شهر رمضان بين الأصالة والتقليد

شهر رمضان بين الأصالة والتقليد

شهر رمضان هو الشهر التاسع من التقويم الهجري، وله مكانة مرموقة متميزة لدى المسلمين، وشهر بركة وخير، يلتحم فيه المسلمون ويتواصلون بكثرة وتزداد العلاقات الاجتماعية أخوية، وتسود أجواء إيمانية روحانية في المساجد والبيوت. فقد فرض فيه الله سبحانه وتعالى صومه بقوله: «يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم» (سورة البقرة - الآية 183). الصوم شعيرة دينية مهمة، ووسيلة قوية يرتقي بها الإنسان تقواه، ويهدف إلى تطهير وإخضاع الجسد وتهذيب النفس.

يعتبر‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكريم‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬ونقطة‭ ‬تحوّل‭ ‬وعبادة‭ ‬تربوية‭ ‬لمن‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يُغيّر‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬وعاداته،‭ ‬حيث‭ ‬يقف‭ ‬المسلم‭ ‬والمؤمن‭ ‬بالله‭ ‬وقفات‭ ‬جادة‭ ‬وسط‭ ‬صخب‭ ‬وملهيات‭ ‬الحياة‭ ‬المادية،‭ ‬ويهيئ‭ ‬نفسه‭ ‬لنزع‭ ‬الأحقاد‭ ‬من‭ ‬النفوس‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬الشوائب‭ ‬في‭ ‬القلوب،‭ ‬فيعيد‭ ‬ترتيب‭ ‬حياته‭ ‬ويحاسب‭ ‬نفسه‭ ‬ويبحث‭ ‬عن‭ ‬مواقع‭ ‬الخير‭ ‬ويعاهد‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬نمط‭ ‬حياته‭ ‬للأفضل،‭ ‬ويعتبر‭ ‬الصوم‭ ‬أكثر‭ ‬الشعائر‭ ‬الدينية‭ ‬صفاء‭ ‬ونقاء‭ ‬وزهدًا‭.‬

 

شهر‭ ‬التسامح‭ ‬والوئام

بحلول‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬تأتي‭ ‬فرصة‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬الفرص‭ ‬لنغرس‭ ‬بذور‭ ‬التسامح‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬وننشرها‭ ‬حولنا،‭ ‬ونغتنم‭ ‬أجواء‭ ‬الصفاء‭ ‬والنور‭ ‬والإشراق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬لمراجعة‭ ‬علاقاتنا‭ ‬بالآخرين،‭ ‬وزيادة‭ ‬الترابط‭ ‬والتواصل‭ ‬بهم،‭ ‬والتجاوز‭ ‬عن‭ ‬أخطاء‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬حصلت‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬منهم،‭ ‬وهو‭ ‬فرصة‭ ‬رائعة‭ ‬للصائم‭ ‬لترويض‭ ‬نفسه‭ ‬أخلاقيًا‭ ‬والارتقاء‭ ‬بها،‭ ‬وفرصة‭ ‬عظيمة‭ ‬لمحاولة‭ ‬التخلق‭ ‬بأخلاق‭ ‬رسولنا،‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم،‭ ‬الذي‭ ‬جمع‭ ‬المكارم‭ ‬كلها،‭ ‬فاستحق‭ ‬ثناء‭ ‬المولى‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬وإنك‭ ‬لعلى‭ ‬خلق‭ ‬عظيم‮»‬‭ (‬سورة‭ ‬القلم‭ -  ‬الآية‭ ‬4‭). ‬

