عرب سنة 1000 وعرب سنة 2000م

 عرب سنة 1000 وعرب سنة 2000م

ألفية من هذه التي تثير كل هذا الضجيج؟ وما نصيبنا منها؟ ودورنا فيها؟ وهل يمكن أن تعني الأرقام شيئا دون ارتباطها بحدث فارق؟

عندما لاحت في الأفق تباشير سنة 2000 ميلادية, ثارت في أرجاء العالم مناقشات, واحتدمت مجادلات, وخرجت في كل مكان كتابات تتحدث عن نهاية الألفية الثانية وبداية الألفية الثالثة في نغمة توحي بأن العالم الذي نعيش فيه سوف يتحول إلى عالم جديد بعد منتصف آخر ليالي السنة الأخيرة في الألفية الثانية, وكأن مجرد تغير رقم السنة سوف يفرض شكلاً جديداً لحياة البشر, وبغض النظر عن أن الألفية الثانية لاتزال في سنتها الأخيرة سنة 2000م, وأن الألفية الثالثة سوف تبدأ مع اليوم الأول من سنة 1002م, فإن حكاية (الألفية) هذه تستحق وقفة للتأمل والتدبّر.

وبالتداعي, تثار الكثير من الأسئلة: هل كان عرب سنة 1000 ميلادية على هذا القدر من التهافت الذي وصم عرب سنة 2000 ميلادية, وهم يسارعون إلى تأكيد ولائهم للغرب الأوربي والأمريكي من خلال احتفالات ظهرت وكأنها قرابين الزلفى يتمسّحون بها في أعتاب الحضارة الغربية الغالبة المسيطرة? وإذا لم يكن الأمر كذلك, فما سبب هذا الفارق المهم بين موقف عرب سنة 1000م, وعرب سنة 2000م?

بداية, لا بد أن ندرك أن الفكر (الألفي) يرتبط بتاريخ أوربا وامتدادها الأمريكي وتضرب جذوره في تربة التاريخ الأوربي الكنسي والثقافي منذ العصور الوسطى, وذلك منذ وضع القديس أوغسطين (354-430م) تقسيمه الزمني الكاثوليكي لتاريخ العالم, كما كان اكتمال الألف الأولى بعد المسيح - عليه السلام - مقترناً بظواهر اجتماعية وثقافية ودينية في غرب أوربا شكلت تاريخ الشعوب الأوربية على مدى القرون التالية, ويعني هذا, في التحليل الأخير, أن (الفكر الألفي) وما تبعه من ترويج لفكرة الألفية الثانية, أو الثالثة, الذي أصاب العالم ضجيجه وصخبه فكر يرتبط بالحضارة الغربية من ناحية, كما أنه مؤشر بالغ الوضوح على مدى الهيمنة الإعلامية لهذا الغرب من ناحية ثانية, فضلاً عن أنه علامة بالغة الدلالة على وضع التبعية الذي يعانيه عرب سنة 2000م من ناحية ثالثة.

فلكل أمة تقويم تحسب به تاريخها وينبع من ظروفها التاريخية الموضوعية, ويمثل جزءاً من تراثها الثقافي العام, كما يشكل أحد ملامح هويتها الحضارية, والتقويم الذي يقسم تاريخ العالم إلى ما قبل ميلاد المسيح - عليه السلام - وما بعده, تقويم أوربي النشأة والهدف, وقد استقر في صورته النهائية المعروفة باسم (التقويم الجريجوري), ومن ناحية أخرى, فإن التقويم الهجري الذي وضعه عمر بن الخطاب هو التقويم الذي يرتبط بدورنا الحضاري في تاريخ العالم والإنسانية, ولايزال الناس في العالم العربي يعولون عليه في حياتهم الاجتماعية والدينية, فالأعياد والعبادات والاحتفالات (الصوم والحج والعيدان والاحتفالات الدينية ذات المدلول الثقافي/الحضاري) كلها تجري في بلادنا وفق التقويم الهجري الذي يشكّل جزءاً من تراث العرب الحضاري.

