ثقافة إلكترونية: المرأة العربية وثورتها على الإنترنت

ثقافة إلكترونية: المرأة العربية وثورتها على الإنترنت

سافرة، ومحجبة، ومنتقبة، وقفت الفتاة العربية بين الجموع الهادرة المطالبة بحقوقها في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية في ساحات التحرير والحرية، بجوار الثوار كتفا بكتف، أعلت صوتها بنداءات العدل ضد الفساد والقهر، رفعت شعارات المطالبة بالكرامة وحقوق الإنسان، وواجهت عصي العسكر وهراواتهم وطلقات النار، واستُشهدت مع من استشهدوا من الثوار الذين سالت دماؤهم من أجل مستقبل أفضل لهم ولأوطانهم. من جانبهم تعامل الثوار مع الثائرات بوصفهن شريكات الوطن والمستقبل. هكذا نقلت شاشات المحطات الفضائية، العربية والأجنبية، والصحف ووسائل الإعلام الإلكترونية صورة المرأة العربية، شريكة رئيسة في مشهد الثورة ومطالبات الجماهير بالتغيير والسعي لمستقبل أفضل.

ومع ذلك في الواقع اليومي العربي هناك العديد من الممارسات التي تتناقض مع هذه الصورة، والتي تعددت أمثلتها في مشاهد عدة من مثل رفض بعض التيارات ذات الطابع الديني حق المرأة في الترشح للرئاسة مثلا، أو ادعاءات بعض الشخصيات العامة وتقولهم على ما يمس الشرف للثائرات، وبينهم رؤساء ممن يواجهون هتافات الجماهير ومطالباتهم بالتنحي، أوممارسات بثت وسائل الإعلام العالمية تقارير بشأنها، ووفقا لشهادات حية عن اختبارات عذرية أجريت على المشاركات في التظاهرات في مصر، إضافة إلى ما تتداوله الصحافة ووسائل الإعلام من قضايا تمس فكرة المساواة مثل ظاهرة التحرش الجنسي المقيتة، واجتراء رجال بلا نخوة على السيدات في الشارع والطريق لمجرد أنهن «إناث»، أو موقف بعض الدول من قيادة المرأة للسيارة، أو توليها مناصب شرعية في القضاء في دول أخرى، بل على مستوى نسبة مشاركة المرأة في العملية السياسية في البرلمانات والأحزاب، وفي المناصب الوزارية ومناصب رئاسة الإدارات المحلية بشكل عام والتي لا تعبر عن واقع ما حققته المرأة العربية، تعليما ومشاركة في جميع مجالات الحياة فما حقيقة هذه الشيزوفرينيا العربية؟ وإلى أين؟

في هذه الجولة سأتوقف عند صورة المرأة العربية الثائرة في الواقع الافتراضي، أي على شبكة الإنترنت، لنتبين حجم الدور الذي لعبته في هذه الثورة، وحقيقة الدور الذي تمارسه في المجتمع بشكل عام، كإجابة غير مباشرة على الموقف الذكوري العربي الذي لا يزال يخرج لسانه لفكرة المساواة وللحركة النسوية العربية على السواء.

وأبدأ من اليمن التي عرفت ساحاتها توافد آلاف الفتيات والسيدات اليمنيات اللائي رفعن أصواتهن بالنداءات المطالبة بالحرية والتغيير في دلالة رمزية واضحة على التحول الذي تعنيه المطالب والشعارات في تغيير وضع المرأة في مجتمع محافظ.

