مساحة وُد أمينة شفيق

  مساحة وُد

مغامرة صغيرة.. كبيرة

انتظرت طويلا أمام غرفة العمليات. طال انتظاري وامتد لثلاث ساعات وثلاثة أرباع الساعة. لم أكن أتوقع أن أقف طويلا في انتظار كلمة من إحدى ملائكة الرحمة تطمئنني على الصديق الزميل الشاب. لكن ما العمل؟ أقدمت على المغامرة وعلي أن أخوضها إلى النهاية. ألم أتفق معه على ذلك؟ إذن علي أن أقف إلى أن يخرج إلي بعد أن تكون الجراحة التي اضطر إلى إجرائها قد أجريت.

جاءني منذ شهر وبضعة أيام شاكيا لي آلاما مبرحة في رأسه. بعد مناقشة قصيرة علمت أنه حمل معه الألم منذ عشر سنوات طوال. أصبح الآن ألما مبرحا، أما المرض فبات يحتاج إلى جراحة سريعة. صديقي الشاب تعيش أسرته في بلدة بعيدة، بينما يعيش هو بسبب العمل المهني في العاصمة. يتحرك وحيدا فيها، لذا طلبت منه قبول مساعدتي، كما طلبت ألا يقلق أسرته. ومن هنا جاءت مسئوليتي التي أقدمت عليها واعتبرتها مغامرة.

تحركت معه لاختراق ذلك الجهاز البيروقراطي، كما صاحبته طوال الإعداد للجراحة، ساعدته في الاتصالات والاستعدادات. وفي اليوم المحدد، ذهبت معه وشجعته على التقدم، إلى أن دفعت به إلى داخل غرفة العمليات، ثم وقفت خارجها انتظره خائفة عليه، وقلقة على نتيجة الجراحة. ماذا لو حدث أي سوء؟ كيف سأواجه أسرته؟ دعوت الله أن يقف معه، وطلبت من الله أن يساعدني في طول انتظاري.

بعد ساعات ثلاث وثلاثة أرباع الساعة، خرجت إلي إحدى ملائكة الرحمة وأبلغتني أن الجراحة نجحت وأنه سليم معافى، خفق قلبي وأحسست بالراحة والاطمئنان. نجحت المغامرة. فتح الباب واسعا وخرجت عربة تحمل الصديق الشاب، فإنه لايزال تحت تأثير البنج، تحركت العربة إلى سريره، جريت وراءه وتابعت عملية نقله إلى السرير. وقفت بجانبه، لمست جبينه، فتح عينيه، ابتسم، ابتسمت.

مد يده وأمسك بيدي. الصديق والزميل والأخ والابن .. الحبيب الغالي.

 

أمينة شفيق