بل إن التقويم الذي يسير عليه أقباط مصر المسيحيون هو تقويم الشهداء الذي يرمز إلى نضال الكنيسة المصرية من جهة, كما أن شهوره ترتبط بدورة الحياة الزراعية في الريف المصري من جهة ثانية, فضلاً عن ارتباطها ببعض عادات وتقاليد المصريين الاجتماعية من جهة ثالثة.

ولذلك كله, كان المشهد غريباً عندما احتفل العرب سنة 2000م بالألفية الجريجورية احتفالاً بالغ الصخب, شديد الإسراف. وليست هذه محاولة مني للدخول في غبار المعارك الكلامية (طبعاً) حول تكاليف الاحتفال المصري الرسمي, ولكن ما يلفت النظر حقّاً أن الاحتفال كان (رسمياً) أقامته (الحكومة), واكتفت الجماهير بـ(الفرجة), فقد احتفل المصريون بأعيادهم بعدها - المسلمون احتفلوا بعيد الفطر والمسيحيون احتفلوا بعيد الميلاد في السابع من يناير!!

ونعود إلى محاولة الإجابة عن الأسئلة التي طرحناها, أو التي طرحت نفسها في البداية حول موقع عرب سنة 1000م على خريطة العالم, وموقع عرب سنة 2000م, على الخريطة نفسها.

أوربا المتخلفة

كانت سنة 1000 ميلادية بالنسبة لأوربا سنة مثل أي سنة أخرى, فلم تكن أوربا كلها قد تنصّرت, وكانت بعض شعوبها لاتزال على وثنيتها, كما أن الخرافة والإيمان بالخوارق والمعجزات كان بمنزلة (الأريج الثقافي) في أوربا كلها, وكان الناس يؤمنون بوجود الأرواح الشريرة والطيبة في الغابات وحول جداول المياه, ويتداولون الحكايات عن النجوم التي تتساقط من السماء مثل المطر, والقدّيسين الذين يظهرون للفلاحين والرعاة, والنساء اللاتي تلدن أطفـالاً بأربـع أيدي وأربع أرجل, ويعتبرون ذلك من علامات الساعة التي لا بد أن تأتي مع اكتمال الألفيـة الأولى, وكثيراً ما تحكي المصادر التاريخية عن هروب سكان القرى إلى الأماكن المفتوحة توقعاً لنهاية العالم التي انتشرت النبوءات بشأنها في كل مكان.

ومع هذا الفكر الألفي الممزوج بالخرافة والخزعبلات كانت حياة الأوربي حياة تعسة وقصيرة, فالأوربي بشكل عام كان تحت رحمة الطبيعة والسادة الإقطاعيين, وكلاهما لا يمكن الاستغناء عنه, كما لا يمكن الركون إليه والوثوق به, وكثيراً ما تسبّبت الطبيعة في كوارث المجاعة والوباء والفيضان, وكثيراً ما تسبب السادة الإقطاعيون في كوارث الحروب الإقطاعية التي مزّقت أوربا شر ممزق طوال القرن العاشر الذي ينتهي سنة 1000 ميلادية.

وبصفة عامة, كانت أوربا منطقة متخلفة إذا ما قورنت بالعالم الإسلامي, والمنطقة العربية تمثل مركز القلب فيه, بل إذا ما قورنت بالإمبراطورية البيزنطية.

ومن ثم, كان طبيعياً ألا يهتم العرب بحلول سنة 1000 ميلادية, أو بداية الألفية الثانية, ولم يكن ذلك راجعاً إلى اعتزازهم بتقويمهم الهجري فحسب, وإنما كان يرجع أيضاً إلى أن (الفكر الألفي) ليس من خصائص الثقـافة العربية الإسلامية من ناحية, وإلى أنهم كانوا أصحاب حضارة (تنتج) ما يستهلكه الآخرون, وكانت هي الحضارة الأرقى على امتداد العالم من ناحية أخرى.

