ملاحظات على المسيرة التنويرية العربية

ملاحظات على المسيرة التنويرية العربية

تعقيب..

نشرت مجلتنا الغراء "العربي" بعددها الصادر برقم 412 مارس 1993 دراسة جيدة للأستاذ سامح كريم بعنوان "التنويريون العرب قديما وحديثا" تتبع فيها المسيرة التنويرية العربية ابتداء من الكندي وانتهاء بأعلامها المحدثين مع بيان آثارها في النهضة الأوربية الحديثة، وهي في مجملها تستحق منا الثناء والتقدير، ولكننا لا نكتفي بذلك، بل نسجل عليها هذه الملاحظات على النحو التالي:

أولا: متابعة الكاتب للدكتور أحمد فؤاد الأهواني رحمه الله صـاحب كتاب "المعقول واللا معقول" والصادر ضمن سلسلة اقرأ القاهرية برقم 328 إبريل 1970 لمفاهيم العقل والمعقولات رغم غيابه عن قائمة مصادره التي أشار إليها في صلب مقاله.

ثانيـا: قصر أعلام النهضة العربية قديما على الأعلام المشهورة كالكندي والفارابي وابن سينا والغزالي وابن رشد، دون أن يتجـاوزهم إلى الأعلام: الرازي وجابر بن حيان والطوسي والبيروني والحسن بن الهيثم وابن ملكا وابن باجة وابن طفيل لتعريف القارئ العام بهم وبآثارهم التي تشهد لهم وتؤكد خصوصية عقلياتهم ودورهم البارز في تشييد الحضارة العربية، ولا سيما أن مؤلفاتهم أصبحت متداولة الآن بيننا.

ثالثا: استشهد الكـاتب بنصوص من كتاب الغزالي المعروف "مشكاة الأنوار" في معرض حديثه عن العقل وأثره عند الغزالي، والنصوص المستشهد بها على النحو الذي رأيناه بالمقال تؤكد أنه من أنصار نظرية الإشراق والفيض فيما يتصل بالمعرفة الإنسانية، وهـي تدخل ضمن الاتجاهات الصوفية دون العقلية، لأن المعرفة فيها تأتي على هيئة أنوار وأضواء تضيء في نفوس البشر وتنيرها حـين تتلقاها عن العقل الفعال القوة الواهبة للصور والمعقولات، وهي قائمة بذاتها خـارج النفس الإنسـانية وليست واحدة بين جميع البشر، بشرط استعداد النفس الإنسانية لأن تتلقى هذا الفيض، أي تكـون مـؤهلة ومستعـدة بحسب إمكـاناتها للاتصال بالعقل الفعال.

وهي كما لا يخفى على القارئ المتخصص في الفلسفـة الإسلامية مستوحاة من الفكر الفلسفي الأفلوطيني الذي وقف عليه الغزالي واستوعبه وتأثر به رغم نقده له وزعمه أن جل فلسفته من مولدات خواطره ولها جذور إسلامية خالصة.

رابعا: رد الكـاتب الكـريـم نشأة الفلسفة الوجـودية المعاصرة إلى جذور عربية اعتمادا على كتاب أستاذنا الدكتور عبدالرحمن بدوي "الزمان الوجـودي " وهو قول لا يستقيم والحقيقة العلمية الفلسفية المؤكدة، حيث إنها- أي الفلسفة الوجـودية- لم تظهر إلا مع كيريكجارد وهيدجر وسارتر وسيمون دي بـوفوار وكامي، وهي وحدها التي قـدمت الوجود على الماهية، بينما ظلت الفلسفة القديمة والإسلامية والمسيحية والحديثة تؤكد سبق الماهية على الوجود.

بقي لنا أن نشكـر الأستاذ كريم على مقاله القيم وعلى ما هيأه لنـا من مراجعـة واطلاع للفكـر الفلسفي في مجمله وعصوره المختلفة.

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




ابن سينا