عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

الديمقراطية التي نعيشها

في هذا الشهر الكريم، يفد الحجاج من كل حدب وصوب، إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وهم يسعون بالدعاء والعمل الصالح، ينشدون حسن الختام، وطيب الآخرة، في الفريضة التي جعلت من أركان الإسلام الخمسة. هذه الجموع التي قدمت من أشتات الأرض لها حيواتها الخاصة، وقد تركتها بزهد، لكي تعلن عن طاعتها للخالق سبحانه وتعالى، وكأنه استفتاء علني، وديمقراطية مجاهرة، تمارس فيه النفس حريتها في معتقدها.

الديمقراطية هي عنوان اليوم، في الحياة، وكذلك في حديث الشهر، الذي يتساءل فيه رئيس التحرير عن مدى سعة صدرنا، ومدى اتساع تقاليدنا لنمط بعينه من الديمقراطية، وهو تساؤل ضمن استفهامات عديدة: هل تعني الديمقراطية مجرد حشد الجمهور إلى صناديق الانتخابات للإدلاء بأصواتهم لاختيار البرلمان أو الحكام؟ أم أنها في جوهرها أعقد من ذلك وأكثر تركيبا؟ وهل يستوي فهم المواطن الغربي للحرية والديمقراطية التي يعيشها، بالطريقة نفسها التي يفهمها بها المواطن في شرق آسيا، مثلا؟ هل تستطيع الجاليات المهاجرة إلى الغرب أن تلتزم بكل قوانين وقواعد الديمقراطية في الغرب؟

وسط احتفال جموع المسلمين في أرجاء العالم بالشعيرة السنوية للدين الحنيف، يرى رئيس التحرير أن القيم الحضارية التي أقرها الإسلام، وحاز بفضلها قوته وقدرته على الانتشار الواسع، تبدو اليوم معطلة في المجتمعات العربية، وفي مقدمتها إعادة الاعتبار للإنسان، وتحريم الجرائم التي تتنافى مع حقوقه. ومن ثم نحن بحاجة إلى ديمقراطية جديدة، صالحة لعصرنا، ومجتمعاتنا، وديننا، وحقنا في الحياة كبشر.

في إطار احتفاء «العربي» بشهر الحج تسافر إلى تلمسان؛ عاصمة الثقافة الإسلامية، وتقدم من بكين الترجمات الصينية للقرآن الكريم، وتطوف بعمارة شوارع المدن الإسلامية، وتقرأ الفتوحات العربية في روايات المغلوبين.

ولا تنسى «العربي» أنها ديوان الرحلة العربية المعاصرة، فتحط الرحال في مدينة العرائش، ذلك الميناء الأندلسي، على المحيط الأطلسي، بالمملكة المغربية، في قراءة للتاريخ والحاضر والمستقبل.

وإذ تخصص «العربي» صفحات إضافية لملحق «البيت العربي»، تعد قراءها بأن تتحول تلك الصفحات إلى ملحق مجاني بدءًا من العدد القادم، تلبية لرغبة كثيرين ممن يرون في «العربي» بيتا للثقافة العربية، ويتطلعون إلى أن يلبي ملحقها الجديد طموحهم في مجلة للأسرة العربية، مثلما أصبح ملحق «العربي العلمي» دورية منفصلة. وهو إيمان منا بديمقراطية تمنح القراء طموحاتهم التي نستطيع تحقيقها.

وكل عام وأنتم بخير.

 

المحرر