ترجمة القرآن الكريم وتفسيره في الصين

ترجمة القرآن الكريم وتفسيره في الصين

أجمع العلماء المسلمون وغير المسلمين في الصين على أن دخول الإسلام إليها كان سنة 651م، وذلك في عهد عثمان بن عفان الخليفة الثالث رضي الله عنه، وهو من أرسل وفدًا لزيارة مملكة تانغ، والذي يعتبر أول نفر من المسلمين دخلوا الصين، وبالتالي، هذا العام يعتبر بداية دخول الإسلام إلى الصين في التاريخ. مضت ألف وثلاثمائة سنة وأكثر، وقد رسخ الإسلام في الصين رسوخًا عميقًا، وانتشر في جميع أنحاء البلاد شرقًا وغربًا، جنوبًا وشمالاً، وقد امتزج المسلمون بالقوميات الأخرى في الصين منذ زمان، وأصبحوا جزءا لا يتجزأ من الشعب الصيني.

يهتم المسلمون في الصين بالقرآن الكريم قراءة وفهما، قديما وحديثا، إذ إن القرآن الكريم هو دستور الإسلام الذي يرشدهم في حياتهم المادية والروحية حتى يوم الدين، ولكن الاحترام الشديد والحذر البالغ منعا المسلمين في العالم عامة وفي الصين خاصة من ترجمة معاني القرآن الكريم الذي نزل باللسان العربي المبين إلى اللغات الأجنبية باعتباره كلام الله لفظا ومعنى، خوفًا من الوقوع في التحريف وتضليل الناس، ولهذا لم نر القرآن الكريم المترجم بصورة كاملة في الصين إلا في العشرينيات من القرن العشرين.

كما نعلم أن المسلمين خارج الصين تعرضوا للحيرة نفسها، وقد شاهدنا الجدل الطويل حول ترجمة القرآن الكريم بين علماء الأزهر وعامة الناس أيضًا، وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن نجد بعض المحاولات التمهيدية في ترجمة معاني القرآن الكريم منذ زمن قديم، وأود أن أقسم ترجمة القرآن الكريم في الصين إلى ثلاث مراحل حسب الفترة التاريخية:

مرحلة الترجمة المقطوعة

تتجاوز الفترة التي تبدأ من دخول الإسلام إلى الصين إلى بداية القرن العشرين ألف سنة، واعتمد نشر القرآن الكريم فيها على تعليم الأئمة شفويا، ولم يستطع المسلمون الذين عاشوا في هذه الفترة فهم القرآن الكريم إلا قليلا جدا، ومع أن الحاجة الماسة لفهم القرآن الكريم من قبل المسلمين تتزايد على مر العصور، إلا أنه لم تتم ترجمة معاني القرآن الكريم إلا في القرن العشرين.

مرحلة الترجمة المختارة

في القرن التاسع عشر ظهر كتاب «مختار السور القرآنية»، الذي يسمى «ختم القرآن» (ويسمى بثماني عشرة سورة أيضًا، وفي الحقيقة أن العدد المضمون فيه أكثر من ثماني عشرة) وهو يضم سورة الفتح وسور يس والملك والطارق والأعلى والضحى والشرح والزلزلة والتكاثر والعصر ثم من سورة الفيل إلى سورة الناس من القرآن الكريم، بالإضافة إلى بعض الآيات من سور البقرة وآل عمران والتوبة. ولما راج كتاب «ختم القرآن» بين المسلمين في الصين، بدأ بعض العلماء ترجمة معانيه إلى الصينية. وكان أول من قام بهذا الأمر الشيخ نور الحق، وطبعت ترجمته سنة 1899م في مدينة كونمينغ، ثم حذا حذوه الشيخ بانغ جينغسيو الذي ترجم معاني «ختم القرآن»، كما أنه فسر هذه السور في الوقت نفسه، ثم نشر في مدينة شنغهاي عام 1921، ثم ظهرت ترجمات مختلفة عن «ختم القرآن الكريم» على مطبوعات متعددة، منها المخططات اليدوية والخشبية والحجرية والحديدية وغير ذلك من الأشكال الأخرى.

