى قائمة الكائنات الحية التي يتهددها خطر الزوال من خريطة الحياة في الكون.

عودة تمساح أورينوكو

تمساح ضخم, يتعدى طوله عشرين قدماً, ويعيش في حوض نهر أورينوكو بفنزويلا وكولومبيا. اضطهده الصيادون وجاروا عليه, من أجل جلده الثمين, حتى كاد التمساح أن يختفي من النهر, وتدنى تعداده, في بداية ثمانينيات القرن العشرين, إلى 300 تمساح. وتنبه المسئولون للأمر, وأقاموا للتمساح خمسة مراكز للتربية في فنزويلا, نجحت في إنتاج ألفي تمساح, وأطلقتهم في نهر أورينوكو وروافده.

جراحة عاجلة لإداورد

و"إدوارد" ليس إلا أحد طيور الغرنوق التي تعيش في محمية طبيعية بولاية ويسكنسكي الأمريكية, ويبلغ من العمر عشرين عاما, وكان قد تعرض لإصابة مباشرة في مفصل قدمه, نغصت عليه حياته, فنقل على الفور إلى أحد المستشفيات البيطرية بجامعة فلوريدا, حيث غير الأطباء المفصل المعطوب بآخر من البلاستيك, شبيه بذلك المستخدم في جراحات استبدال مفاصل الأصابع البشرية. استغرقت الجراحة الناجحة أربع ساعات, ويأمل الأطباء أن يعود إدوارد إلى المحمية, ليمارس حياته بشكل طبيعي.

أسفلت أفضل.. من مخلفات التصوير

آلات تصوير الأوراق المنتشرة في كل مكان, تستهلك بين ما تستهلك مواد إظهار الصورة, وهي كيماويات سائلة, لدائنية الأصل, وتسمى ستايرين, بالإضافة إلى أسود الكربون. وتصل كمية المتخلف من هذه الكيماويات في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها, إلى 30 طنا سنويا. وهي تمثل عبئا على صحة وسلامة البيئة, ففكر المهندسون في إدارة هندسة الطرق والمواصلات بولاية تكساس الأمريكية في طريقة للتخلص منها, واكتشفوا فائدتها في تحسين صفات الأسفلت.

لقد أضافوا 61 ألف رطل منها إلى الأسفلت العادي, ورصفوا به طريقا طوله 1.4 ميل, ووجدوا تحسناً ملموساً في قدرة الأسفلت الجديد على تحمل الارتفاع في درجة الحرارة, وزيادة في قوة وتماسك سطح الطريق.

اختفاء جبال الجليد

هل أصبح الحديث عن سخونة مناخ العالم نغمة معادة مكررة؟
ولكننا لا نستطيع تجاهل أدلة حقيقية, تأتي إلينا هذه المرة من شمال العالم, حيث رصد المتابعون لدرجة حرارة العالم أكثر من ظاهرة تشير إلى زيادتها .فقد أخذت الفراشات الأوربية تزحف إلى الشمال أكثر بحثاً عن مناخ أبرد, وأصبحت الطيور البرية البريطانية تضع بيضها مبكراً, في الربيع, إذ قاربت درجة حرارته مناخ الصيف, موسم تكاثر تلك الطيور. أما أقوى الأدلة, فهي جبال الجليد الطافية, التي اختفت من شمال المحيط الأطلنطي, كما جاء في تقرير لقائد وحدات المراقبة الدولية لجبال الجليد, التي كلفت هذه المهمة في أعقاب غرق السفينة الشهيرة "تيتانيك".

وقد اعتادت تلك الوحدات أن تسجل, في كل ربيع, عدة مئات من الجبال الجليدية الطافية في مياه شمال الأطلنطي, وترسل إشارات منتظمة, بمواقعها وسرعات تحركاتها, إلى السفن العاملة في تلك المنطقة, في المدة من فبراير إلى نهاية يوليو, كل عام. وقد خلت سجلات ربيع العام المنصرم (1999) من تلك الإشارات.

من ناحية أخرى, فإن قياسات درجة الحرارة في المنطقة توضح ارتفاعها عن المعدل الطبيعي بمتوسط 4 درجات فهرنهايتية.

ويعتقد بعض علماء المناخ أن هذا الارتفاع الطفيف كفيل بتعطيل عملية تكوين الثلج في مياه المحيط, وهي العملية التي تحتفظ للمياه ببرودتها, وتحمي جبال الثلج المتكونة من تأثير أمواج المحيط. ولعل ذلك الارتفاع في درجة الحرارة هو السبب الرئيسي في اختفاء جبال الجليد الطافية, وهو أمر يسر العاملين في الملاحة البحرية, ويقلق المراقبين لأحوال المناخ العالمي.

بطارية أقوى للسيارة الكهربية

السيارة الكهربية, أصبحت حقيقة واقعة, ولكنها تحتاج إلى "دفعة", لتكتمل لها كفاءتها في منافسة السيارات "غير الصديقة" للبيئة. وإذا تمكن الفنيون اليابانيون في جامعة توطوري من إضافة الميزة الاقتصادية لبطاريتهم المستحدثة, لتحقق للسيارة الكهربية ما يأمله لها أنصار البيئة. يقول "تاكاو إيزاكا" رئيس الفريق الفني الياباني القائم على تطوير بطارية السيارة الكهربية: إن القطب الكهربي الجديد الذي أضفناه إلى بطارية أيون الليثيوم يضاعف سعتها من الطاقة ثلاثين مرة, مع ثبات حجمها. وكانت البطارية, قبلاً, تعمل بقطبين مختلفين, الموجب من الجرافيت, والسالب من أكسيد الكوبالت, وعند شحن البطارية, ابتداء, تتجه أيونات الليثيوم إلى القطب السالب, فإذا أفرغت البطارية شحنتها في إدارة محرك السيارة, انطلقت الأيونات عائدة إلى القطب الموجب.. وهكذا, يستمر عمل البطارية. وقد غير الفريق الياباني القطب الموجب, فصنعه من خليط الماغنسيوم والقصدير, لتزداد مساحة سطحه النشط, فيستقبل المزيد من أيونات الليثيوم, فتزداد سعة البطارية. ولايزال فريق جامعة توطوري عاكفا على بطاريته الجديدة, في محاولات مستمرة لتحسين خواصها وخفض تكلفة إنتاجها.

