علاقة الوالدين كثنائي زوجي بالأولاد

علاقة الوالدين كثنائي زوجي بالأولاد

بادئ ذي بدء نقول: تُشكّل العلاقة القائمة بين الوالدين نقطة الانطلاق الأساسية لمسيرة الثنائي الزوجي، ومن ثمّ لعلاقة هذا الثنائي بالأولاد، من هنا تأتي ضرورة فهم طبيعة هذه العلاقة ومراحلها كخطوة أوليّة للتعرّف على نوعية العلاقة، التي تجمع بين هذين الوالدين كثنائي من جهة وبينهما وبين الأولاد من جهة أخرى.

تمر كل علاقة بست مراحل لابد منها، مراحل تحاكي تلك المميّزة لعلاقة الأم بالطفل حيث تكون كلّ منها غنية بالمشكلات وأيضًا بالفضائل البنائية المهمّة:

الأولى مرحلة الذوبان الذي يخلق تواطؤًا طبيعيًا غير لفظي، انفعالي وجسدي، وهو يشكل ركيزة كل أشكال الارتباط في المستقبل. لكن الإحساس بنقص الهواء يأتي، عاجلاً أم آجلاً، تليها مرحلة التمايز حيث يحس شريكا الزواج بحاجة مفاجئة لتمايز أحدهما عن الآخر وتتبعهما، ثم مرحلة الاستكشاف حيث يضع كل من الزوجين مسافة تفصله عن الآخر وتسمح له باستعادة الأنا التي خسرها، أي تلك التي علّقها في الخزانة ليتقرّب من الآخر. هذه هي المناسبة للدخول في المرحلة الرابعة (مرحلة التقرّب) إن كان هناك قرار باستكمال العيش معًا.

يتوقف نجاح هذه المرحلة الرابعة، أي التقرّب، على تحديد ما يتوقعه كل من الشريكين من الآخر، ويتم ذلك تحت شكل عقد يوضح التوقعات والحدود والتطلعات المتبادلة بين الاثنين. ويصبح هذا النجاح أفضل وأفضل حين يتم تجاوز المراحل السابقة بشكل جيّد من قبل الزوجين، عند ذلك، فقط، يتوافر المجال للحصول على صفاء مرحلة التعاون (المرحلة الخامسة).

أثناء مرحلة التعاون هذه ينتقل الثنائي من وضعية «لدى الفرد زوج» إلى وضعية «يكون زوجا»، عند ذلك، أي إن تحقّقت الوضعية الثانية، تأخذ الصراعات بين الشريكين شكلاً آخر إذ يجرؤان على مواجهة بعضهما بعضا على مستوى مسائل حياتية أكثر صعوبة كتقاسم السلطات وتقبّل الاختلافات المميزة لكل منهما عن الآخر... إلخ، ثم يبدأ، دخول الثنائي في المرحلة النهائية من العلاقة التي تجمع بينهما.

في هذه المرحلة وهي مرحلة التآزر، يكون الزوجان مع بعضهما بعضا ومع العالم المحيط بهما بحالة جيدة: لا يعيش الثنائي هنا لنفسه، كما في السابق، بل يتوجّه نحو الآخرين حيث يزداد تعمق العلاقة بينهما.

تمتد مراحل تكوين الثنائي هذه ما بين الوهم والواقع، أي بين الحب - الهوى والحب - الزوجي، لكن ليست هناك بنية واحدة تسيِّر العلاقات الثنائية بين الزوجين، بل كما يقول واتزلاويك: يمكن توزيع الثنائي ضمن أنماط مقسّمة، وبدرجات متفاوتة، تحت شكل تعادلي أو تكاملي.

أنماط الثنائي:

هناك، كما أشرنا، نمطان أساسيان أحدهما تعادلي، والآخر تكاملي حيث يعمل الزوجان، في الثنائي العادي، على الاحتفاظ بعلاقة دافئة وبدعم متبادل، يتوافر ذلك بفضل قيامهما بتعاقب سلس لتبادلات تعادلية حينًا ولأخرى تكاملية حينًا آخر، حيث تتميز العلاقة التعادلية بالمساواة وخفض الاختلاف، في حين يرتكز التفاعل التكاملي على رفع الاختلاف إلى الحد الأقصى. لا يمكن اعتبار نوعي التبادلات هذين جيدين أو سيئين، عاديين أو مرضيين إذ يشكلان فئتين تتميّز العلاقات من إطارهما، كونها متبادلة أو متعاقبة تبعا لشخصية كل من الشريكين، للوضعية الحالية، للمكان والزمان اللذين ينتمي إليهما الثنائي.. إلخ.