وعلى‭ ‬المسلم‭ ‬أن‭ ‬يتأسى‭ ‬بأخلاق‭ ‬الرسول‭ ‬وسلوكياته‭ ‬الإنسانية‭ ‬الرائعة،‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬تسامحه‭ ‬الإنساني‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬أشد‭ ‬أعدائه‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬حديث‭ ‬صحيح‭ ‬رواه‭ ‬الإمامان‭ ‬البخاري‭ ‬ومسلم‭ ‬في‭ ‬صحيحيهما‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬أصبح‭ ‬أحدكم‭ ‬صائمًا‭ ‬فلا‭ ‬يرفث،‭ ‬ولا‭ ‬يجهل،‭ ‬فإن‭ ‬امرؤ‭ ‬شاتمه‭ ‬أو‭ ‬قاتله‭ ‬فليقُل‭: ‬إني‭ ‬صائم‭ ‬إني‭ ‬صائم‮»‬‭. (‬صحيح‭ ‬البخاري،‭ ‬رقم‭ ‬1894،‭ ‬وصحيح‭ ‬مسلم‭ ‬1151‭). ‬

  ‬يتضح‭ ‬من‭ ‬الحديث‭ ‬أنّه‭ ‬لا‭ ‬يعامله‭ ‬بمثل‭ ‬عمل‭ ‬الجاهل،‭ ‬بل‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬قوله‭ ‬‮«‬إني‭ ‬صائم‮»‬،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الصائم‭ ‬مأمورًا‭ ‬بعدم‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬شتمه،‭ ‬فكيف‭ ‬يليق‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬يعتدي‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬ويبتدئ‭ ‬الشَّتم‭ ‬هو؟

فقد‭ ‬قال‭ ‬جلّ‭ ‬شأنه‭ ‬‮«‬ولا‭ ‬تستوي‭ ‬الحسنة‭ ‬ولا‭ ‬السيئة‭ ‬ادفع‭ ‬بالتي‭ ‬هي‭ ‬أحسن‭ ‬فإذا‭ ‬الذي‭ ‬بينك‭ ‬وبينه‭ ‬عداوة‭ ‬كأنه‭ ‬ولي‭ ‬حميم‮»‬‭ (‬سورة‭ ‬فصّلت‭ - ‬الآية‭ ‬34‭). ‬والمراد‭ ‬به،‭ ‬من‭ ‬أساء‭ ‬إليك‭ ‬ادفعه‭ ‬عنك‭ ‬بالإحسان‭ ‬إليه،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬عمر‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬‮«‬ما‭ ‬عاقبت‭ ‬من‭ ‬عصى‭ ‬الله‭ ‬فيك‭ ‬بمثل‭ ‬أن‭ ‬تطيع‭ ‬الله‭ ‬فيه‮»‬‭. ‬

فإذا‭ ‬أحسنت‭ ‬إلى‭ ‬مَن‭ ‬أساء‭ ‬إليك،‭ ‬قادته‭ ‬تلك‭ ‬الحسنة‭ ‬إلى‭ ‬مصافاتك‭ ‬ومحبّتك،‭ ‬والحنوّ‭ ‬عليك‭ ‬حتى‭ ‬يصير‭ ‬كأنه‭ ‬ولي‭ ‬حميم‭. ‬فهو‭ ‬قريب‭ ‬إليك‭ ‬من‭ ‬الشفقة‭ ‬عليك‭ ‬والإحسان‭ ‬إليك‭.‬

وقال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: ‬‮«‬والكاظمين‭ ‬الغيظ‭ ‬والعافين‭ ‬عن‭ ‬الناس‮»‬‭ (‬سورة‭ ‬آل‭ ‬عمران‭ - ‬الآية‭: ‬134‭). ‬وفي‭ ‬آية‭ ‬أخرى‭ ‬‮«‬وأن‭ ‬تعفوا‭ ‬أقرب‭ ‬للتقوى‮»‬‭. (‬سورة‭ ‬البقرة‭ - ‬من‭ ‬الآية‭ ‬237‭)‬،‭ ‬فالعفو‭ ‬عن‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬أجلّ‭ ‬ضروب‭ ‬فعل‭ ‬الخير‭ (‬القرطبي‭). ‬

