الفنان النحات عدنان إنجيله والدكتور نزار بني المرجة

الفنان النحات عدنان إنجيله والدكتور نزار بني المرجة

يجب احترام تاريخ الفن

الفنان عدنان إنجيله شيخ النحاتين السوريين وأحد الرواد الأوائل وواضع اللبنات الأولى لفن النحت في سورية.. عبر التعليم والمعارض، في وقتٍ كان فيه فن النحت غائباً تماماً عن مشهد الفنون التشكيلية، وعدنان إنجيله «فنان واقعي، حاول بكثير من الجهد المتواصل والجاد أن يستلهم الواقع في أعماله النحتية المنفذة بمختلف الخامات من الحجر إلى الجبس إلى الطين والخشب.. واستطاع عبر سنوات طويلة أن يقدم مجموعة أعمال، أثبتت مقدرته على فهم الواقع وسبر أغواره وتطويع الخامات التي يتعامل بها لتتلاءم مع الأفكار التي يطرحها». بهذه العبارات قدمت نقابة الفنون الجميلة لأول معرض فردي لفن النحت في سورية والذي أقامه الفنان عدنان إنجيله بتاريخ 7 / 7 / 1973م، وكانت صفة - الفنان النحات - غير متداولة كما هي شائعة اليوم، فكان يقال: «الفنان المثّال» أي صانع أو مبتكر التماثيل، وكانت هذه الصفة للفنان إنجيله مدونةً على دليل ذلك المعرض.

عدنان إنجيله

  • من مواليد دمشق 1927.
  • درس النحت في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة.
  • نال الجائزة الأولى للنحت في معرض الخريف بدمشق في العام 1955.
  • نال الجائزة الثانية للنحت في معرض صالون القاهرة في العام 1963.
  • ساهم في الكثير من المعارض الهامة ومنها:
  • بينالي الإسكندرية الأول.
  • بينالي الإسكندرية الثالث.
  • معارض الجمعية السورية للفنون.
  • معارض رابطة الفنانين السورية للرسم والنحت.
  • أعماله مقتناة ومحفوظة في العديد من المتاحف بالعواصم العربية ومنها:
  • المتحف الوطني بدمشق.
  • متحف وزارة الثقافة السورية.
  • المتحف الزراعي في سورية.
  • المتحف الزراعي في القاهرة.
  • الكلية الحربية في حمص (نصب تذكاري).
  • اتحاد نقابات العمال في القطر العربي السوري (نصب تذكاري).
  • المتحف الحربي بدمشق.
  • متحف الكويت.
  • عضو اتحاد الفنانين العرب.
  • عضو اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية.
  • عمل أستاذاً للنحت والخزف والرسم في دمشق وحلب والقاهرة والكويت والرياض.

ويحاوره الدكتور نزار بني المرجة الشاعر والطبيب السوري وهو رئيس فرع ريف دمشق لاتحاد الكتاب العرب، وكان رئيساً لنادي فن التصوير الضوئي في سورية 1994 ـ 1995 وعمل مديراً تنفيذياً لاتحاد أطباء الأسنان العرب، له عدة كتب ومجموعات شعرية، ومشاركات فنية في المعارض الفنية التشكيلية داخل سورية وخارجها.

  • أبدأ الحوار مع الفنان عدنان إنجيله عن البدايات ومسيرة الحياة:

- أنهيت دراستي في ثانوية التجهيز الأولى بدمشق، ثم التحقت بدار المعلمين 1947م، وفيها تعرفت على أشهر الأساتذة في مختلف المجالات وعلى رأسهم الأستاذ الفنان الكبير الراحل محمود جلال (بعد عودته من الدراسة في روما بإيطاليا) ولا شك في أن الأستاذ محمود جلال فنان موهوب وخلاّق نذر نفسه وفنه لوطنه الغالي ولرفع مستوى الفنون التشكيلية في سورية، وتزامنت تلك المرحلة من حياتي مع انتصار الثورة السورية على الاستعمار الفرنسي، وكان لذلك أكبر الأثر في نفسي.. ومع الاستعداد لاحتفالات أول عيد جلاء للمستعمر عن سورية كان على أساتذة وطلاب دار المعلمين القيام بواجبهم الوطني، حيث بدأ النشاط الفني المرافق للمهرجانات والاحتفالات بهذه المناسبة على أوسع نطاق في دمشق وجميع أنحاء سورية..، وكان ذلك أول درس عملي يتلقاه طلاب دار المعلمين على يد الفنان الكبير محمود جلال، حيث أشرف بنفسه على عمل الوجوه الكبيرة بالصلصال، ثم صب القوالب بالجبس، ثم عمل هذه الماسكات بالورق المقوى وتلوينها بالألوان الزاهية لعرضها في الشوارع أثناء الاحتفالات الرسمية والشعبية، وفي عام 1950م، تخرجت في دار المعلمين بدمشق وعينت مديراً لمدرسة (القدم) الابتدائية، ثم نُقلت معيداً إلى دار المعلمين بدمشق وكان لي شرف المشاركة مع الأستاذ جلال في تدريس التربية الفنية.