كان القرن العاشر الميلادي الذي ينتهي سنة 1000 ميلادية, والذي يقابله القرن الرابع الهجري دون أن يتطابقا, يمثل قرن الذروة بالنسبة للحضارة العربية الإسلامية, فقد اشتهر العالم العربي بثروته الزراعية وتجارته المزدهرة مثلما اشتهر بإنجازاته العلمية والفكرية, وقد تمتع الفاتحون العرب تحت راية الإسلام بقدر كبير من الوعي والإدراك جعلهم يبقون على نظم الري وأساليب الزراعة التي كانت سائدة في المنطقة العربية وعالم البحر المتوسط قبل الإسلام, وأدخلوا عليها الكثيـر من أساليب التطوير والتحسّن, بل إنهم نقلوا هذه النظم إلى الأندلس, كما جلبوا الكثير من المحاصيل وأشجار الفواكه إلى أوربا, كذلك فإن حسن إدراكهم جعلهم يوفرون قدراً من السلام والطمأنينة داخل دولة الخلافة الشاسعة, وداخل (دار الإسلام) وعلى الحدود في الشرق والغرب, كان لازماً لازدهار التجـارة العالمـية, فقد حافظ العرب على التجارة الدولية في حوض البحـر المتوسط الذي حوّلوه إلى بحيرة عربية بفضل وجودهم القوي على شواطئه الشرقية والجنوبية (إذ تحوّلت بلاد الشام ومصر والمغرب العربي والأندلس إلى مناطق حيوية فاعلة في بناء الحضارة العربية الإسلامية), فضلاً عن وجودهم في صقلية وجنوب إيطاليا.

وسرعان ما كانت الأساطيل العربية تبسط سيادتها على البحر الأحمر الذي صار بحراً عربياً داخلياً لم تجرؤ سفن غير المسلمين على دخوله حتى القرن الثامن عشر على أقل تقدير, وكانت الموانئ العربية والإسلامية التي كانت الأساطيل العربية تصل بينها بخيوط التجارة العالمية مراكز إشعاع حضاري تنتشر على اتساع العالم, وعندما أوشك القرن العاشر على الاكتمال كانت الملاحة والتجارة العالمية ترتدي العباءة العربية, وتتحدث لغة العرب, وتتعامل بمصطلحاتهم التي لاتزال آثارها بادية في عالم المال والتجارة في نهاية الألفية الثانية.

فقد استفاد العرب من خبرات عرب الخليج البحرية القديمة, كما وظّفوا خبرات أهل مصر والشام وبلاد المغرب العربي في صياغة السيادة العربية على طرق الملاحة والتجارة, كان التنظيم البحري الإسلامي في المحيط الهندي, والبحر المتوسط قد بلغ مداه في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي, وتم بناء الأساطيل الكبيرة بأساليب فنية راقية بحيث فرض العرب المسلمون سيطرتهم التامة على البحر المتوسط خلال القرن الثامن والقرن التاسع الميلاديين, وترسّخت في القرن العاشر, وسك الحكام العرب عملاتهم الذهبية والفضية القوية التي صارت أساساً في عمليات التبادل التجارية المهمة في عالم البحر المتوسط, وعالم الخليج العربي والمحيط الهندي, بل وفي العديد من أنحاء غرب أوربا أيضاً, ومن المهم أن نشير هنا إلى أن شعوب غرب أوربا ظلت تستخدم العملات الذهبية العربية لقرون عدة, وقد اكتشف الأثريون هذه العملات الذهبية العربية في شتى أنحاء أوربا الغربية.

وينبغي أن نتذكر, أثناء تقديرنا لدور التجارة العربية في التجارة العالمية عند تمام الألفية الأولى, أن الصورة الشائعة للتاجر العربي في أوربا العصور الوسطى كانت صورة ترسم رجلاً لا يتحدث سوى اللغة العربية, وينتمي إلى شعب من شعوب دار الإسلام.