مرحلة الترجمة الكاملة

أول من حاول ترجمة معاني القرآن الكريم كاملة إلى الصينية هو العالم المشهور الشيخ يوسف روح الدين ماديسين، كان قد ترجم عشرين جزءا من القرآن الكريم، وأدركه أجله فلم يكمل هدفه. كما أن مخطوطاته - مع الأسف - أحرقت ولم يتبق إلا خمسة أجزاء فقط، وطبعت هذه الأجزاء في مدينة شنغهاي بعد وفاته بخمسين سنة، أما الترجمة الكاملة للقرآن الكريم في الصين، فأشير إليها حسب تاريخ النشر فيما يلي:

1- ترجمة تي جينغ وخصائصها:

قبل أن أذكر الترجمات المختلفة، لابد أن أبين أن أول من قام بهذا العمل الجليل ليس مسلمًا، كما أن مترجمًا ثانيا، ليس مسلما أيضا قام بذلك، ثم لحق المسلمون بهما في قيام هذا العمل الجليل بحماستهم الدينية القوية والحاجة الماسة عند المسلمين أيضًا، يعتبر تي جينغ أول من قام بترجمة القرآن الكريم - كاملا - إلى الصينية، لكنه لم يترجم القرآن من اللغة العربية، بل من الترجمة اليابانية، مع مراجعة القرآن المترجم باللغة الإنجليزية لرودويل (Rodweil)، وطبعت ترجمته عام 1927م في مدينة شنغهاي.

ترجم تي جينغ القرآن الكريم إلى الصينية قاصدًا تعريف الثقافة العربية للصينيين، ولم تكن نيته نشر الإسلام ولا الرد أو الهجوم عليه مثل المستشرقين، ولذلك احترم تي جينغ القرآن الكريم أثناء ترجمته، وحرص على تحقيق الإصابة والكمال في الترجمة، كما حاول أن يعرض معانيه الجليلة الأصيلة من دون انحراف.

2- ترجمة جي جيومن:

كان جي جيومن (غير مسلم أيضًا) سافر إلى اليابان وأوربا، كما عاش في تركيا مدة، ولديه معلومات وافرة عن الإسلام، واحترم الإسلام وقرآنه اعتقادًا بأن القرآن كلام الله، لذلك حاول ترجمة القرآن الكريم إلى الصينية لكي يكون معلومًا لدى المسلمين وغير المسلمين على السواء، كما قال في مقدمته:

«إنما انتشار البوذية في الصين يرجع إلى ترجمة كتبها وكذلك المسيحية تنتشر في الصين أيضًا بسبب ترجمة كتبها، إلا أن الإسلام لايزال منحصرًا في شمال غرب الصين بالرغم من أنه دخل الصين منذ أسرة صوي. أما أهل الشرق والجنوب فقلما يعرفون كتابه ودينه، وقد نقحنا هذه الترجمة مرارًا وتكرارًا باللغات المختلفة لكي نجعل الصينيين الذين لا يعرفون اللغة العربية يتعرفون على الإسلام عن طريق هذه الترجمة».

3- ترجمة يعقوب وانغ جينغجاي:

اعتكف الشيخ يعقوب على ترجمة وتفسير القرآن منذ عام 1914م حتى 1946م، أي استمر جهده أكثر من ثلاثين سنة، كما أنه قام بترجمة القرآن أربع مرات، وترجمته لكل مرة مستقلة بذاتها من حيث الأسلوب والتفسير والشرح والتعليق، وتدل محاولاته الأربع على أنه بذل جهودًا مشكورة في هذا العمل الجليل ونيته الخالصة في نشر القرآن الكريم بين المسلمين.

نشرت ترجمته الأولى (أ) عام 1932م باللغة الكلاسيكية العتيقة، ونشرت ترجمته الثانية (ب) عام 1943م باللغة الكلاسيكية الجديدة مع التصحيح والتنقيح، ونشرت ترجمته الثالثة (ج) عام 1946م بمزيد من التفسير والشرح والتعليق، وكانت ترجمته لقيت إقبالاً كبيرًا لدى المسلمين في الصين، الخاص قبل العام، حيث إن ترجمته تعتبر أول ترجمة كاملة وأول تفسير مفصل للقرآن باللغة الصينية على يد العالم المسلم في تاريخ الصين.

انتشرت ترجمته الأخيرة (ج) انتشارًا أكثر وطبعت مرارًا داخل الصين، وقد استعمل المترجم حوالي 13 مرجعًا في ترجمته وتفسيره.