من بين عشرات المدونات التي تقوم بالتدوين فيها المدونات اليمنيات أختار مدونة الكاتبة والصحافية اليمنية أفراح ناصر، وهي شابة عمرها 27 عاما، تعمل بالصحافة الناطقة بالإنجليزية كمحررة في صحيفتي «يمن أوبزرفر»، و«يمن توداي» استطاعت أن ترفع صوت اليمنيات إلى العالم في الغرب عبر ما تدونه في مدونتها، ونزلت إلى ساحة الحرية في صنعاء خلال التظاهرات، وسرعان ما بدأت تتعرض للمضايقات من قبل السلطات اليمنية، التي تطورت لتصبح تهديدًا بالقتل، بعد هذه المضايقات، سافرت ناصر إلى الدانمارك للمشاركة في ورشة عمل عن النشاط الإلكتروني خلال الثورات العربية، تقول: «تعرضت لمضايقة في مطار صنعاء وتم احتجازي لفترة من الوقت»، إلا أن جواز سفرها كان يشير إلى أنها طالبة فأفلتها رجال الأمن خوفاً من ردود الفعل الداخلية والدولية، وسافرت. بعد الدانمارك، ذهبت إلى السويد لمتابعة برنامج تدريبي قصير حول التدوين وطريقة استغلال هذه الكتابة الإلكترونية في خدمة قضايا البلدان النامية «وكنت أنوي العودة بعدها إلى اليمن، لكن تلقيت رسالة تحتوي على العبارة التالية: نحن في انتظارك في مطار صنعاء»! وازاء نصائح من رئيسها بالعمل ومن أمها تطلب منها التريث في العودة لليمن، أو حتى عدم العودة أدركت خطورة الوضع، وقررت اللجوء السياسي للسويد: «أنا فتاة من لحم ودم ولا بد أن أتشبث بحياتي كي أتمّكن من خدمة بلدي».

اختيرت مدونة أفراح ناصر من قبل موقع «سي إن إن الإخباري» كواحدة من أهم عشر مدونات عربية رشحتها الـ «سي إن إن» للقراءة.

عشر مدونات شرق أوسطية

أما المدونات التسع الأخرى فهي: مدونة «ارابيست»، وهي مدونة تهتم بالشأن المصري السياسي ويكتبها إيساندر العمراني، وهو مغربي مقيم بالقاهرة منذ أكثر من عشر سنوات، كما تضم العديد من التقارير بالإنجليزية عن الشأن العربي وخصوصا الوضع بعد الثورات في المنطقة.

المدونة التالية بعنوان «امرأة سعودية» وتقوم بالتدوين فيها السعودية إيمان النفجان وتهتم بشئون المرأة السعودية وتدون بالإنجليزية أيضا، كما تهتم بقضية الصراع العربي - الإسرائيلي.

المدونة الثالثة من البحرين وهي تعرف باسم «عش محمود» لأحد أقدم المدونين في البحرين وهو محمود ناصر اليوسف، وهي مدونة مهتمة بالشأن العام في البحرين بالإضافة الى التعليق على الأحداث العالمية بالإنجليزية.

المدونة الرابعة من مصر بعنوان «صراخ قرد الرمال» وهي مدونة كان صاحبها يقوم بالتدوين فيها باسم قرد الرمال، كاسم مستعار، حتى تعرض للاعتداء من قبل قوات الأمن المصرية خلال أحداث ثورة 25 يناير مما دعاه للإعلان عن اسمه «محمود سالم»، والمدونة تهتم بالشأن العام والسياسة في مصر. أما الخامسة فهي مدونة «أيريس السوداء» أو للمدون الأردني نسيم الطراونة وتهتم بالشأن العام في الأردن والمنطقة.

المدونة السادسة تكتبها لينا الشريف، وهي فلسطينية تدرس الأدب الإنجليزي، وعنوان المدونة هو«بث مباشر من غزة» تقوم فيها بتعريف الواقع اليومي للسكان في غزة. والسابعة لمدونة بحرينية هي أميرة الحسيني، وعنوان مدونتها هو «فتاة بحرينية سخيفة»، وهي ليست سخيفة قطعا، فالمدونة تضم عددا من التدوينات التحليلية للوضع في البحرين، وفي المنطقة العربية إضافة للتعليق على وقائع يومية وعنوان المدونة هو

http://sillybahrainigirl.blogspot.com

اما المدونتان السابعة والثامنة فهما 248 وam، ويدونهما زوجان لبنانيان هما مارك وناتالي، والأخيرة مدونة تهتم بالكاريكاتير وهي للبنانية مايا زنكول التي نشأت في السعودية وعادت لتستقر في لبنان أخيرا، وعنوان المدونة هو

