ثورة تونس أكبر انتصار وليست ثورة الفاشلين

ثورة تونس أكبر انتصار وليست ثورة الفاشلين

قرأت في مجلة العربي العدد 633 - أغسطس 2011م موضوعا ذا أهمية كبيرة بقلم آدم فتحي تحت عنوان «ثورة تونس خريف الأباطرة»، استعرض فيه الكاتب ما حققته الثورة التونسية من انتصار باهر والذي كان له الأثر الكبير على الثورة المصرية، وكل ذلك حقائق واضحة لا ينكرها أي إنسان، وإنما ما سرده الكاتب من خلال تحليله المطعم بالأسئلة الفاتحة لباب التشكيك في حقيقة الثورة وما يمكن أن تؤول إليه من فشل، كل ذلك ليس صحيحا أمام ما حققته هذه الثورة من حرية قد اغتصبت على مدى زمن طويل شاب فيه كل من كان ينتظر لحظة الحرية ليعبر عن شعوره وماذا يحس به نحو وطنه ونحو آماله وتطلعاته، حيث إن هذا الانتصار المفاجئ والذي رمى بكل التكهنات والتحاليل المؤسسة والممنهجة خارج حلبة الحقيقة الواقعية, التي هي حقيقة الشارع الذي يحتضن الثورة من خلال تلك الفئة الشابة. وقد صدق قول أحد مجاهدي الثورة الجزائرية «ارموا بالثورة إلى الشارع يحتضنها الشعب»، وقد كان الشارع هو المكان الوحيد الذي احتضن أحداث ثورتي تونس ومصر، وهو الذي صاغها إلى نهاية المطاف وإلى نهاية الانتصار، وكل ذلك لا يعني وجود صعوبات وخلل وأخطاء، لكن هذا لا ينفي تلك الحقيقة الجوهرية الواضحة والضاربة بكل أساليب القمع والعنف إلى ما لا نهاية والفاتحة لعصر جديد تسود فيه الحرية والعدالة، فلا أحد يعلو فوق هذه المبادئ السامية مهما كان وزنه ومهما كانت مرتبته. من هنا تنبني دولة الديمقراطية الحقّة رغم وعرة الطريق وكثرة الأزمات ولكن دائما لا ننسى قول أبي القاسم الشابي:

فلابد للقيد أن ينكسر
ولابد لليل أن ينجلي

د. أحمد زهري - تونس

تكنولوجيا بلا حدود لن تهزم الكتاب

اطلعت في مجلة العربي على موضوع شيق للدكتور أحمد أبو زيد بعنوان «تكنولوجيا بلا حدود» حاول فيه الكاتب تسليط الضوء على القوة غير المحدودة لتكنولوجيا العصر في مختلف المجالات وأيضا بيان التأثير القوي لهذه التكنولوجيا وخاصة في مجال الكتاب، حيث عنون لذلك بقوله «هزيمة الكتاب»، وهذا مما لا أتفق فيه مع الدكتور أحمد أبو زيد مع احترامي لرأيه الشخصي حول هذا الموضوع، حيث إن مكانة الكتاب لاتزال معتبرة ومؤثرة رغم هذا التطور السريع والمذهل لهذه التكنولوجيا والدليل على ذلك الإقبال المتزايد والمستمر لقراء الكتاب عبر العالم، حيث نجد مثلا في العالم الغربي الذي يعتبر مهد هذه التكنولوجيا أن القراءة تعتبر ضرورة حياتية كضرورة الأكل والشرب والنوم، فتجد المواطن الأوربي أو الأمريكي وأيضا الصيني أو الياباني قارئا من الدرجة الأولى في اقتنائه وقراءته للكتاب، حيث تجده حاملا للكتاب في كل مكان، تجده مثلا ممسكا بكتاب يقرأه وهو جالس في محطة المترو أو في قاعة الاستقبال في المستشفى أو في مختلف الإدارات الحكومية والخاصة، تلك فقط نظرة بسيطة تبين لنا أن مكانة الكتاب مازالت مؤثرة رغم تأثرها بجديد التكنولوجيا، ونحن لا ننكر وجود هذا التأثر، وإنما ننكر وجود هذه الهزيمة أصلا، ومما يؤكد ذلك ما شاهدته منذ مدة عبر الفضائيات أن مبيعات كتاب: «هاري بوتر» في لندن وصلت إلى أكثر من مليون نسخة وقد عرضت تلك الفضائيات طوابير الناس الذين يتوافدون على شراء هذا الكتاب من مختلف مكتبات لندن، لذلك يمكن أن نقول كنتيجة لهذا الموضوع إن التكنولوجيا مكملة ومساعدة لدور الكتاب وليست أداة استئصال لحقيقة الكتاب ودوره في بناء الفرد والمجتمع في مختلف المجتمعات غربية كانت أو عربية، حيث إن للكتاب دورا ومكانة مميزة في مجتمعنا العربي رغم ما حدث ويحدث لهذا الدور من عراقيل وصعوبات، ولا يمكن أن تمحو هذه التكنولوجيا مهما بلغت قوتها وحدتها قول الشاعر:

وخير جليس في الأنام كتاب.