اختيار الشريك

هذا، ويبقى اختيار الشريك العامل الأكثر أهمية في الحياة البشرية ككل، إذ حين يقرر شخصان الزواج، فإنهما يقومان بأكثر من اتخاذ قرارين فرديين لأنهما يجدان نفسيهما مدفوعين في نسق معقد ذي تفاعل داخلي أكثر قوة من ذلك الذي يميز كلا منهما، إذ يمثل تداخل تأثير عدد من العوامل المهمة والمتنوعة، يبقى أهمّها:

- تاريخية كل من الشريكين (وهي نتاج التطور الشخصي الفريد الذي حدث لدى الفرد خلال مسيرة حياته، الناجم بدوره عن تداخل تأثير وتأثر العديد من العوامل: التاريخية والجغرافية، العقلية، الانفعالية، الثقافية - الاجتماعية، البيو - فسيولوجية.. إلخ).

- تأثير العائلة الأصلية الخاصة بكل من الزوجين، حيث هناك الكثير من المراحل بين البداية الرسمية لعائلة يكوّنها اتحاد شريكين جديدين بهدف تكوين عائلة، وبين خلق وحدة جديدة قابلة للعيش، وإحدى المهمات التي على الثنائي الجديد مواجهتها تكمن في تفاوض كل من الشريكين مع عائلته الأصلية نظرًا لكون الإنسان هو الكائن الوحيد الذي لديه عائلة أصليّة، حيث يتدخّل الأهل والأقارب في كل مرحلة من وجود عائلته الحديثة التكوين، وقد كشفت العديد من الدراسات (دراساتنا من ضمنها) الدور المهم الذي تلعبه في اختلال توازن العائلات الجديدة التي كوّنها الأبناء.

- تأثير المجتمع الذي ينتمي إليه كل من الزوجين، إذ إن الثنائي الزوجي ليس وحدة معزولة ومستقلة بل كائن حي منغمس في أجواء الحياة الاجتماعية: فهو يتقيد بالقيم الثقافية الخاصة بالمجتمع الذي ينتمي إليه والذي يفرض مفهومًا معينًا بالنسبة للعلاقات الواجب إقامتها بين الرجل والمرأة، قد لا يكون، بالضرورة، مفهومًا إيجابيا وسعيدا. فكما يقول دوباش: «يتبع الرجال الذين يضربون زوجاتهم، مثلاً، تعاليم ثقافية شائعة في المجتمع مثل: العدوانية، سيطرة الذكور، الخضوع الأنثوي.. إلخ، حيث تبعًا لهذه التعاليم، تشكّل القوة الفيزيقية وسيلة لفرض احترام هذا الخضوع. وقد يلعب اختلاف البيئات الاجتماعية دورًا محددًا في ترسخ الذهنية، كفرض قيم ثقافية وأخلاقية قد تخلق، مثلا، فجوة بين الزوجين ضمن إطار ثنائي معين تؤدي لانفجاره وتنعكس نتائجه سلبا على الأطفال (ثمرة اتحاده كثنائي)».

واقع علاقة الثنائي الزوجي بالأطفال في مجتمعنا

بداية نقول: يشكّل التناغم بين الوالدين، كما كشفت عنه مختلف البحوث الميدانية المحققة في مضمار العلاقات القائمة بين الأهل وأولادهم، شرطًا جوهريًا لتأمين جودة العلاقات الثلاثية الأبعاد، القائمة بين الأب والأم والطفل والمعتبرة بمنزلة الركيزة الأساسية لنمو الطفل بشكل طبيعي. تقول لو كوستومر بهذا الخصوص: «يكون الطفل في قلب رغبة الراشد أو مشروعه: إما أنه يحترم الطفل (يحترمه كما هو بطاقاته وبحدوده) فلا ينعكس هذا المشروع سلبًا على نموّه، أو يكون هذا المشروع ثقيلا جدًا على الطفل بحيث يشلّه ويثير معارضته، وسلبيته.. أو حتى عدوانيته، إذ لابد أن يتواجد الطفل في رغبة الأهل قبل وجوده كطفل، ومن ثمّ، على الأهل تعديل رغباتهم تبعًا لواقع هذا الطفل، مما يسمح له بتفعيل رغباته الشخصية».