وقد‭ ‬دعا‭ ‬الاسلام‭ ‬إلى‭ ‬التحلي‭ ‬بمكارم‭ ‬الأخلاق،‭ ‬ورغّب‭ ‬في‭ ‬حسن‭ ‬الخلق،‭ ‬فجعله‭ ‬سببًا‭ ‬لدخول‭ ‬من‭ ‬يتحلى‭ ‬به‭ ‬الجنة،‭ ‬وان‭ ‬كان‭ ‬حُسن‭ ‬الخلق‭ ‬مندوبًا‭ ‬إليه‭ ‬بوجه‭ ‬عام،‭ ‬إلّا‭ ‬أنّه‭ ‬يتأكد‭ ‬في‭ ‬رمضان‭. ‬

وروي‭ ‬عن‭ ‬أبي‭ ‬هريرة‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬قال‭: ‬سُئل‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يُدخل‭ ‬الناس‭ ‬الجنة،‭ ‬فقال‭: ‬تقوى‭ ‬الله‭ ‬وحسن‭ ‬الخُلق،‭ ‬وعُدّ‭ ‬صاحب‭ ‬الخُلق‭ ‬الحسن‭ ‬من‭ ‬خيار‭ ‬المسلمين‭ ‬وأكملهم‭ ‬إيمانًا‭.‬

‭ ‬وفي‭ ‬عصرنا‭ ‬الراهن،‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬أمسّ‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬ثقافة‭ ‬التسامح‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬وعقول‭ ‬النشء‭ ‬الجديد‭ ‬ومجتمعاتنا‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬ظواهر‭ ‬التعصّب‭ ‬والكراهية‭ ‬والتطرف‭. ‬

فهذه‭ ‬المجازر‭ ‬الدامية‭ ‬والفظائع‭ ‬المروّعة،‭ ‬من‭ ‬نحر‭ ‬للبشر‭ ‬وحرقهم‭ ‬وقطع‭ ‬الرؤوس،‭ ‬وتفجير‭ ‬الأبرياء‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬والمساجد‭ ‬والكنائس‭ ‬والفنادق،‭ ‬هي‭ ‬بعض‭ ‬مظاهر‭ ‬وتجليات‭ ‬انتشار‭ ‬ثقافة‭ ‬الكراهية‭ ‬وغياب‭ ‬ثقافة‭ ‬التسامح‭.‬

‭ ‬

تقاليد‭ ‬وعادات‭ ‬رمضانية‭ ‬

ارتبط‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬بطقوس‭ ‬وتقاليد‭ ‬خاصة،‭ ‬تطوّرت‭ ‬على‭ ‬مرّ‭ ‬العصور،‭ ‬وبهذا‭ ‬اكتسب‭ ‬قيمة‭ ‬روحية‭ ‬خالصة،‭ ‬وقد‭ ‬تطوّرت‭ ‬هذه‭ ‬الرابطة‭ ‬ذات‭ ‬المعاني‭ ‬واتخذت‭ ‬لها‭ ‬عادات‭ ‬خاصة‭ ‬عند‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

‭ ‬ففي‭ ‬الهند‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬أن‭ ‬يجتمع‭ ‬الصائمون‭ ‬في‭ ‬المساجد‭ ‬للإفطار‭ ‬وختمة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬كما‭ ‬يتمّ‭ ‬توزيع‭ ‬ولائم‭ ‬الإفطار‭ ‬على‭ ‬الجيران‭ ‬وإقامة‭ ‬حفلات‭ ‬الإفطار‭.‬

‭ ‬ولهذه‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬دلالة‭ ‬تعبّدية،‭ ‬حيث‭ ‬يدرك‭ ‬الصائمون‭ ‬معنى‭ ‬التآزر‭ ‬والوئام‭ ‬بينهم‭ ‬وينهض‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬إذ‭ ‬تربطهم‭ ‬اجتماعيًا،‭ ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬ولائهم‭ ‬لدينهم‭ ‬وشعائرهم،‭ ‬حيث‭ ‬يعدّ‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬‮«‬كرنفالًا‭ ‬اجتماعيًا‮»‬‭ ‬له‭ ‬طقوسه‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُنسى‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمن،‭ ‬لكنّ‭ ‬عصر‭ ‬التقدم‭ ‬الحضاري‭ ‬أبعد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العادات‭ ‬المتوارثة،‭ ‬وحلّت‭ ‬محلها‭ ‬متطلبات‭ ‬المدنية‭ ‬الحديثة‭.‬