جمال لعمري - الجزائر

علاج ثالث للقلق

بداية أشكر لكم جهودكم الطيبة والمتميزة في دعم الثقافة والمثقفين العرب والمسلمين من خلال ما تنشرونه من مقالات وموضوعات، وما تكتبونه في مجلة العربي مرآة العرب والعروبة. ولكوني واحداً من القراء والمتابعين لما تنشرونه في هذه المجلة المتميزة مجلة العلم والثقافة والمعرفة، فقد قرأت موضوعا تحت عنوان «اضطراب القلق بين العلاج النفسي والعلاج الدوائي» للكاتب وائل يوسف في العدد 633 - أغسطس 2011، فوجدته موضوعا شائقا ومهما حيث تطرق صاحب المقال إلى نوعين من العلاج لهذا المرض، إلا أن هناك اليوم علاجاً ثالثاً ومهما، وجدته بصورة واضحة وجلية في كتاب «دع القلق وابدأ الحياة» للكاتب ديل كارنيجي، ترجمة محمد فكري أنور.

فهذا الكتاب وما يقدمه من علاج مهم لاضطرابات القلق حيث يتناول الكاتب في كتابه الكثير الكثير من القصص الواقعية للعديد من الرجال والنساء في أمريكا، الذين عانوا القلق واضطراباته، ويقدم الكاتب من خلال هذه القصص علاجاً ناجحاً ومفيدا استطاع من خلاله أولئك المرضى التخلص من هذا المرض، وهذا العلاج المجاني مهم جدًا لحياتنا المعاصرة والمليئة بضغوط العمل والحياة وللكثير من المرضى الذين يعانون هذا المرض، علماً بأن هذا العلاج الذي يتطرق إليه الكاتب لا يعتمد على العلاج النفسي أو الدوائي، وإنما يعتمد على علاج مجاني يستطيع من خلاله كل مريض باضطرابات القلق أن يجده في بيته ومكتبه وشركته، بل في الحياة كلها، وهو في وجهة نظري أهم بكثير من العلاج النفسي والدوائي.

لذا أدعو القراء الأعزاء وخاصةً من يعانون اضطرابات القلق أن يقتنوا هذا الكتاب وذلك لأهميته. كما أن ملخص هذا الكتاب موجود على الإنترنت، إلا أن هذا التلخيص لا يشتمل على القصص الواقعية التي من خلالها يتضح هذا العلاج، لذلك لابد لمن يريد الاستفادة الكاملة والعلاج الناجح لاضطرابات القلق أن يقرأ الكتاب وألا يعتمد على التلخيص.

علي مبارك - البحرين

الصراع العربي - الإسرائيلي والتحول إلى الديمقراطية

السيد رئيس التحرير، أسرة «العربي»، تحية احترام وتقدير لما تبذلونه من جهد في سبيل أن تبقى العربي واحة خصبة للثقافة العربية. أما بعد:

في العدد 632 - يوليو 2011، اهتم السيد رئيس التحرير ضمن ركنه «حديث الشهر» بالصراع العربي - الإسرائيلي، وآفاق التسوية في ظل التحولات الجارية في المنطقة العربية السائرة إلى نظم ديمقراطية، وفي ظل المواقف الدولية الداعمة للكيان العبري على حساب الحقوق العربية. لقد شرح سيادته الواقع بعين خبيرة متمكنة وبعقل ينم عن انشغال عميق بهموم الأمة. فتحدث عن «غياب الرؤية العربية الواحدة» لإدارة الصراع مقابل وضوح الرؤية الإستراتيجية الصهيونية له ولطريقة إدارته بما يخدم أهداف هذا الكيان التي بنيت على ثوابت أيديولوجية وعقائدية واضحة. وهي رؤية يرفدها دعم أمريكي منقطع النظير لأسباب عقائدية وأيديولوجية كذلك. ولانشغالي، ككل عربي، بالقضية الفلسطينية ارتأيت أن أثري الموضوع بإضافات بسيطة تتعلق بتوضيح الثوابت العقائدية والأيديولوجية التي تحكم رؤية الكيان الصهيوني للصراع وإدارته، وببعض عناصر الرؤية العربية المنشودة التي قد يدير بها العرب هذه المعركة المصيرية، ويحققون تسوية مشرفة تضمن الحد الأدنى من الحقوق العربية.

