النازية الجديدة.. وملامح المواجهة السينمائية أحمد رأفت بهجت

النازية الجديدة.. وملامح المواجهة السينمائية

استقراء تاريخ النازية بأسلوب علمي يبين ظروف نشوئها وعوامل انتشارها. ويحدد آثارها حتى سقوطها مع نهاية. أقرب العالمية الثانية، ثم عودة الروح إليها بشكل متنام منذ منتصف الستينيات حتى الآن، هو إحدى المهام الضخمة الملقاة عن عاتق الفكر الإنساني في كل مجالاته.

"السينما" باعتبارها أحد روافد الفكر الإنساني الأكثر انتشارا كان لها دور رائد في فضح العنصرية النازية ولكن في حدود قاصرة. حيث إنها أكتفت غالبا بالتعامل مع معاناة اليهود في معسكرات الإبادة النازية. دون أي محاولة للتحليل الرصين لكل ملابسات ظهور هذه الحركة العنصرية. أو حتى الالتزام بكل الحقائق والأرقام والأسماء التي تؤكد: "أن ضحايا هذه المعسكرات لم يكونوا غير كل أعداء النازي ومعارضيهم السياسيين من رعايا دول كثيرة وبينهم الشيوعيون والغجر والمسيحيون واليهود والمسلمون سواء بسواء" (سليمان مظهر: "ألمانيا الموحدة .. الحلم والكابوس" "مجلة العربي" الكويت/ العدد 409 ديسمبر 1992).

ولقد شهدت السنوات التالية لظهور ما سمي بالنازية الجديدة موجة عن الأفلام العالمية الضخمة التي حاولت أن تعيد إلى الأذهان فظائع النازية وتشير بإلحاح إلى سلبيات غير اليهود "الأغيار" في مواجهة النازية والتغاضي عن دورها في التخلص من اليهود سواء باغتيال أو الإبادة .. وقد حرصت هذه الأفلام على التعامل مع الأسماء العالمية الكبيرة في مجال: الإخراج، التمثيل، السيناريو.. لقد شهدت أفلاما مثل "حديقة فينزي كونتيني" (1970) للإيطالي دي سيكا، و"لاكومب لوسيان" (1974) للفرنسي لوي مال، و"الجميلات السبع" (1975) للإيطالية لينا فيرتمولو، و"مستر كلين" (1976) للإنجليزي جوزيف لوزي، و"بيضة الثعبان" (1977) للسويدي انجمار برجمان، و"الطبلة الصفيح" (1979) للألماني فولكر شولندروف، و"اختيار صوفي" (1982) للأميركي آلان باكولا.. مما جعلها تتصف بالجفاف والجدب رغم حشوها بعشرات المشاهد الإنسانية البراقة، الأمر الذي قلل من فعاليتها وأثرها في نفس المتفرج الواعي. ورغم التهليل النقدي المتوج دائما بجوائز المهرجانات ستبقى هذه الأفلام في نطاق ما يمكن تسميته "البروباجندة السياسية".

ومع ذلك هناك استثناءات ربما أهمها فيلم "الملعونون" (1969) للمخرج الإيطالي "لوكينو فيسكونتي" الذي حاول أن يبذل جهدا خارقا لتتبع كل الأفكار والنظريات غير الصادقة والمضللة لكشفها أو تعريتها من أجل فهم الوقائع الخاصة بنشأة النازية.. كما حاول أن يعقد مقارنة بين فترة بزوغ النازية الألمانية التي كانت تمثل أقصى التطرف السياسي الذي يجد مؤيديه من العسكريين ورجال المال والشباب الجاهل المنفعل، وبين المجتمع الحديث الذي يسيطر عليه آلهة صناعة الأسلحة وأعضاء الجمعيات المتطرفة التي تنادي بالتفرقة العنصرية بكل أشكالها.

وسيبقى "الملعونون" أيضا مجرد استثناء في مواجهة عشرات الأقلام التي حاولت الخروج من دائرة الحقبة النازية القديمة، وعن الترديد التقليدي الرتيب لمعاناة اليهود في ظل الوحشية النازية، إلى دائرة أخرى تعتمد على نفس المعطيات ولكن بعد مزجها بنوع من الخيال النابع من رؤى وأحداث معاصرة، تحاول التشكيك في جدوى التخلص من النازية، في ظل أوضاع اجتماعية وسياسية لا يمكن أن تخلق علاقة سليمة بين الإنسان ومجتمعه سواء على المستوى الأوروبي أو الأميركي.

