وتريات

وتريات

لحظة

يمر زمانٌ ويأتي زمان
ومازلت رهن قيود الهوان
أنام على دمعةٍ في العيون
وأصحو على نائباتِ الزمان
وما بين منفىً ومنفىً أضيعُ
وأنّى ذهبت مدان مدان
على جزُر الحلم ألقيتُ همي
فقالوا: الأماني سبيل الجبانْ
وقلتُ: أريد ولو لحظة
أحس بها أنني مستريح
فتحت النوافذ للشمس تأتي
فلم يأتِ إلا ظلام وريح
فأعلنت صكّ احتجاجي عليها
فقالت: جريح يقاضي جريح
لمحتُ الضباب يعربد فيها
فترقص -حزنًا- كرقص الذبيح
وقلت: أريد ولو لحظة
أودع فيها الأذى والشجَنْ
وأنسى هموم اغترابي قليلاً
يحس فؤادي دفء الوطن
فقال الزمان: تريدْ الحياة
وموتك يأبى وداع السكن
ستمضي حزينًا يقاسم حزنك
جسمك هذا فضاء الكفَنْ.

أشرف محمد قاسم - البحيرة/مصر

وصايا شهيد

لا تحزني أبدًا وكوني صابرة
فالصبر يا أمي سبيل المغفرة
فإذا قُتِلتُ بأرض «يافا» فاعلمي
أني شهيد في البقاع الطاهرة
حبي لربي فوق كل محبة
تشدو الطيور بحبه في القافرة
وعلمت أني لو قُتِلتُ مجاهدًا
أحييت نفسي مطلقًا في الآخرة
فإذا العدو تبعثرت أفكاره
وتناثرت حول البلاد العامرة
وأتى إلى أرض العروبة يبتغي
في قلبها يُدْمي جراحًا غائرة
فلأقتلن الشر يحبو هاهنا
وحديقة الفرسان دومًا زاهرة
وإذا العدو أتى ليعبر أرضنا
لن أرضى أقدام الفساد العابرة
فتبسمي وتجملي وتجلدي
يا أم دومًا في الحياة الحاضرة
لا يعرف الموتَ الشهيدُ ولا يرى
يأتي الشهيد دماؤه متعطرة
إن الذين تكبروا وتجبروا
قتلوا الحياة قلوبهم متحجرة
لم يعلموا أن الذي فعلوا بنا
أهدى إلينا جنةً في الآخرة.

سامح محمد يوسف - مصر

في سرّ العارفين

وطنٌ وملقى فوق مقصلة الهوى
لمّا بسرّ العارفين تعلّقا
يمضي إلى بحر السكون سحابه
حتى أتى نهري، البوار تدفقا
هو نخلتي قد طاولت حلقاتها
والكل نحو ركابها قد أخفقا
وبلسع زُنبُورٍ تهاوت جُرأتي
فأيا تُرى من أين فعلي يُستقَى
ما بين خمري (شقوتي، ومذلتي)
وغثاء خبز في فجور عتّقا
وإذا فتاك أقر قبلته، تراجع
عن صلاتي في التمادي أغرقا
وإذا تغيبُ شموس مسبحتي سيفنى
شمع دروشتي بدمع أهرقا
العقد ذاتي خدّ أوجاعي سطور
قد كتبت بفوقها، فتوثقا
ومدادها في مقلتي عين لدرب
المحجبين، بها وثاقا أوثقا
وعلى سنامي خاتما متأبدا
وعلى هويتنا ركوعًا وثّقا
أحلامنا في مسلخ مثل الخراف
على مشانقها فلا أحدُ سقى
إلا شرابا من أُجاج في أواني
العارفين يُرى فراتًا أغدقًا
وصقيعُ أمكنتي تغلغل في جموحي
رعشة بالجلد نعشا فلّقا
ولقد تسوّر عقم نسوتنا رضاً
لما ربيعُ قِيانِنا بي أورقا
منها فيالق من هوى مصفوفة
منها جحود بالوجيعة طوّقا
منها ملوك من دمٍ مُتعاظمٍ
أمة تملكه فأنجب بيدقا
حمراؤه كانت قصورًا راح بانيها
تباكى في الخروج فأطرقا
وطني أنا - العميان - يحدونا الهوى
فإلى متى مُدُني تضيع وتُلتقى
لو صبر عمري ينقضي في مهلتي
كانت حماقاتي برأسي مفرقا.

محمود حسين دبوك - مصر