4 - ترجمة ليو جينبياو:

نشرت ترجمة ليو جينبياو عام 1943م في بكين، علما بأن ليو جينبياو كان قد تثقف بالثقافتين الصينية والإسلامية، إلا أنه لا يتقن اللغة العربية، كما كان سياسيا، وأسس الهيئة العامة للمسلمين في الصين عام 1938م بدعم حكومة الاحتلال الياباني خدمة لها مما أساء سمعته لدى المسلمين في الصين. وكان قد ترجم «ختم القرآن» إلى اللغة الصينية قبل ترجمته الكاملة، فلما أراد أن يترجم القرآن بالكامل استعان بالشيخ سيه ينزي إمام مسجد دونغسي في بكين آنذاك ليكون مراجعًا له في الترجمة، كما دعا بعض تلاميذ الشيخ إلى بيته ليسجلوا ما ترجم شفويا.

5 - ترجمة يانغ جينغسيو:

درس الشيخ صالح يانغ جينغسيو اللغة الصينية والعربية والفارسية منذ صغره وكان عالما كبيرا وألف كتابا في مقارنة الأديان باسم «خلاصة الأديان الأربعة» وهو لم يبلغ العقد الثالث من عمره، نشر هذا الكتاب عام 1898م في عصر المنشورية، كما كانت له مساهمة في تعليم اللغة العربية حيث ألف كتابا في النحو تحت اسم «باكورة دمج العربية بالصينية» الذي يتكون من أربعة أجزاء، كما أنه نقل بعض الكتب إلى الصينية، منها «عقائد النسفي» الذي نشر عام 1924م، و«أشعة اللمعات» الذي نقله، من الفارسية إلى الصينية وللأسف هذا الكتاب لم ينشر. كما ترجم «ختم القرآن» إلى اللغة الصينية ونشر عام 1921م، ما مهّد له القيام بترجمة القرآن كاملاً في شيخوخته.

6 - ترجمة شي زيجو:

نشرت هذه الترجمة في تايوان عام 1958م بجهود الأستاذ شي زيجو بمشاركة الشيخ دينغ جونغمينغ والشيخ سيونغ جينزنغ والشيخ شانغ زيسيوان.

7 - ترجمة محمد مكين:

درس الأستاذ محمد مكين في الأزهر الشريف تسع سنوات، فما إن رجع من مصر إلى الصين عام 1939 حتى شارك الأستاذ ووتيقون والأستاذ شا شانيو في ترجمة القرآن إلى اللغة الصينية بالأسلوب الكلاسيكي القديم. وفي الوقت نفسه بدأ بنفسه يترجم القرآن بالأسلوب الجديد المبسط، وللأسف لم تكتمل ترجمته الكلاسيكية القديمة لسبب خارج عن الإرادة، أما ترجمته بالأسلوب الجديد المبسط فقد أكملها كمسودة في عام 1945م، ولكن لم تنشر إلا الأجزاء الثمانية الأولى مع التفسير في بداية الخمسينيات في دار النشر لجامعة بكين، ومطبعة الشئون التجارية تحت اسم «القرآن» المجلد الأول، وكان يريد أن يتم المجلد الثاني على النمط نفسه فيما بعد، ولكن إرادة الله فوق كل إرادة إذ بدأت الفوضى السياسية داخل الصين منذ عام 1958م حتى وفاته عام 1976م، ما حال دون تحقيق هذا الهدف.

8 - ترجمة يحيى لين سونف (أسلوب القافية):

نشرت هذه الترجمة عام 1988م، تحت إشراف مطبعة المعهد المركزي للقوميات في بكين. وأهم ميزات هذه الترجمة أسلوب القافية، وكان المترجم أراد تحقيق التطابق بين القافية وأسلوب القرآن، الذي يمتاز بالموسيقى وقافية الألفاظ، فبذل كل جهده بصفته أستاذا في الأدب الصيني الكلاسيكي في المعهد المركزي للقوميات في بكين، كما هو تلميذ لمحمد مكين في اللغة العربية، وعلى الرغم من هذا كله، فإنه يشعر بالعجز والصعوبة أثناء ترجمته، مستدلا بالمثل الصيني «حاك شرنقة حول نفسه» يعني أنه وضع نفسه في الموقع الصعب، كيف لا؟ والقرآن إعجاز إلهي فموسيقاه طبيعية من دون أي تصنع أو تكلف، فليس بوسع الإنسان أن يترجم القرآن من هذا الجانب، مهما كانت مقدرته البنائية والأدبية، ولذلك لم يكن غريبًا أن نجد هذه الترجمة لا تخلو من مراعاة القافية دون المعنى في بعض الأحيان، وبالرغم من أنه قد بذل كل وسعه لمراعاة تطابق الاثنين بالأمانة والإخلاص.

