لحوم الهدي والأضاحي وكيف يستفيد منها المسلمون؟ صادق يلي تصوير: فهد الكوح

لحوم الهدي والأضاحي وكيف يستفيد منها المسلمون؟

أكبر مشروع تقيمه المملكة العربية السعودية وتنتفع به 23 دولة ومؤسسة

سوف تبقى فريضة الحج خالدة في الإسلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وفي كل عام ترتفع الأدعية حول البيت العتيق، وتنحر عشرات الذبائح في شعاب مكة تقربا وتضحية إلى الله القدير، الذي جمع كل هذه الشعوب في تلك القبعة من الأرض تحت مظلة الإسلام. ولكن.. ما هو مصير هذه الذبائح، وكيف يستفيد من لحومها آلاف المسلمين ليكتمل المعنى الأكبر لفريضة الحج؟.

يأتي مشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من لحوم الهدي والأضاحي في موسم الحج كأحد أبرز الجهود والبرامج العديدة لتنفيذ كل ما يتعلق براحة الحجاج وأمنهم وصحتهم وسكنهم، لذلك اهتم أولو الأمر في المملكة اهتماما خاصا للإفادة من تلك الأنعام التي تنحر في هذه الأيام، بعد أن وجدوا أن الحجاج يتركون هذه الذبائح تفسد في "منى" دون أن ينتفعوا بلحومها أو نقلها للفقراء والمحتاجين من المسلمين.

بداية التجربة

وقد بدأت التجربة الأولى والموسعة للمشروع في موسم حج عام 1403 هـ حيث تمت الإفادة من 63 ألف رأس من الغنم، ثم تطور المشروع بعد ذلك عاما بعد عام، نتيجة للإقبال المتزايد من الحجاج على التوكيل في أداء نسك النحر، حتى بلغ إجمالي المستفاد به من الذبائح من خلال المشروع منذ أن بدأ عام 1403 إلى عام 1411 هـ نحو 3.250.768 رأسا من الغنم، تم توزيع 067, 1.079 رأسا منها على الفقراء والمحتاجين في الحرم والمشاعر المقدسة، وكما تم توزيع 701, 171, 2 ذبيحة على الفقراء والمحتاجين في 23 دولة إسلامية، وقد قام البنك الإسلامي للتنمية ومقره جدة في المملكة العربية السعودية بنقل هذه اللحوم إلى تلك الدول.

شروط شرعية وصحية

وقد أسندت عملية شراء الأغنام وتوريدها إلى إحدى الشركات الوطنية المتخصصة في توريد الأغنام، مع توافر الشروط الشرعية الصحية، فهناك لجنة شرعية تتكون من علماء يمثلون الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ووزارة العدل، ووزارة الحج والأوقاف، وكذلك مندوبون من البنك الإسلامي للتنمية، للإشراف وللتأكد من توافر الشروط الشرعية في جميع الذبائح التي تنحر بالمجزرة. أما الشروط الشرعية، فهي أن يكون عمر الشاة ستة أشهر فما فوق، وسنة وما فوق للماعز وألا تكون عرجاء بين عرجها، وألا تكون هزيلة بين ضلعها، وألا تكون مقطوعة الأذن وألا تكون مكسورة الثنايا لأكثر من النصف، وألا تكون مكسورة القرن لأكثر من النصف، بالإضافة إلى توافر الشروط الصحية.

وفي سبيل ذلك يستقدم البنك الإسلامي للتنمية للعمل في المجازر الأربع التابعة للمشروع العمالة التالية:

- 170 من المشرفين الشرعيين من أصحاب الفضيلة العلماء ومن طلاب العلم في دار الحديث بمكة المكرمة وطلبة السنوات النهائية بكليات الشريعة بالمملكة

- 400 طبيب بيطري
- 6000 من الجزارين
- 3700 عمالة مساعدة ومن مساعدي الجزارين.
- 1900 من الإداريين والعمال.