www.mayazankoul.com

اللافت هنا أن سبع مدونات من المدونات العشر تكتبها فتاة أو سيدة، وأغلبيتها تهتم بالشأن العام، وهي كلها مكتوبة بالإنجليزية وبالتالي فهي تعكس أولا معرفة كاتباتها باللغة الإنجليزية وإتقانها، ما يعكس نوعا مختلفا من الثقافة والتعليم، وهي موجهة إما لقارئ عربي عارف باللغة الإنجليزية أو لقارئ أجنبي، وهو ما يستدعي في الحالتين نوعا من الكتابة الاحترافية الموضوعية التي تحترم عقل القارئ وتقوم على المعلومة والتحليل، بالإضافة طبعا إلى أسلوب خاص بكل كاتبة ما يعكس أيضا ذائقة شخصية وثقافة تخص كلا منهن.

بنية تونسية

في تونس لفتت عشرات بل مئات المدونات الانتباه للكثير من قضايا الرأي العام التونسي قبل فترة طويلة من اندلاع الثورة التونسية، وهو ما أدى بنظام الرئيس التونسي المخلوع بن علي، إلى حجب العديد من تلك المدونات في إطار سياسة النظام السابق في التعتيم الإعلامي، ومن بين تلك المدونات مدونة » بنية تونسية» التي تدونها الناشطة لينا بن مهني وهي ناشطة حقوق إنسان وصحفية تونسية وعضوة الهيئة الوطنية المستقلة لإصلاح الإعلام والاتصال، وتعمل صحفية في راديو «كلمة» الذي تملكه ناشطة حقوق الإنسان التونسية سهام بن سدرين، وتعمل كذلك أستاذة جامعية تدرس الأدب الإنجليزي. واختيرت مدونة لينا بن مهني بين ثلاث مدونات عربية أخرى ليتم تكريمها بعد فوزها في مسابقة «بوبس» العالمية التي تنظمها إذاعة DW الألمانية في شهر يونيو الماضي. وتنتقد بن مهني في مدونتها المسماة بـ «بنية تونسية» منذ عدة سنوات الأوضاع الاجتماعية والسياسية في تونس وتنشر تدويناتها بالعربية والإنجليزية والفرنسية. وتتناول لينا بن مهني قضايا الاضطهاد والرقابة في ظل حكومة الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وخلال ثورة الياسمين التي انطلقت في شهر ديسمبر 2010 سافرت لينا بن مهني إلى مدينتي سيدي بوزيد والقصرين للكتابة ونقل الأخبار من هناك ورصد وقائع القمع الذي قامت به الشرطة المحلية ضد المتظاهرين. ومنذ التغيير السياسي الذي حدث في تونس، تكتب لينا عن الصعوبات التي تواجهها الدولة في مسار التغيير الديمقراطي.

ناشطات مصريات

وفي مصر كان للفتيات دور كبير على الإنترنت بدءا من الدعوة للتظاهرات في 25 يناير، عبر العديد من المدونات والناشطات السياسيات والفتيات المهتمات بالشأن العام وبينهن أسماء محفوظ من حركة 6 أبريل التي لعبت دورا منذ أحداث المحلة قبل عامين، وامتد دورها في هذه الثورة عبر شبكة الإنترنت ومن خلال الموقع الاجتماعي «فيس بوك»، الذي شهد نشاطا توعويا وتنظيميا لأسماء كثيرة بارزة بينها الإعلامية المصرية بثينة كامل التي شاركت في العديد من التظاهرات والنشاطات الرافضة للقمع في عهد الرئيس المخلوع مبارك، خصوصا بعد إنشاء جروب «كلنا خالد سعيد» الذي كان له دور كبير في تحرك الثوار يوم 25 يناير وما بعدها، وقد أعلنت بثينة كامل عن ترشيحها نفسها كمرشحة محتملة للانتخابات الرئاسية المقبلة في مصر في دلالة رمزية بالغة الأهمية على تأكيد حق المرأة في الترشح لجميع المناصب في الدولة وعلى رأسها حق الترشح لرئاسة الجمهورية.