ومن ميزات هذه الترجمة أيضًا أن لها بعض الشروح الميسرة في ذيل الترجمة، والتي تبلغ 1898 شرحًا، وهي تؤدى ببعض الكلمات أو الإشارات، مثل شرحه أسباب تسمية بعض السور القرآنية وأسباب النزول لبعض الآيات والمفردات وغيرها مما يساعد القارئ على فهم معاني القرآن الكريم.

9 - ترجمة شمس تونغ داجانغ:

كان الأستاذ شمس تونغ داجانغ صحافيًا، إذ عمل مدير تحرير في إحدى الجرائد التجارية في سنغافورة في السبعينيات من القرن العشرين، ثم واجه الفتنة في مجال الصحافة، فسجن وأثناء بقائه في السجن بدأ يقرأ القرآن من حين إلى آخر ليطمئن القلب، ثم عزم على القيام بترجمة القرآن إلى اللغة الصينية، فأنجز مسودتها خلال تسعة شهور ونيف فقط، ثم بدأ يراجع ويحقق حتى نشرت هذه الترجمة في مدينة نانجينغ عام 1989م، أي استمرت ترجمته حوالي 17 سنة.

وهناك ميزتان لهذه الترجمة:

الأولى: قدم المترجم التلخيص الموجز لكل سورة، كما أنه شرح بعض المصطلحات وقارن بين ترجمات مختلفة في ذيل بعض السور.

الثانية: الملحق في ختام الترجمة وفيه فهرس للآيات القرآنية التي يستغرق 85 صفحة حسب ترتيب مقاطع اللغة الصينية.

10 - ترجمة جو جونغسي القادياني:

نشرت هذه الترجمة القاديانية المحرفة في سنغافورة عام 1990م تحت إشراف مطبعة الإسلام العالمية وهي المنظمة القاديانية العالمية التي تسعى إلى نشر سمومها داخل الأمة الإسلامية، بكل وسيلة في العالم. أما المترجم جو جونغسي، المعروف بعثمان الصيني لدى القاديانيين فهو عميلها. ولد جو جونغسي في محافظة ينغشانغ في مقاطعة آنهوي بالصين عام 1925م ودرس في جامعة نانجينغ، ثم سافر إلى باكستان عام 1949م، ثم التحق بالجامعة الأحمدية في مدينة لاهور، فصار تابعا للقاديانية ثم عميلا لها.

اتخذ أسلوب الصينية المبسطة الجديدة في ترجمته، وقدم التلخيص الموضوعي لكل سورة، كما وضع الملحق الذي فيه فهرس الموضوع للآيات القرآنية حسب مقاطع اللغة الصينية، والذي يستغرق أكثر من ثلاثين صفحة.

وفي هذه الترجمة السامة تأويلات كثيرة تخالف عقيدة الإسلام وأقاويل متناقضة لا أساس لها في الرواية ولا في الدراية وتحريف واضح لمعاني القرآن، حيث إن معظم شروحه متركزة على عقيدة القاديانية.

جدير بالذكر أن المسلمين في الصين ما كانوا يعرفون حقيقة ترجمة جو جونغسي، فلما نشرت هذه الترجمة السامة في سنغافورة، كتب بعض العلماء في بعض المجلات الإسلامية والعربية مقالات تثني على ترجمته بأسلوبه الجديد واللغة الراقية والشروح العقلانية العصرية من دون أن يعرفوا شيئا عن سمومها القاديانية، حتى أراد بعض المسلمين أن يجددوا طبعة هذه الترجمة لنشرها في الصين بأوسع وجه، في هذه الحالة كتب شاب مسلم وهو سيف الحق مقالة ردا عليه تحمل عنوان: «الفضح والرد على جو جونغسي في تحريفه لمعاني القرآن الكريم» ونشرها ووزعها بين المسلمين في الصين مجانا لمنع انتشار سمومها وقتل الأفعى في البيضة.

11 - ترجمة ماتشينوو (أسلوب جينغتانغيو):

ولد ماتشينوو في محافظة داشانغ الذاتية الحكم لقومية هوي بمقاطعة خبي عام 1922، وهو من عائلة المشايخ التي استمرت تسعة أجيال، بدأ المترجم بهذا العمل منذ 1979م، وانتهى منه عام 1994، أي استمر عمله أربع عشرة سنة، نشرت هذه الترجمة عام 1996م في بكين، ونالت تقديرا كبيرا من قبل المؤرخين وطلاب العلم في المساجد بالصين، ذلك لأنها تمتاز بخصائص ثلاث:

الأولى: طبعت حسب خط المترجم اليدوي لنصوص القرآن بالعربية، أما خط اللغة الصينية فبيد تلميذه ليو تيجو، أي أن هذه الترجمة لم تستعمل جهاز الكمبيوتر ولا آلة الكتابة بل هي صورة فوتوغرافية لخط يده وخط تلميذه مباشرة.