وفي عام 1953م كنت الناجح الأول في مسابقة انتقاء المدرسين للتربية الفنية وعُينت مدرساً في دار المعلمات بحلب..، وخلال تلك المرحلة كنت أمارس الرسم بالفحم والمائي والباستل والألوان الزيتية وأنجزت لوحات عديدة احتفظ المتحف الوطني السوري بأكثرها، وبإشراف جاري بالمرسم الفنان الكبير نصير شورى (رحمه الله) وكذلك بإشراف الرعيل الأول من فناني سورية وعلى رأسهم الفنان محمود جلال الذي كان يقوم بزيارات متواترة لمرسمي ولمرسم الأستاذ نصير شورى، وكذلك الأستاذ عبد العزيز النشواتي والأستاذ رشاد قصيباتي والأستاذ محمود حماد، وهم رواد الفن التشكيلي في سورية.

وكنت آنذاك وبعد أن ينتهي دوامي في دار المعلمين، وكذلك الأمر في أيام العطل، أعمل في مرسمي بجد ونشاط وأقيم دورات تدريبية لمن يريدون اكتساب خبرات تؤهلهم للنجاح في مسابقات وزارة التربية لانتقاء المدرسين للتعليم في المدارس المتوسطة والثانوية، ومن خلال ذلك تزايدت خبرتي، وتوسعت معلوماتي وازداد نشاطي وبدأت بمحاولة إنجاز وجوه بالنحت كانت في المرحلة الأولى بالصلصال وأقوم بعدها بصب القوالب ثم صب النسخ بالجبس بالطريقة البدائية.

بالإضافة لإنتاج لوحات فنية إرشادية أمام الطلاب بالألوان المائية والزيتية والباستل.

  • كيف بدأت قصتكم مع النحت؟

- وبدأت قصتي مع النحت جدياً، عندما زارني الصديق المهندس زهير الرز ومعه زوجته البريطانية (وكان قد درس الهندسة في بريطانيا، وكانت زوجته مختصة بالنحت) واستطعت يومها إنجاز بورتريه ناجح جداً له، بالصلصال ثم صبه مع القالب بالطريقة الفنية الصحيحة كما عملت له ميدالية ناجحة، وهذه التجربة كان لها أكبر الأثر في حياتي وكانت لي بعدها عدة تجارب ناجحة شجعتني لخوض غمار فن النحت كمحترف لهذا الفن.

وكان لي شرف المشاركة في أول معرض للفنون الجميلة في سورية 1955 بعدة أعمال نحتية، وقد قررت اللجنة التحكيمية المؤلفة من الخبراء الفنيين: قيصر الجميل ورشيد وهبي ونقولا غار وبربيونت ديراكوبيان بإشراف لجنة معرض الفنون الجميلة، المؤلفة من وزير المعارف في سورية آنذاك الدكتور مأمون الكزبري رئيساً وأمين المعارف الأستاذ أحمد الفتيح ورئيس الجامعة السورية الدكتور أحمد السمان والمدير العام للآثار والمتاحف الدكتور سليم عادل عبدالحق ورئيس لجنة التربية والتعليم الدكتور عادل العوا، منحي الجائزة الأولى لأفضل عمل نحتي عن تمثال «فتاة من جبل العرب».

وقد افتتح ذلك المعرض رئيس الجمهورية الراحل شكري القوتلي، وجرت حادثة طريفة يومها، إذ دعا رئيس الجمهورية السفير الفرنسي لمشاهدة تمثالي الفائز، قائلاً للسفير باللغة الفرنسية: تفضل لترى البرونز السوري، وسارعت للتصحيح للرئيس عندها بالقول: سيدي الرئيس.. التمثال ليس من معدن البرونز بل هو جص مطلي بالبرونز، فأجابني بالعربية مبتسماً: «أنا قلت برونز.. يعني برونز» وضحك الجميع من حولنا.