وعندما‭ ‬تقترب‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬تتدفق‭ ‬على‭ ‬الأسواق‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬دلهي‭ ‬القديمة‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬رجالًا‭ ‬ونساء‭ ‬للتسوّق،‭ ‬استعدادًا‭ ‬لعيد‭ ‬الفطر،‭ ‬وتفتح‭ ‬غالبية‭ ‬الأسواق‭ ‬والمتاجر‭ ‬أبوابها‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭ ‬بفترة‭ ‬طويلة‭. ‬

وتبلغ‭ ‬نشاطات‭ ‬التسوق‭ ‬للعيد‭ ‬ذروتها‭ ‬في‭ ‬العشر‭ ‬الأواخر‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬حيث‭ ‬تعجّ‭ ‬الأسواق‭ ‬بالحركة‭ ‬والازدحام،‭ ‬وتتلألأ‭ ‬بأضواء‭ ‬المتاجر‭ ‬والمحال‭ ‬التجارية،‭ ‬بينما‭ ‬تنطلق‭ ‬منها‭ ‬روائع‭ ‬أطباق‭ ‬الكباب‭ ‬والبرياني‭ ‬والهليم‭ ‬والسمبوسة‭.‬

 

الكُحل‭ ‬والسواك‭ ‬والعطور

الكُحل‭ ‬سُنّة‭ ‬متبعة‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬وتزداد‭ ‬أهميته‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬وهو‭ ‬يحظى‭ ‬بشعبية‭ ‬كبيرة‭ ‬داخل‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬وخارجها،‭ ‬حيث‭ ‬يحرص‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬على‭ ‬التزيّن‭ ‬بالكحل‭ ‬في‭ ‬حفلات‭ ‬الإفطار‭ ‬ويوم‭ ‬العيد‭. ‬

يتوافر‭ ‬الكحل‭ ‬في‭ ‬ظلال‭ ‬جذابة،‭ ‬تتمايل‭ ‬بين‭ ‬الأزرق‭ ‬الباهت‭ ‬والأسود‭ ‬الداكن،‭ ‬وتتنوع‭ ‬تصميمات‭ ‬حاويات‭ ‬الكحل‭ ‬بين‭ ‬أشكال‭ ‬الطاووس‭ ‬والسمك‭ ‬وثمار‭ ‬المانغو‭.‬

‭ ‬وكانت‭ ‬تجارة‭ ‬الكحل‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬ويتم‭ ‬تصديره‭ ‬إلى‭ ‬بنجلادش‭ ‬وباكستان‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬لأنّ‭ ‬الكحل‭ ‬يحمل‭ ‬دلالات‭ ‬دينية،‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬النبي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬‮«‬اكتحلوا‭ ‬بالإثمد،‭ ‬فإنه‭ ‬يجلو‭ ‬البصر‭ ‬وينبت‭ ‬الشعر‮»‬،‭ ‬فهو‭ ‬يوفر‭ ‬الحماية‭ ‬للعينين‭ ‬ضد‭ ‬الحرارة‭ ‬الشديدة،‭ ‬وينقيهما‭ ‬من‭ ‬الشوائب‭ ‬والأتربة‭.‬

وينال‭ ‬السواك‭ ‬شعبية‭ ‬متزايدة‭ ‬لدى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬طمعًا‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الثواب‭. ‬

ويجري‭ ‬اقتطاع‭ ‬السواك‭ ‬من‭ ‬غصون‭ ‬شجرتي‭ ‬الأراك‭ ‬والنيم،‭ ‬ويجري‭ ‬استعماله‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والآسيوية،‭ ‬ويفضّل‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬استخدامه‭ ‬لتنظيف‭ ‬أسنانهم‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬أكدت‭ ‬دراسات‭ ‬علمية‭ ‬فوائده‭ ‬الصحية‭ ‬الكثيرة،‭ ‬واكتشفت‭ ‬خصائص‭ ‬طبية‭ ‬له،‭ ‬فالسواك‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬فرشاة‭ ‬الأسنان،‭ ‬ويصنف‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬خيار‭ ‬طبيّ‭ ‬بديل،‭ ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬السّواك‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬مكونات‭ ‬فعالة‭ ‬مشابهة‭ ‬لمعجون‭ ‬الأسنان‭ ‬وله‭ ‬وظائف‭ ‬مضادة‭ ‬للالتهابات،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬إزالة‭ ‬رائحة‭ ‬الفم‭ ‬الكريهة‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬نَفَس‭ ‬مُنعش،‭ ‬لأنّه‭ ‬غني‭ ‬بالمعادن‭ ‬الطبيعية‭.‬