أربع مجازر تخدم المشروع

وقد خصص للمشروع أربع مجازر في منى أولاها مجزرة المعيصم رقم 1 النموذجية وطاقتها نحو ثلاثمائة ألف رأس من الغنم، ومجزرة المعيصم رقم 2 النصف آلية وطاقتها نحو مائة ألف رأس، والمجزرة النصف آلية رقم 3 بوادي محسر وطاقتها نحو مائة ألف رأس من الغنم أيضا، وقد زودت هذه المجازر الثلاث بجميع المرافق الخاصة بالتجميد والتبريد، لتظل اللحوم صالحة حتى وصولها إلى الجهات المخصصة.

وقد خصص المشروع مجزرة خاصة لذبح الجمال والأبقار ويطلق عليها مجزرة وادي النار، وقد زودت هذه المجزرة كمثيلاتها بالآلات والمعدات وكل ما يلزم للإفادة من لحوم الإبل والبقر، وفي هذه المجزرة يقوم الحجاج بالشراء بأنفسهم من التجار والموردين داخل الحظائر المخصصة في هذه المجزرة، ومن المعروف شرعا أن الرأس الواحد من الإبل والبقر تجزأ على سبعة أشخاص، وتنفيذا لتوجيهات هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، فإنه لن يدخل مجزرة الأبقار والإبل إلا ما كان مستوفيا لجميع الشروط الشرعية والصحية، بحيث لا يباع في هذه المجزرة من البقر إلا ما أتم سنتين ودخل في الثالثة، ومن الإبل ما أتم خمس سنين ودخل في السادسة، وبحيث تكون هذه الأنعام خالية من العيوب المانعة، فإنه كما هو مقرر شرعا لايجوز في الهدي والأضاحي العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها كالجرباء والعرجاء البين عرجها والكسيرة التي ذهب نخاع عظمها لهزالها، ويدخل في ذلك أيضا العمياء والعضباء، وهي ما ذهب فوق ثلث أذنها أو نصف قرنها.

أما العدد المقرر للذبح في المجزرة من الإبل والأبقار فيصل إلى نحو 15 ألف رأس، ومن المقرر تحصيل مبلغ مائة ريال عن كل رأس من الجمال والأبقار من المهدين أو المتصدقين أو المضحين، مساهمة منهم في الخدمة البيطرية والذبح والسلخ والتنظيف والنقل، ويتولى البنك الإسلامي للتنمية كل عام تغطية العجز الذي قد يحصل، والتوزيع على الفقراء والمستحقين.

جولة داخل إحدى المجازر

ولندخل إلى إحدى هذه المجازر الأربع لنشاهد كيف يسير العمل بها. إن مجزرة المعيصم رقم 1 ويطلق عليها المجزرة النموذجية، تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 150 ألف متر مربع، وتتضمن مباني وساحات وحظائر وتجهيزات متنوعة، حتى يمكن الاستفادة من لحوم الهدي والأضاحي. وتتألف المجزرة من خمس حظائر للأغنام رئيسية واحتياطية بمساحة إجمالية تبلغ 40 ألف متر مربع، تستطيع استيعاب ما لا يقل عن 15 ألف رأس من الأغنام، يقوم المورد بتغطية ما يذبح منها يوميا، كما تحتوي على 48 محطة كاملة مجهزة بالماء والبخار والهواء المضغوط لتسهيل أعمال التنظيف، كما أنها مجهزة بالرافعات الآلية وسيور نقالة لنقل الذبائح والتخلص من الفضلات على الفور منعا لانتشار الأوبئة، وإلى جانب ذلك توجد  مبان وتجهيزات حديثة لسلخ وتنظيف وتجهيز الذبائح، تمهيدا لحفظها في البرادات والثلاجات، ومن ثم توزيعها على فقراء المسلمين. وقد تم إنشاء مبنى خاص للاستفادة من الأكباد والقلوب والمخ واللسان وغيرها بطاقة إنتاجية كبيرة، كما أن المجزرة مجهزة أيضا بالعديد من المباني السكنية للجزارين والإداريين، ومبان لغرف الصيانة والتشغيل والإدارة وخزانات للمياه تكفي احتياجات المجزرة. ويقول غلام معصوم عن طريقة العمل في المجزرة: يسرني كثيرا أن أتحدث عن هذا المشروع، فهو يعتبر خطوة مهمة وموفقة لخدمة الأمة الإسلامية. ولقد كانت هذه اللحوم تهدر ولا يستفاد منها في السابق، وقد اختلف الأمر الآن بعد أن تبنت المملكة العربية السعودية مشروع الاستفادة من لحوم الهدي والأضاحي، فقد تحققت الإفادة من كميات كبيرة من هذه اللحوم وتم توزيعها على الفقراء والمحتاجين في العديد من دول العالم الإسلامي.

