حين تجيء تلمسان.. عاصمة الثقافة الإسلامية: خناتة ابن هاشم

حين تجيء تلمسان.. عاصمة الثقافة الإسلامية: خناتة ابن هاشم

حين تجيء تلمسان، لن تكون بها غريب الوجه ولا اليد ولا اللّسان. أدعوك أن تدخلها من جنوبها الشرقي، من قرية العباد تبركًا بوليّها الصالح «سيدي أبي مدين شعيب الإشبيلي» تزور ضريحه وترى مسجده وآثار القصر والمدرسة، وجلائل أعمال السلطان المريني «أبي الحسن»، ولمسة الموحدين والأتراك من بعدهم. تشرب من بئر الماء العذب الزلال، وتستشعر رهبة الحضارة، وخلوات أهل العلم والذكر والعرفان.

ثم إن خرجت من باب «سيدي أبي مدين» ومشيت في الطريق الواقعة شمالاً، فإننّي أدعوك أن تطلّ على ضريح صالح أندلسي آخر، هو العالم والفقيه «سيدي الحلوي» ومسجده ذي الأعمدة الرّخامية، والتيجان المزخرفة. فإن سرحت ببصرك شمالا هزّتك الخضرة اليانعة، أشجار البلاد الباردة تعانق أشجار البحر الأبيض المتوسط؛ التين والزيتون والبرتقال واللّيمون مع أشجار الجوز والتفاح. فتلمسان من أجمل مدن شمال إفريقيا طبيعة، إذ تحتل موقعا غاية في الرّوعة، ترتفع على مستوى سطح البحر بنحو ثمانمائة وثلاثين مترًا، وتبعد عنه بنحو ستين ميلاً، تطوّقها جنوبا «هضبة لالاّ ستي» وسلسلة جبال الأطلس التلي، التي تقيها من الرياح الآتية من الصحراء صيفًا، وتشرف شمالا على سهل واسع خصب، وسلسلة من التلال الساحلية الخضراء، التي لا توقف عنها الرياح الرطبة الباردة التي تأتيها بغيوم تهطل مطرا على سهول المدينة، وهضبتها، فتروي الأرض وتفيض العيون وتتدفق المياه، وتكثر الأعشاب، وتزهر البساتين وتذوب الثلوج عن أشجار اللوز في يناير فتزهر بالبياض وبالضياء وكذلك أشجار الكرز إذ تبدأ تتحول من البياض إلى لون الورد، حينئذ يغري «نيسان» بمشاهدة الربيع في تلمسان.

عرج على أغادير

من هناك عرّج على وادي «متشكانة»: وهو جدول صغير يسيل في ساقية بجنوب شرقي المكان، الذي أسست فيه «بوماريا» المدينة العتيقة وهو موقع امتيازي أطلق عليه الأمازيغ اسم «أغادير».

وإذ أنت في «أغادير» فلك أن تزور بقايا مسجد إدريس الأول؛ إدريس بن عبدالله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي «رضي الله عنهم» والذي دخل تلمسان سنة ثلاث وسبعين بعد المائة للهجرة وولى عليها أخاه سليمان بن عبدالله دفين قرية «عين الحوت» غير بعيد عن تلمسان في جهة الشمال.

وقد ظلت «أغادير» طيلة القرن التاسع حصنا منيعا، ومركزا لنشر تعاليم الإسلام في المغرب الأوسط ثم استولى عليها يوسف بن أبي تاشفين المرابطي واختط بجانبها مدينة «تاقرارت» سنة اثنين وسبعين بعد الأربع مائة للهجرة فعرفت أغادير ازدهارا. ثم وصلها عبد المؤمن بن علي الكومي فحاصرها ودخلها بحيث ظلت تحت حكم الموحدين وعرفت في عهدهم ازدهارا آخر، إلى أن دخلها يغمرا سن بن زيان ثم المرينيون بعد حصار طويل، ولم يدم حكمهم لها طويلا، إذ احتلها بنو عبد الوادي أو الزيانيون من جديد، بقيادة «أبي حمو الثاني» وظلت تحت حكمهم إلى القرن السادس عشر الميلادي، حيث دخلت تحت حماية الأتراك.