وبعدها لاقت أعمالي النحتية نجاحاً وأصبح اسمي معروفاً في الأوساط الفنية. ففي عام 1956 نلت جائزة عن عمل بعنوان «رأس فنان من سورية» وهو الآن من مقتنيات المتحف الوطني بدمشق.. وفي العام 1957 نلت جائزة لعمل بعنوان «فتاة بدوية ضاحكة» وهو موجود في المركز الثقافي العربي في حمص.. وأنجزت في العام نفسه تمثالاً لابن زيدون بالجبس الملون وهو محفوظ في مدرسة ابن زيدون بدمشق، كما أنجزت تمثالاً بعنوان «المقاومة الشعبية» يمثل رجلاً مقاوماً وإلى جانبه امرأة مقاومة، وقد نال الجائزة الأولى في معرض الخريف للعام 1958 وهذا العمل من الجص المطلي بالبرونز ومحفوظ في المتحف الحربي بدمشق. وبعد تلك الفترة انتدبت للعمل في الكويت عام 1958م.

وحدث أن كلفتني وزارة المعارف الكويتية بالتحضير لمعرض وسائل الإيضاح والأعمال الفنية وذلك في «مدرسة الرشيد» في الكويت..، وقد اغتنمت أوقات فراغي في ذلك الوقت، وأنجزت تمثالاً نصفياً للخليفة هارون الرشيد من البرونز، لأن المدرسة تحمل اسمه، وكان مما أثلج صدري قيام أمير دولة الكويت في ذلك الوقت سمو الشيخ عبد الله الجابر الصباح بافتتاح المعرض، وإزاحة الستار عن ذلك التمثال، وقد هنأني على ذلك العمل الفني الناجح جداً وتمنى لي التوفيق وأثنى على جهودي لإنجاح ذلك المعرض، والتمثال محفوظ في مدرسة الرشيد في الكويت.. كما أرسل لي سمو أمير دولة الكويت كتاب شكر وثناء على هذا العمل الفني الناجح.

وبعد عودتي من الكويت إلى دمشق، شاركت في مسابقة للبعثات الدراسية للحصول على شهادات عليا في الفنون الجميلة وكنت الناجح الأول بهذه المسابقة وأوفدت للدراسة في كلية الفنون الجميلة في القاهرة.

  • ما تأثير المرحلة المصرية في حياتكم؟

- لقد أمضيت في مصر الشقيقة خمس سنوات كاملة تضمنت دراسة وزيارة الآثار الفرعونية والأعمال الجبارة المنحوتة بحجر الجرانيت القاسي والموجودة في الآثار الفرعونية المهمة في الأقصر وأسوان. وأهرامات الجيزة، هرم خوفو وهرم خفرع والأسفنكس (أبو الهول). وقمت بدراسة النحت دراسة كلاسيكية واقعية على أوسع وأعلى نطاق حتى حصلت على بكالوريوس الفنون الجميلة في النحت والخزف. وأثناء الدراسة تم انتقاء أحد أعمالي وهو تمثال بالحجم الطبيعي لفلاح مصري بالجلابية المصرية ويتكئ على عكازه وعلى رأسه التلفيحة التقليدية وكأنه يحرس أرضه، قمت بصبه بالحجر الاصطناعي (بالإسمنت) وهو العمل الوحيد الذي نُفذ بهذه الخامة أمام طلاب قسم النحت مع الأستاذ الأجنبي (هاذر ذاتزنجر) ونلت عليه أعلى درجة في الكلية.

كما نلت الجائزة الثانية عليه عندما أعيد عرضه في صالون القاهرة التاسع والثلاثين في مارس 1963 مع شهادة تقدير، والتمثال محفوظ ومعروض بالمتحف الزراعي بالقاهرة.

ومن أجمل ذكرياتي في مصر التعرف على كبار الأساتذة والفنانين في القطر المصري في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة وكان من أبرزهم: الأستاذ الفنان أحمد أمين عاصم المدرس الأول للنحت في كلية الفنون الجميلة لمدة طويلة.

والفنان الأستاذ جمال السجيني وله الفضل الكبير في إغناء معلوماتي في فن النحت من خلال الندوات التي كان يرأسها ويقيمها بالكلية، والأستاذ النحات مصطفى متولي رئيس قسم النحت بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، والأستاذ الفنان عبدالعزيز درويش، والكثير من الزملاء الذين أصبحوا فنانين مشهورين في مصر الشقيقة.