ما بعد الأرانب...

في منتصف القرن 19, دخلت الأرانب البرية القارة الأسترالية في ركب المهاجرين إليها, ووجدت في القارة البكر بيئة طيبة, فتكاثرت حتى وصل عددها في بداية العقد الأخير من القرن العشرين مائتي بليون أرنب, فاجتاحت المراعي, ونافست الماشية الأسترالية في طعامها, والتهمت جانبا من المحاصيل الزراعية الغذائية, حتى ضج المزارعون الأستراليون من عدوانها, وبلغت الخسائر المتسببة عنها 500 مليون دولار, سنوياً. وبدأ المزارعون في مطاردتها, وكانوا يقتلون منها أعداداً كبيرة, ويصدرون لحومها إلى أوربا وكانت الحكومة تشجع هذا الاتجاه كنشاط اقتصادي, وكإجراء يحد من تكاثر أعداد الأرانب.

ومنذ سنوات قليلة, كان الباحثون في مختبر بجنوب استراليا يدرسون تأثير فيروس وبائي على الأرانب, وتسرب الفيروس إلى الأرانب البرية, فدمر تجمعاتها تدميرا, وأعلنت الإدارات البيئية الاسترالية, منذ شهور قليلة, أن الفيروس قضى على 98% من الأرانب, وأعلن المزارعون ابتهاجهم بالخبر, والتزمت الحكومة الصمت الذي يعني الرضا. أما أنصار البيئة, فيحذرون من العواقب, فهذه الأرانب كانت الطعام الأساسي لبعض الطيور البرية وللثعالب, وسوف تبحث هذه الحيوانات عن غذاء بديل, وقد يجلب ذلك مشاكل أكبر!

النار خير علاج!

لا يرى الناس في حرائق الغابات إلا الوجه القبيح, والحقيقة أنه لولا هذه النيران لبادت أنواع من الحيوانات والنباتات, ولتغيرت ملامح النظام البيئي في الغابة, بصورة تؤثر على حيويته وإنتاجيته. ففي الغابات, يحدث بشكل متكرر أن يتكاثف نمو النباتات, من أشجار وشجيرات وأعشاب وحشائش, حتى يزيد عن معدل تحلل النباتات الميتة, وفي ذلك إخلال بالتوازن الطبيعي, فذلك التحلل هو الآلية التي تطلق المواد الغذائية المختزنة في الأوراق والحشائش الهالكة. ولا يعيد لهذه الآلية فعاليتها إلا اندلاع النيران, لتقلل من كثافة الكتلة النباتية, وتحيل كل ما تلتهمه من مواد عضوية إلى رماد يحتوي على العناصر الغذائية الأساسية, التي لا تلبث أن تعود إلى التربة.

وكان السكان الأصليون لأمريكا الشمالية يعمدون إلى صنع حرائق محدودة, يتحكمون فيها, للتخلص من الكثافات النباتية أولاً فأولا, فلا تتراكم لتكون مخزناً هائلاً للوقود, يغذي الحرائق الطبيعية المدمرة, التي توازي كمية الطاقة المنبعثة منها في كل خمس دقائق من زمن أوارها ماأطلقته قنبلة هيرشيما من طاقة حرارية !. فلما جاء المهاجرون الأوربيون, رفضوا أسلوب العلاج بالحرائق القصدية المحدودة, فقد كان يهمهم ترسيخ نظم زراعة ورعي تقليدية, لا تأمن للحرائق, وتحقق لهم الاستقرار المنشود. فلما فوجئ المستوطنون بسلسلة من الحرائق الطبيعية تحدث من حين لآخر, عادوا إلى أسلوب قدماء الأمريكيين, وأسسوا هيئة علمية مهمتها علاج النظام البيئي للغابات بالحرائق المنظمة, حسب برنامج محدد, تقوم بتنفيذه فرق مدربة من مشعلي الحرائق.

وقد أعلن أخيرا عن بعض النتائج الإيجابية, حققها ذلك البرنامج في النصف الثاني من القرن العشرين, فقد أفسحت الحرائق الصغيرة في المجال لنمو وازدهار بعض أنواع النباتات النافعة, مثل أشجار الجوز الأبيض, وقللت من كثافة نباتات محدودة أو عديمة القيمة, مثل "ذيل القط" و"أشجار الاسفندان". وفي غابة بجنوب مدينة سانت لويس الأمريكية, أدى تطبيق ذلك البرنامج إلى عودة نوع من السحالي, هو "السحلية المطوقة" وكانت قد اختفت منذ عام 1977. وفي جنوب ولاية ميسوري, ظهر فجأة ثمانون زهرة أوركيد من النوع المسمى بفم الثعبان, وهي زهرة جميلة, كانت مهددة بالانقراض, ولم تكن معروفة في تلك المنطقة من قبل, ويبدو أن نيران البرنامج العلاجي للغابات قد حركت الحياة في بذور لهذا النبات, كانت مدفونة في حالة سبات, فلما زالت عنها مخلفات الغابة المتراكمة, ووصلت حرارة الشمس إلى التربة, ونزل عليها المطر, اهتزت وربت وأنبتت وأزهرت!

 

رجب سعد السيد