فإن واصلت السير إلى «أوزيدان»، فقد أبحرت صوب أعماق التاريخ، صوب العصر الحجري القديم الأسفل حيث الكهوف العديدة المتناثرة، كهوف توحي باستعمالها من قبل الإنسان الأول.

ولنكتشف بعد ذلك مدينة تتعايش فيها كل الأشياء، تراث مفعم بالقدم، وحاضر يفرض لغته. ولنقصد إرث بني زيان: «مسجد سيدي أبي الحسن» الذي بني في القرن الثالث عشر الميلادي ولنتفرج على تيجانه فهي من أحسن التيجان في التراث الإسلامي، وهو غني بالتعريجات والأكاليل والأفاريز والزخارف الرائعة على الرّكائز والمحراب. وقد أجمع علماء الآثار على أنه من روائع النقش على الخشب، وسقفه من خشب الأرز، تعرض للحرق في عهد الاستدمار الفرنسي وفقد الكثير من خصائصه المعمارية النادرة.

ومن مسجد أبي الحسن، إلى المسجد الكبير: وهو آية من آيات الحضارة الإسلامية، باثنين وسبعين عمودا أو سارية، بناه المرابطون سنة 1135م، ويتميز بتيجانه وأقواسه المنكسرة ومحرابه من نوادر الفن الإسلامي بزواياه المحلاة بالشوكات العلوية وأجمل نقوش الخشب.

ثم أدعوك - طبت وطاب ممشاك - أن تزور دار الحديث، دار جمعية العلماء المسلمين التي رفعت لواء «شعب الجزائر مسلم، وإلى العروبة ينتسب، من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب». فأيقظت الوعي، وشحذت الهمم، وسحقت الأباطيل، ولاتزال منبع الفكر الوسطي النير كما أراده الشيخان، «عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي» تغمدهما الله بواسع رحمته. وجزاهما عن حراسة شريعة الله في هذه الأرض خير الجزاء.

الأزياء والحرف التقليدية

ثم لنتجه جنوبا غير بعيد عن المكان، صوب «المشور»: وهو بناية مستطيلة الشكل، تتربّع على مساحة تضاهي الكيلومتر ونصف الكيلومتر، بناها «يوسف بن أبي تاشفين» في المكان الذي بنى فيه مخيمه لضرب الحصار على أغادير، كان ذلك في القرن الثاني عشر الميلادي وبنى داخله القصر والدّكاكين والحمّامات والبساتين. أما مسجده فلا يزال شامخا شموخ «تلمسان» أيام حكم بني زيان. ويكفي أن ترى أسوار المشور لتحس بعبق التاريخ. وهو اليوم معلم نابض بالحياة، صناعة تقليدية حضرية وكثيرة التنوع، يمكنك أن تتفرج فيه على أزياء اللباس التلمساني وهي أزياء تختزل سحرا لشرق كلّه قفطان حسناوات تلمسان الذي يتشظّى فيه البهاء ويمتزج الذوق العربي بالّّلمسة التركية. وهو عبارة عن جبّة من خميلة «القطيفة» مطرزة بخيوط ذهبية تلبسها المرأة عادة فوق عباءة من منسوج «تلمسان» الشهير عالميا، تضع على الرأس الشّاشية، وهي قبّعة مدببّة الرأس، مطرزة بخيوط مذهبة تدعى «المجبود» ثم تتعصب بالجبائن، والجبائن نوع خاص من التيجان يصنع في تلمسان، وكذا الزّراريف وهي حليّ آخر يضفي على التيجان جمالا أما ما يلبس على الصدر فهو غالبا من الأحجار الكريمة أو الجواهر التي تستورد من الشرق، ثم تخضع للمسة الصنّاع المحلية. أما

ما يتعلق بقلائد الذهب كالـ «مسكيات» فهي صنع تلمساني خالص.

تلبس العروس هذا القفطان بدل الفستان الأبيض، الذي تراه التلمسانية لباسا غربيا لايعنيها في شيء. ويظل القفطان لباس التلمسانيات يتباهين به في الأعراس والمناسبات السعيدة.

ومن صناعة القفطان الأرفطان «بلهجة» حاضرة تلمسان -حيث تنطق القاف همزة على غرار الكثير من الحواضر العربية - إلى صياغة الذهب، إلى صناعة الحرير، إذ للحرير في تلمسان وطن بفضل زراعة أشجار التوت في منطقة الحنايا شمال «تلمسان» وقد كانت وحدة الحرير تطمح إلى مليون من الأمتار في السنة.