  • وماذا عن مرحلة العودة إلى سورية بعد تخرجكم في جامعة القاهرة؟

- يبتسم الفنان الرائد عدنان إنجيله ويتابع حديثه والذكريات قائلاً:

بعد عودتي إلى سورية تابعت نتاجي الفني وعملي في تدريس الفنون، وكان من أبرز أعمالي نصب ضخم للعامل بالحجر الصناعي، وقد وضع هذا التمثال أمام مبنى الاتحاد العام لنقابات العمال بدمشق..، ونفذت بعدها تمثالاً يمثل جندياً بكامل سلاحه وعتاده، وقد وضع هذا التمثال ولا يزال في ساحة الكلية الحربية في حمص على قاعدة مميزة ويظهر أثناء حفلات تخريج الضباط في الكلية.

وبعد سنوات كان لي شرف إقامة أول معرض فردي للنحت في تاريخ الفن التشكيلي في سورية، وقد افتتحه آنذاك وزير التربية المرحوم الدكتور حافظ الجمالي في صالة الشعب للفنون الجميلة بدمشق بتاريخ 7 تموز/ يوليو 1973..، وبعد تلك الفترة سافرت للعمل في المملكة العربية السعودية وتنقلت بين عدة مدن, حيث تابعت تدريس الفنون التشكيلية بمختلف المراحل الدراسية، كما تابعت نتاجي الشخصي في حقلي التصوير الزيتي والنحت، وبعد سنوات طويلة من العمر حافلة بالعطاء الفني والتدريس ها أنا أعيش فترة التقاعد، وأتابع نجاحات الأجيال الجديدة من الفنانين التشكيليين والنحاتين في بلدي سورية وفي الوطن العربي والعالم بكل المحبة والتقدير.. ويسعدني أن فن النحت أصبح منتشراً على نطاق واسع ويتمتع بالاحترام والتقدير.

  • سؤالي الأخير للمبدع الكبير عدنان إنجيله مؤسس فن النحت في سورية، ما هي رسالة الفن برأيك؟

- الفن أولاً هو تهذيب للنفس الإنسانية وسمو بالأحاسيس والأخلاق والقيم.. والفنان إنسان مرهف يبذل كل جهده ليرتقي بعمله الفني الذي يحمل جزءاً من رسالته في الحياة، والتي تؤهله ليكون قدوة حسنة في مجتمعه وهو عبر إبداعاته وعطاءاته سينير دروب الإبداع للهواة والأجيال القادمة من الفنانين الشباب.. والعمل النحتي وإن كان أصعب من التصوير الزيتي.. غير أنهما يلتقيان في التعبير عن أحاسيس الفنان وتجسيدها، الأمر الذي يشكل بصورة ما ترجمة ذاتية للمبدع ورسالة نبيلة من الفنان إلى مجتمعه والعالم..، وختاماً فأنا أنصح كل من يسلك دروب الفن بكل أشكاله وتجلياته.. أن يحترم تاريخ الفن، لأنه لا يجوز تجاهل أو نسيان تاريخ الفنون أو القفز فوق حقيقة تواصلها كتراث إنساني وحضاري، ومقتنيات متاحف العالم خير شاهد على هذه الحقيقة.

د. نزار بني المرجة

  • مواليد دمشق 1954م
  • دكتور في طب الأسنان وجراحتها جامعة دمشق 1978م
  • - عضو اتحاد الكتاب العرب جمعية الشعر (منذ العام 1991م)
  • - رئيس فرع ريف دمشق لاتحاد الكتاب العرب (منذ العام 2000م وحتى تاريخه)
  • - المدير التنفيذي لاتحاد أطباء الأسنان العرب (1998 - 2000م)
  • - رئيس فرع دمشق لنقابة أطباء الأسنان (1994 - 1995م)
  • - رئيس تحرير مجلة «طبيب الأسنان العربي» 1996 - 1998م
  • - رئيس تحرير مجلة «طب الفم السورية» 1987 - 2002م
  • - عضو لجنة إنجاز «المعجم العربي الموحد لمصطلحات طب الأسنان»
  • - عضو مشارك في هيئة تحرير «الموسوعة العربية الكبرى»
  • - رئيس نادي فن التصوير الضوئي في سورية 1995م
  • - شارك في مؤتمرات أدبية وطبية في كل من: تركيا بلغاريا لبنان مصر السودان ليبيا - تونس - المغرب - الكويت السعودية الأردن الإمارات سورية.
  • - صدرت له الدواوين التالية:
  • - أفراح الحزن القارس 1982م.
  • - سيد الماء والتراب - 1998م.
  • - شعلة الغيم - 1998م.
  • - رسائل عشق إلى مرمرة ملحمة أسطول الحرية 2010م.
  • وترجمت بعض أعماله الشعرية والأدبية إلى الفرنسية والإنجليزية والبلغارية والتركية.