يمكن تقريب ذلك من الواقع التالي: تتجاوز الحظوظ التي يحظى بها طفل مرغوب فيه، مُنتظَر بحب من أهله، وتلك التي يمتلكها طفل آخر قَبِلَهُ الأهل فقط لأنهم عجزوا عن تغيير الوضع المفروض.

وحين نقول تعتبر العلاقة بين ثنائي الوالدين والطفل الركيزة الأساسية لنمو هذا الأخير وتطوّره بشكل طبيعي نقول: في الوقت نفسه إنها تشكّل نقطة الانطلاق لإمكانية أن يكتسب هذا الطفل سمات الأنوثة أو الرجولة المحقّة لدرجة أن أي تشويه أو تحوير يصيب هذه العلاقة يمكن أن يحدث شرخًا هائلاً من شأنه إلحاق أشد أنواع الأذى بتطوّر شخصيته.

هذا ما يحصل للأسف داخل أسرنا إذ بدا المعاش العلائقي العام لطفلنا، ذلك الخاص بثنائي الزوجين على وجه الخصوص، في غاية الاضطراب نظرًا لما شابه من اختلال في التوازن العاطفي بفعل تأثير عوامل متنوعة، بدا أشدّها إيذاءً له وأخطرها انعكاساً سلبيا على نموه ذلك، المرتبط بـ «تسلّط الأب» داخل الثنائي الوالدي المرفَق، عمومًا، بغيابه شبه التام عن ساحة تطوّره كطفل، داخل عالمنا لعربي. وقد قابله، عند الأم، تعويض لا واعٍ عن الإحساس بالدونية تجاه الأب - الذكر تمّ على حسابه كطفل هو بأمس الحاجة لاهتمامها النوعي. يقول موكو Mauco G بهذا الصدد: «دور الأب الرجولي دور مهم بالنسبة للطفل ولحساسية الأم على حد سواء».

والمعروف أن الإحساس بالعزلة والوحدة شديد الأذى لأنه، من جهة، يعني فشل التواصل بين الطفل والآخرين بشكل عام، وبينه وبين ثنائي الوالدين بشكل خاص، ولأنه، من جهة أخرى، يعرض، دائمًا نمو الكائن البشري للاضطراب، كي لا نقول للانهيار النفسي والمعنوي. وبربط هذا الإحساس مع ما كشف عنه العديد من الأطفال من تمنّ لرؤية الوالدين ضمن ثنائي متحد يغمره التفهم والتفاهم، يتكشف لنا مدى إدراك طفلنا لمصدر النقص الذي يعاني منه داخل المنزل.

سلاح ذو حدين

لكن هذا الإدراك بدا سلاحًا ذا حدين: فهو، من جهة، بدا بمنزلة المسئول الأول عن حفظ شخصيته من الوقوع فريسة الاضطرابات الذهنية الخطيرة كفصام الشخصية الفعلي مثلا، خاصة أن التحليل كشف عن وجود ميول فصامية لا عن وجود فُصام فعلي عند الطفل اللبناني. ومن جهة أخرى، بدا هذا الإدراك مسئولا عن خيبة أمل هذا الطفل وإحساسه بالانزعاج جراء سيطرة اختلال التوازن على الجو العائلي المحيط به، هذا، مع العلم بأن التوازن العاطفي والتطور السليم لدى الطفل يرتبطان بمقدار كبير بنوع العلاقات التي يقيمها مع محيطه (مع والديه بوجه خاص)، خصوصًا خلال سنواته التكوينية الأولى.