وتصل إنتاجية مجزرة المعيصم رقم 1 الآلية إلى نحو 50 ألف رأس من الأغنام يوميا. ونتابع معا خطوات ومراحل العمل بالمجزرة إذ يقوم المورد بملء الحظائر المقابلة لمحطات الذبح، مع متابعة علفها وسقيها، ثم تباشر اللجان الشرعية والطبية عمليات الفرز واستبعاد التي لا تتوافر فيها الشروط بعد التأشير عليها بلون معين، ثم تبدأ عملية إدخالها إلى الممر المؤدي إلى محطات الذبح مع وجود بوابات لإحكام عملية العد، ثم يتسلمها الجزارون الواحدة تلو الأخرى لتوجه باتجاه القبلة وتنحر مع التسمية، سواء كان الذبح للوكلاء من الحجاج أو من أوكل اللجنة الشرعية بالذبح نيابة عنه، ثم تعلق الذبيحة على السير لاستكمال عملية السلخ واستخراج الأحشاء والأمعاء والكبد وإجراء عمليات الغسيل ثم تحرك الذبيحة آليا ثم يعاد عليها الكشف البيطري.

ومن المعروف أن كل نوع من الذبائح يسير في خط معين، لأن ما كان فدية عن ترك واجب أو فعل محظور أو جزاء لصيد فهو لفقراء الحرم دون سواهم. يجري كل ذلك تطبيقا للفتاوى التي صدرت في هذا الشأن، سواء ما كان منها متعلقا بجواز التوكيل أو النقل خارج الحرم أو الترتيب.

فتاوى كبار العلماء

وقد قامت إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية - برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الرئيس العام للإدارة - بإصدار مجموعة من الفتاوى تتعلق بالتوكيل بالذبح وتقديم بعض الأعمال يوم النحر على بعض كتقديم الحلق على الذبح وغيرها، وهي فتاوى تخص شعائر الحج، فبالنسبة لشرعية التوكيل بالذبح، فقد صدرت به فتوى شرعية عن هيئة كبار العلماء بالمملكة هذا نصها: "لا مانع من هذا التوكيل لأن الشريعة الإسلامية المطهرة قد أباحت للمسلم أن يوكل في ذبح ونحر هديه وأضحيته من يراه من الثقاة، وعلى الوكيل أن يقوم بما يلزم في ذلك على الوجه الشرعي، وعليكم أن تراعوا في ذلك التعليمات الشرعية، وهي توزيع لحوم ما كان فدية عن ترك واجب أو فعل محظور أو جزاء لصيد على فقراء الحرم فقط، أما ما كان هدي تمتع أو قران أو كان تطوعا أو أضحية فلا مانع من توزيعه بين فقراء الحرم وغيرهم من الحجاج أو غيرهم حسب الأدلة الشرعية".

أما الفتوى الأخرى فهي متعلقة بحكم التقديم والترتيب بالنسبة للذبح وعن ماهية التحلل الكامل من الحج، وذلك ردا على السؤال التالي: بماذا يحصل التحلل الكامل من الحج وهل من شرط ذلك ذبح الهدي؟

والجواب عنه كما جاء من فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، أنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن سأله سائل فقال يا رسول الله: حلقت قبل أن أذبح قال: اذبح ولا حرج، وسأله آخر فقال: نحرت قبل أن أرمى قال: ارم ولا حرج، وسأله آخر فقال: أفضت قبل أن أرمي قال: ارم ولا حرج. وكانت هذه الأسئلة يوم النحر وهو واقف للناس بمنى عليه الصلاة والسلام بعد رمي الجمرة. وقد كان صلى الله عليه وسلم رمى ثم نحر هديه ثم حلق ثم تطيب ثم توجه إلى البيت وطاف به، وهذا هو الأفضل على هذا الترتيب الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، لكن من قدم بعضا منها على بعض، فلا حرج لكونه صلى الله عليه وسلم قد رخص في ذلك، وهكذا من سعى قبل أن يطوف، صح سعيه لدخول ذلك في قول الصحابي رضي الله عنه فما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر، إلا قال: افعل ولا حرج. وأخرج أبو داود بسند صحيح أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: سعيت قبل أن أطوف، فقال لا حرج. وهذه التوسعة من رحمة الله وإحسانه إلى عباده فلله الحمد والشكر على ذلك.