مقابل التخاذل العربي وتناقض المواقف العربية من التسوية وآفاقها ومرجعيّات التفاوض تميّزت إستراتيجية الكيان الصهيوني بانسجام تام مع ثوابت ومنطلقات أيديولوجية وفكرية لم يحد عنها منذ آبائه المؤسسين إلى اليوم. وهي استراتيجية استعمارية استيطانية، تسلّحت بأيديولوجية دينية لجمع الشتات اليهودي حول الصهيونية ومشاريعها الاستيطانية في فلسطين. وتقوم هذه الإستراتيجية على ثلاثة مبادئ يعتبر المس بها أو بأحدها من المحرمات: احتلال فلسطين، كل فلسطين في الحد الأدنى وجميع الأراضي الواقعة بين النيل والفرات في الحد الأقصى أولا، تحقيقا للصّيحة التوراتية «من النيل إلى النهر الكبير نهر الفرات أرضك يا إسرائيل». وتهجير أبناء الأرض وأصحابها الأصليين تحقيقا للصفاء العرقي والديني، وتمهيدا لإعادة بناء الهيكل وظهور المسيح المخلص ثانيا. ومعاداة جميع العرب والنظر إليهم بعين الريبة والشك ثالثا. اتفق على هذه الثوابت الأساسية جميع ساسة إسرائيل منذ بدايات نشأة الدولة حتى الآن: حمائمهم وصقورهم، معتدلوهم ومتطرفوهم. وقد عمدوا جميعًا إلى التنفيذ العملي لهذه الثوابت بفظاظة وغلظة أحيانًا، ونعومة ودبلوماسية أحيانًا أخرى، فتوسعت المستوطنات في عهد حكومات حزب العمل أكثر مما هي عليه في حكومات حزب الليكود، وصودرت الأراضي العربية زمن المفاوضات أكثر مما وقع قبل انطلاقها. وشرع في إقامة جدار الفصل العنصري عندما أطلق ما سمي بخارطة الطريق التي كان من المفروض أن تكون قد أدت إلى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. وكل يوم يتضاعف عدد المستوطنين وتفرض حقائق جديدة على الأرض من ضم للأراضي إلى هدم للبيوت عبورًا بالتأكيد الإسرائيلي الدائم على أنه لا عودة لحدود عام 1967 ولا عودة للاجئين ولا تفكيك للمستوطنات ولا تنازل عن القدس. وتتعدد اللاءات يرافقها دائما إصرار على الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية قبل الحديث عن العودة إلى مفاوضات التسوية. كل هذا تطبيقًا للوعد الإلهي المزعوم ولمبادئ الآباء المؤسسين الذين سطّروا منهج إقامة الدولة وتوسيعها وفق سياسة المراحل التي اتبعت منذ البداية عملا بقول وايزمان أول رئيس للكيان الصهيوني: «لنفسح المجال لليهود ليأخذوا فلسطين وبعد ذلك يستطيعون أن يحصلوا على ما يريدون»، بالحرب أو بالسلام والمفاوضات. والجدير ذكره أن التسوية أو السلام اللذين تريدهما إسرائيل لا يعنيان لها إلا أمرًا واحدًا، هو السيطرة على المنطقة العربية برمتها سياسيا وعسكريا واقتصاديا حتى تضمن لنفسها البقاء والديمومة وسط بيئة تعتبرها معادية. وقد اعتبر قادتها أن هذه السيطرة تمر عبر إبقاء العرب مفككين متصارعين غارقين في أوحال خلافاتهم المذهبية والطائفية والعرقية. ولم لا تتم إعادة رسم خارطة المنطقة على هذه الأسس؟ ولشمعون بيريز كتاب عن الشرق الأوسط الجديد الذي تطمح إليه إسرائيل ملخصه: «المنطقة العربية لا تعرف ولن تعرف أي تكامل قومي، إنها منطقة أقلّيات. والتطور الطبيعي هو تشجيع منطق الأقليات، بحيث تتحول المنطقة إلى دويلات صغيرة كل منها تعكس تكاملا طائفيا ولو تم ذلك بعمليات نقل المواطنين من منطقة إلى أخرى». لذلك عملت دولة إسرائيل عملا دؤوبا على إذكاء نار الفتن المذهبية والطائفية وتشجيع التناحر العرقي والإثني بين مكونات الأقطار العربية، لتمزيقها وتفتيتها إلى دويلات صغيرة منشغلة بالتناحر والصراع فيما بينها. وهو ما سيحوّل إسرائيل - إن نجحت في ذلك - من دولة شاذة في المنطقة، غريبة في أسسها العقائدية والأيديولوجية إلى دولة شرعية وسط فسيفساء من الدويلات القائمة على أسس عرقية ومذهبية وطائفية، وما سيجعلها الدولة المركزية القوية الوحيدة والقطب الاقتصادي والسياسي المهيمن على جيران ضعفاء مسالمين ومستسلمين يسعون إلى كسب ودها ويمدونها بأسباب ازدهارها الاقتصادي ورفاهية سكانها، من الأيدي العاملة الرخيصة إلى الثروات الطبيعية الهائلة. هذه هي رؤية الكيان العبري المتطرفة للصراع مع العرب وإستراتيجيته في إدارة عملية التفاوض.

