سلامة البشرية في سلامة البيئة

أيُّ الشرَّين أهْوَن:
التدخين أو البَدانة؟

ما أكثر ما يتذرع به المدخنون من حجج يدافعون بها عن التدخين، أو على الأقل عن إدمانهم عليه، وأكثرها حجج واهية، ولا تثبت أكثر من أن سيطرة النيكوتين على المدخن قد بلغت حداً من الطغيان، وأن شعور المدخن بضعفه وعجزه هو الذي يحمله على التذرع بتلك الحجج.

ولا نريد الوقوف عند حجة اللذة والسرور اللذين يغمران المرء بين حين وآخر، فكيف يستطيع أن يستمتع بهما المرء إذا حرم نفسه التدخين. ولا نريد التركيز على حجة الحزن والأسى اللذين هما أيضا يغمران المرء بين حين وآخر، فما السبيل لتحمل الحزن والصمود أمام الأسى إذا حرم المرء نفسه التدخين؟ لا نريد الوقوف عند هذه الحجج وأمثالها، فهي مكشوفة، ويسهل على الجميع تنفيذها والطعن فيها، فحسبك أن المدخن يريد أن يقنعنا أن التدخين بمثابة إكسير الحياة، فهو السبيل إلى التلذذ والاستمتاع، وإلى التألم والمعاناة.

على أن الحجة الجديرة بالتحليل هي حجة البدانة، إذ يقول المدخن: إن امتناعي عن التدخين يسبب لي السمنة، وأنا أخشى السمنة وأمراضها أكثر من خشيتي التدخين وأمراضه. ولما كانت هذه الحجة لا تخلو من حقيقة، ولا يسهل الرد عليها ارتجالا، كانت موضع دراسة جادة، وتجارب علمية دقيقة قام بها باحثان، أحدهما طبيب والآخر عالم إحصاء.

لقد شملت التجارب التي أجراها العالمان 7735 رجلا في 24 مدينة مختلفة (في الولايات المتحدة الأمريكية)، تتراوح أعمارهم بين 40 - 59 سنة. ومضى العالمان في دراسة أسباب الموت في تلك الآلاف من الرجال وتحديد الأمراض التي تؤدي إليها، وتبين لهما:
1 - أن أمراض البدانة الخطيرة ثلاثة: هي مرض القلب والسكري ومرض التهاب المفاصل الروماتزمي. وليس بينها ما يمكن عده مرضا قاتلا بالمعنى الدقيق إلا الأول، وهو مرض القلب.

2 - أن أمراض التدخين الخطيرة خمسة، هي سرطان الرئة وأمراض القلب والنوبات وآفات الصدر والقصبة الهوائية والقرحة المعدية. وهي قاتلة كلها باستثناء القرحة.

3 - أن خطورة البدانة العادية (وهي 10% - 20% - من وزن الجسم، زيادة فائقة) أقل من خطورة تدخين عشرين سيجارة يوميا. ونتساءل: ترى هل يقتنع المدخنون بعد هذا بفساد حجة البدانة التي يتذرعون بها؟ وهل يتخذون القرار الحاسم بالامتناع عن التدخين والترحيب بالبدانة إن كان لا مفر منها؟

ولكن من يدعي أن البدانة لا مفر منها؟

ذلك أن الحد من شهية الأكل، بطريقة أو بأخرى، كفيل بالحد من البدانة، والحد من شهية الأكل ممكن بالإرادة، إذا وجدت الإرادة أصلا، وهو أمر ممكن باستخدام مستحضرات عديدة إذا غابت الإرادة.

على أننا لا ننصح بتناول المستحضرات الكيميائية، فهي لا تخلو من مخاطر، بخلاف المستحضرات الطبيعية غير الكيميائية، وهي المصنوعة من نباتات وأعشاب وألياف وما إلى ذلك، فهى آمنة ولا خطر منها إطلاقا. نذكر على سبيل المثال أحد تلك المستحضرات الطبيعية (ميراسين 18)، فهو مكون من خلاصة اللبن ودقيق القمح وغير ذلك من المواد الطبيعية غير الكيميائية، ومصنوع بأقراص طيبة المذاق، يتناول المرء البدين قرصا واحدا منها قبل وجبة الطعام بربع ساعة، فيضمن بذلك الحد من شهية الطعام بنسبة 40% - 50%، ثم يتناول أيضا قرصا واحدا بين الوجبتين في حالة شعوره بالجوع، فلا يمضي شهر أو بعض شهر حتى يتخلص البدين من بعض بدانته، فيقي نفسه شر أمراضها، كما يقي نفسه وأهله شر أمراض التدخين.

الرّيَاضَة والمناعَة ضدّ السَّرطَان

هذه تجربة لطيفة، قام بها البروفسور روبرت باير، أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة متشيجان، للمقارنة بين الفئران النشطة والفئران الكسلى، فقد حقن الفئة الأولى منها بشتى المنشطات حتى أصبحت تركض في اليوم الواحد ما يتراوح بين 7 - 9 أميال، وترك الفئة الثانية على حالها، ثم قام بحقن كلتا الفئتين بمواد مسوطنة Carcinogenics وهي مواد تسبب الإصابة بالسرطان، وقوامها "تتراكلورايد الكربون والايثانول"، فماذا وجد البروفسور باير؟.

لقد اكتشف العالم المذكور أن خلايا الفئران النشطة بقيت سليمة إلى حد كبير، أما خلايا الفئران الكسلى فقد تعرضت للتلف البالغ الذي يسببه السرطان.

أما كيف يتسنى للنشاط أن يقي تلك الفئران، فهذا أمر غير معروف على الإطلاق.

التّقلُبات المنَاخيَّة ليسَت جَديدة

يبدو أن المناخ العالمي معرض لتقلبات جذرية تحدث كل 1000 عام أو نحو ذلك، هذا ما أثبتته الفحوص والتحاليل التي أجريت على العينات التي استخرجت من الجليد الممتد بين جزيرة نيوفوندلند وسواحل فرنسا، علما بأن هذه العينات قد استخرجت من أعماق الجليد (من عمق 13 قدماً تحت سطح البحر المتجمد).

بيد أن التقلبات التي أثبتها الفحص تنطبق على العصر الجليدي الأخير أو العصور الجليدية جميعها، حسبما يؤكده بعض العلماء الذين أجروا تلك الفحوص.

وتجدر الإشارة إلى النظرية السائدة في علم الجيولوجيا حول العصور الجليدية التى تؤكد أن الجليد قد غطى مساحات واسعة في شمال أمريكا وفي شمال غرب يوراسيا (أوربا وآسيا)، وذلك على نحو من التراوح، جيئة وإيابا، وفي فترة ملايين السنين. بدأت قبل نحو مليونين ونصف مليون من السنين، وانتهت مؤخرا (قبل نحو 10.000 سنة)