وعلى الفيس بوك برزت العديد من الأسماء التي أسهمت إما في التحرك أو التعليق والنقد أو الدعوة للتظاهرات، وهن جميعا شاركن في التظاهرات أيضا في الميدان من بينهن المترجمة هالة صلاح الدين، والكاتبات أمثال منصورة عز الدين وميرال الطحاوي وسحر الموجي ومنى برنس، ود. رشا عبدالله ود. رضوى عاشور وهالة البدري ونيرمين نزار ورحاب بسام ووئام مختار وآلاف..نعم آلاف أخريات.

وكان من بين النشاط الإلكتروني الذي تسببت الثورة فيه موقع «دولة مدنية» الذي أنشأته الكاتبة والأكاديمية المصرية المقيمة في كندا مي التلمساني وهو موقع مختص بالتوعية بفكرة الدولة المدنية وحقوق المواطن التي تتأسس عليها فكرة المواطنة.

كما أن الكاتبة منى برنس قامت بنشر يومياتها في ميدان التحرير خلال الثورة ونشرتها على الفيس بوك على عدة أجزاء بعنوان «من يوميات ثورة اللوتس»، وغير ذلك العديد من الناشطات والتجارب التي تضيق المساحة عن ذكرها.

الثورة والمهاجرات العربيات

طبعًا كانت هناك تجارب الكتابة التحليلية التي مارستها كاتبات بارزات مثل د. رجاء بن سلامة الأكاديمية التونسية على موقع الأوان الإلكتروني والذي سبقت الإشارة له هنا، ولعبت دورا بارزا في التوعية بالوضع ما بعد الثورة، كما قامت بدور شبيه الكاتبة المصرية منى الطحاوي التي تقوم بالكتابة السياسية في الصحف الأمريكية، وتقوم عبر تعليقاتها في موقع «Twitter»، بالتعليق على أبرز الأحداث في مصر والعالم العربي.

ومنى الطحاوي واحدة من نماذج المصريين المغتربين الذين أدوا دورا بارزا في التعليق والتحليل والتضامن مع الثورة عبر الوسائل الافتراضية المختلفة، كان لافتا هناك أيضا نشاط ميرال الطحاوي من الولايات المتحدة عبر التعليق المستمر على الأحداث ونشر كل ما يرتبط بالثورة، وكذلك الأمر بالنسبة للشاعرة والأكاديمية إيمان مرسال من كندا، والتي كان لها دور كبير في اقتراح أول بيان تضامن من المثقفين المصريين المغتربين مع الثورة، إضافة إلى اقتراحها مناقشة السياسة الثقافية في مصر بعد الثورة بما يتضمنه ذلك من مناقشة فكرة ضرورة وجود وزارة الثقافة نفسه، وطبيعة الدور الحقيقي الذي ينبغي أن تلعبه.

ويمكن الإشارة هنا في الوقت نفسه إلى دور الناشطات المهاجرات الشابات وبينهن مثلا المدونة سماح صادق التي هاجرت إلى كندا لكنها كانت تمارس دورا يشبه وجودها في القاهرة.

ولا يقل الأمر في سوريا عنه في مصر أو تونس أو اليمن فهناك نماذج عدة من المدونات والناشطات والمثقفات المقيمات في سوريا والمغتربات أو المهاجرات اللائي كان لهن دور كبير في التعليق على الأحداث في سوريا، على الرغم من اختلاف الوضع في سوريا بسبب قبضة الأمن المتشددة وتردد الكثير من المثقفين في الدخول في معترك انتقاد النظام، لكن الشجاعة التي واجه بها المطالبون بالحرية آلة القمع العسكري والأمني الباطشة جعلت الكثير يغير موقفه، وهناك العديد من المثقفات السوريات اللائي كتبن تعليقات ودعوات للتنديد بالعنف لدى جهات دولية، ودعم الثوار. ومحاولة نقل الوعي بما يحدث للكتلة الصامتة في سوريا ومن بين هؤلاء على سبيل المثال الكاتبات غالية قباني ومها حسن، مع عدد كبير آخر من المدونين والناشطين السياسيين والكتاب وغيرهم.