يلتقي رأي د.بندلي المعطى للإجابة على تساؤله: «مواقفنا من أولادنا، أهي مواقف امتلاك أم إطلاق؟ مع رأي كوستومر، المذكور سابقا، حيث يعتبر أن موقف الوالدين يشكل أحيانًا مشكلة لا تكمن في الشك في حبهما لأولادهما بل في نوعية هذا الحب إذ لا يكفي أن يحبا الطفل بل ينبغي أن يتساءلا: كيف يحبّانه؟ ولا يكفي أن يضحيا بل ينبغي أن يتساءلا كيف يضحيّان ولماذا؟ هناك حب يحيي وحب يميت، حب يحرّر ويطلق وآخر يكبّل ويخنق». ونحن، من جهتنا، لا نشك في صدق نية الأهل بتحرير أولادهم وإسعادهم، ومع ذلك، فإنهم غالبا ما يخطئون وذلك لوجود دوافع لا شعورية نابعة من كوامن أنفسهم وتكون متأصلة أحيانًا في رواسب طفولتهم وآثار تربيتهم، كثيرًا ما تختلط بحبّهم كأهل فتحوله، في أحيان كثيرة، عن غايته الأصلية.

لإيضاح ما نود قوله نكتفي بذكر بعض ما تكشّف لدينا، عبر دراساتنا، من وقائع ترتبط بسلوكيات سلبية يقوم بها الأهل دون أن يعوا خطورتها: عيشهم، كأهل، مكان الطفل، خبرات الحياة المؤلمة، الأمر الذي يفوّت عليه إمكانية إغناء شخصيته..، مع العلم بأن موقفهما ناجم عن فرط حبهما له، عيش الوالدين، غالبا، تجربة اعتبار الطفل وسيلة لتحقيق ما يصبوان إليه بصورة لا شعورية، الأمر الذي يجرّد الولد من فرادته كشخص ويتم تحويله إلى شيء، رؤية الوالدين في الطفل وسيلة لممارسة سلطتهما على من هو أضعف منهما، وهكذا، يعوّضان من خلاله من شعور بالنقص يعمل في داخلهما أو ينفسّان عن ضيق يشعران به جراء مضايقات متنوعة الأسباب، استغلال الوالدين تبعيّة الولد لهما واعتماده عليهما، بشكل لا واع طبعًا، لتأكيد ذاتهما على حسابه. رغبة الأهل اللاواعية في أن يحقق الولد ما عجزوا عن تحقيقه حتى وإن تنافت هذه الرغبة مع ميول هذا الأخير واستعداداته الكامنة، وفي ذلك ما فيه من المخاطر: جميل أن يريد الوالدان لولدهما نجاحًا يفوق نجاحهما (وهذا من الحوافز الكبرى لرقيّ البشرية وتقدمها) لكن شرط أن يحترما، كما سبقت الإشارة، طاقاته وميوله كي تتبلور قدراته وتتألق إمكانياته ومواهبه، استخدام الولد كوسيلة في الخلاف الزوجي بين الوالدين.. إلخ.

من شأن تعرّف الأهل على خطورة الانعكاس السلبي لهذه التصرفات اللاواعية دفعهم لمنحها القدر اللازم من انتباههم فيتجنبونها قدر المستطاع في علاقتهم بأولادهم: يشكّل ذلك البعد التوجيهي - التعليمي في العلاج السلوكي - المعرفي المعتمَد بشكل عام مع مختلف الاضطرابات، مع اضطراب علاقة الأهل بالأولاد بوجه خاص.

هناك عدة طرق محتملة لتحقيق العلاج الزواجي، من أهمها: العلاج السلوكي - المعرفي، العلاج المعرفي، العلاج الزواجي المركّز على الانفعالات، العلاج العائلي..إلخ، كل هذه الالتماسات فعالة لأنها تركّز بشكل مباشر أم لا على التواصل أو على التدعيم المتبادل. ويمكن العمل، ضمن إطارها، على مكونات نفسية مختلفة (انفعالات، معرفيات، سلوكيات) لكنها لم تشكل موضوع دراسات أكدت مصداقيتها. العلاج السلوكي لثنائي الزوجين وحده هو ما تم التأكد من فاعليته وقد تم وصفه في عدة موجزات، يتضمن هذا العلاج مكونين رئيسيين تم تأكيد مصداقيتهما وهما: التدريب على التواصل وعلى حل المشكلات والتدريب على التبادلات الإيجابية (ذات التعزيز المتبادل بين الزوجين).