في ظل هذا الإطار. ظهرت أفلام ضخمة دارت أحداثها بين الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.. وكان من أشهرها "رجل الماراثون" (1976) إخراج جون شيلزنجر، "الأولاد من البرازيل" (1978) إخراج فرانكلين شافنر، "جزيرة الدب" (1979) إخراج دون شارب، "وثيقة هوليكروفت" (1985) إخراج جون فرانكينهايمر.. وفي هذه الأفلام سنجد إرهابا دمويا يأتي نتيجة للتعامل مع النازيين القدامى والجدد، وبين أجيال يهودية تتحد رؤيتها في مناهضة النازية، ولكنها تختلف في أساليب مواجهتها.

سباق بدون نهاية!!

في "رجل الماراثون" سنجد الشاب اليهودي توماس ليفي (داستين هوفمان) طالبا نابغا في جامعة نيويورك يعد رسالة جامعية عن "الحياة السياسية في أميركا" ولكن بدون سابق إنذار يجد نفسه مطاردا من طبيب ألماني عجوز يدعى ذيل، (لورنس أوليفييه) كان طبيب أسنان في معسكرات الإبادة النازية. وجاء من مكمنه في أميركا اللاتينية ليبحث عن ثروته، التي حققها عن سرقة أسنان اليهود الذهبية، أثناء إبادتهم، وحولها بعد الحرب إلى "ماس " تم إيداعه في بنوك نيويورك بواسطة شقيقه. وتؤدي العلاقات المريبة بين هذا النازي العجوز والمخابرات المركزية إلى وقوع الشاب ليفي ضحية لمواقف تتسم بسوء الفهم، يجد نفسه على أثرها مطاردا ومعرضا للتعذيب بأساليب النازية القديمة. ولكن هل يستسلم؟ إنه يتحول إلى قاتل شرس هدفه الانتقام من ذيل وأعوانه. وينجح في مهمته، فهو لا يفتقر إلى الشجاعة أو القدرة على المواجهة سواء بالسلاح أو الذكاء.

إن الإرهاب النازي في "رجل الماراثون" يقدم في إطار تساند فيه الأجهزة الحكومية الجريمة. والناس لاهون فيما يحيط بهم من أخطار، وهو ما يولد من ليفي شخصية جديدة. لقد كان يبدو وكأنه إنسان متوتر الأعصاب رغم ذكائه وعبقريته، محاولا التوفيق بين ماضيه وحاضره كإنسان متحضر ولكنه يكتشف أنه لا جدوى عن هذا الأسلوب.. وحتى لا يبقى ضعيفا مثلما كان أبوه وأخوه أو اليهود الذين يستقبلون ذيل في سوق الماس بالترحاب، يحمل السلاح ويعدو في سباق شرس ضد واقع أليم.

أولاد هتلر

أما فيلم "الأولاد من البرازيل" فكان يدور حول العالم النازي د. جوزيف ميدجل (جريجوري بيك) كبير أطباء معسكرات الإبادة، والذي يدعي الفيلم أنه قتل مليونين ونصفا، وأجرى تجارب خاصة بعلوم السلالات والوراثة على الأطفال اليهود والملونين، بحقن عيونهم بصبغة زرقاء حتى يبدوا كالآريين المعترف بهم. والفرق بين ميدجل ودكتور ذيل في "رجل الماراثون" يطابق الفرق بين صاحب القضية والانتهازي، كان ذيل يسعى إلى الثراء الشخصي من ضحاياه في معسكرات الإبادة من خلال الاستحواذ على أسنانهم الذهبية. بينما كان ميدجل يسعى خلال السبعينيات إلى استغلال ثروته وعلمه من أجل أهداف تبغي "إعادة الصحوة" إلى النازية وبناء الرايخ بمساندة منظمة عسكرية من بقايا النازيين من أعضاء فرقة الموت والجستابو، ويطلق عليها "منظمة الرفاق" وأيضا بعض الشباب من أعضاء المنظمات النازية الجديدة.