الثانية: أسلوب ترجمته هو أسلوب «جنيفتانغيو»، أي أن طريقة الترجمة الحرفية حسب النطق التي كانت تستعمل به بين المشايخ في المسجد أثناء شرح الدروس للتلاميذ فقط، وظهرت في المدارس الدينية بالمساجد قبل عدة قرون، هذه الطريقة تتخذ كثيرًا من المفردات العربية والفارسية، حيث لم تترجم معانيها إلى الصينية بل تركها كما هي في العربية، مثل: كتاب، وغيب، ونماز (يقصد به الصلاة)، و«جهنم وعذاب ومتقين» وغيرها من الكلمات الدينية التي لا يعرفها سوى المتخصصين في المساجد.

الثالثة: تقرأ ترجمته حسب النطق في الصينية بالمقاطع الهجائية العربية ببعض الحروف الفارسية، والتي يستعملها الأميون فقط قبل مئات السنين.

12 - ترجمة إسماعيل (ما جين بنغ):

كان إسماعيل قد درس في الأزهر الشريف مع محمد مكين في الثلاثينيات من القرن العشرين، واشتغل في نشر اللغة العربية بعد رجوعه من مصر، ثم التحق بجامعة بكين ودرّس اللغة العربية فيها حتى توفي سنة 2004م.

نوى أن يترجم القرآن الكريم منذ زمن، حيث رأى أن الترجمات المطبوعات السابقة لها أخطاء يجب أن يصححها حسب استطاعته، فبدأ هذاالعمل وهو كبير السن، غير أنه لم ير ترجمته مطبوعة بعينه، حيث إن ترجمته لم تنشر إلا بعد وفاته بسنتين، أي أن ترجمته طبعت في 2007م.

اتخذ المترجم الصينية الحديثة في ترجمته، كما أنه لحق تفسيره الكامل للقرآن الكريم، وبالرغم من أن المترجم زعم أنه صحح الأخطاء في الترجمات السابقة، غير أن ترجمته لم تنل إقبالا حسنا بين المسلمين في الصين، وهم يرون هذه الترجمة لم تتجاوز ترجمة محمد مكين سواء من ناحية اللغة أو الأسلوب.

لغات الترجمة

خلاصة القول إن كل واحدة من هذه الترجمات لها خصائصها التي تميزها عن غيرها، ولكن لا أحد يزعم أنه قد وصل إلى معاني القرآن الأصيلة تمامًا بإطلاق، ووصلت ترجمته إلى الكمال، حيث يملك القرآن المعاني الوافرة وتختلف طبقة من الناس عن طبقة أخرى في فهم نفس آية من آيات القرآن، ولهذا يستمر المسلمون في محاولة ترجمة القرآن بأساليبهم الخاصة ولغاتهم العصرية الخاصة، ومن ثم نرجو أن تظهر الترجمات الأخرى في المستقبل حتى تسهل على المسلمين فهم القرآن على أساس المقارنة بأكمل وجه.

أما بالنسبة إلى اللغات المستعملة في الترجمات السابقة، فإنها تحتوي على أربعة أنواع وهي: الكلاسيكية والحديثة والتعليمية المسجدية والمقفاة.

ترجمة التفاسير العربية

وبالرغم من أن كثيرًا من العلماء المسلمين في الصين قد جرّبوا ترجمة القرآن وتفسيره، وقد وصلوا بجهودهم المحمودة إلى نتائج جيدة، وعلى الرغم من أن التفاسير العربية انتشرت في الصين منذ زمن بعيد، إلا أنه مع الأسف الشديد لم يكن هناك تفسير للقرآن المترجم باللغة الصينية حتى الآن، حينما أتممت هذه المقالة سمعت خبرًا جميلاً وهو أن العالم الشاب الصيني أيوب الذي كان يدرس في الجامعة الإسلامية العالمية وأخذ درجة الدكتوراه في كلية أصول الدين قد بدأ ترجمة تفسير القرآن للإمام أبو الأعلى المودودي على اسم «مفاهيم القرآن». نرجو من الأخ أيوب أن يكمل هذا العمل الجليل بأسرع وقت حتى ينتفع المسلمون في الصين من عمله.
--------------------------------------
* أكاديمية وأستاذة مساعدة بقسم اللغة العربية في معهد اللغات الأجنبية - الصين.

 

رقية بنت إبراهيم*