أما السؤال الثاني فجوابه أن يقال: يحصل التحلل الكامل برمي جمرة العقبة يوم العيد، والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة والسعي في حق من عليه السعي، فإذا رمى الحاج جمرة العقبة يوم العيد وحلق رأسه أو قصر وطاف طواف الإفاضة وسعى إن كان عليه سعي، فإنه بذلك قد حل حلا كاملا، دان لم يذبح يباح له الطيب ولبس المخيط وتغطية رأسه وجماع زوجته، وإن فعل اثنين من هذه الأمور وهي الرمي والحلق أو التقصير والطواف والسعي - إن كان عليه سعي - فإنه يحل له الطيب ولبس المخيط وكل ما حرم عليه بالإحرام، ويبقى عليه تحريم النساء حتى يكمل الأمور الأربعة. والسعي تابع للطواف فيمن ليس عليه سعي إن كان مفردا أو قارنا، وإذا سعى مع طواف القدوم، فإنه لا يبقى عليه إلا الطواف مع الرمي  والحلق أو التقصير، فإذا فعل اثنين منها حلل التحلل الأول كما تقدم، وإذا فعل الثلاثة فقد حل حلا كاملا، أما إن كان لم يسع مع طواف القدوم أو كان متمتعا، فإنه لا يتم له الحل الكامل حتى يسعى كما سلف إيضاح ذلك.

إنه مجهود رائع

ويحدثنا الدكتور خالد المذكور - وهو أحد علماء الكويت ومستشار وزارة الأوقاف في بعثة الحج الكويتية - عن رأيه في المشروع قائلا: هذا المشروع له عدة مزايا بحمد الله تحققت، أولا: فيه التيسير على حجاج بيت الله الحرام بتوكيل البنك الإسلامي للتنمية في عملية الذبح، خاصة في السنوات التي يكون موسم الحج فيها في الصيف. ومن المعروف أن الصيف في منى وعرفات شديد الحرارة، والذهاب إلى المجزرة لذبح الهدي والأضاحي يكون شاقا ومتعبا، فتوكيل البنك الإسلامي للتنمية، وكذلك مساهمات السلطات السعودية وما قامت به من تسهيل وفر على الحجاج عناء ومشقة كبيرة، وفي نفس الوقت هناك المزية الأخرى وهي أن لحوم الهدي والأضاحي تذهب إلى فقراء المسلمين في شتى بلادهم وعلى تباعد أقطارهم، فبدل أن يذبح الحاج هديه. ويلقي بالذبيحة ويأخذها من يأخذها أو تترك حتى تفسد، فإن مشروع المملكة يقوم بسلخ هذه الذبيحة وتبريدها وتغليفها، ومن ثم تحمل بالشاحنات المبردة أو بالطائرات أو البواخر إلى فقراء المسلمين في بلادهم، أما المزية الثالثة فإن منى التي كانت تنبعث منها كثير من الروائح أيام التشريق أو أيام النحر، فقد خفت هذه الروائح المؤذية نتيجة لهذا المشروع.

أما الشيخ محمد رشيد الميقاتي الأمين العام لمعهد طرابلس للدراسات الإسلامية في لبنان ورئيس جمعية الإصلاح الإسلامية فيقول:

إن العالم الإسلامي بأكمله يستفيد الآن من هذا المشروع خاصة نحن في لبنان، فإن هناك قطاعا كبيرا من المسلمين المحرومين والمنكوبين ينتظرون هذه المناسبة كل عام، حتى يستفيدوا من هذه الهدية، وهذا ما يدل على روح التكافل الإسلامي وروح الأخوة والمحبة.