وتبدو وسائل ميدجل لإعادة سيطرة النازية على العالم غير محتملة الحدوث، بل وتعتبر ضربا من الخيال المريض. ولكنه مع ذلك خيال يهدف من ورائه الكاتب اليهودي ايراليفين مؤلف الرواية المأخوذ عنها الفيلم إلى تكثيف مخاوف معاصرة، تعتمد على نظريات إجرامية، نجح الإعلام اليهودي في إحاطة ميدجل وغيره من الزعماء النازيين بها، وحاول الفيلم تأكيدها من خلال إظهار ميدجل في مواجهة شخصية يهودية نقيضة له تجارب العنصرية ولكن مع إيمان كامل بالإنسان وحقوقه، وهذه الشخصية هي العجوز اليهودي عيزرا ليبرمان صائد مجرمي الحرب من الناريين، وهو صورة مطابقة لشخصية حقيقية أخرى هي شخصية سيمون ويزينتاك صائد النازي وصاحب الفضل في القبض على الزعيم النازي إيخمان، ويلعب دوره لورنس أوليفييه بأسلوب يجعل من السهل على المتفرجين أن يوحدوا بين أنفسهم وبين شخصيته المثالية في نكران الذات والطهارة والشجاعة والقدرة على المواجهة والمخاطرة !!.

ويبدأ الصراع بين ميدجل وعيزرا ليبرمان عندما يعلم الثاني من أحد أعضاء جمعية الشباب اليهود المناهضة للنازي في أورجواي بملامح مؤامرة يحيكها أعضاء منظمة الرفاق بقيادة ميدجل لاغتيال 94 شخصا من غير اليهود خلال عامين ونصف في ألمانيا الغربية والسويد وإنجلترا وأميركا والنمسا وهولندا والدانمرك وكندا وأن جميع المطلوب اغتيالهم في سن الخامسة والستين.. وأن هذه الاغتيالات تأتي لتحقيق ما يصفه ميدجل "الحلقة الحيوية في برنامج يحمل معه أمل ومصير الجنس الأري، بعد أن سمح له هتلر بأن يأخذ نصف لتر من دمه وقطعة من جلده قبل انتحاره في برلين، ولا يدرك ليبرمان بإمكاناته المادية المحدودة، في ظل العراقيل التي توضع أمامه، من بيروقراطية الأغيار وتجاهل الأغنياء من اليهود، الأهداف المباشرة من هذه الاغتيالات، ويحاول أن يصارع الزمن من أجل وفقها ويأتيه الخيط الأول في مقابلة يجريها مع العالم بروكنز، ليسترشد برأيه لعله يستطيع معرفة سر المؤامرة النازية وراء اغتيال هؤلاء الرجال.

ليبرمان: هذا شيء رهيب.

بروكنز: لماذا .. ألا تريد أن تعيش في عالم كله موزار وبيكاسو.. هذا حلم فعليك إيجاد طبيعة الأصل الجيدة وكذلك بيئته. هل يحاول ميدجل أن يخرج نظيرا له؟.

ليبرمان: له عينان عسليتان وهو من أسرة غنية.

بروكنز: فلنفحص خلية الأصل. الأب 65 سنة موظف حكومي والأم 43 سنة وهي شغوفة بالطفل، والطفل شاحب اللون أسود الشعر، عيناه زرقاوان، وميدجل يعرف التفصيلات الاجتماعية والبيئية التي يجب إنتاجها.

ليبرمان: هل الشخص الذي أصبح مثيلا للأصل يجب أن يكون حيا؟

بروكنز: ليس هذا ضروريا فالخلايا المأخوذة من الأصل يمكن حفظها إلى مالا نهاية. فمثلا مع دم موزار وبعض النساء، في الإمكان إنتاج المئات من موزار صغار.. يا إلهي لو حدث هذا حقا فإني أتمنى أن أرى واحدا منهم.

ليبرمان: ليس موزار ولا بيكاسو ولا أحد العباقرة، بل صبي صغير وحيد له أب قاس موظف في الجمارك كانت سنه 52 عند ولادته وأم سنها 29 تحبه.. مات الأب في سن 65 والطفل عمره 14 سنة واسمه "أدولف هتلر"!.

وبينما ينجح ليبرمان في التخلص من "ميدجل" لا تطاوعه طبيعته الإنسانية في التخلص من أولاد هتلر. ويبقى على العالم أن يتحمل مسئولية مصيره في ظل وجود 94 هتلر على أرضه!!.