لقد بسطت الخلافة العباسية والخلافة الفاطمية سيادتهما على منطقة شاسعة من حيث حدودها الجغرافية, ضمت كل الشعوب ذات الحضارات القديمة مما أكسبها عمقاً تاريخياً فريداً لم يتكرر لأي حضارة أخرى, وفي هذه المساحة كانت حدود (دار الإسلام) التي عرفت (السلام الإسلامي) الذي أتاح حرية التنقل داخل أقاليم العالم الإسلامي ومناطقه, فمن الأندلس وصقلية وجنوب إيطاليا شمالاً حتى مناطق غرب ووسط وشرق إفريقيا جنوباً, ومن سور الصين العظيم شرقاً حتى مياه المحيط الأطلنطي غرباً, كان الناس يسافرون ويتحرّكون في حرية وأمان طلباً للرزق في التجارة, وطلباً للمعرفة في العلم, وطلباً للثواب في الحج, وطلباً للاكتشاف في الرحلة, وكانت بغداد وأصبهان والبصرة ومكة والمدينة ودمشق وبيت المقدس والقاهرة وتونس وبلاد المغرب الأوسط والأقصى وغيرها من عواصم دار الإسلام تشع بنور العلم وببهجة الازدهار التجاري وبنور القدسية الدينية, بحيث قصدها الناس من كل فج وجاءوا إليها من كل صوب.

وتمثلت نتيجة ذلك كله في نمط من النشاط العلمي, والإبداع الفني والأدبي, والتأمل والتفكير الفلسفي الذي جعل الحضارة العربية الإسلامية تزهو بإسهاماتها في كل مجالات الفكر الإنساني, كان القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي قد شهد بداية التفاعل بين الموروث الحضاري للشعوب التي اعتنقت الإسلام ديناً, واتخذت العربية لساناً, والذي تم نقله إلى العربية بفضل حركة الترجمة المنظمة التي أشرفت عليها الدولة, وبين ما جاء به الإسلام والعروبة, فقد تمت ترجمة مئات الكتب من الفارسية والهندية والسريانية واليونانية التي كانت تحفظ تراث مصر وبلاد الشام أيضاً, وبعد أن تمت مرحلة الهضم والاستيعاب بدأت مرحلة الإبداع, وفي الطب والرياضيات والفلك والفيزياء والكيمياء والموسيقى والفلسفة نقلت الحضارة العربية العالم من مرحلة إلى مرحلة أكثر رقيّاً وسموّاً, وجاء القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي الذي انتهى سنة 1000م لكي يرى اللغة العربية, وقد صارت لغة عالمية تحمل أحدث إنجازات العقل البشري, وكان على من يريد الاطلاع على أحدث ما كتب في فروع المعرفة الإنسانية أن يقرأ بالعربية, كما كان ينبغي لمن يسعى إلى نشر كتاباته على أوسع جمهور من القرّاء أن يكتب بالعربية أيضاً, وقد تجلت هذه الحقيقة في المناطق الأوربية المتاخمة لمناطق الوجود العربي في إسبانيا وفي صقلية, وقد أقبل الأوربيون الطامحون على الأندلس وصقلية طلباً للعلم والمعرفة.

وفي مجال النقل والمواصلات, كان عرب سنة 1000م سادة المجال, وقدموا الكثير من إبداعهم لتسهيل الملاحة في البحر والسفر على البر, وعرفوا تنظيم الطرق التجارية وتأمينها, كما عرفوا البريد بمفهوم ذلك الزمان, وجهّزوا محطاته بالخيول والمؤن والاستراحات, واستخدموا الحمام الزاجل والإشارات والمنارات لنقل الأخبار بين المدن والعواصم.

كانت المدن العربية الإسلامية, سواء تلك التي بناها الفاتحون العرب في كل مكان, أو تلك التي كانت قائمة قبل الإسلام, مراكز حضارية تعج بالمؤسسات السياسية إلى جانب المؤسسات ذات الوظيفة الاجتماعية/الدينية, أو الاقتصادية, أو الثقافية, وتكشف المدن التي بناها المسلمون لاسيما في القرون التالية على الفتح, وأهمها مدينة القاهرة, عن فهم واضح لأصول التخطيط الحضري, بيد أن تطوّرات مدن مثل بغداد والقاهرة تكشف عن أن المدينة العربية كانت تراعي احتياجات ساكنيها من شتى الجوانب, فإلى جانب قصور الحكام كانت المدن العربية تجمع بين المسجد والجامع والمدرسة, والسوق والوكالة والخان والفندق, فضلاً عن السبيل والكتّاب والخانقاه وأماكن النزهة والتسلية والفرجة.