فإن أردت أن تقف على صناعة النحاس فهي تقليد سلفي عريق، وكذا النقش على الخشب، والطرز، وصناعة آلات الموسيقى الأندلسية، وأغطية الصوف الفاخرة، وبساط تلمسان الذي كان مشهورا ومطلوبا في العالم. ومازلت يمكنك أن تشاهد في دروب المدينة العتيقة المحارف الصغيرة جدا، هذه المحارف التي تتوارثها بعض العائلات. ولكنها حين بدأت تتراجع وتهم بالاختفاء، سارعت «تلمسان» لاحتوائها في معهد كبير خصّص للصناعة التقليدية، ترى فيه كل الأنواع وجل الصنائع وهو يقيم معارضه على مدار السنة، يقع هذا المعهد في منطقة «يمامة» داخل المدينة وهو بناية حديثة ذات طراز تراثي إسلامي شاسع.

ثم عرج بنا إلى الصهريج الكبير، الذي بني في «القرن الرابع عشر الميلادي» وهو إنجاز مائي حيكت حوله القصص والأساطير. وأدعوك أن تقصده حين يحل فصل الصيف، إذ حوله تحتفل المدينة وتقيم أسمار الطرب الأندلسي بأطياف ليلية ساحرة.

ومن هناك، وبشيء من طقوسية أهل الشرق أدعوك أن تخلع عاداتك في الحلّ والتّرحال، لتمتطي صهوة المصعد الكهربائي، وهو واحد من إنجازات تلمسان الحديثة، حين تركبه لأول مرة يذكرك ببرميل «إسحاق الموصلي» الذي كان يأخذه من الشارع ثم يصعد به إلى غرفته؛ في حكايات «ألف ليلة وليلة» حكايات الخيال العلمي، الذي يجسّده العلم الحديث واقعا حيّا.

هضاب وشلالات

لقد ازداد عدد الزوار، والسياح، والمرتادين، نتيجة هذه المصاعد التي تظل في الصعود والنزول من تلمسان السفح إلى تلمسان الهضبة. بحيث جعلت السائح في الوقت نفسه قادرا على رؤية وسط المدينة، وهو يصعد إلى هضبة لالا ستي، وقد أصبحت قبلة كل من دخل تلمسان. فهي مناظر جبلية جميلة وشاسعة وشاملة الرؤية بشرفات وأودية، وجروف وغطاء نباتي كثيف، وغابات رهيبة من أشجار الصنوبر. تأخذك الدّهشة وأنت تنظر إليها تتسابق ارتفاعا، وتتغالب شموخا. إنها هضبة واسعة تحتل موقعا غاية في الرّوعة منحدرة نحو تلمسان. يمكنك في أيام الصحو الجميل أن ترى منها بكل وضوح البحر عند الأفق. أما منارتها الحديثة ببرج لالا ستي الذي هو من أبرز علامات المدينة الجديدة، والتي هي نتيجة الانتعاش الاقتصادي الذي تعرفه الجزائر، فإنها تمكنك من أن تتفرج عبر المنظار المكبر المثبت أعلاها على الطرف الآخر لساحل البحر المتوسط فغرناطة المغرب العربي تلمسان ترنو لغرناطة الأندلس.

ومن شرفتك هناك تكتشف المنصورة غربا، المنصورة التي تنتصب مئذنتها الهائلة فوق السهول الشاهقة، تقف بعناد في وجه الزمن تبدو لك عمودا منتصبا في الفضاء ولابد لك أن تدخلها لتستشعر عظمة البناء ورهبة الحضارة. مسجد يعد أعلى المساجد الأثرية في الجزائر، ولم يعد منه باديا للعيان إلاّ المئذنة والجدران وجزء من المحراب ومدينة كاملة بنيت بالحضارة الرّملية بزخارفها الرائعة، تلك مدينة بني مرين حين حاصروا تلمسان ذلك الحصار الطويل.