تبريد وتجميد

ونعود إلى مجزرة المعيصم رقم 1 لنتابع مسيرة لحوم الهدي والأضاحي، فالسيور الأرضية تحمل الأجزاء الداخلية للذبيحة والفضلات والجلود كلا على حدة، حيث إن للجلود مقاولا، وفي عام 1404 هـ بيعت الجلود بنحو مليون ريال، وزع المبلغ بمعرفة لجنة تشكلت برئاسة المحكمة الشرعية الكبرى بمكة المكرمة، وقد وزع المبلغ على فقراء الحرم، وسوف يتم الأمر على هذا النحو تباعا كل عام حتى تتم الاستفادة الكاملة من بقية المكونات الأخرى للذبيحة.

وبعد عمليات التنظيف والتغليف تأخذ الذبائح طريقها إلى ثلاجات التبريد، كل حسب ما ذبحت من أجله، سواء، وطبقا للبطاقة المعلقة على الذبيحة. وتظل الذبيحة في ثلاجة التبريد وعندها تكون معدة للتوزيع الفوري داخل المملكة أو للأماكن التي تشحن إليها بطريق البر. أما الذبائح التي تشحن للخارج فتدخل في ثلاجات التجميد لتصل درجة حرارتها إلى نحو 30  درجة تحت الصفر، وأثناء مرورها إلى البرادات والثلاجات يتم وزنها وتسجيل الأعداد بالحاسب الآلي لعمل الإحصاءات بالوزن والعدد. ثم تنقل إلى محطات التوزيع برا أو بحرا أو جوا. وبعد أن تقطع اللحوم رحلتها هذه تستقبلها اللجان والجهات المعنية والجمعيات الإسلامية لتوزيعها وفق نظام دقيق وبحضور مندوب البنك الإسلامي للتنمية.

التوزيع يتزايد

وفي مجزرة المعيصم النموذجية حدثنا الدكتور عبدالله عبد فالح مدير الإدارة بالإنابة عن توسع المشروع منذ بدأ عام 1403 هـ قائلا: لقد بدأت التجربة الأولى للمشروع في موسم حج عام 1403 هجرية حيث تمت الإفادة من 63 ألف رأس من الغنم شحن معظمها بالطائرات إلى اللاجئين في السودان وجيبوتي، والمهاجرين الأفغان في الباكستان، ثم أخذ المشروع يتزايد بعد ذلك عاما بعد عام من ناحية المنشآت وكميات التوزيع الخارجي وعدد الدول المستفيدة. ففي موسم حج عام 1410 هـ أمكن الإفادة من 485355 رأسا من الغنم نقل منها 32500 إلى 23 دولة، أما في موسم حج عام 1411 هـ فقد أمكن الإفادة من نصف مليون ذبيحة، شحن ونقل منها 309 آلاف رأس إلى ثلاثة وعشرين بلدا إسلاميا وكانت خطة التوزيع على النحو التالي: باكستان 20 ألفا، الأردن 45 ألفا، تشاد 5 آلاف، سوريا 15 ألفا، السودان 20 ألفا، مصر 35 ألفا، جيبوتي 10 آلاف، الصومال 6 آلاف، بنجلاديش 65 ألفا، موريتانيا 10 آلاف، السنغال 10 آلاف، بوركينا فاسو 5 آلاف، مالي 5 آلاف، النيجر 5 آلاف، جامبيا 5 آلاف، غينيا بيساو 5 آلاف، غينيا وكونكري 5 آلاف، سيراليون 6 آلاف، جزر القمر 3 آلاف، موزمبيق 3 آلاف، كينيا 3 آلاف، لبنان 25 ألفا. ويضيف الدكتور عبدالله عبد فالح قائلا: أما مجموع ما أنفقته حكومة المملكة لإنشاء المجازر المخصصة للمشروع فقد بلغ حتى عام 1412 نحو 343 مليون ريال سعودي علما بأن مجموع ما قدمه البنك الإسلامي للتنمية لتغطية العجز على مدى السنوات التسع الماضية هو نحو 56 مليون ريال سعودي.

