إلى أن نلتقي

سلفيون ..

.. ولا أقصد بالعنوان أعلاه تيارا سياسيا أطلقنا عليه هذا الوصف، فذلك التيار من وجهة نظره- امتداد للسلف الصالح، وبالتالي فإن كلمة سلفيين يمكن أن تكون مدحا لا ذما، له وليست عليه.

ما أقصده كل جوانب الحياة العربية، والتي يأتي أبطالها في السياسة والحرب والفن والأدب من الماضي، البعيد أو القريب.

نعم، نحن سلفيون، نعرف في علوم اللغة: الماضي، والمضارع، والمستقبل. لكن الماضي- في حياتنا- بكاء على الأطلال وليس استيعابا للدروس، إنه زاد نصل به إلى نقطة التوازن النفسي في زمن أخل فيه الواقع بذلك التوازن الضروري، فلجأنا للماضي ننشد السلامة، ولم نلجأ له لأنه يمثل تراكم المعرفة وربما يصنع جديدا ومفيدا.

أما المضارع فهو وصفي وليس تحليليا، لذا فإن التفكير في المستقبل يكاد يصبح نوعا من القضاء والقدر، أو نوعا من تزيد المثقفين.

يصدق ذلك في حياتنا الخاصة والعامة، فخريجو " هارفارد " من المتعلمين العرب يحملون نظرة مزدوجة في السياسة والثقافة وشئون البيئة، يقبلون- مثلا- بعض تقاليد الغرب النسائية، بشرط أن يكون البطل من نساء الآخرين، فإذا كانت الزوجة أو الابنة فإن لذلك مقياسا آخر.

وهم دائما، معجبون بديمقراطية الغرب وصحافته الحرة ورءوسه المتساوية، فإذا وصلوا في بلادهم لمركز اتخاذ القرار، أو بالقرب منه اختلف الأمر، التصقوا بالكثير مما هو سلفي تجاوزه الزمن.

لا يغير من ذلك أننا نملك أدوات العصر، فالكثير منها يجري تطويعه ليكون سلفيا، فالحاسب الآلي "الكمبيوتر " مخزن لأحداث ووقائع الماضي وليس عقلا لبناء نماذج المستقبل أما المدفع والطائرة والصاروخ- على أحدث طراز- فهي للاقتتال والحروب الأهلية، وليست لمواجهة عدو يقضم من مستقبلنا كل يوم قطعة.

ولأن تفكيرنا، في معظم المواقع والمواقف، سلفي ومشدود للخلف فإننا نقاوم التغيير، ندافع عن الجمود تحت اسم الاستقرار، نستهجن فكرة الرفض، رغم أنها أساس التطور.

والأكيد أن التفكير السلفي أحد مفاتيح الشخصية العربية، لذلك فقد تعودنا أن نسأل: " ماذا حدث ".. أكثر مما تعودنا أن نسأل: " ماذا نفعل ". وعندما يتطور السؤال ستتطور الشخصية ويصبح الحال غير الحال.