ومن هناك تشاهد السهل الواسع الخصب، قد ماج بالقرى والقباب، ثم إن سلسة المناطق الساحلية لا توقف الرّياح الرطبة الباردة، بل إنها تأتي بغيوم تهطل مطرا على السهل قبل أن تستمر، في سيرها نحو الهضبة، حيث تنزل أمطارا أوتسقط ثلجا وكلها تصبح مياها لا تنفد. إن الله قد خصّ «تلمسان» بهذا الحظ السعيد، فجعلها تقع عند تلك المرتفعات الصخرية التي تنحدر منها تلك المياه في شكل شلاّلات أو عيون ومسطحات مائية تستغل في مجال التسلية والترفيه وإشباع فضول السيّاح والزوار.

و إذا أنت بلالا ستيّ فلا تغادر أعالي الهضبة حتى تشرب - تبركا- من عين «أبي المهاجر دينار» الذي حلّ بتلمسان كما حل بها عقبة بن نافع الفاتح العظيم.

ومن أجمل شلالات الهضبة شلالات «الوريط» أو الوريت؛ تحريف لكلمة «لو رأيت» لو رأيت موقعا بمناظر طبيعية خلابة، وسط جبال خضراء، يحضن بعضها بعضا بالظلال، وبالضياء. وقد عاد إلى الوريط رونقه ونكهته حين عادت شلالاته تتدفق، وقد انقطعت سنين عديدة حين أقيم سد المفروش على هضبة «لا لا ستي». هذه الشلالات التي تنحدر في بهاء منقطع النظير، وقد أصلحت الترعة «القلتة» السفلى الواقعة أسفل الجدول.

ومن الوريط تأخذ الطريق شرقا نحو «عين فزة» لنقف على غنى المنطقة بالمغارات والكهوف، ذات الأهمية الجيولوجية والتاريخية، وهي حوالي اثنتي عشرة مغارة بحيث أطلق عليها اسم بلدية «افري» أي المغاور ولنصل بعد إحدى عشرة كلمة أي مغارة «بني عدّ» على طريق معبّد يشق ريف المنطقة الشرقية لتلمسان، وهو ريف جميل فيه أشجار الكرز، خاصة في وادي «أولاد سيدي علي بالحاج». إن انتقلت داخل هذا الريف الطيب والطيب أهله - شمالا وجنوبا فإنك تفعل ذلك على وقع حفيف أشجار اللوز وتموّج حقول القمح وأشجار الصفصاف وقطعان المواشي ورائحة البرسيم وخرير مياه السواقي عبر «الوادي الأخضر» وسيدي السنوسي وتاقمة وغيرها.

مغارة بني عدّ

وتبقى مغارة «بني عدّ» هي نقطة الارتكاز في جولتك الشرقية تلك، إذ تصنّف هذه المغارة ثاني عضو في عائلة المغارات في العالم، تم اكتشافها وتهيئتها بشكل يسمح بسهولة ارتيادها والتمتع بمناظرها الرائعة في العهدة الاستعمارية، طولها 700 متر، وأعمق جزء فيها يبلغ 57 مترا عن سطح الأرض. حين تدخلها تشعر بالبرودة في عز الصيف، درجة حرارتها ثابتة 13 مئوية وهي تحفة فنية رائعة غنية بالنوازل والصواعد، التي يزيد طول بعضها على 18م، بها أشكال عجيبة تأسرك الرهبة وأنت تنظر إليها. قد تتوجس منها خيفة لولا أنها قد ازدانت بالإنارة، أشكالها العجيبة تشي بالخيال وبالأسطورة وملاحم الأولين. في كل شكل من أشكالها ملامح قصة، لقد سكنها إنسان ما قبل التاريخ، هكذا يقال، وكانت الملاذ الرباّني لمجاهدي الجزائر أثناء حرب التحرير.

لها امتدادات، يقال إنها تربط هذه المغارة بمغارة قرب «سبدو» في الجنوب الغربي لتلمسان ومغارات «وجده» بالمغرب الأقصى. وقد أغلق الاستعمال أهم هذه الإمدادات بالأسمنت المسلح.