الوجه الحضاري للإسلام

وحدثنا السفير أحمد الغمراوي القنصل العام المصري في جدة عن انطباعاته عن المشروع: هذا هو أحد المشروعات التي تظهر الوجه الحضاري للإسلام، ويمكن أن يستفيد به المسلم من الهدي والأضاحي بطريقة علمية وعملية سليمة. وتصل هذه اللحوم إلى المحتاجين بشكل سليم محافظا عليها بطريقة صحيحة، ويسعدني أن أقول إن مصر أبلغت البنك أنها ترحب  بالمساعدة في نقل لحوم الهدي والأضاحي للإخوة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عن طريق ميناء السويس، فليتفضل البنك مشكورا بإرسال لحوم الأضاحي إلى السويس. وستوزع عن طريق الإخوة الفلسطينيين، وسوف يتم ترتيبها بحيث توزع عن طريق مؤسسة "الأونروا" التي تتولى التوزيع داخل الأراضي المحتلة.

البيع بالكوبونات

وتسهيلا على الحجاج في أداء هذا النسك على الوجه الشرعي المطلوب، فقد كلف البنك الإسلامي للتنمية شركة الراجحي المصرفية للاستثمار - عبر فروعها المنتشرة بمدن المملكة وبالمشاعر المقدسة - ببيع بطاقات أو كوبونات أو سندات مشروع المملكة العربية السعودية، للاستفادة من لحوم الهدي والأضاحي على حجاج بيت الله الحرام.

والبطاقة أو الكوبون لها أشكال، فالشكل الأول خاص بهدي التطوع، وهدي التطوع هو الهدي الذي يقدمه المسلم المفرد بالحج فهديه يكون تطوعا لا واجبا. أما الشكل الثاني فهو خاص بهدي التمتع أو القران، وهو الهدي الواجب على الحاج إذا كان متمتعا بالعمرة إلى الحج أو قارنا. أما الشكل الثالث فهو خاص بالفدية عن ارتكاب محظور من محظورات الإحرام مثل  التطيب، الحلق، قص الأظافر أو فدية لترك واجب من واجبات الحج أو العمرة مما لا يسقط بالضرر كعدم الإحرام من الميقات أو عدم رمي الجمرات. أما الشكل الرابع فهو خاص بالأضحية وهي التي تطيب بها نفوس بعض الحجاج والأضحية سنة يقدمها المسلم في بلده أو محل إقامته أيام الأضحى، أما الشكل الخامس فهو خاص بالصدقة.

هل نجح المشروع؟

وكان لا بد لنا من لقاء الرجل الذي يقع على عاتقه إدارة مشروع الهدي والأضاحي - وهو الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية - ليجيبنا عن مجموعة من الأسئلة والاستفسارات التي ظهرت خلال جولتنا، قال:

بداية أحب أن أشير إلى أنه بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، فإن هناك خطة للتوسع في إنشاء المجازر الحديثة والمتطورة حتى يمكن الوصول إلى تحقيق الإفادة الكاملة مما يذبح أو ينحر في المشاعر المقدسة، وفي هذا الإطار تمت بالفعل الدراسات اللازمة لإنشاء مجزرة نموذجية خامسة، وطاقتها نحو خمسمائة ألف رأس من الغنم، وتقدر التكلفة الإجمالية بنحو 150 مليون ريال سعودي. وسوف تكون هذه المجزرة مفتوحة للجمهور بحيث يكون فيها حظائر توزع على التجار، ويأتي الحاج ويختار هديه أو أضحيته بنفسه.

أما عن مدى نجاح المشروع فيقول الدكتور أحمد محمد علي: لا يخفى أن مشروع المملكة العربية السعودية للإفادة من لحوم الهدي والأضاحي بدأ منذ 9 سنوات، وهذه السنة هي العاشرة، والمشروع بعامة يهدف لخدمة حجاج بيت الله الحرام بتيسير أداء نسك النحر، إذ إنه يصعب على كثير من الحجاج من كبار السن والسيدات أن يذهبوا بأنفسهم إلى المجازر في درجات الحرارة الشديدة صيفا، وإقامة مثل هذا المشروع هو لتيسير أداء هذا النسك لهؤلاء عن طريق التوكيل، وأما الفائدة الثانية لهذا المشروع فهي خدمة فقراء المسلمين، بأن يتم توزيع هذه اللحوم أيام العيد على حجاج بيت الله في المشاعر، ثم بعد ذلك يتم توزيع قسم من هذه اللحوم على فقراء الحرم، وما يفيض عن ذلك يتم شحنه إلى نحو 23 دولة إسلامية وهذان هما الهدفان الرئيسيان لمشروع الهدي والأضاحي. أما عن مدى نجاح هذا المشروع فإننا قد بدأناه في سنة 1403 هـ فاستفدنا بنحو 63 ألف رأس فقط، ثم بدأ العد يتزايد ويتزايد وفي هذا العام 1413 هـ من المتوقع أن يصل الرقم إلى نحو 520 ألف رأس من الغنم وما يزيد على عشرة آلاف رأس من الجمال والبقر، ويضيف: إن توجه الحجاج إلى هذا المشروع وتقبلهم له يدل على نجاحه، وكذلك التطوير الذي حدث بالنسبة للسنوات الماضية، فبهذه المعايير يعتبر المشروع ولله الحمد ناجحا، وأنه أنقذ هذه الكميات الكبيرة من الأغنام ويسر على الحجاج أن يساهموا في المحافظة على نظافة المشاعر المقدسة.