كما‭ ‬تشكّل‭ ‬العطورات‭ ‬وأعواد‭ ‬البخور‭ ‬جزءًا‭ ‬رئيسًا‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬المسلمين،‭ ‬ويزداد‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬العود‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬حرقه‭ ‬لإضفاء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الصفاء‭ ‬الذهني‭ ‬والانسجام‭ ‬الداخلي،‭ ‬ويرحّب‭ ‬به‭ ‬الضيوف‭ ‬الكرام‭. ‬كما‭ ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬تطبيب‭ ‬وتعطير‭ ‬الدواوين‭ ‬والمجالس‭ ‬وزوّارها،‭ ‬لذا‭ ‬يعتبر‭ ‬البخور‭ ‬من‭ ‬أساسيات‭ ‬عادات‭ ‬رمضان‭ ‬وتقاليدها‭ ‬المتوارثة‭ ‬التي‭ ‬يتّبعها‭ ‬المواطن‭ ‬العربي،‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الأحيان‭ ‬يفضّل‭ ‬المسلمون‭ ‬العطور‭ ‬التقليدية‭ ‬تجنبًا‭ ‬للعطورات‭ ‬الكحولية‭.‬

 

‭ ‬زخارف‭ ‬الحناء‭ ‬

الحناء‭ ‬تقليد‭ ‬عربي‭ ‬إسلامي،‭ ‬ورمز‭ ‬الاحتفالات‭ ‬والمسرّات‭ ‬والمناسبات‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭. ‬وقد‭ ‬ارتبطت‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬بمعاني‭ ‬الجمال‭ ‬والفرح‭ ‬والرائحة‭ ‬العطرة‭ ‬والصحة‭. ‬

وتزداد‭ ‬أهميتها‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬ويوم‭ ‬العيد،‭ ‬كما‭ ‬تستخدم‭ ‬الحناء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تصنيع‭ ‬مستحضرات‭ ‬التجميل‭ ‬وأصباغ‭ ‬الشعر‭ ‬ومنتجات‭ ‬العناية‭ ‬بالشعر‭.‬

وتحرص‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬استخدامها‭ ‬كصبغة‭ ‬للأظافر‭ ‬واليدين‭ ‬والرِّجلين‭ ‬والساقين،‭ ‬وتتمثّل‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬أشكال‭ ‬وزخارف‭ ‬جذابة‭ ‬على‭ ‬أيديهم‭ ‬وأجسامهم،‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬أشكال‭ ‬فروع‭ ‬وأغصان‭ ‬وأزهار‭ ‬وأوراق‭ ‬الشجر‭.‬

 

الهليم‭... ‬أكلة‭ ‬هندية‭ ‬بنكهة‭ ‬عربية

يتميز‭ ‬المطبخ‭ ‬الهندي‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬بتنوّع‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأساليب‭ ‬المحلية‭ ‬والأجنبية‭ ‬والاستخدام‭ ‬الدقيق‭ ‬للأعشاب‭ ‬والبهارات‭. ‬