ولن تكون غريب الدار إذا اتجهت جنوب تلمسان، وشققت الغابات وقمم الجبال الشامخات، قمة جبل تنو شفي 1843 م أعلى قمة جبلية بالغرب الجزائري، هناك تقف على مضارب التاريخ الحديث، على وقع خطى من صنعوا ملحمة الجزائر، واصطلوا بنيران الحرب ضد الاستعمار، «بني هديل وبني ورنيد وأولاد ورياش وأولاد نهار وبني سنوس وأهل أنجاد». هذه القمم - كغيرها على امتداد الوطن تشهد على ملاحم البطولة وأمجاد التاريخ. ومن هناك يمكنك الانتقال إلى منطقة السهوب التي يغلب عليها الانبساط وتتخللها الأحواض والضايات «ضاية» الحاجي بن يوسف وغنى المنطقة بالطيور المهاجرة، ثم المواقع التاريخية والأثرية ما قبل التاريخية. ثم تميز المنطقة بالتراث الثقافي المتميز بالنكهة العربية كالفروسية، والرقص الشعبي وصناعات تقليدية ذات طابع خاص وكرم الضيافة عند أولاد «زيد نهار» وغنى هذه السهوب بخمائل الخزامة ونباتات منطقة السهوب. وتربط هذه المناطق كلها شبكة متناغمة تغري بالسياحة.

ومن حرارة السهوب، اتجه شمالا صوب مرتفعات ترارة «فلا وسن» التي سقتها دماء الشهداء في واحدة من كبرى المعارك ضد المحتل الغاشم أثناء الثورة المظفرة ثم «تاجرة» و«سيدي بوزيان»، غنية بالمناظر العامة الرائعة، والشرفات. من أعلى تلك القمم يمكنك المشاهدة على مسافات بعيدة بالعين المجردة، والمناظر البعيدة المدى، من هناك تطل على الأودية الضيقة، والرؤوس الصخرية، والخلجان تتخللها شواطئ رملية متفاوتة الامتداد والأنواع يتسنى لك أن تراها من البر نحو البحر، ومن البحر تجاه البر، مناطق تجمع بين المغريات البحرية والجبلية المتقاربة، تمتد من وادي كيس أي «الغزوات»، تشمل شواطئ رملية مهمة كبيرة مثل شاطئ «مرسى بن مهيدي» ورؤوس شاطئية ذات انحدارات سحيقة وخلجان عميقة تشرف عليها مرتفعات جبلية مغطاة بالغابات الجميلة وفيها ميناء «تاجريت» في شاطئ بحيرة «أولا عايد» يتوافر كل تراث ثقافي وتاريخي كصناعة الخزف «ببيدر» ولك كل الفرجة على رقصة «العرفا» في «سوق الثلاثاء» فأنت ضيف على أرض «أمسيردة». ومن لا يعرف أحراش أمسيردة لا يعرف العالم مثلها، هكذا قال أحد أبنائها. هناك كرم الضيافة ومراسم الشاي بالنعناع ومواهب الشعر والكتابة والإبداع.

ومن الغزوات إلى بني خلاّد وإلى «سوق الإثنين» إلى «شاطئ سيدي ويشع» إلى مواقع أثرية أخرى كقلعة «كلاونت» القلعة التي تشرف على خليج الغزوات، وكذلك المغارات وغنى المنطقة بالرخام والصناعات التقليدية كصناعة القصب. وغير بعيد عن الشواطئ لك الاستجمام في الحمامات المعدنية. بعد أن أرهقك التجوال، كحمام بوغرارة وحمام الشيقر. وبعد استراحتك تلك لابد لك أن تجدّد النشاط إلى ندرومة وندرومة «ندّ لروما»، تصنع الاختلاف وتزهو به؛ تراث ثقافي متميز، و متنوع، وموسيقى تقليدية وفنون شعبية بلمسة حضرية رقيقة الحاشية، وناعمة الملمس ومواقع تاريخية أبرزها مدينة ندرومة السّاحرة بموقعها، إذ يحضنها الجبل جنوبا ويفتح لها البحر ذراعيه شمالا. ومن ندرومة الجميلة إلى محطات أثرية وتاريخية متناثرة هنا وهناك، كهوف ما قبل التاريخ في المويلح بمغنية، وسيدي أحمد بالرمشي، وآثار مواقع رومانية بالطافا «أولاد ميمون»، وأخرى بسيدي العبدلي وبوجرار «بني وعزان»، ولن تكون بها غريب اليد ولا الوجه ولا اللّسان.

 

 

خناتة ابن هاشم*