النازيون الجدد.. وميراث العنف

مع مرور أربعين سنة على نهاية الحرب العالمية الثانية نجد المخرج الأميركي جون فرانكينهايمر يتعامل مع الإرهاب النازي في فيلمه "وثيقة هوليكروفت" (1985).. وهو فيلم يشارك أفلام "رجل الماراثون" و"الأولاد من البرازيل" في الإغراق في الخيال ويتحد معهم في إطاره العام، فإذا كانت الأحداث التي يعالجها شيلزنجر وشافنر وشارب تدور حول الاغتيالات النازية التي تساندها الثروة، سواء التي بحث عنها دكتور ذيل، أو التي يمتلكها دكتور ميدجل، أو التي يتصارع عليها دكتور جيران وأعضاء الحزب النازي الجديد، فإن فيلم "وثيقة هوليكروفت" يتحرك في نفس الاتجاه، حيث تصبح الثروة التي يودعها ثلاثة من الجنرالات النازيين في أحد بنوك سويسرا قبل انتحارهم هتلر هي العنصر الرئيسي للصراع بين مع زعيمهم هتلر هي العنصر الرئيسي للصراع بين الأبناء الثلاثة لهؤلاء الجنرالات بعد أن علموا بأمرها في الذكرى الأربعين لسقوط الرايخ الثالث. وبعد أن وصلت قيمتها إلى عدة مليارات من الدولارات.

كان الأبناء الثلاثة يعيشون في مناطق مختلفة - الأول هوليكروفت (مايكل كين) كان عمره 18 شهرا عندما غادر ألمانيا بصحبة أمه بعد أن قررت هجر زوجها الجنرال النازي لتعصبه وعنصريته المحدودة وإيمانه بأنه ساعد في إنشاء رايخ يدوم ألف عام. ثم تزوجت من أميركي يدعى هوليكووفت، وأصبح ابنها يحمل اسمه ويعمل مهندسا معماريا، وبعد مواطنا أميركيا فوق مستوى الشبهات. وكانت مشكلته إيجاد وسيلة لاستعمال ميراثه بصورة تعبر عن إرادته الخاصة. وهنا تتشابك أمامه الأهداف وتتفرع.. هل يحاول تقديم التعويضات لضحايا النازية؟ وهل يمكن تعويض الأفراد بعد 40 سنة من نهاية الحرب؟ هل يتبرع لكليات الطب في إسرائيل؟ وهل تسمح له إسرائيل بهذه التبرعات؟ هل ينشئ جامعات في إفريقيا. ولا ينجح نويل في الوصول إلى الحل الأمثل، ولكن السيناريو يوجهنا لهذا الحل في نهاية أحداث الفيلم. ومن ناحية أخرى كان الوريثان الآخران يعيشان في أوروبا ويخفيان نشاطاتها لخدمة النازية الجديدة خلف أقنعة براقة.. فأولهما يوهان يعمل صحفيا ليبراليا شهيرا .. وثانيهما أرليخ كان عاشقا للموسيقى ومايسترو شهيرا لإحدى الفرق الموسيقية الكبرى في ألمانيا.

وفي حين ينتهي الفيلم بمقتل يوهان وأرليخ على مشهد من أجهزة الإعلام العالمية نجد السيناريو يخضع الأحداث لموضوعات لها مغزاها الواقعي، بعيدا عن الرؤية الخيالية لأحداثه، وتهدف في جوهرها إلى ما يمكن تسميته شمولية الهجوم على مجتمع الأغيار. ومن هذه الموضوعات على سبيل المثال:

1 - ربط الشخصية العربية بالحوادث الإرهابية التي يحرض عليها النازيون الجدد ضد العناصر المناهضة لهم.

2 - تقديم الكنيسة باعتبارها ملتقى الإرهاب والمكان الأمثل للتآمر على حياة نويل هوليكروفت.

3 - عدم الاكتفاء بتشويه الشخصيات الألمانية النازية بل خلق سلبيات سلوكية في الألمان المناهضين للنازية.

النازية .. أميركية

ومع نهاية الثمانينيات تم التركيز في السينما الأمريكية على "النازية الجديدة" باعتبارها ظاهرة أمريكية محلية تستقي جذورها من النازية الألمانية القديمة. ولكنها تنمو في ظل سلبيات اجتماعية وسياسية يغذيها الفكر الديني غير اليهودي!!. ويمكن تقسيم هذه الأفلام إلى المحاور الآتية:

1 - خلق معارك شرسة ضد إرهاب "نازي" التوجه يجتاح المجتمع الأميركي ويحاول أن يغزو العقول والنفوس بأساليب تدميرية مرضية لابد من مقاومتها بأساليب أكثر تدميرا وعنفا ويرفع شعارات تقترب من الشعارات النازية، ولكن دون الاعتراف بذلك. نلمس هذا في أفلام مثل "كوبرا" (1986) إخراج جورج كوسماتوس وإنتاج الإسرائيلي مناحم جولان، و"خيانة" (1988) إخراج كوستاجافراس، "ومصير الشيطان" (1990) إخراج بوبريد جز. في هذه الأفلام ستبدو العمليات الإرهابية كلوحات تجريدية مبهمة، تحاول أن تظهر في إطار شعارات نازية الجوهر، تصاحبها في الفيلم الأول طقوس دموية بأسلحة بدائية "إننا الصيادون. إننا نقتل الضعيف حتى يعيش الأقوياء، لا يمكنك التصدي للعالم الجديد. هذا المجتمع القذر لن يتخلص أبدا من أمثالنا. إنه ينتجهم.. إننا المستقبل" وقد تدخل هذه الشعارات في نسيج الممارسات الدموية ضد الزنوج واليهود كما نرى في فيلم "خيانة" أو تأتي على لسان ضابط أميركي عجوز في الفيلم الثالث - يتفاخر بعصر الفروسية والحرب المقدسة الصليبية ويجد أن لون البشرة يعوق السود والملونين من الانتماء إلى الحضارة ويتناقض في سلوكه عندما يقوم بحماية تجار المخدرات من الزنوج من أجل تمويل نشاطه الإرهابي الذي يمارسه في ظل أهداف مثل: "المخدرات عدوة لأمتنا. ومعظمها يأتي من المكسيك وجنوب أميركا والهند وإفريقيا والشرق الأوسط. أقول لكم إنها عملية مدبرة من السود والجنس الأصفر، مدعومين طبعا من اليهود، وتهدف إلى تدمير شأن الأمة، وصدقوني: الشيوعيون يتتبعون هذه العملية باهتمام كبير".

2 - استغلال كل جوانب العنف العنصري ضد الزنوج لإعادة إحياء إرهاب منظمة "كوكلوس كلان" التي كان احتقارها لا ينصب على اللون فحسب وإنما على الجنس ذاته. مما يذكر المتفرج بالنظريات النازية التي تقوم على نقاء الدم الآري. ولم يكن هناك بالنسبة للسينمائيين ما هو أفضل من حادثة اغتيال "ميكي شورنز"، "جيمس شاني"، "أندرو جودمان" وهم من اليهود أنصار الحقوق المدنية على يد المنظمة في صيف عام 1964، لكي تصبح موضوعا لأكثر من فيلم تلفزيوني وسينمائي لعل أشهرها: "هجوم على الإرهاب"، المباحث الفيدرالية تتصدى لعصابة كوكلوس كلان" 1975 إخراج مارفين شومسكي، "المسيسبي يحترق" 1988 إخراج آلان باركر، "قتلى المسيسبي" 1990 إخراج روجر يانج.

3 - التعامل المباشر مع من يطلق عليهم "جماعات النازية الجديدة" في الولايات المتحدة، والتركيز على حوادث تحيط بها كل المظاهر النازية المعروفة لإدانة بعض الرموز المهمة في المجتمع الأميركي، وتأكيد انتمائها إلى هذه الجماعات. قد يتمثل هذا الرمز في النائب العام في فيلم "الغزو الطويل" إخراج جوزيف سيرجنت، أو أن يكون راعيا للكنيسة في فيلم "DEAD BANG" إخراج جون فرانكينهايمر، يشرف على اغتيال الملونين والصهاينة في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، ويرفع الصليب المعقوف فوق قباب كنيسته، ويشرف على تدريب المليشيات النازية من أجل "أميركا نقية من الأجناس الأخرى. دولتنا أفقدتها نقاءها الدماء الدنيا. إنهم مثل الطفيليات التي تتجمع فوق جسدنا تحيا عليه وتمتص قوته يوما بعد يوم". لقد كان في مقدور هذه الأفلام أن تلعب دورا اجتماعيا وسياسيا خطيرا، في وقت يشهد فيه العالم الغربي بزوغا حقيقيا للتيارات الفاشية والنازية، وانتصارات متصاعدة لأحزاب اليمين في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا، وتعاطفا ملموسا من بعض السياسيين الأميركيين الرافعين للشعارات العنصرية. ولكن النتيجة هي أن أغلب هذه الأفلام افتقدت النوايا الحقيقة في التعامل بمنطق المشاركة الصادقة مع كل الأجناس، سواء على مستوى الدولة الواحدة أن العالم، لأنها وضعت "اليهودي" دائما "فوق الجميع" وبدلا من أن تكون منبرا للتعقل، أصبحت دافعا بأسلوبها التهجمي الساخر إلى العنصرية والفاشية، وسببا لاستنفار بعض الأجناس ضد أجناس أخرى.

 

أحمد رأفت بهجت







لقطة من فيلم - خيانة





لقطات من فيلم رجل الماراثون





لقطات من فيلم رجل الماراثون





لقطات من فيلم رجل الماراثون





لقطة من فيلم الولاد من البرازيل