وبينما كانت القاهرة وبغداد ودمشق وغيرها من المدن العربية تنعم بإضاءة شوارعها ليلاً, وتنعم بحرص السلطات على النظافة والصحة والتنظيم سنة 1000 ميلادية, كانت لندن وباريس أشبه بالبوابات الخلفية لقارة أوربا, بل إن باريس كانت مراحاً للذئاب التي تجول في طرقاتها في ليالي الشتاء حتى القرن الثاني عشر.

لكن أهم ما كان يميز عرب سنة 1000م, أن العقل العربي حتى ذلك الحين كان يتميز بالجسارة والشجاعة التي جعلته يعترف بوجود الآخر ويفسح له مجالاً إلى جانبه, فإذا ما نحينا الممارسات السياسية للحكام جانباً (وهي على أي حال ممارسات تلوثها شهوة السلطة وقوة السلطان), وجدنا أن النخبة العربية المثقفة تتميز بقدر واسع من الجسارة العقلية التي جعلت العلماء يقتحمون المجهول بقصد اكتشافه وإماطة اللثام عن غوامضه, ومن ناحية أخرى أفسح العقل العربي المسلم مكاناً لكل عبقري أو صاحب موهبة من غير المسلمين الذين يعيشون بينهم لكي يسهموا في إثراء الحضارة العربية الإسلامية.

كانت الأمة هي التي تمول العلم والثقافة من خلال الأوقاف, وهو الأمر الذي جعل العلماء المسلمين مستقلين عن الحاكم, وأكسبهم تلك الجسارة العقلية والشجاعة الأخلاقية التي جعلتهم يتوصلون إلى إبداعاتهم التي وظّفوها في حل مشكلات أمتهم. وفي الشريعة والطب, في الفقه والهندسة, في الأدب والفلك, في الفن وعلوم الزراعة والبيطرة, في العلوم العسكرية ونظم الري.. وما إلى ذلك قدم أولئك العلماء إسهاماتهم التي تعلمت منها أوربا وبنت نهضتها الحديثة على أساسها.

إن الحديث عن إنجازات عرب سنة 1000م العلمية والثقافية والعسكرية حديث لا يمكن لمثل هذه العجالة أن تستوعبه, ولكن مغزاه واضح الدلالة, وربما لم يدرك عرب سنة 1000م أن ألفية أوربية قد اكتملت, ولم يكن يعنيهم مثل هذا الأمر في كثير أو قليل.

ماذا عن عرب اليوم?

أما عرب سنة 2000م, فأمرهم جد مختلف, فقد ضيّعوا التاريخ ووقفوا كاليتامى على أبواب الألفية الأوربية/الأمريكية الثالثة - بلادهم مقهورة بالاستبداد والاحتلال والظلم الاجتماعي, يستهلكون ما ينتجه الآخرون, غذاء وكساء وتكنولوجيا وعلماً وفنّاً, يشعرون بأنهم تائهون ويكتفون بالصياح والصخب.

أين عرب 2000م على خريطة الدنيا? أين اللغة العربية من دنيا العلم والمعرفة? هل صارت لغة للأدب والشعر فقط?

لم أقصد بهذه المقالة البكاء على الأطلال, فهذا أمر لا يجدي, ولم أقصد أيضاً أن أرثي عرب 2000 وأزفّهم إلى قبورهم, فهذا أمر يخالف الحقيقة, وأظن أننا نستطيع أن نتحول من خانة (المفعول به) في الجملة العالمية سنة 2000م إلى خانة (الفاعل) بالشروط نفسها التي رفعت عرب سنة 1000 ميلادية.

وحتى نغير ما بأنفسنا, فليس لأحد أن يندهش من سلوك عرب 2000م في طريقة الاحتفال بالألفية الثالثة.

 

قاسم عبده قاسم