والهليم‭ ‬طبق‭ ‬هندي‭ ‬شهي،‭ ‬يتكون‭ ‬من‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬واللحم‭ ‬المفروم‭ ‬والعدس‭ ‬ونحو‭ ‬14‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬التوابل‭ ‬والبهارات،‭ ‬ويعود‭ ‬أصله‭ ‬إلى‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬باسم‭ ‬الهريس،‭ ‬وقد‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬حيدرآباد‭ ‬بواسطة‭ ‬العرب‭ ‬المغتربين‭ ‬الذين‭ ‬أقاموا‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬واستوطنوها‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬حاكم‭ ‬حيدرآباد‭ ‬النظام‭ ‬السادس‭ ‬مير‭ ‬محبوب‭ ‬علي‭ ‬خان‭ (‬1869‭ - ‬1911‭). ‬

وأصبحت‭ ‬وجبة‭ ‬الهليم،‭ ‬فيما‭ ‬بعد،‭ ‬طبقًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬من‭ ‬مطبخ‭ ‬حيدرآباد‭ ‬خلال‭ ‬حكم‭ ‬النظام‭ ‬السابع‭ ‬مير‭ ‬عثمان‭ ‬علي‭ ‬خان‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬ساعدت‭ ‬البهارات‭ ‬والتوابل‭ ‬التقليدية‭ ‬المحليّة‭ ‬من‭ ‬الفواكه‭ ‬الجافة‭ ‬والسمن‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬هليم‭ ‬حيدرآباد‭ ‬الخاص،‭ ‬ممّا‭ ‬أكسبه‭ ‬طعمًا‭ ‬فريدًا‭ ‬مختلفًا‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الهليم،‭ ‬لذا‭ ‬فإنه‭ ‬يعتبر‭ ‬علامة‭ ‬مميزة‭ ‬لمدينة‭ ‬حيدرآباد،‭ ‬كما‭ ‬يعدّ‭ ‬طبقًا‭ ‬متميزًا‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬عند‭ ‬الإفطار،‭ ‬وهي‭ ‬أكلة‭ ‬تقدّم‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬المناسبات‭ ‬والأعياد‭ ‬الدينية‭ ‬عند‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الهند‭. ‬

ولم‭ ‬يكن‭ ‬الهليم‭ ‬متاحًا‭ ‬في‭ ‬حيدرآباد‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬المختلفة‭ ‬للهند،‭ ‬ويتم‭ ‬تصديره‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭.‬

ولطبق‭ ‬الهليم‭ ‬أنواع‭ ‬مختلفة‭ ‬حسب‭ ‬تنوّع‭ ‬مكوناته‭ ‬الأصلية،‭ ‬لكنّ‭ ‬طريقة‭ ‬تحضيره‭ ‬الأساسية‭ ‬متشابهة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬منطقة‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬الهند،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬اختلافات‭ ‬بسيطة‭ ‬في‭ ‬الإعداد‭ ‬والتقديم،‭ ‬ففي‭ ‬شمال‭ ‬الهند،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬دلهي‭ ‬ولكناو‭ ‬ومرادآباد‭ ‬ورامبور،‭ ‬يضاف‭ ‬العدس‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬المكونات‭ ‬الرئيسة‭ ‬الأخرى،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬يضاف‭ ‬البيض‭ ‬أكثر‭ ‬والقمح‭ ‬الكامل‭ ‬ذو‭ ‬الجودة‭ ‬الطبيعية‭ ‬العالية،‭ ‬لذا‭ ‬يختلف‭ ‬هليم‭ ‬مدينة‭ ‬عن‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المذاق‭ ‬والنكهة‭. ‬

وهكذا‭ ‬يقدّم‭ ‬طبق‭ ‬الهليم‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة،‭ ‬ويضيف‭ ‬كل‭ ‬مطعم‭ ‬ذوقه‭ ‬الفريد‭ ‬للطبق،‭ ‬حيث‭ ‬يقدمه‭ ‬البعض‭ ‬مع‭ ‬الضأن‭ ‬بأسلوبه‭ ‬الخاص،‭ ‬بوضعه‭ ‬مثلاً‭ ‬مع‭ ‬قطع‭ ‬الدجاج‭ ‬المقلية‭ ‬ولسان‭ ‬الماعز‭ ‬والبيض،‭ ‬ويشيد‭ ‬كثيرون‭ ‬بقيمتها‭ ‬الغذائية‭ ‬العالية‭ ‬■