حدائق الأسطح قبعات خضراء لمدن الأسمنت

الموسيقى.. وسيلة علاج النفس البشرية

للموسيقى سحرها وتأثيرها الخاص على النفس البشرية باختلاف أجناسها لأنها لغة عالمية يفهمها ويشعر بها جميع البشر. الموسيقى لغة الانفعال والعاطفة وهي أقوى الفنون في تأثيرها على النفس البشرية. ولهذا تستخدم الموسيقى في علاج كثير من الأمراض والاضطرابات النفسية المختلفة، وتعمل كذلك على تحقيق التوازن النفسي والاسترخاء ولهذا فهي من أهم أساسيات الحياة للإنسان على ظهر هذا الكون.

يقول أرسطو: «الموسيقى وسيلة نموذجية للشفاء من الأمراض، إذا حاكت النفس البشرية». فعند دراسة تأثير الموسيقى في النفس البشرية ندرس تأثير أنواع من الذبذبات الصوتية على مكونات النفس، ألا وهي السلوك والعاطفة والتفكير. فللموسيقى تأثير على القشرة المخية ومركز الشخصية الوجدان والتفكير. وهذا على المستوى الفسيولوجي وكذلك على المستوى الانفعالي للفرد سواء كان مريضا نفسيا أو شخصا عاديا. ومن أهم الوسائل التي تؤدي الموسيقى فيها دورا إيجابيا في النفس قدرتها على تهدئة التغذية الاسترجاعية والأفعال المنعكسة الشرطية في قشرة المخ ما يجعل الفرد أكثر هدوءا وتخيلا واسترخاء. ومن حكمة الله أنه جعل الأذن أكثر تحليلا للمؤثرات السمعية والموسيقى حيث تستطيع الأذن البشرية تحليل المقطوعات الموسيقية بكفاءة أكثر من قدرة العين على تحليل الضوء وهذا يساعد الفرد على تذوق الموسيقى والتأثر بها بشكل كبير. ولكي نكون أكثر وضوحا لابد من التحدث عن مدى تأثير الموسيقى على المستوى الفسيولوجي والمستوى الانفعالي على الإنسان.

أولا: تأثير الموسيقى على المستوى الفسيولوجي: تمكنت الموسيقى المختلفة من تغيير سرعة التنفس وعمقه، كذلك أدت إلى زيادة نشاط القلب ولوحظ تغيير في توزيع كمية الدم بالجسم، كذلك حدث عدم انتظام واضح في سرعة وعمق التنفس وهذا حسب تغيير المؤثر والمتأثر. هذا ما جاء في تجارب «جامبل وفوستر» و«ويلد». حول تأثير الموسيقى على فسيولوجية الجسم البشري.

ثانيا: تأثير الموسيقى على المستوى الانفعالي: فضلا عن أن الموسيقى لها دور جمالي وتنمية الشعور بالجمال عند الأفراد فهي أيضا تعمل على زيادة الاسترخاء والهدوء وتقليل حدة القلق والتوتر وكذلك الشعور بالراحة والسلام الداخليين.

ولننتقل إلى نقطة مهمة في هذا الصدد وهي استخدام الموسيقى في علاج كثير من الأمراض والاضطرابات النفسية، فقد استخدمت الموسيقى في علاج الأمراض النفسية منذ قديم الأزل وخاصة في الوطن العربي وعند الفراعنة. والأبحاث الحديثة في العلاج النفسي تؤكد على أن للموسيقى دورا مهما جدا في خطة العلاج النفسي للمرضى النفسيين لما لها من تأثير واضح على النفس البشرية. فمثلا مريض الاكتئاب يبدأ المعالج بالموسيقى التي تتوافق مع مزاجه هادئة، سوداوية ثم نبدأ تدريجيا في إعطائه الموسيقى التي ترفع من وجدانه وتعيده إلى حالته الطبيعية. أما عند مريض الهوس أو الانبساط فهو في حالة حركة مستمرة والشعور بالمرح والنشوة فهنا يستمع إلى موسيقى مرحة تدريجيا تخفض من كيفيتها حتى يهدأ ويستطيع الاستماع إلى الموسيقى الهادئة. كذلك تستخدم الموسيقى عند مريض القلق وعادة تكون هادئة لكي تعمل على مساعدته في الاسترخاء والسكون.

كذلك تستخدم الموسيقى في علاج المشكلات الجنسية لأنها تعمل على تقليل نسبة القلق والخوف، حيث إن العامل الأساسي الذي يسبب الفشل الجنسي هو الخوف من الفشل في ممارسته، ولهذا فإن الغرض الأساسي من الموسيقى أثناء الجماع هو تجنب معاناة طلبات العملية التكنيكية من ناحية الرجل، والتي تشتت انتباهه وتبعده عن العوامل الانفعالية، والموقف نفسه مع المرأة. فالهدف هو إنجاز لون من التوافق الثنائي يتجاوز العملية الجنسية، فضلا عن حوار خال من الألفاظ يدور بين الطرفين تتولاه الموسيقى، الأمر الذي يساعد الطرفين في التعبير عن عواطفهما.

ويذكر أستاذنا الدكتور عكاشة بعض المقطوعات والنماذج التي تستخدم مع بعض الحالات وهي كالتالي:

موسيقى الاسترخاء

فاجنر: نجم المساء.
زامفير: الفلوت الرومانسي.
ديبوسي: ضوء القمر كلير دي لون.
رافل: مرثية للأمير المتوفاة.

موسيقى لاعتدال المزاج

ديليب: كوبليا.
بيتهوفن: كونشيرتو البيانو الخامس.
موتسارت: سيمفونية 35.
هاندل: موسيقى المياه.

موسيقى لإزالة التوتر

بيتهوفن: السيمفونية السادسة.
موتسارت: كونشيرتو للفلوت والهارب.
جريج: سويت هولبرج

موسيقى للنوم

شوبرت: حياك الله يا مريم (أفي ماريا).
ماسانية: مقطوعة التأمل من أوبراتاييس.
شومان: الأحلام.
روت: أنت المحيط.

ولابد أن نذكر أيضا أن للموسيقى تأثيرا نفسيا على الشعوب فالحكومات تستخدم الموسيقى للتأثير على الجمهور عند اتخاذ قرارات مهمة. كذلك تستخدم في الحياة اليومية لحث الجمهور على الإقدام على سلوك معين، فتعزف الآن في محطة «واترلوبلند» موسيقى سريعة حماسية في ساعات الازدحام لحث الجمهور على الإسراع في خطواتهم.

الموسيقى من أكبر النعم التي أنعم الله بها على الإنسان لما لها من تأثير واضح على النفس والإحساس وتذوق الجمال ولهذا لابد من تعليم أطفالنا كيف يستمعون للموسيقى ويشعرون بها وبجمالها.

انشد يا قلبي غنوتك للجمال

وارقص في صدري من اليمين إلى الشمال
ما هوش بعيد تفضل لبكرة سعيد
ده كل يوم فيه ألف ألف احتمال
عجبي
صلاح جاهين
------------------------------
* أكاديمي ومعالج نفسي من مصر.

 

 

 

وائل يوسف*