ونسأل رئيس البنك الإسلامي عق سلبيات المشروع فيجيب: إن أي مشروع أو أي عمل إنساني له إيجابيات وسلبيات، أما بالنسبة لهذا المشروع فإن إيجابياته أكثر من سلبياته. ومن هذه السلبيات أننا عانينا في الفترة الأولى من الضغط الشديد للحجاج وعدم الانتظام والتنظيم، وكانت هذه من المشاكل الرئيسية. ولهذا فإن لجنة الهدي والأضاحي اقترحت على الحكومة أن يكون الأداء بالتوكيل في مجازر الأغنام، وذلك لتفادي الزحام والضغط من الحجاج. وهناك بعض السلبيات والتي ليس لنا يد فيها، إن الزمن محدد حسب الشرع للذبح حيث يجب أن تذبح جميع هذه الذبائح في فترة لا تتجاوز 84 ساعة، وبالطبع فإن هذا الوقت المحدد يؤثر بصورة من الصور على الجودة، فمثلا لا يكون السلخ بالشكل الذي يجب أن يكون عليه بصورته النموذجية الذي قد يشاهد في بعض الذبائح المستوردة، ونتيجة للسرعة والعجلة والزمن المحدد فإن السلخ لا يكون بالطريقة السليمة المطلوبة، فربما لا تنظف الذبيحة بشكل جيد مثل تلك التي تصلنا من الخارج، ونتوقع في السنوات القليلة القادمة أن تكون لدينا مجموعة أكبر من المجازر لخدمة هذا المشروع الجليل وتقليل هذه السلبيات ما أمكن.

 

صادق يلي 

 



لحوم الهدي والأضاحي كيف يستفيد منها المسلمون





مشروع المملكة العربية السعودية  للإفادة من لحوم الهدي والأضاحي





تقدم الأضاحي تقربا إلى الله في أعداد كبيرة





في مجزرة المعيصم حيث يتم ذبح الأضاحي وتنظيفها حسب الشريعة الإسلامية





لحوم كل هذه الأضاحي كانت تتبدد في الصحراء وتنشر الأوبئة الآن تغيرت الصورة بفضل مشروع المملكة ذهبت اللحوم لمستحقيها





لحوم كل هذه الأضاحي كانت تتبدد في الصحراء وتنشر الأوبئة الآن تغيرت الصورة بفضل مشروع المملكة ذهبت اللحوم لمستحقيها





د. احمد محمد علي رئيس بنك التنمية الإسلامي.. السعودية





د. خالد المذكور... الكويت





إشراف طبي دقيق على الذبائح قبل أن تخرج من المجزرة





الطائرات تنقل الذبائح المبردة إلى  كل مكان حيث توزع على آلاف المسلمين





تذهب الذبائح إلى ضحايا المجاعات والجفاف في إفريقيا المسلمة





تذهب الذبائح إلى باكستان ومنها إلى فقراء أفغانستان





لحوم كل هذه الأضاحي كانت تتبدد في الصحراء وتنشر الأوبئة الآن تغيرت الصورة بفضل مشروع المملكة ذهبت اللحوم لمستحقيها





هناك أسطول من السيارات المبردة لنقل اللحوم عن طريق البر إلى البلاد الإسلامية





صكوك شراء الأضاحي موجودة في كل مكان توفر على الحاج الجهد والمال