اللهمَّ صفرًا
مَن قال إن رقم «صفر» لا قيمة له؟ ومَن زعم أن «الصفر» لا وزن له؟
بسبب جائحة كورونا، أدركنا قيمة الصفر، وكم هو رقم عظيم، وأصبح الرقم المفضّل بعد أن كان هامشيًا لا يُؤبه له، وتمنّى الجميع في كل أرجاء العالم أن تصبح كل الأيام صفرًا من «كورونا» وحزبه ومتحوّراته ومتطوراته.
أتخيل حالة العالم عندما يتغلّب على «كورونا»، وتنعدم الإصابات، أو على الأقل تبقى قليلة متفرقة يسهل السيطرة عليها وعلاجها، أي شعور مريح مطمئن سيغمر الأرض حينذاك، وأيّ سعادة ستملأ الصدور، وأي فرحة سترقص لها القلوب طربًا وابتهاجًا وغبطة؟
حدثت معجزة صفر إصابة في بعض الدول، أو على الأقل في بعض الأيام، ومجرد حدوثها مرّة مؤذنٌ بحدوثها مرّات ومرّات إلى أن تكون هي القاعدة والأساس، والوصول إلى ذلك يتطلب جهودًا طبيّة نوعية، وتناغمًا بين المؤسسات والقطاعات كافة، بالإضافة إلى وعي المواطنين والتزامهم بالإجراءات الاحترازية، وإن على حساب حريتهم ومعاشهم وعلاقاتهم الاجتماعية، فهي إجراءات مؤقتة من أجل مستقبل قريب مشرق، نضغط على الجرح لكيلا يشتدّ النزف، ونتحمل الكيّ لنبرأ بسرعة، وكما يقولون «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، وصبر ساعة يقرّبنا من النصر على الوباء الخبيث.
إذًا، هو الصفر، رقم سحري ذهبي، بُشرى خير، مُؤمل مُرتجى، فاتن جميل، مطلوب بقوة، محبوب، رقم عيد، تتشوق الأفئدة لسماعه، وتطرب له الآذان، ويترقّبه الناس بلهفة لتبادل التهاني بالصفر، فمرحبًا بالصفر، ويا حيّاك الله، ولا تُطِل الصدود، فأنت الحبيب، والغائب المنتظر.
إن الصفر المؤمل لإصابات «كورونا»، يدعونا لإعادة النظر في كثير من الأمور، والسعي الحثيث لتصفير مشاكلنا مع الغير، والبحث عن حلول، فلا شيء يستعصي على الحل إذا خلُصت النوايا، وصفَتِ القلوب، والأهم تصفير همومنا وآلامنا وأحزاننا وأسباب القلق والأرق، فلا شيء يستحق أن نخسر طمأنينة القلب وراحة البال من أجل تُرّهات وتفاهات، وفوق كل ذلك كله الإصرار على تصفير المعاصي والذنوب والخطايا، وأن تكون علاقتنا بالخالق سبحانه وتعالى صافية نقية مبرّأة من كل ما يشينها أو يعكّرها.
اللهم اجعل كل أيامنا صفرًا من الأمراض والأحزان والذنوب والمعاصي والمشكلات والديون والهموم والخذلان والخصوم.
اللهم صفرًا لأوطاننا من الأعداء والفساد والظلم والترهل والبطالة والفقر والفرقة.
اللهم صفرًا تملأ به قلوبنا بِشرًا وحبورًا، وصدورنا سلامًا وانشراحًا.
اللهم صفرًا تجبر به خواطرنا، وتقرّ به أعيننا، وتسكن به روعنا، صفرًا يليق برحمتك ولطفك ■