من بين المدونات السورية التي تهتم بالشأن السوري وتدعو للحرية مدونة طباشير التي توقع كاتبتها باسم «شيري»، ومدونة «رزانيات» التي تدون فيها بالإنجليزية رزان غزاوي، وهي مدونة معلوماتية وتحليلية تهتم بالشأن السوري والتعليق على الأحداث ووقائع الانتفاضة وردود الفعل الشعبية وغيرها. كما ترصد مقالات الكتاب المهتمين بالشأن في سوريا مثل برهان غليون، وتبث أغنيات مع الثورة والحرية.

لكن الوضع الخاص بالتدوين في سوريا يظل صعبا ومعقدا ومختلفا عن غيره لأسباب عدة أهمها الحصار المعلوماتي للشبكة من قبل السلطات في سوريا، وقد نشرت مجلة الآداب البيروتية ملفا كاملا عن الانتفاضة في سوريا أخيرا، ومن بين الملف مقال مهم كتبته شيرين حايك وياسين السويحة عن التدوين في سوريا، ويمكن الاطلاع على المقال كاملا عبر هذا الرابط:

http://www.adabmag.com/node/405

متى سيأتي عمر المختار لينقذنا؟

فيما يتعلق بليبيا فإن عدد المدونات نسبيا أقل من غيره، فهناك حتى قبل الثورة ظاهرة كتبت عنها تقارير إخبارية عن إغلاق العديد من المدونات الخاصة بفتيات وسيدات ليبيات لأنها كانت تناقش المشاعر العاطفية والعلاقات بين الرجل والمرأة أو المشاعر الحميمة، ويبدو، وفقا للتقرير، أن الضغط العائلي من قبل عائلات المدونات أدى إلى إغلاقهن لتلك المدونات، وبينها مثلا مدونة «شهرزاد» ومدونة أخرى باسم شيما كالباسي، وغيرهما، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فبسبب الرقابة الشديدة من قبل نظام القذافي وخوفا من البطش فإن عددا كبيرا من المدونات المتاحة الآن على الشبكة لمدونين ومدونات من ليبيا هي مدونات مغلقة على مجموعة خاصة من القراء، لا يمكن قراءتها من دون إذن المدون الذي أنشأها ما يعكس الطابع الخاص لأجواء الإرهاب التي عاشها الليبيون حتى سقوط القذافي.

مع ذلك هناك الكثير من المدونات المتاحة وخصوصا للمدونات الليبيات وبينها مثلا مدونة «فيوليت ليبية» التي تدون غالبا عن المشاعر والعلاقات الإنسانية وتعلق أيضا على الشأن العام في ليبيا، لكنها في وصف الأحداث الرهيبة التي تمر بها ليبيا تحكي أن محاولاتها لمنع ابنتها من مشاهدة التلفاز أو إثارة الأسئلة كانت شبه مستحيلة، وأنها شرحت لابنتها أن ما يحدث هو صراع بين مجموعة من الأخيار ومجموعة من الأشرار، فسألتها ابنتها: «ومتى سيأتي عمر المختار ليخلصنا»؟

هذه الجولة البانورامية في المشهد الافتراضي النسائي الثوري العربي، انتقائي، للتمثيل فقط، مع التأكيد على أن كل اسم مما ذكر هنا يقابله مئات الأسماء الأخرى التي تعمل بجد في سبيل الانتصار للحق والعدل والحرية، وتؤكد دور المرأة العربية الجوهري في صناعة وصياغة المستقبل، مما يؤكد أن دورها دور فعال، ويثبت عمليا أن النظرة الإقصائية والمتزمتة والذكورية المتعالية تجاه المرأة ضرب من ديكتاتورية المجتمعات العربية نفسها تجاه ذاتها، وفي مستقبل يدعو للعدل والمساواة يكاد يكون من المخجل فعلا أن يسهم الإعلام أو المدعون ممن يتمسحون بالدين وغيرهم في إعلاء النبرة الذكورية في وضع مشاركة المرأة في المجتمع على حساب النبرة الإنسانية التي تسعى المجتمعات الحرة إليها.

 

 

إبراهيم فرغلي