وحدة التحليل الجوهرية في هذا المنظور هي سلاسل من التفاعلات القائمة بين الزوجين، حيث تؤثر ردود فعل كل منهما ليس على سلوك الشريك فحسب بل في الحقل ككل (ويشمل ذلك الطفل، ثمرة اتحادهما). من حسناته نذكر: عدم حاجة المعالج للحكم على النشاطات الفردية الخاصة بكل من الزوجين، عدم حاجته للتخفيف أو لإزالة الشعور بالذنب عند الزوجين وتحاشي البحث عن مذنب أو عن اتهام أحدهما الآخر. ونظريا، تتغير السلسلة كلها إن غيّر أحد الزوجين شيئا ما في سلسلة التفاعلات، وعلى كل منهما مسئولية إدخال تغييرات عليها.

صعوبات زوجية

أما الصعوبات الزوجية فيعتمد تفسيرها، حسب هذا المنظور، على فرضيات محددة يبقى أهمّها ضعف درجة التدعيم الإيجابي (بدا الأزواج المتكدرون أكثر انخراطا من أمثالهم غير المتكدرين في التبادلات التأنيبية وفي مجالات الخصام، إلى جانب كونهم أقل استعدادا منهم للقيام بتبادلات إيجابية ولممارسة نشاطات سارة مشتركة)، استخدام الضبط العدائي (من تهديدات، تأنيبات، إصدار أوامر.. من قبل الأزواج المتكدرين أكثر من أمثالهم غير المتكدرين)، عدم استخدام أو نقص في مهارات التواصل (انخفاض في مهارات نقل الرسائل الواضحة، عجز عن التقاط رسائل الآخر بشكل إيجابي، كثرة عمليات الرفض، الهجوم، التهديد.. إلخ، عند الأزواج المتكدرين أكثر منه عند غير المتكدرين)، صعوبات على المستوى المعرفي (يميل الأزواج المتكدرون إلى التقليل من أهمية الأحداث السارة مع منح الأحداث السلبية اهتماما أكبر، إلى نسب سبب حدوث المشكلات إلى الزوج، إلى القيام بتوقعات سلبية والحكم على علاقاتهم الحالية كونها غير كافية وإسقاط ذلك على المستقبل «هكذا كان وهكذا سيكون.. إلخ)، وأخيرًا، التغيّرات البيئية (أي تغيير يحدث في البيئة مثل ولادة طفل، فقدان وظيفة، قوانين وسياسات اجتماعية جديدة.. إلخ).

يلخّص الحوار التالي المنقول عن لسان فيرجينيا ساتير والموجّه على لسان الطفل إلى الآخرين، إلى والديه بوجه خاص: «اسمع، كل ما أطلبه منك هو أن تصغي لي لا أن تتكلّم أو تفعل أو تسمع فحسب»، و«حين تقوم بعمل ما مكاني ويمكنني القيام به، فأنت تساهم بتعزيز خوفي وضعفي»، «لكن، حين تتقبل ببساطة واقع أن أحس ما أحس به وإن بدا غير عقلاني، عندها قد أتوقّف عن محاولة إقناعك فأحاول العمل لفهم ما يجري في داخلي»، «وإن رغبت يومًا في التحدث فسأصغي إليك بدوري»، المحور الرئيس لكل ما يسمى «تواصل إيجابي فعال» يحصل بين أي مرسل ومستقبل (أي بين المخاطِب والمخاطَب) كائنا من كان.

يشكل ذلك، في الحقيقة، نقطة الانطلاق لأي علاج نفسي لمختلف المشكلات المرتبطة: إن بعلاقة طرفي الثنائي الزوجي أحدهما مع الآخر.أو بعلاقتهما مع الطفل، لأن اضطراب علاقة ثنائي الزوجين مع الولد تنجم غالبًا عن أخطاء ترتبط، كما سبقت الإشارة، بدوافع لا واعية تتبع من كامن أنفسهم كوالدين وتكون متأصلة برواسب طفولتهم وآثار التربية التي تلقوها.
----------------------------------
* أستاذة علم النفس بالجامعة اللبنانية.

 

 

كريستين نصار*