وهذه هي ثوابته العقائدية والأيديولوجية التي ترى في هذا الصراع صراع وجود لا مجرد نزاع على الحدود مع هذه الدولة العربية أو تلك، وتعتبر المفاوضات وسيلة لإكمال ما بدأته الحروب. فما السبيل إلى استرجاع الحقوق العربية أو على الأقل الحد الأدنى منها؟

وقد تكون القرارات الدولية على جورها وانحيازها للكيان العبري، خير مرجعية للتفاوض لأنها وبعيدًا عن المزايدات تضمن الحد الأدنى من الحقوق التي لا يمكن التفريط فيها، لاسيما القرارين 242 القاضي بالانسحاب من أراضي العام 1967 بما فيها القدس الشرقية، و149 القاضي بعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجّروا منها في العام 1948. فالتمسك بمثل هذه القرارات والضغط باتجاه تطبيقها يوقف سعي إسرائيل إلى تحقيق مشروع «يهودية الدولة» وينقذ القضية من التصفية، وعرب 1948 من التهجير مثلما يضع حدًا لمبدأ تبادل الأراضي المقترح، الذي هو وبقطع النظر عن عدم شرعية المستوطنات ليس إلا خديعة لتحقيق هدفين إستراتيجيين: يهودية إسرائيل وصفائها الديني، وتفكيك أوصال الدولة الفلسطينية الموعودة التي لن تكون عند القبول بها إلا مسخا وجيوبا معزولة عن بعضها بعضا، وخاضعة لإسرائيل.

ومن المفيد أن يرافق هذا الثبات على هذه المبادئ أمران: حشد العرب لجميع أوراق الضغط الاقتصادية والسياسية والأمنية التي يملكونها واستخدامها أو على الأقل التلويح بذلك أولا. ووضع خطة إعلامية عربية تتوجه إلى الرأي العام العالمي ثانيا. فيما يخص استخدام أوراق الضغط الممكنة، رأينا كيف أن بعض الدول العربية فرضت إرادتها على الدول الغربية والولايات المتحدة في قضايا هامشية شخصية وحصلت على ما تريد، عندما هددت بمقاطعة شركاتها البترولية وغير البترولية وطردها من أراضيها، أو بإيقاف تعاونها في مكافحة الإرهاب (ليبيا في قضية ابن القذافي مثلا). فما بالك لو اتفقت الدول العربية على استخدام ما تملكه من قدرات اقتصادية وسياسية لدعم قضيتها المركزية وفرض إرادتها على القوى المتغطرسة لاستعادة حقوقها واسترجاع كرامتها. ولعلنا مازلنا نذكر المكاسب الإستراتيحية التي اتبعها العرب في حرب 1973 بقيادة الدول الخليجية حينما أوقفت ضخ البترول للغرب. أما الخطة الإعلامية فعليها أن تركّز على فضح ممارسات الكيان العبري العنصرية بحق الفلسطينيين، وكشف نواياه الخبيثة من إصراره على يهودية الدولة. كما يجب أن نبرز أن الصراع ليس ضد اليهودية بما أنها دين سماوي يحترمه العرب، ولا ضد اليهود الذين عاشوا مئات السنين في كنف الدول العربية من دون مضايقات، وإنما هو ضد العنصرية والتطرف الصهيونيين اللذين يهددان اليهود والعرب على حد سواء. ولن يعدم العرب نصيرًا في هذا المجال، لأن الكثير من اليهود التقدميين في العالم يرفضون تلك العنصرية البغيضة ويعملون على فضحها، وكشف زيف ادعاءات دولة إسرائيل بأنها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط!.

سامي الحاجي - تونس